ملاحظة

التهجئة العربية المعتمدة لإسم المعلم 

PARAMAHANSA YOGANANDA


هي

 برمهنسا يوغانندا

 مع أنه يظهر أحياناً بأكثر من صيغة باللغة العربية مثل

باراماهنسا يوغانندا 

باراماهانسا يوغاناندا 

باراماهانزا يوغاناندا


تجدر الملاحظة إلى أن بعض الموضوعات التي تقترن باسمه على الإنترنت مترجمة ترجمةً آلية غير دقيقة ولذا اقتضى التنويه.


يتم البحث في غوغل عن اسم الحكيم برمهنسا بكتابة

برمهنسا يوغانندا 

في محرك البحث



ومضات من حياة

  الحكيم

 برمهنسا يوغانندا

ترجمة محمود عباس مسعود


بقلم شري دايا ماتا الرئيسة السابقة لجماعة معرفة الذات

 والتي دونت تعاليم المعلم برمهنسا يوغانندا واحتفظت بها للأجيال


أتتنا عدة رسائل من الأصدقاء يطلبون فيها التعريف بالمعلم برمهنسا 

 فوجدنا من المناسب أن نضع هذه المقدمة لكتاب (غاية الإنسان القصوى) لعلها تعطي فكرة عن المعلم الحكيم برمهنسا يوغانندا - الإدارة


عندما أبصرتُ برمهنسا يوغانندا للمرة الأولى، كان يخطب في جمهور غفير منبهر في مدينة "سولت ليك" سنة 1931


وإذ وقفت في الركن الخلفي من القاعة المكتظة فقد ذ ُهلت عن كل ما حولي سوى الخطيب وكلماته


لقد استغرق كياني بأسره في الحكمة والحب الإلهي اللذين كانا يتدفقان إلى نفسي ويغمران قلبي وعقلي، وكل ما كنت أفكر فيه هو "هذا الإنسان يحب الله مثلما تشوقتُ دوماً لمحبته. إنه يعرف الله، وإياه سأتبع." وهذا الذي فعلته منذ تلك اللحظة


وإذ شعرت بالقوة الروحية المجيدة لكلماته في حياتي إبّان تلك الأعوام المبكـّرة مع معلمي الجليل برمهنسا، فقد بزغ في داخلي إحساس قوي بالحاجة الملحّة لتدوين وحفظ أقواله المأثورة لكل العالم ولكل الأجيال


ومن حسن حظي أنني خلال ملازمتي للمعلم برمهنسا، وعلى مدى سنين عديدة قمت بتدوين محاضراته ومشورته الشخصية، ويا له من كنز عظيم وعميم من الحكمة المدهشة والحب الإلهي الفريد


لقد كان فيض الإلهام يتدفق من المعلم الملائكي منعكسا في كلامه المتوارد؛ إذ كثيراً ما كان يتكلم لدقائق دفعة واحدة دون توقف، أو قد يستمر لساعة كاملة


وإذ جلس سامعوه منذهلين ومفتتنين فقد كان قلمي يجري بسرعة فائقة! وإذ قمت بتدوين كلماته بواسطة الإختزال فقد شعرت كما لو أن نعمة فريدة قد حلـّت، مترجمة ً صوت المعلم على الفور إلى رموز إختزالية على الصفحات


ولقد كان نقلها – ولم يزل – إلى الكتابة العادية واجباً مقدسا وعملا ً مباركا إلى هذا اليوم. وحتى بعد هذا الوقت الطويل – وبعض ملاحظاتي تعود إلى أكثر من أربعين سنة – فعندما أشرع في نقلها أجدها جديدة في عقلي بكيفية معجزة، كما لو أنها دُوّنت نهار أمس لدرجة يمكنني معها أن أسمع - النغمة المميزة لصوت المعلم الملائكي، في كل عبارة من عباراته، في أعمق أعماق نفسي


نادراً ما كان المعلم يقوم بأدنى تحضير لمحاضراه. وإن قام بأي تحضير على الإطلاق فربما اشتمل ذلك على بعض الوقائع يدوّنها بسرعة وإيجاز. ففي طريقه إلى المعبد كان يسأل أحدنا – في السيارة – قائلا


" ما هو موضوع محاضرتي اليوم؟" وكان يضع عقله على الموضوع ومن ثم يلقي المحاضرة ارتجالا ً من ينبوع إلهام إلهي باطني


مواضيع محاضرات المعلم كان يتم الإعلان عنها مسبقاً في المعابد، ولكن عقله كان يعمل أحياناً في مجال آخر مختلف كلياً عند الشروع في الحديث


وبصرف النظر عن موضوع ذلك اليوم، فقد كان المعلم ينطق بالحقائق التي كانت تشغل وعيه في تلك اللحظة، ساكباً معرفة لا تقدّر بثمن في سيل مستمر من فيض تجربته الروحية وإدراكه البديهي اليقيني. ودائماً تقريباً كان عدد من الناس يتقدمون في نهاية الخطبة كي يعربوا له عن امتنانهم لتنوير أذهانهم حول مسألة كانت تؤرقهم أو ربما لشرح فكرة فلسفية كانت تهمهم بصورة خاصة


أحياناً، وأثناء إلقاء محاضراته، كان وعي المعلم يحلـّق عالياً بحيث كان ينسى الحاضرين لبرهة قصيرة ويناجي الله مباشرة. لقد كان كيانه بأسره منتشياً بالفرح ويفيض بالحب الإلهي


وفي حالات الوعي السامي تلك، كان وعيه في توافق تام مع الوعي الإلهي، فأدرك الحق في ذاته ووصف ما اختبره ورآه


لربما شعر الآخرون بالرهبة من إشراق برمهنسا يوغانندا لولا دفئه وعدم تكلفه وتواضعه الهادئ الذي كان يبعث السكينة والطمأنينة على الفور في نفس كل شخص. فكل واحد من الحاضرين كان يشعر بأن حديث المعلم كان موجّهاً إليه شخصياً


ولقد كانت الدعابة وروح المرح من السمات المحببة لشخصية المعلم. فبعبارة منتقاة، أو بإيماءة ذات مغزى، أو بتعبير وجهي ظريف كان يستجلب استجابة ودية ويثير ضحكات قلبية في اللحظة المناسبة لتوضيح نقطة معينة أو لإراحة السامعين بعد تركيز ذهني مكثـّف وطويل على موضوع خاص أو مسألة عميقة ودقيقة


لا يستطيع الشخص أن يدوّن في كتاب الخاصيات الفريدة والطابع الشامل لشخصية برمهنسا يوغانندا المشرقة والمفعمة بالحيوية والمحبة. ولكن أملي المتواضع في تقديم هذه الترجمة الوجيزة هو إعطاء ومضة شخصية تزيد في متعة القارئ وتقديره لتعاليمه


وإذ شاهدت معلمي الملائكي في توافق تام وتناغم كلي مقدس مع الحضرة الإلهية، وسمعت الحقائق الغزيرة والدفق الوجداني لروحه الثرة والثرية؛ وإذ دوّنت تعاليمه العظيمة لكل الأجيال؛ وإذ أضعها الآن بين أيدي القرّاء، لا يسعني إلا أن أقول: يا لفرحي العظيم


أسأله تعالى أن تفتح الكلمات الجليلة للمعلم أبواب الإيمان الراسخ بالله والحب الإلهي له في نفوس الراغبين



ملاحظة: لقد تعرف المترجم على شري دايا ماتا وكانت بينهما مراسلات استمرت لسنين عديدة



******


أقوال ذهبية للمعلم برمهنسا يوغانندا

ترجمة محمود عباس مسعود


السعادة هي حقي وميراثي وكنزي الإلهي المخبأ. وجهني كي أعثر داخل ذاتي على النفائس التي تفوق أحلام الملوك.

* * *

الحياة حركة ذكية وذات إيقاع منتظم .. تصوغ ذاتها في الجماد .. أو تتخذ شكلاً حياً ومتحركاً .. الحياة شاملة وتتخلل كل شيء.

* * *

أيها المحب الأعظم، أنت الحياة.. وأنت غايتي ومطمحي.

* * *

اجعلني وردة ناضرة في بستانك السماوي، أو خرزة متلألئة في عقد حبك الوضاء، أو أعطني أعظم شرف: أصغر مكان في قلبك.

* * *

حيثما يقدّر الآخرون جهودي في عمل الخير فذلك هو المكان الذي فيه أستطيع تقديم أعظم خدمة.

* * *

لننسج بساط الأحلام الذهبية بخيوط حريرية من الذكريات العذبة والأفكار الراقية.

* * *

الحُب يشبه ورق الصنفرة الذي يصقل العقل ويزيل الخشونة من الطبع.

* * *

إن الجائحات والنوازل والتغيّرات العنيفة التي تحدث في الطبيعة وتجلب معها الخراب والدمار والضرر الجماعي ليست "قـَدراً إلهياً".  هذه الكوارث تنجم عن أفكار وأفعال الإنسان. فحيثما يختل ميزان العالم الإهتزازي للخير والشر بتراكم الأمواج والذبذبات الضارة المؤذية بفعل نوايا الإنسان السيئة وأفعاله الخاطئة تعم الفوضى ويحدث الدمار على نطاق واسع.

* * *

سأتخذ من كل شعب أفضل ما لديه، وسأستحسن الصفات الطيبة لكل القوميات دون التركيز على عيوبها.

* * *

وكما نهتم بالقيمة الغذائية لطعامنا اليومي، هكذا يجب أن نبدي اهتماماً بمغذياتنا النفسية التي نقدمها لعقولنا كل يوم.

* * *

الكلام العذب ترياق عجيب للعديد من الأمراض وفيه قوة سحرية ومغناطيسية جبارة تجلب الكثير من الخيرات والبركات لصاحبه. فالذي يستخدم الكلام العذب المهدّئ للخواطر يشعر بتيار خفي ينساب من خلاله دون انقطاع ويمتلئ كيانه بفيض من الطمأنينة لأن ذلك التيار متصل بمصدره الأعلى الدائم التدفق والجريان إلى النفوس المتناغمة مع ذلك المصدر، وسيتمكن من نقل السعادة إلى النفوس المتعطشة للسلام.

* * *

كم من كلمة طيبة نابعة من القلب بددت أحزاناً كثيرة.. وكم من أصواتٍ حكيمة أنارت دروباً مظلمة بمصابيح البهجة والطمأنينة!

* * *

* إننا ننمو من خلال كل تجربة نمر بها ما دمنا ندرك أن بمقدورنا استخلاص دروس نافعة منها. فلكل ما نختبره من ألم ومعاناة معنىً وغاية.

* * *

وبالرغم من قسوة التجارب، لكنها كالنار التي تصهر خام الحديد لتحوله إلى فولاذ جميل المنظر، قوي التحمّل، ومتعدد الاستخدامات.

* * *

إن جميع الإنجازات البارزة في حياتي تحققت عن طريق قوة العقل المتناغم مع الله. فعندما يكون مولـّد الكهرباء الإلهي شغالاً يتحقق كل ما أتمناه دون استثناء، إذ يرتسم أولاً كتصميم أثيري غير منظور ثم يتجسد بقوة لا تقاوم على أرض الواقع.

* * *

عندما يهمس الفكر لله همساً وجدانياً حاراً نابعاً من أعماق نفس مشتاقة سيلامس نداء الروح القلبَ الكوني وستأتي الإجابة ومعها فرح عظيم. الهمس الفكري ينمي الإرادة إلى أن تمتلك من القوة ما يكفي لتحقيق الهدف المنشود.

* * *

* عندما يتناغم عقل الإنسان وإرادته مع الله فإنهما يُشحنان بقوة لا حد لها بحيث يصبح مجرد التفكير بأمر ما كفيلاً بتحقيقه لأن القانون الإلهي يعمل لصالح المتناغمين مع الإرادة العليا.

* * *

مهما كانت شواغلنا يجب أن يحتل الله المقام الأول في حياتنا، ومن أهم مقومات النمو الروحي هو الهمس الوجداني المتواصل لله حيث ستلمس بنفسك تغيّراً إيجابياً رائعاً سيعجبك كل الإعجاب.

* * *

يجب ألا يكرس الإنسان كل قدراته العقلية التي وهبها له الله للبحث عن أمور زائلة

وإلا سيفقد ذاته في متاهات المادة ويخلق لنفسه قيوداً ومحدوديات هو بغنى عنها وعليه بدلاً من ذلك أن يستخدم قواه العقلية في تحصيل ضرورات العيش والسعي لتطوير ملكاته المعنوية بغية التمييز بين الخطأ والصواب والضار والنافع.

* * *

الحقيقة تكمن ما وراء الآراء والنظريات وكثيرون ممن ينتهجون هذا الأسلوب يصبحون مقيدين باستنتاجاتهم الذاتية.

* * *

افتح يا رب أبواب السكون واحرس محراب أفكاري الروحية من هجمات الوساوس الشريرة.، ولتتفتح ورود أشواقي في بستان قلبي وأنا في انتظار فجر قدومك.

* * *

* لا قدرة للمعرفة النظرية على اكتساب العلم الإلهي ومن المستحسن ألا يصرف المرء وقته الثمين على نظريات لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع وإلا سيجد نفسه في خضم أدغال فكرية كثيفة وغير قادر على تخطي نطاق النظريات.

* * *

السعادة هي ثمرة الانتصار النفسي على ظروف الحياة المتقلبة.


من يعترف به الله قد يكون مجهولاً بالنسبة للعالم.

* * *

إن برمجَ الإنسان نفسه بمعرفة نظرية [دون اختبار فعلي] سيصبح كجهاز تسجيل متنقل يكرر أقوالاً مأثورة ويردد عبارات سامية فيعتبره الآخرون عالماً متفقهاً لكن مثل تلك المعرفة لا يعززها إدراك مباشر للحقيقة ولا يوازيها تحصيل روحي.

* * *

المشاكل ستتواصل في العالم، فإلى أين يمكن التوجه طلباً للإرشاد والهداية؟ أفكار المرء المستوحاة من عاداته وتحامله وأحكامه المسبقة وتعصبه لا تجدي نفعاً، ومؤثرات بيئته وعائلته وبلده أو عالمه لا قدرة لها على التوجيه الصحيح. ولذلك يجب التوجه إلى الله والإصغاء للصوت الهادئ الهادي الصادر من أعماق النفس المتناغمة مع الحق.

* * *

افتحوا قلوبكم للفيض الرباني كي ينساب من خلالكم ويملأ حياتكم بالخيرات والبركات الروحية.

* * *

مهما كانت الأعمال التي تقوم بها والإنجازات التي يمكنك تحقيقها تذكّر دوماً أن الله هو المصدر الذي يمدك بكل القوى التي تحتاجها للعمل والإنجاز.

* * *

* دعني أتذكرك يا رب في الفاقة وفي الرخاء، في المرض وفي الصحة، في الجهل وفي الحكمة، ودعني أبصر نورك المبارك الذي يمنح العافية والشفاء في التو واللحظة.

* * *

* في خلوة أفكاري أحنّ لسماع صوتك المبارك. أبعِد عني الأصوات الأرضية الخشنة المتوارية في طيات ذاكرتي.. أريد الاستماع لصوتك الهادي والمنشد على الدوام في سكينة نفسي.

* * *

في الحياة ظلام دامس وأحياناً تتعثر الأقدام وتحجم عن الإقدام، ويجب أن نجعل نور الله مصباحنا الكشاف أثناء سيرنا على دروب الحياة المظلمة. فهو بدر التمام في ليالي الجهل والظلام.. وهو شمس الإشراق في ساعات اليقظة، ومنارة الإرشاد ونجم القطب لعابري بحور ظلمات الوجود الأرضي الموقوت.


آن الأوان لأن يوقظ الإنسان وعيه من غفوة النسيان إلى صحوة الروح.

* * *

نسألك يا رب أن تبتعث وعينا من سراديب الغفلة والأفكار الضيقة المحدودة إلى آفاق السلام والنور والمحبة والتعاطف الإنساني الشامل.

* * *

* ستنصلح الأمور في نهاية المطاف لأن قوى الله وعجائبه محتجبة خلف تناقضات الحياة البشرية، ومن لا يقتنع بحتمية الأوضاع ويحاول النفاذ بعقله وإيمانه إلى ما وراء الحجاب سيُفتح له الباب الذي [بكل يدٍ مؤمنةٍ يُدقُ]

* * *

عندما تنهال المصاعب كالتيهور أي الانهيار الثلجي، فيجب عدم السماح لها بأن تشل الإرادة وتحجب الرؤية الدقيقة للأمور والتعامل معها بحنكة ومنطق، بل يجب الإحتفاظ بالإيمان بالله وبالإحساس الباطني البديهي، ومحاولة العثور على مخرج للنجاة، وسيتم العثور عليه بعونه تعالى.

* * *

الإيمان لا يعني أبداً أن يكون الإنسان متهوراً، أو ألا يتعامل بحكمة مع الظروف، إنما بغض النظر عما يحدث يجب أن يؤكد الشخص لذاته أن الله وحده قادر على مساندته في الظروف الصعبة والعصبية إن هو توجه إليه بقلبه وروحه وأحاسيسه جميعاً.

* * *

لو أن حواسنا نقلت إلينا الحقيقة كاملة لرأينا الأرض على هيئة أنهار من الإلكترونات، ولأبصرنا كل ذرة من الغبار ككتلة متدحرجة من النور.

* * *

إن الذين يَنفذون ببصيرتهم من المادة إلى الروح يدركون طبيعة الوهم ويعرفون جوهر الحقيقة.

* * *

سواء كان الشخص في أدغال أفريقيا أو في ساحة الحرب أو يعاني من المرض أو الفقر يجب أن يقنع نفسه بأن يد الله أقوى من الخطر وقادرة على حماية المستجيرين به.


لا توجد من طريقة أكثر فعالية للحماية. طبعاً يجب أن يستخدم المرء المنطق في تعامله مع الأحداث وفي نفس الوقت يثق ثقة تامة بالعون الإلهي.

* * *

* إن الحب الذي يسكن قلوب كل المخلوقات .. حب كل الأمهات والآباء والأصدقاء والأحباب.. هو منبثق عن الحب الإلهي.

* * *

يجب التمييز بين الواجبات الكبرى والصغرى وإعطاء الأولية للأهم منها قبل المهم. كما ينبغي ألا يناقض واجبٌ واجباً آخر. الأسفار المقدسة تخبرنا أنه عندما يتعارض أحد الواجبات مع واجب آخر فذلك دليل على أنه ليس واجباً حقيقياً.

* * *

مع انتشار أشعة الشمس الحيوية سأنشر أشعة الأمل في قلوب الفقراء والمهجورين [الذين تخلى عنهم المجتمع]، وسأبث عزيمة جديدة في قلوب الذين يظنون أنهم فاشلون.

* * *

قال المعلم برمهنسا لأحد المريدين:

"لا تستثنِ أحداً من دائرة حبك. أحتفظ بالجميع في قلبك وسيحتفظون بك في قلوبهم."

* * *

ساعدني يارب كي أستخدم إرادتي دوماً في إنجاز الأعمال النافعة والخيّرة.

وساعدني كي أتوافق مع إرادتك حتى تستجيب كل أفكاري لمقاصدك وتتناغم مع مشيئتك.

وساعدني على إيقاظ القوة الخفية المباركة في داخلي كي أتغلب على كل المصاعب والتجارب.

* * *

يقظ تلك الشخصية الروحية الجريئة والمتواضعة في آن – التي تجمع ما بين قوة الأسود ووداعة الحمائم.

* * *

لن أهتم للانتقاد الزائف المرير ولا لأكاليل المديح والاطراء. أمنيتي الوحيدة هي عمل إرادتك يا رب وكسب مَرْضاتِك.

* * *

لا يمكنك أن تتصور الفرح الفائق الذي سيغمرك عندما تشعر بالحضور الإلهي. النفس عندئذ تنتشي بحب الله الذي لا نهاية له. إنه حب يفوق أي حب بشري بملايين المرات.. حب يحقق كل أمانيك ويملأ قلبك بالبهجة والرضا.

* * *

بالتركيز الداخلي يمكنك أن تشعر مباشرة بالغبطة الروحية داخل نفسك ومن حولك. وإن ترسختَ في ذلك الوعي ستنمو شخصيتك على نحو توافقي وستكتسب مغناطيسية جذابة للناس وللمخلوقات الأخرى.

* * *

أيها المجير الأعظم، لا يهمني إن فقدت كل شيء بسبب قدٓري الذي هو من صنع يديّ، ولكني أسألك يا ملاذي الوحيد أن تحمي شمعة حبي لك من رياح الغفلة والنسيان.

* * *

فلنشرب حتى الارتواء من مياه السلام النقية المنعشة المتدفقة من ينابيع الظروف المواتية والمعززة بتصميمنا الأكيد على التفكير الإيجابي والنظرة المتفائلة.

* * *

الضمير هو إحساس بديهي، يبيّن حقيقة المرء ودوافعه. عندما يكون ضميرك مرتاحاً، وعندما تعلم أنك تفعل الصواب، فلن تخشى شيئاً. الضمير النقي هو شهادة حسن سلوك من الله. البراءة أمام محكمة الضمير تعني امتلاك السعادةً والحصول على بركات الله.

* * *

حاول عمل الأشياء الجريئة والمحببة إلى النفس، التي لا يقوم بها معظم الناس، وامنح المحبة والسلام للذين لا يلتفت إليهم الآخرون.

* * *

قال المعلم برمهنسا لأحد المريدين:

"إن لم تصرف وقتاً لتهذيب العقل، فلن يتمكن أي مقدار من الرخاء المادي من إرضائك. هذا التهذيب ليس تعذيباً بل تدريب للوعي لتغذية الأفكار والأفعال التي تقود إلى السعادة.


سعادتك هي نجاحك، فلا تسمح لأحد بسلبك سعادتك. احمِ نفسك من الذين يحاولون إزعاجك. عندما كنت فتىً كنت أفقد صبري كلما روّج البعض إشاعات كاذبة عني. بعدها أدركت أن راحة ضميري هي أهم من رضاء الناس عني أو استحسانهم لي."

* * *

ليتكم تعرفون حكاية الغرام الإلهي التي يحياها بعض المريدين مع الله! ما من اختبار آخر في الحياة يمكن مقارنته بذلك الفرح. لقد عرفت قديساً كان مستغرقاً في حب الله طوال الوقت، وكان وجهه يشع بالحب المقدس. عين الله دوماً على محبيه ولا يتخلى عنهم لحظة واحدة.

* * *

قلائل هم المهتمون بتنمية قواهم العقلية والروحية.

* * *

لا تسمح لنفسك بالإنحدار إلى قاع التسويف.. انهض من إغفاءة الواقع العادي الممل وانطلق نحو آفاق الحياة الراقية حيث الإنجاز والفرح والسلام.

* * *

في داخلك إمكانات جبارة بانتظار استثمارها وأنت الوحيد القادر على تفعيلها والإستفادة منها.

* * *

التحرر من إملاءات العادات الخاطئة والأهواء غير السليمة يمنح سعادة أكبر بكثير من السعادة التي يمنحها النجاح المادي. في النجاح الأدبي سعادة نفسية لا يمكن للظروف الخارجية أن تسلبها منك. بإمكانك أن تصرف كل وقتك في جمع المال لكن ذلك المال لن يمنحك الراحة والضمان الدائمين اللذين تبحث عنهما. بل على العكس سيجلب لك المزيد من التعاسة لأن السعادة والسلام هما في الفكر وليس في الأشياء نفسها.

* * *

لا تسمح للضعف بالتسرب إلى عقلك وراعِ الحيطة والحذر عند مخالطة ذوي الأفكار السلبية والنظرة السوداوية لئلا تتسرب أفكارهم الضعيفة إلى عقلك ما لم يكن عقلك قد بلغ درجة من القوة بحيث لا يمكن لأفكار الغير أن تضعفه، بل على العكس من ذلك يقدر على تقوية أفكار الآخرين وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

* * *

الله أولاً، ولا ينبغي أن نستقبل يومنا أو نودعه دون التفكير به... ويجب أن نتذكر أنه لولا حصولنا على القوة والنشاط من الله لما تمكنا من القيام بأي عمل من أعمالنا. ولذلك واجبنا الأكبر هو نحوه.

* * *

هناك طريقة لتقييم العادات والتقاليد والحكم عليها.  في البداية كان لكل تقليد مبرر. فإن وجدنا أن ذلك المبرر ما زال ساري المفعول، يكون للتقليد معنى وفائدة. ولكن ليس من الحكمة اتباع التقاليد دون تبصّر. يجب أن نعرف الحق ونتبعه، ونتبيّن ما يمكن أن يمنحنا السعادة فنطبّقه.

* * *

عندما ترى أعداداً كبيرة من الناس لا يملكون سعادة أو نجاحاً، لا تفكر أن الإنسان مكتوب عليه أن يعيش هكذا. باستطاعتك أن تجعل من نفسك ما تريد أن تكون. ونجاحك الداخلي هو ما يجعلك ناجحاً.

* * *

إن كنت لا تملك شيئاً في داخلك فلن تكون سعيداً. وإن كنت لا تملك شيئاً من حولك وكنت سعيداً في ذاتك فأنت ناجح بكل تأكيد. وهكذا ليس في المستطاع الحكم على الناس بحسب ظروفهم الخارجية.

* * *

من بين الجماهير الغفيرة قد يوجد إنسان بلغ حالة من السمو الروحي ويتمتع بسلام باطني وسعادة روحية فائقة.

* * *

إنني أعلم علم اليقين بأن كل ما أحتاجه سيأتي إليّ ولذلك لا أقلق لما سيحمله المستقبل. هذه ليست مباهاة ولا ادعاءً لأنني لمست عمل وفاعلية تلك القوة المباركة في حياتي مرات عديدة.

* * *

سواء كنت عائماً على سطح الحياة أو غارقاً في أعماق اليمّ، أعلم أنني مع الله وهو معي، وأن لا شيء يقدر على إيذائي. تلك المعرفة أعطتني سعادة فائقة تعصى على الوصف.

* * *

لا جدال أن هناك شعوراً ممتعاً لدى شراء شيء جديد. ولكن بعد مضي فترة من الوقت يتلاشى ذلك الشعور البهيج تدريجيا، بل قد تفقد الرغبة في ذلك الشيء وتنساه وترغب بشيء آخر. لكن فاتورة ذلك الشيء لن تنساك، فيما إن كنت قد اشتريته على التقسيط!

* * *


يجب أن يتحكم الإنسان بحياته ويبسّطها قدر الإمكان. ويجب أن يدّخر بعض المال للحاجيات والظروف الطارئة، وأن يوفـّر أكثر من الإنفاق على الكماليات، ويساعد الآخرين على قدر طاقته. عندما تساعد الآخرين سيأتيك العون بطريقة أو بأخرى ولن تحتاج أو تـُحرم شيئاً.

* * *

في ابتهاج كل القلوب أسمع صدى غبطتك يا رب، وفي صداقة كل المخلصين أشعر بمحبتك. أفرح وينشرح صدري لنجاح أصدقائي وتوفيقهم مثلما أسعد برفاهيتي ويُسري. وإذ ألهم الآخرين الحكمة أضاعف كنوز حكمتي، وفي سعادة الجميع أعثر على سعادتي.

* * *

إن ألد أعداء السعادة هي استدانة المال لشراء الكماليات. الناس يظنون من قبيل الوهم أنهم لن يكونوا سعداء ما لم يحصلوا على شيء بعينه. لكنهم لن يتذوقوا تلك السعادة حتى بعد حصولهم على ذلك الشيء، بالرغم من ابتهاجهم المؤقت به. فما هو الهدف من الجري وراء سراب السعادة الأرضية الذي يعِد ويخلف الوعد؟ يجب أن يعيش الناس ببساطة دون الحاجة للكثير من المقتنيات التي تتطلب اهتماماً متواصلا.

* * *

فردوسي هو في داخلي. وإذ أستمتع بما أنعم الله عليَّ به، أشكره فيتعاظم فرحي الباطني. بدون ذلك الرضاء الداخلي تتحول حتى أفراح الأرض ومسراتها إلى جحيم. ولقد تيقنت أنه لولا ذلك الفرح الباطني لكان عبء المسؤوليات الملقى على عاتقي قد سلبني سلامي وحرمني من سعادتي.

* * *

إن اقترنتْ الثروة بالمرض والمشاكل فالتبعات ستكون كثيرة. النظافة والرعاية الصحية هما من محاسن الغرب. فالحشرات المؤذية والجراثيم الفتاكة يتم مكافحتها بفعالية في البلدان المتطورة في حين تتواجد بكثرة في بلدان أخرى. لكن التخلص من تلك الآفات لا يعني ذروة الإنجاز، لأن هناك آفات من نوع آخر في الدول المتقدمة، مثل فواتير يصعب دفعها وأزمات مالية خانقة بسبب نظام الشراء بالتقسيط.. آفات تقض المضاجع وتقوض راحة النفس.

* * *

إننا جزء لا يتجزأ من نفس الوعي الذي عنه انبثق هذا الكون العظيم.

* * *

هل سبق ورأيت قطيعاً من الغنم؟ إن قفز واحد منه يقلده باقي القطيع دون تردد. معظم الناس هم على هذه الشاكلة. إذ قد يأتي أحدهم بفكرة أو يطلع بموضة جديدة فيتلقفها الآخرون ويقلدونها. هذا النمط ما زال على حاله منذ أجيال. لكل أمة عاداتها وتقاليدها ولا يمكننا القطع بصحة وسلامة جميعها. ولكن من يدري؟ فقد تكون بعض تلك العادات والتقاليد لا معنى لها ولا فائدة منها؟

* * *

عندما تهدأ ثائرة الأفكار المتلاطمة ندخل مملكة السلام ونلامس الحضور الإلهي.

* * *

فكّر بالله، أو بمنظر طبيعي جميل يوحي بالسلام، أو باختبار بهيج ومفرح، فالنشاط الذهني الإيجابي الهادىء منشط ومنعش.

* * *

إننا نعيش في عالم يسوده الهرج والصخب. تظن أن المال يعني السعادة، ولكن عندما تحصل عليه تجد أنك ما زلت غير سعيد. قد تحصل على المال وتفقد - لا سمح الله - صحتك. أو قد تمتلك صحة جيدة وتفقد مالك. أو قد تمتلك المال والصحة مع مشاكل عديدة مع الآخرين، إذ قد تقدم للناس أشياء طيبة ويعطوك في المقابل حقداً وكراهية. بدون الله لا يمكن لأي شيء في هذه الحياة أن يرضيك.

* * *

الأرض تتحول إلى حجرة تعذيب بالنسبة للذين يعيشون في جهل بالخطة الإلهية. ولكن عندما تنظر إلى تجارب الحياة على أنها معلمك وتتعلم منها الطبيعة الحقة لهذا العالم وماهية دورك المخصص لك في المسرحية الكونية، تتحول تلك التجارب إلى إضاءات قيّمة على الطريق نحو الرضا والسعادة الدائمين.

* * *

هناك خلف العتمة غير المظلمة، والسكون الذي لا صوت له واللاشيء غير المخلوق، يوجد الجوهر السرمدي الذي هو أصل الوجود ومصدر كل القوى والكائنات، المنظور منها وغير المنظور.

* * *

الله لم يخلق هذه الأرض لنا فقط كي نأكل وننام ونموت، بل لنعرف إرادته وندرك الغاية من وجودنا. إن حفنة من الحكماء قد أدركوا معنى الخطة الكونية لكن أكثر الناس غير مبصرين وغير مدركين لتلك الغاية.

* * *

لم يكن المال غايتي في الحياة بل غايتي كانت خدمة إخوتي وأخواتي في الإنسانية. ولذلك فقد فتح الله لي الكثير من أبواب الخير لإعالتي وإتمام رسالتي.

* * *

لقد خلق الله هذا الكون كي يعمل وفق قانون ثابت لا يتغير. إن انتهكنا أياً من النواميس الكونية نعاقب أنفسنا. فمن يقفز من سطح بناية عالية ستتحطم عظامه. لذلك لا يمكننا تجاهل قانون الجاذبية دون معاناة التبعات المترتبة على ذلك.

* * *

عندما نلقي نظرة معمقة على حضارات العالم ونستكشف الأسرار الخبيئة في المدنيات القديمة تبرز لنا صورة كبيرة، متشابكة الخطوط، متنوعة الفصول، دقيقة التفاصيل ونجد أن الإنسان ذو طبيعة فردية واجتماعية في نفس الوقت.

* * *

لو أن الله يريدنا أن نحيا فقط في الوعي المادي لكنا راضين كل الرضا بالأشياء المادية وقانعين بالطرق الدنيوية.

* * *

إشعاعات النقاء والسلام والسعادة التي تفوق الأحلام... تومض وتتراقص في أعماقنا الجوهرية.

* * *

مع ظهور كل تجربة في سماء حياتنا إبّان رحلتنا الأرضية هذه يجب أن نعرف كيف نوسع مدارك وعينا وكيف نكون أكثر تفهماً للظروف التي تحيط بنا أو نمر بها، وسنتمكن عندئذ من العيش بتوافق أفضل والتعامل بكيفية أكثر سلاسة وسلامة مع الناس والحياة.

* * *

معظم الناس يقلدون الآخرين. يجب أن يكون الشخص أصيلاً مبدعاً، وأن يتقن كل ما يقوم به.


في الشرق انصَبَّ الاهتمام في المقام الأول على تنمية السعادة الروحية في حين تم إهمال الجانب المادي للحياة في معظم الأحيان. في الغرب توجد بعض وسائل الراحة المادية والقليل جداً من السعادة النفسية. ما تمسّ له الحاجة هو إحداث توازن بين الإثنين لأن الإهتمام بشيء واحد فقط في الحياة يؤدي إلى خلل وعدم القدرة على التعامل منطقياً مع متطلبات الحياة.

* * *

إن أعظم سعادة - بعد السعادة الإلهية - هي أن يكون الشخص في سلام مع أقربائه المباشرين الذين يتحتم عليه العيش معهم كل يوم من أيام السنة.


الناس يهدرون الكثير من الوقت في التسرع والاندفاع دون تحقيق شيء يذكر. وقلائل هم الذين يتوقفون ليفكروا وليحاولوا معرفة ما يمكن للحياة أن تقدمه لنا.

* * *

يجب أن نعمل على تشييد صروح باطنية من الحكمة في بساتين السلام التي تزهو وتتألق بزهور لا حصر لها من المزايا الروحية البديعة الرائعة.

* * *

الإنسجام الداخلي هو مصدرٌ ثرٌ للقوة ويولّد طاقة متجددة.

* * *

لدى النظر إلى الحياة تجد أن النجاح ليس بالشيء السهل. فالحياة غالباً ما تكون قاسية لا ترحم، وعلينا أن نكافح من أجل كسب لقمة العيش. فكـّر بالجهد الذي تبذله لإعالة الجسد وإبقائه معافىً وخالياً من المرض! وحتى لو نجحتَ في ذلك فإن ذلك النجاح يبقى مؤقتاً. فالجسد - طالت أعماركم - سيوسَّد الثرى في نهاية المطاف. الضرورة تقتضي مصارعة قوىً عديدة على المستويين الداخلي والخارجي من أجل إحراز النجاح المطلوب. تلك القوى تعمل جاهدة لسلبك الإنجازات الجديرة بالإعتبار.

* * *

حاول الاحتفاظ بهدوئك تحت كل الظروف، ودع نبتة سلامك تزهر بشاشة وابتسامات رضى.

* * *

حتى عظماء القديسين لا يحصلون على الخلاص التام ما لم يقاسموا نجاحهم مع الآخرين، أي تجاربهم الروحية ومعارفهم العليا، عن طريق مساعدتهم على بلوغ المعرفة المقدسة.

* * *

ولهذا السبب فإن الواصلين إلى تلك المراحل والحاصلين على تلك الحالات مهتمون بتقديم الفهم لمن هم بحاجة له. إن كنتَ ترغب في بلوغ النجاح الحقيقي فإنك لا تضمن بذلك سعادتك الشخصية وحسب بل سعادة الآخرين أيضاً.

* * *


.

كل من يمتلك ذكاءً يستطيع كسب المال. لكن إن كان يمتلك حُباً في قلبه فلن يستعمل ذلك المال أبداً لأغراض أنانية، بل سيشارك الآخرين به. المال لعنة ونقمة في أيدي الأنانيين والبخلاء وبركة ونعمة في أيدي ذوي القلوب الطيبة والنفوس الكريمة.

* * *

قد يرغب أحدهم بممارسة الصمت لفترة طويلة ويرفض خلال تلك الفترة الكلام مع أفراد أسرته. ذلك الشخص قد يفلح، نتيجة لذلك، بإحراز بعض السلام الذاتي، إنما تصرفه هذا هو أناني وضار بسعادة أسرته. فهو لا يُعتبر ناجحاً بالمعنى الصحيح ما لم ينتفع أعزاؤه أيضاً من إنجازه.

* * *

وبالمثل، فإن إحراز النجاح المادي لا يقتصر على حقنا في التمتع بالرفاهية بمفردنا وحسب، بل يعني أيضاً مسؤوليتنا الأدبية نحو الآخرين من حيث مساعدتهم لتحسين أوضاعهم المادية وظروفهم المعيشية.

* * *

إنني محميًّ خلف أسوار ضميري المرتاح. لقد حرقت الماضي المظلم وإني مهتم باليوم فقط.

* * *

اليوم أدرك بأنني واحد مع نور الخير الأعظم وبأنني منارة للذين يصارعون أمواج بحر الأحزان.

* * *

الناس لهم نظرات ونظريات مختلفة عن النجاح، بحسب طموحاتهم في الحياة. ولا يندر أن نسمع بعضهم يقرن النجاح بالسرقة كقوله "لقد كان لصاً ناجحاً"! مما يؤكد أن النجاح بكل أطيافه وأصنافه مطلوب ومرغوب. لكن نجاحنا يجب ألا يُلحق الأذى بالغير.

* * *

هناك أيضاً معيار آخر للنجاح: فعندما نتمكن من جلب نتائج توافقية ونافعة لأنفسنا يجب أن نشمل الآخرين أيضاً في نجاحنا ونقاسمهم ثماره.


النجاح يعني رضا الإنسان وقناعته في المحيط الذي يعيش فيه. النجاح الحقيقي هو المحصّلة لأعمالٍ مؤسسة على مبادئ الحق، ويشمل سعادة ورفاهية الآخرين كجزء متمم لسعادة الإنسان نفسه. إن طبقنا هذا القانون على حياتنا المادية والفكرية والأدبية والروحية نكون قد حصلنا على تعريف كامل وشامل للنجاح.

* * *

هنا في هذا العالم المحدود نلمس الطول والعرض والكثافة، ولكن هناك مستوى آخر لا وجود فيه للأبعاد إذ كل شيء واضح شفاف.. كل شيء وعي وإدراك. حاسة الذوق إدراك وكذلك حاسة الشم. إن مشاعرنا وأفكارنا وأجسامنا هي حالات من الوعي. فمثلما نستطيع أن نرى ونسمع ونشم ونذوق ونلمس في الحلم، هكذا في ذلك المستوى السامي نختبر كل هذه الإحساسات بواسطة الوعي المحض.

* * *

أسعدنا يا رب بالإحساس بقربك، وحررنا من الشهوات المكبلة، وامنحنا فرحاً باطنياً لا تؤثر به تجارب الحياة وأحداثها المتقلبة.

* * *

عندما تتناغم عقولنا مع المدركات العليا، يستيقظ في داخلنا الوعي الروحي ونختبر عجائب مدهشة من الحكمة والحب الإلهي.

* * *

إن أحببنا الله محبة تامة وتوجهنا إليه بكل أفكارنا وقلوبنا سنحس بقربنا منه وسنجد أنه أعظم موئل أمانٍ في الحياة.

* * *

في الفضاء الذي يبدو خالياً خاوياً هناك صلة كونية وحياة أبدية توحّدنا بكل ما في الكون من أحياء وجمادات.. موجة من الحياة العظمى تتدفق عبر كل شيء في الوجود.

* * *

الأبدية هي بيتنا الحقيقي ومستقرنا الدائم، ووجودنا في هذه الأجساد هو وجود مؤقت يشبه استراحة قصيرة لقافلة مسافرة عبر الصحراء.

* * *

عندما نتناغم مع قوى الروح الخلاقة سنكون على تواصل مع العقل الكلي واللانهائي القادر على توجيهنا وحل مشكلاتنا. وستتدفق القوة المبدعة إلينا دون انقطاع من المصدر الأعظم لكياننا بحيث نتمكن من الإنجاز الإبداعي في أي مجال من مجالات أنشطتنا.

* * *

الحب ينمو ويزدهر في بيئة الثقة والتسامح والاحترام المتبادل.

* * *

باركنا يا رب بنور الأفكار النقية والعادات الطيبة بحيث إن اقتربت منا ظلمة العادات السيئة والأفكار المنحرفة سيتم طردها على الفور. وساعدنا كي نحبك محبة فائقة بحيث لا تقوى أوهام المادة أو مغريات العالم على اجتذابنا والاستحواذ على عقولنا وقلوبنا.

* * *

نادراً ما تكون الأشياء التي يمكن الحصول عليها بسهولة ذات قيمة. هذا نعرفه من مطالعة حياة العظماء من الرجال والنساء وكيف أنهم أصبحوا عظماء من خلال تنمية مواهبهم وإنجاز واجباتهم وبناء قيمهم الخلقية ودراستهم المعمقة وابتعادهم عن الأنانية. لكن النتائج التي حصلوا عليها والإنجازات التي توصلوا إليها كانت أعظم بما لا يقاس من الجهود التي بذلوها.

* * *

الحرية الحقيقية تكمن في حرية الإختيار الموجهة بالحكمة والمدعومة بالفهم والصواب والإرادة الحازمة.

* * *

عندما توقظ إرادتك وتصميمك وتمييزك الواعي تنطلق من الوعي السامي - عن طريق بصيرة الروح - قوىً غير منظورة لمساعدتك ولتوضيح السبل المؤدية إلى الراحة النفسية والسعادة بعون الله.

* * *

يجب على الانسان أن يفتح قنوات الروح بمجهوده الذاتي. ما من أحد يختار طوعاً التألم والشقاء بدلاً من السلام والسعادة. الجهل هو سبب المعاناة وهو العائق الذي ينبغي إزاحته والتخلص منه. الجهل هو عشبة ضارة، قوية الجذور، تنمو في حديقة الانسان وتزاحم النباتات الصالحة والمفيدة.

* * *

لا بد من التغلب على الجهل بالإرادة الحازمة والتصميم القاطع.  يجب حرث تربة العقل بالتركيز الذهني الدقيق [على الإيجابيات] وسقي البذور الجيدة بماء الإيمان. وعندما تشرق أشعة الحب الحيوية والدافئة سينمو نبت الخير ويتغلب على الأعشاب والحشائش المتطفلة لأن لا وجود للظلام مع النور.


* * *

إن بهجة الأشياء المادية تخمد وتتلاشى لكن الفرح الإلهي لا يخبو وهجه أبداً. إنه سعادة ربانية لا نهاية لها وتفوق حد الوصف.

* * *

يجب ألا نستخدم أبداً الأساليب المغلوطة للحصول على السعادة، وألا نتخلى عن السلام والثراء الروحي اللذين نمتلكهما في داخلنا طمعاً في الحصول على راحة موهومة وبحبوحة عيش براقة قد تلوّح لنا بهما الأفعال والتصرفات الجهنمية ذات الآثار المدمرة.

* * *

السكينة هي أفضل كاميرا لتصوير الحضور الإلهي. فمن خلال عدسة الطمأنينة الصافية والمركزة تركيزاً دقيقاً ستظهر الصورة المباركة واضحة بكل جلاء.

* * *

في الحقيقة إن كل الحكمة موجودة داخل نفسك وكل ما تحتاجه هو أن تصبح على دراية واعية بذلك .

* * *

الرضاء يكمن في تحسين الإنسان نفسه بحيث يسعى الآخرون إليه بدلاً من أن يسعى هو إلى الآخرين. يجب منح المحبة والصداقة دون توقع أي شيء أو المطالبة بأي شيء في المقابل. التوقع يجعل الشخص ضحية الشقاوة والتعاسة. وحتى عندما يبذل الشخص مجهوداً لتحسين نفسه يجب أن يقف بمفرده، آمناً مطمئناً في قلعة فضائله وقيمته الذاتية.

لتنبجس شلالات البهجة والتفاؤل من قلبي على الدوام وليلامس رذاذها المنعش كل الذين أقابلهم.

* * *

الفرح الروحي يولِّد في النفس الرغبة لمساعدة الآخرين من كل ناحية، وينمّي القدرة على تذوق المتع المعنوية الراقية التي تقود إلى السعادة مما يقلل من الميل إلى الملذات الخشنة.

* * *

مهما كان دورك صغيراً يبقى مع ذلك بأهمية أكبر الأدوار من حيث المساهمة في إنجاح المسرحية الكونية التي تؤديها النفوس على مسرح الحياة.

* * *

الوعي الكلي هو وعيٌ مطلق لا نهائي، دائم التجدد ولا نفاد لإبداعه، ومن خلالك يحاول الإعراب عن مظهر فريد من ذاته.

* * *

إن تذوقت الحب الإلهي ولو مرة واحدة فلن تتخلى عنه أبداً لأنه لا يوجد شيء آخر مثله في الكون بأسره.

* * *

العارفون بالله بلغوا مراحل روحية متطورة جداً بحيث لا يكتفون بتقديم النصح الروحي وحسب للخاطئين، بل يمكنهم – بفضل الله وعونه - شحنهم بالقوة الروحية التي تحررهم من نتائج أعمالهم الآثمة.

* * *

إن كل الأعمال الصالحة والشريرة كامنة في خلايا الدماغ وتظهر على هيئة عاداتٍ أو نزعات صالحة أو شريرة في الفكر.

* * *

الإنسان الذي يعاني من عادات غير سليمة بسبب خلايا دماغه المشحونة بقوة تلك العادات يمكن تحرير نفسه بقوة الإرادة والتأمل والدعاء الصادق والتأكيد الإيجابي المتواصل إلى أن تتحول كل عاداته غير المرغوبة إلى عادات طيبة من السلام والهدوء. هذا يحدث عندما تعمل قوة الحياة الموجّهة توجيهاً صحيحاً على تغيير الطبيعة غير السوية لخلايا الدماغ بحيث تصبح تلك الخلايا مفعمة بكل ما هو طيّب وصالح وجميل.

* * *

الفهم هو عين الباطن ورؤية الروح وتلسكوب القلب.. وهو التوازن بين رزانة العقل ونقاء الوجدان.

* * *

في كل يوم نبصر مشاهد مختلفة، وكل يوم يأتي بدرس جديد ينبغي تعلّمه، ويُتوقع من الإنسان أن يتعلم الدرس بالتركيز على الغرض الأسمى من وجوده: التعرف على مصدر كينونته وسند حياته.

لنعمل على نسيان أحزان الماضي ولنصمم على عدم التركيز عليها. وبإصرار أكيد وإرادة فاعلة لنجدد حياتنا، ولنعزز نجاحاتنا، ولنغذّ في نفوسنا العادات الطيبة والسجايا النبيلة.



إن من يظهر ضعف الآخرين ويسبب لهم الإحراج والحنق هو بعيد عن الحكمة والسداد.


يجب أن نمقت الخطيئة وليس الخاطئ لأنه أخ لنا في الروح بالرغم من ظلمة الجهل التي تغلفه وتخيّم عليه.


الغرض من الإدانة يجب أن يكون الشفاء لا التشفي والتجريح يجب أن نعامل الأخ الخاطئ كما نرغب أن نـُعامَل لو كنا مكانه وفي وضعه.



مثلما ندين الآخرين يديننا القانون الروحي بنفس المقدار.


ويجب ألا نتوقع الكثير من الآخرين، ولا ننتظر نتائج حسنة على الدوام من أي إنسان حتى ولو كان يبذل أفضل ما بوسعه.


 قد يسقط الشخص ويتعثر، لكنه سيظل آمناً ما دام يبذل قصارى جهده ليرتقي سلّم الفضيلة والصلاح من جديد.


كل يوم يجب أن نحاول رفع معنويات المريض جسدياً أو نفسياً أو روحياً في بيئتنا مثلما نساعد أنفسنا أو أفراد عائلاتنا.


ومن يحاول من اليوم العيش طبقاً للقوانين الإلهية – بدلاً من العيش الأناني القديم الذي يجلب العناء والشقاء – سيجد أنه مهما كان الدور الذي يلعبه في الحياة متواضعاً يبقى مع ذلك دوراً هاماً ما دام يقوم بواجبه على أكمل وجه بحسب توجيه مدير المسرحية الكونية وسيد أقدارنا جميعاً: الله عز وجل.


عندما نتفاعل مع الآخرين بإخلاص فعلي وبمحبة صادقة ومراعاة للمشاعر ، سنجلب إلينا أصدقاء طيبين دون أن يكون للمصالح الشخصية أو الحسابات الأنانية أدنى اعتبار، وإلا فلن نتمكن من التعرف على أصدقائنا الحقيقيين.


لا بد من التخلص من المراءاة والزيف، والتصرف على نحو لا يلحق الأذى المتعمد بالآخرين.


* يجب عدم إغضاب الأصدقاء أو الإستخفاف بهم أو استعدائهم أو إعطائهم سبباً لأن ينمّوا مشاعر غير ودية نحونا. 


ويجب عدم إساءة معاملة الأصدقاء أو استغلالهم أو تقديم النصيحة لهم ما لم يطلبونها، وعندما يطلبونها يجب تقديمها بإخلاص ولطف، دون خوف من التبعات.

الأصدقاء يساعدون بعضهم بالإنتقاد الأخوي البناء.

مصارعة الظروف وخلق المناخ الملائم

تجارب الحياة الصعبة لا تأتي لكي تشل إرادتنا وتهزمنا، بل لتشحذ عزمنا وتعزز إيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا.

* البعض يظن أن تلك التجارب والتحديات قوىً مدمرة لا تـُقهر.. فيستسلمون.

الموقف النفسي الصحيح كفيل بتنشيط القوى الباطنية للتعامل بفعالية مع الحياة وتجاربها.

إن لم يتصارع الشخص مع شخص أقوى منه فلن يصبح قوياً. وبالمثل عندما نواجه صعوباتنا بجرأة وبقوة نفسية نصبح أكثر قوة ومنعة.

عقولنا هي جزء لا يتجزأ من وعي الله الكلي. وتحت موجة وعينا يقبع محيط وعيه اللانهائي.

عندما تنسى الموجة أنها جزء من المحيط الأعظم تفصل ذاتها عن تلك القوة الأوقيانوسية. ونتيجة لذلك أصبحت عقول الناس واهنة بفعل القيود المادية ولم تعد قادرة على العمل المثمر والإنتاج الوفير.

عندما تنفض العقول عنها غبار الجهل وتقطع القيود المكبلة لقواها ستصبح أكثر قدرة على الإبداع والتفاعل بإيجابية مع الحياة.

وعندما تتمسك بفكرة معينة وتشحنها بإرادة قوية تتحول تلك الفكرة إلى قوة ديناميكية.

وعندما يصبح الفكر ديناميكياً يتمكن – بعونه تعالى – من خلق المناخ الملائم للنجاح طبقاً للخريطة غير المنظورة المرتسمة في الذهن.

يفشل الناس لأنهم يستسلمون لظروف الحياة القاسية دون مقاومتها بدلا من مقاومتها دون استسلام. لا بد من تمرين قوة الإرادة.

وإذا عزمت فانطلق باسم الله وعلى بركته.

فهو الموفق والمستعان.

عندما ترغب بإنشاء عادة جيدة أو القضاء على عادة سيئة، ركّز على خلايا الدماع حيث تتموضع آليات العادات على اختلافها.

* لإنشاء عادة جيدة، أجلس أولاً بهدوء وتأمل ملتمساً العون الإلهي.

ركّز ذهنك على محور الإرادة في الجبهة ما بين الحاجبين وبعمق أكد لنفسك العادة التي تريد أن تغرسها في الدماغ. وعندما ترغب في القضاء على عادات سيئة، احصر أيضاً انتباهك في مركز الإرادة وأكد بعمق أن كل الأخاديد التي تعشش فيها تلك العادات يتم مسحها.

بالتركيز وقوة الإرادة يمكنك مسح حتى الأخاديد العميقة للعادات القديمة المستحكمة.

أكد لنفسك مراراً وتكراراً أن لديك من قوة الإرادة ما يكفي لاستئصال جذور العادات غير السليمة من منطقة الدماغ.  

الوقت الأنسب لمثل هذا التأكيد هو الصباح الباكر عندما تكون الإرادة والإنتباه يقظين.

واصل التأكيد لنفسك بأنك متحرر من كل الإملاءات وستجد يوماً ما أنك - بعونه تعالى - قد تحررت بالفعل من العادة التي تريد التخلص منها.

مهما كان الشيء الذي تخشاه، ابعد فكرك عنه واتركه لله.

عزز يقينك بالله وثق بأنه قادر على مساعدتك، واعلم أن قدراً كبيراً من المعاناة ناجم عن الهم والقلق

لماذا يتعين عليك أن تتألم الآن والشيء الذي تخشاه لم يقع بعد؟

بما أن معظم اضطراباتنا تأتي عن طريق الخوف، فإن أقصينا الخوف من حياتنا سنشعر بالحرية وسيكون الشفاء فورياً.

كل ليلة وقبل النوم مباشرة أكد لنفسك أن الله معك وأنه يحميك ويرعاك.

تصور نوره الواقي يحيط بك من كل جانب وستشعر بحمايته العجيبة.

في هذه المسرحية الكونية، يقوم البشر من كل الأجناس بتمثيل دراما الحياة على مسرح الزمن.  

يجب أن ندرك مغزى الحياة دون الإنهماك الزائد أو التحقق المفرط مع أدوارنا المؤقتة.

إن إدراكنا للحياة كثيراً ما يشوبه التشويه والإنحراف لأننا ننظر بعيون الأنانية والأفق المحدود، ولو نظرنا بعين الروح لأبصرنا الأمور من منظور آخر تماماً.

عندما نفتح عين الحكمة نبصر نور الله الشامل، وفي ذلك النور نعاين طبيعتنا الروحية التي هي انعكاس لطبيعة الوعي الكلي الذي يتخلل كل جزيئات وأجزاء الكون.

الحقائق الروحية تحيط بنا وتقرع على أبواب عيوننا المغمضة وتستحثنا كي نبصر النور بدل الظلمة ونعمل بوحي الحكمة وليس الجهل ونملأ قلوبنا بالمحبة لا بالكراهية ونتعاون على إحلال السلام وجلب الوفرة والأمن إلى عالمنا.

عندما نفعل ذلك سيتبدد الجهل وتنعدم الفوارق الوضعية وسنبصر الوحدة في التعداد ونصبح أكثر توافقاً من الإرادة الإلهية.

إن علاقتنا مع الله ليست علاقة باردة أو علاقة غير قائمة على الحب والدفء كالعلاقة بين رب العمل والأجير.

نحن عياله واهتمامه بنا لا يتوقف، وهو يصغي لنا على الدوام.

إننا جزء لا يتجزأ من كيانه وعلاقتنا به حية وحيوية

لقد وهبنا ثروة لا تنضب من المحبة والفهم والبصيرة والإرادة الطيبة والقوة الروحية، لكن معظمنا بدد تلك الثروة على اللاشيء.

الله يريدنا أن نحيا بأمن وطمأنينة وتعاون ودي كما يليق بأفراد أسرة نبيلة متحابة، لكن الأطماع والحسابات الأنانية نبتت وترسخت في النفوس وفرقت ما بين الأهل.

الله يريدنا سادة لكننا اخترنا أن نكون عبيدا.ً 

لقد ابتعد الإنسان كثيراً عن بيته السماوي وفقد الفردوس الباطني المتمثل في الإحساس بقربه من الله وقرب الله منه،  ولن يتمكن من استعادة ذلك الفردوس دون مجهود ذاتي. 

لقد خلقنا الله على صورته ولكن غابت تلك الحقيقة عن أذهاننا.

* لقد استسلمنا للوهم بأن قـَدرَنا هو العناء ومآلنا الفناء، ويجب أن نمزق حجاب الوهم بخنجر الحكمة لنرى الحقيقة الناصعة من خلف الحجاب.

من نحن وما هي طبيعتنا الحقة؟

البشر لديهم فوارق ظاهرية بيّنة، سواء من حيث تركيبتهم السيكولوجية أو العاطفية أو الأدوار التي يلعبونها في الحياة أو الأعمال والنشاطات التي يمارسونها أو الرغبات التي يحسّ بها كل منهم

لكن تحت كل هذه الفوارق يكمن شيئان اثنان يريدهما بل ويحتاجهما كل إنسان دون استثناء. أحدهما هو التحرر من كل صور التألم والعوز. أما الشيء الآخر فهو السعادة التامة والدائمة.. الرضاء الكلي حيث السلام والحب والحكمة والفرح.

في الحقيقة إن ما يسعى البشر لبلوغه هو الله، سواء استخدموا تلك التسمية أم لم يستخدموها. الحكماء يقولون أن الله هو جوهر الغبطة وروح السعادة. ولن يشعر الإنسان بالرضاء التام ما لم يستق مباشرة من الينبوع الكوني. وتلك نقطة محورية لفهم الحالة البشرية.

ولكن أين يبحث الناس عن ضالتهم المنشودة؟

يبحثون عنها في الأمور الدنيوية فقط: في الممتلكات والظروف الخارجية والعلاقات مع أشخاص آخرين. إنما مستحيل العثور عليها في أي شيء أو في أي شخص أو في أي ظرف في هذا العالم نظراً لطبيعة الخليقة نفسها.

الخليقة قائمة على مبدأ الثنائية. يستحيل الحصول على صورة بلون واحد فقط، إذ لا سبيل للإستغناء عن النقيض. وبالمثل، مستحيل أن يوجد مظهر واحد من مظاهر الوجود بمعزل عن الازدواجية. لكن لدى تمحيص الرغبات التي تحرّك الناس نجد أن كل منا يرغب فقط بالحصول على الأشياء الطيبة، الممتعة، الجميلة، والإيجابية دون أدنى رغبة في التعامل مع كل ما هو كريه وغير مستحب.. إنما ذلك من المستحيلات.

في هذا العالم الثنائي لا وجود للذة دون الألم، أو للنور دون الظلام، أو للخير دون الشر، أو للحياة دون الموت. لا يمكن فصل أحد وجهيّ العملة عن الوجه الآخر. وهذا يعني أن ما نتشوق إليه في أعمق أعماقنا لا يمكن الحصول عليه من هذا العالم.

هناك قول شرقي مأثور في هذا السياق هو: "تلك هي الحقيقة سواء عرفتها الآن أو بعد ألف عام."

والسؤال هو: هل مكتوب علينا مواصلة البحث في المكان الخطأ وبالتالي الشعور بالخيبة والإحباط نتيجة لذلك؟

الناس يبحثون.. أجل يبحثون بكل ما أوتوا من قوة لكنهم غير قادرين على العثور على ما يبحثون عنه مما يخلق في نفوسهم القنوط وفقدان الأمل. ولا يؤدي ذلك إلى القنوط وحسب بل إلى استياء كبير وغضب عارم، وبالتالي إلى أعمال عنف..

هذا كله يحدث لأنهم لا يبحثون عن ضالتهم في المكان الصحيح، ونتيجة لذلك لا يعثرون على مُنية قلوبهم

الناس في عصرنا هذا لا يعرفون الكثير عن معنى الحياة وغايتها، ولذلك يعانون من الحيرة والإرباك.

الإنسان في طبيعته كائنٌ يبحث عن هدف. فإن لم يكن له من هدف في الحياة، وإن كان عقله وطاقاته وإرادته وعواطفه غير موجّهة في منحى إيجابي بنـّاء يتحول إلى اتجاهات مدمرة كتعاطي الكحول والمخدرات واللجوء إلى العنف وهلم جرّا.

الغاية الأسمى للحياة هي معرفة الله... ويتعين على الإنسان إحداث توافق بين أدواره ونشاطاته الخارجية عن طريق العمل الصحيح والنظرات السليمة والمواقف الإيجابية والتصريف النافع للعواطف.

هذان المظهران لطبيعتنا: المظهر الباطني أو الروحي والمظهر الخارجي ليسا في تناقض مع بعضهما فيما لو تم فهمهما على الوجه الصحيح. بل يدعم أحدهما الآخر ويساعداننا على تنمية وتطوير قدراتنا وإمكاناتنا مادياً ونفسياً وعاطفياً وروحياً.

الناس يعيشون في فراغ كبير دون حوافز فكرية أو منشطات نفسية.. يشعرون بالسأم لانعدام الغاية ولفقدان ما من شأنه أن يعطي لحياتهم قيمة ومعنى الشخص العادي قد يستطيع العمل والتصرف كما لو كان متكاملاً من الناحيتين النفسية والعقلية، ولكن هل هو سعيد؟

الغاية الرئيسية من الحياة هي معرفة من نحن وما هي طبيعتنا الحقة.  فإن أولينا الجانب الأعمق من الحياة الاهتمام الذي يستحقه لا بد أن نشعر بالسعادة لأن سعادة الإنسان مرتبطة بتواصله مع ذاته الروحية التي لا كيان ولا كينونة له بدونها

استئصال جذور الفشل والمرض

الخوف من الفشل أو المرض يتم تغذيته بالتفكير الدائم به حتى تتسرب فكرة الفشل أو الفشل من العقل الواعي إلى العقل الباطن وصولاً إلى الوعي السامي.

بعد ذلك يبدأ الخوف المترسخ في اللاشعور والوعي السامي بالتفريخ والنمو حتى يملأ العقل الواعي بنباتات الخوف التي ليس من السهل القضاء عليها كالقضاء على الفكرة الأولية عند بزوغها وهذه النباتات الضارة تثمر أخيراً ثماراً سامة ومميتة.

إنما لحسن الحظ يمكن استئصال جذورها من الداخل بالتركيز القوي على الجرأة وبتطعيم الوعي بالإيمان المطلق بالله وبأنه قادر على مساعدة الراغبين في مساعدة أنفسهم وحمايتهم من الأذى.

ذات مرة كانت فقاعة صغيرة عائمة على سطح البحر

متوجسة من العواصف والبروق

فسمعت صوتاً يهمس لها

أيا فقاعة الحياة الصغيرة، ما خطبك؟

ألا تعلمين أنكِ جزء من محيط الحياة؟

فنظرت الفقاعة الصغيرة حولها وأدركت تلك الحقيقة

الوعي البشري يعوم كالفقاعة الصغيرة

على سطح بحر الوعي الكوني

ظاناً أنه فقاعة مؤقتة

مرتعداً من المرض والفاقة والموت

أيا أيتها الفقاعة، أمن المحيط تخشين؟

انظري حولكِ.. تأملي جيداً

وحوّلي نظرتك من محيطك الصغير

إلى محيط الله اللامتناهي

تعمقي.. تعمقي ووسّعي الإدراكْ

كي تعلمي وتوقني

بأنكِ واحدة مع بحره الفسيح

وأن الله معكِ

يحرسكِ

يعيلكِ

الآن .. وإلى الأبد

تلافي الشِباك والأحابيل

كلما شعرت برغبة قوية في قلبك تلح عليك كي تحققها،استخدم التمييز واسأل نفسك

"هل هي رغبة طيبة لا بأس من تحقيقها أم رغبة سيئة يتعين عدم تكريمها بالتحقيق؟"

الرغبات المادية غير السليمة تشجع عاداتنا السيئة بإعطائنا آمالاً كاذبة وسعادة مزيفة

في مثل تلك الحالات  يتعين استدعاء قوى التمييز لإظهار الحقيقة

العادات السيئة تقود في نهاية المطاف إلى التعاسة

وإذ يفتضح أمرها وتظهر على حقيقتها تصبح عاجزة عن اصطياد الإنسان بأحابيل المعاناة وشباك الشقاء.


----------------------


أقوال لكل زمان ومكان


للمعلم برمهنسا يوغانندا



المتناغمون مع الله يبصرون جمالاً أخاذاً ويتذوقون عذوبة فائقة لا سبيل لاختبارهما بأية طريقة أخرى.


* عندما نادتك روحي انفجرت سحب صمتك يا إلهي وانهمر غيث رحمتك مدرارا حتى غدا فيضاً من نعمتك غزيرا. ولقد غمر نهرك المبارك ضفاف كياني فغاصت نفسي في مياه الأبدية وذابت فقاعة حياتي الصغيرة في بحر وجودك الكلي..


لقد علمني مرشدي كيف استعمل إزميل الحكمة لأصنع من نفسي معبداً يليق بالحضور الإلهي.


إن أردت أن تحقق هدفاً سامياً، إبدأ بتصميم نموذج ذهني له. يمكنك الآن أن ترسّخ أي توجّه في وعيك فيما إذا غرست فكرة قوية في عقلك، عندها سيمتثل كيانك بأسره لتلك الفكرة وتأتي أفعالك مطابقة لها.


عندما تلامس القلب الإلهي ستتلاشى مصاعبك وسيملأ الحب قلبك، وستتراقص الاختبارات الروحية الرائعة كفوارات نقية في حدائق فكرك.


غيومٌ كثيرة تحاول أن تواريك وتحجبك عني، لكن من خلال ندى دموع الشوق يظهر لي إسمك المبارك وامضاً بحروف ذهبية ساطعة  من وراء كل الستائر والحجب.


نقاء الوجدان يعني التعامل بشفافية مع الحقيقة.


هناك ضرورات حيوية وما يعتبره البعض "ضرورات" مع أنها غير ضرورية ولا لزوم لها. يجب تبسيط الحياة بالتركيز على الاحتياجات الأساسية والاستغناء عن الكماليات غير الضرورية.


ما أسماكِ أيتها الصداقة، وما أخصب تربتك وأقدسكِ! المحبة غذاؤك والإخلاص مشربك.

 

عندما يسير اثنان بوئام وانسجام بالرغم من خلافاتهما، يجمعهما هدف واحد هو العثور على راحة النفس وطمأنينتها في المحبة النقية والوفاء المتبادل... وحيث لا يلتمس المحب المتع على حساب المحبوب.. عندها، وفي حديقة الإيثار تتفتح أزاهير الصداقة العاطرة وتنفح أريجها الفواح.


العالم يدرب عقولنا على نحو مغاير ويجعلنا نعتاد على أشياء كثيرة بحيث نبدأ بالتفكير بأن لا سعادة ترجى بدون تلك الأشياء. ولكن يجب تبسيط الحياة وكذلك تبسيط حياة الأطفال وإلا ستعلمهم الحياة من خلال خيبات 

الأمل المريرة.


الحقيقة أكثر صحة وواقعية من مجرد الفكر أو الخيال، ولكن ما نفكر به أو نتصوره قد يتحقق في بعض الأحيان


* الخيال عنصر بالغ الأهمية في عملية التفكير الخلاق. ولكن يجب أن ينضج الخيال ويتحول إلى قناعة راسخة، وهذا غير مستطاع بدون إرادة قوية.


* إن تصورت شيئاً ما بكامل قوة إرادتك سيتحول خيالك إلى قناعة ذاتية، وعندما تستطيع الاحتفاظ بتلك القناعة

بالرغم من كل الآراء المعاكسة ستتجسد قناعتك على أرض الواقع.


يجب أن يتعلم المرء الوقوف بمفرده، مدعوماً بفضائله وقيمته الذاتية.


* الفرح الروحي هو فرح متجدد ويظهر على نحو متزايد في المتفكرين بعمق بالله.

 وهو فرح يساعد على اتخاذ القرارات الصائبة والقيام بالأعمال الصحيحة، ولدى العثور عليه تتلاشى الرغبات والمشتهيات غير السليمة لأنها تفقد جاذبيتها مقارنة بالفرح الروحي.


* لقد وهبنا خالقنا القدير الحياة والقوة والحكمة ومن واجبنا إيلاؤه اهتمامنا ورفع قلوبنا إليه حباً وامتناناً وعرفاناً بالفضل والجميل.


* ساعدني يا إلهي كي لا أضرم نار الغضب حتى لا أحرق بلظى الحنق واحات السلام الخضراء في نفسي ونفوس الآخرين. ساعدني كي أخمد نار الغيظ بأمطار محبتي دائمة الانهمار.


* فلتبقٓ بحيرة رقتي وأنسي هادئة ساكنة لا تثيرها عواصف السخط التي لا تجلب سوى الشقاء.


القيام بأعمال مدفوعة بالإحساس بالواجب، أو تضحية الرغبات الشخصية خدمة ومحبة بشخص آخر هو أفضل بكثير من عمل ذلك من قبيل الخوف. 


حتى عندما يكف الإنسان عن تجاوز القوانين السماوية يجب أن يفعل ذلك محبة في الله لا خوفاً من عقابه.


* مهما كانت الأمور التي تخشاها، حوّل فكرك بعيداً عنها. اتركها لله وعزز ثقتك به.


* الخوف يلازم الإنسان على الدوام، والتخلص منه ممكن بالتفكير بالله والإحساس بحضوره.


* قد يكون من الصعب في البداية السير على دروب الفضيلة، لكنها دروب مباركة تفضي إلى راحة الوجدان والسعادة الحقة.


* ليشرق مجد الله على كل زاوية من زوايا حياتنا، ولتسكن محبته قلوبنا، وليغمر نوره وعينا.


* أيا محبوبي الإلهي، الزهور تتفتح والفصول تتغير وكلها تتحدث عنك. البدر يظهر ملامح ابتسامتك، والشمس تحمل قنديلك السماوي. إنني أعوم في بحر من دموعي المنهمرة شوقاً إليك. في أوراق الشجر وعروق البشر تنساب حياتك وحيويتك، وأحس بخفقات قلبك الكوني تنبض في خافقي.


* عندما ألامس حضورك أشعر بأنني مستيقظ في عالم آخر وبين الفينة والأخرى أحلم بهذه الأرض وبهذا الجسم الصغير – جسمي. إنني مستيقظ في غبطة لا تنقطع وحلمي النهاري بحياة دنيوية تعطره ذكريات يقظتي السعيدة بك. لقد اقتلعت أعشاب الكوابيس من حديقة أحلامي وزرعت مكانها ورود إلهاماتي حيث سيجتذبك أريج أشواقي فتأتي لتأخذني معك إلى آفاق النعيم الأبدي.


* اجعلني يا إلهي شفافاً بالطهارة والنقاء علني أبرز نورك الشافي في داخلي .

هدّىء مرآة عقلي المهتزة كي تعكس وجهك اللانهائي.

افتح نوافذ الإيمان على مصراعيها حتى أتنسم عبير سلامك.

أيها النيّر بذاته، أيها الجلال الذي يعصى على الوصف، حدّق بعينيّ الوالهتين شوقاً إليك علني لا أبصر في الوجود سواك.


* خلف كل ظواهر الحياة ومظاهرها يكمن صوت الله الصامت الذي ينادينا على الدوام من خلال الزهور والأسفار المقدسة ومن ضمائرنا وكل الأشياء الجميلة التي تجعل الحياة جديرة بالعيش.


* كل مجهود يبذله المريد لارتياد القمم الروحية يحتسبه الله له ويثيبه خيراً عليه.


* نسألك يا رب أن تومض عقولنا بنور حقك، وأن تنبض قلوبنا بحبك، وتمتلىء نفوسنا بغبطتك وفيض نعمتك .


من ذلك الأفق الشفاف الذي لا يمكن للعقل اختراقه يسكب الله نوره السرمدي.. ومن العقل الكوني تأتي الإلهامات السامية والقوى المباركة وينساب النشاط الخلاق إلى العقول المتفتحة والمتناغمة.


* عندما تجد أن نفسك وقلبك وكل خلجة إلهام والسماء الزرقاء والنجوم المشعشعة والجبال والأرض والطيور والزهور جميعها ينتظمها خيط واحد من الايقاع الكوني والفرح الروحي والوحدة الشاملة... ستدرك عندها أنها كلها أمواج على صدر المحيط الإلهي الذي لا ساحل له.


* إذا نسينا خالقنا فإننا نستحق الآلام. يجب أن ندرك بأن الله حبيبنا ويحبنا، وهذه المعرفة ستحررنا من مشاكلنا ومعاناتنا.


* المحب الصادق لله لا يوقف بحثه عنه حتى وإن لم يوفق في العثور عليه بعد محاولات عديدة. ومثلما ينبغي للموجة أن تعود إلى قلب المحيط بعد هدوء العاصفة، هكذا الحال مع الباحث الجاد، فهو يمتلك إيماناً ضمنياً بأن العوائق ستتداعى ولا بد أن يتوحد مع المحيط الكوني عاجلاً أم آجلاً.. ذلك المحيط اللانهائي الذي منه أتى وإليه يعود.


* عندما يفكر العقل بالمحبوب الإلهي على الدوام يصدح القلب بأناشيد البهجة والفرح.


الابتعاث الروحي هو بزوغ الإنسان مما هو عليه الآن إلى ما سيكون عليه في المستقبل.


لا يستطيع الشخص إخفاء طبيعته الحقيقية عن الآخرين... فاهتزازات أفكاره ستنعكس بكيفية ما على سلوكه وتظهر من خلال تصرفاته.


هناك العديد ممن لديهم مفهوم خاطئ عن الحرية، فهم يعتبرون الحرية عمل كل ما يحلو للشخص أن يفعله، وأنا أدعو هذه الحرية حرية الهوى.


وبسبب الفهم المغلوط لطبيعة الحرية الحقيقية يوجد بعض الآباء والأمهات الذين يجعلون من أبنائهم عبيداً للعادات من خلال الاستجابة الفورية لرغباتهم. وهكذا ينشأ الطفل مفتكراً أنه ما دامت رغباته محققة فإنه سعيد وأن هدف الحياة هو تحقيق كل رغبة. لكنه يكتشف فيما بعد انه كان واهماً، إذ أن العالم الخارجي يختلف كلياً عن الحياة البيتية، ويكتشف انه ليس بالأمر السهل تحقيق كل رغبة! فالآخرون قد يزاحمونه ويدفعون به جانباً من أجل تحقيق رغباتهم الشخصية دون اهتمام او مبالاة به. وهو بدوره يصبح قاسي القلب متبلِّد الأحاسيس بفعل الرغبة الجامحة في تحقيق رغباته.


لذلك على الآباء والأمهات مساعدة أبنائهم كي ينموا إرادتهم وتمييزهم ليتمكنوا من العيش في العالم دون الوقوع في شراكه ومطباته.


الأم تقول "علمه بمحبة". طبعاً المعاملة بمحبة مستحسنة في معظم الأحيان، لكن كثرة الحلاوة تفسد الأسنان، وبالمثل كثرة الدلال تفسد الأطفال. الحاجة تمس إلى قدر من الصرامة والحزم، ولكن إذا عومل الطفل وعوقب بكثير من القسوة على غلطة ارتكبها فالنتائج ستكون وخيمة. يحب أن يكون هناك توازن في معاملة الأطفال والتعامل معهم؛ فعلى كل أب أن يمزج مزاجه بالحب والحنان، وعلى كل أم أن تتبّل حبها بالحكمة والعقلانية.


* على الإنسان أن يحتفظ بحالة نفسية مستقرة من الحب لله والشوق له. لقد جرّبت أعمالاً كثيرة، ولكن مهما تكن طبيعة عملي فإن فكري يبقى دوماً مع الله. 


* يجب أن نستمتع بهذه الخليقة إنما دون السماح لها باستعبادنا. ولقد علمتني التجارب أن لذة العثور على الله لا تعادلها لذة أخرى.


* قبل الشروع بمهامٍ كبيرة، يجب الجلوس بهدوء وتسكين الحواس والأفكار، والتأمل بعمق وطلب العون الإلهي من أجل الحصول على الهداية الروحية والتوجيه السديد.


* دعني أدرك أن الابتسامة المرتسمة على محيا الفجر، على ثغور الزهور، وعلى وجوه النبلاء من الرجال والنساء هي ابتسامتك.


لن تؤثر بي الصور المتعاقبة للمصائب وسوء الطالع والمرض أو أي عوائق غير متوقعة لأنني أدرك بأن الوعي المنضبط والوثيق الصلة بالوعي الكوني لا يعاني ضمناً من الإخفاقات والمنغصات.


الحرية تعني القدرة على التصرف بوحي الحكمة وليس وفقاً لإملاءات الأهواء والعادات والنزوات. إطاعة الأنا تقود إلى العبودية، أما الامتثال لإيحاءات الروح فيفضي إلى التحرر من القيود.


* لا فرق عندي إن عشت في قصر فخم أو كوخ متواضع ما دام الله معي.


* سأستخدم مالي المكتسب بأمانة كي أعيش ببساطة، مستغنياً عن العيش الباذخ.


* بالإيمان بالله وباستخدام قوة الإرادة يستطيع الإنسان التغلب على المرض والفشل والجهل ما دامت اهتزازات الإرادة أقوى من اهتزازات الأمراض الجسدية أو النفسية. وكلما كان المرض مزمناً كلما تعين أن تكون الإرادة أقوى وأكثر تصميماً، والإيمان أعمق وأرسخ، من أجل تحقيق النتيجة المرجوة.


ألهمني يا رب كي أحصر ثقتي بك لا في وسائل الحماية البشرية وحسب. دعني لا أخدر بالخوف والقلق قواي غير المحدودة لمواجهة أي من تجارب الحياة.. ودعني لا أتخيل الحوادث والنكبات والمصائب خوفاً من تجسيدها الفعلي بقوة التفكير والتصور، ولأدرك يا رب أنه سواء كنت مستيقظاً أو نائماً، صاحياً أو غارقاً بأحلام اليقظة، حياً أم محتضراً، يظل مع ذلك حضورك الواقي يشملني ويحرسني.


يقول الحكماء:

إن ثمرة الأعمال الطيبة المدفوعة بحب الله والفضيلة هي التوافق والنقاء. وثمرة الأعمال المدفوعة بالرغبات والطموحات الأنانية هي الألم والعناء. أما ثمرة الأعمال الشريرة فهي الجهل والغباء.

العمل الطيب يثمر السعادة والأعمال الدنيوية المشبعة بمحبة الذات عاقبتها المعاناة والألم. أما الأعمال الشريرة المتواصلة فتقضي على ملكة التمييز والفهم في الإنسان.


إن أردت أن تحيا بسلام ووئام فيجب أن تكون نواياك طيبة وأن تبث أفكار الخير ومشاعر المحبة. إن عشت حياة فاضلة ستساعد الآخرين من خلال نموذج حياتك ومسلكك الحسن. 


في اللحظة التي ينتابني القلق والتشويش الذهني سأركن للسكون والتأمل حتى أستعيد هدوئي، وسأستفتح كل يوم بالتفكير بالله وطلب عونه وهدايته.


* صمم على عدم السماح لأعشاب الكراهية الخانقة بالنمو والتغلغل في بستان حياتك المليء بمزايا الروح النبيلة. وكلما نمّيت الصفات والمزايا الشبيهة بالورود العاطرة كلما أظهر لك الله سر الوجود الأعظم في كيانك.


إن غاية الحياة تتمثل في إحراز السلام والرضا والخلود والسلامة ومعرفة الحقيقة، وفي صميم هذه الأماني التي تعتمل في نفوسنا يكمن الجوهر الإلهي في أعماقنا.


* فلأعثر على حريتي بك يا رب، ولأدرك أن بيتي الحقيقي هو وجودك الكلي وأنني جزء لا يتجزأ من وعيك الكوني.


* أيها البحر الرباني الزاخر، دع أنهار رغائبي المنسابة وسط صحاري العوائق والعراقيل تمتزج أخيراً في خضمّك الأعظم.9


* فقط في الحصن الإلهي نجد حماية وأمناً، وليس من ملجأ آمن كالشعور بقربنا من الله وملامسة حضوره .


بما أن الإنسان محكوم بالعادات التي تشكّل الميول والنزعات والطباع والرغبات، فإن كانت تلك العادات سيئة تصبح الطباع مؤذية والأفعال شريرة. لذلك من المستحسن أن تكون الأولوية للعادات الطيبة لأنها عندئذ توجه أفعالنا وأفكارنا نحو أهداف نبيلة وتعود علينا بالصحة والسعادة.



* حيثما وُجِدت نفوسٌ حزينة ومتألمة أجد راحتي في خدمتها وتقديم العزاء لها. سأبذل ما بوسعي لإسعاد الآخرين وسأشعر بشعورهم كما لو كانوا نفسي. 


* القدرات العقلية موجودة في الإنسان ولكنها غير نامية في معظم الناس، وعدم تنمية تلك القدرات يقود إلى عواقب وخيمة. فالعقل كالجسد يحتاج إلى الغذاء المناسب والتمرين الصحيح من أجل الصحة والنشاط. 


* الماسة تستقبل وتعكس النور، وهكذا النفوس النقية الشفافة التي تعرف الله وتتألق بحضوره. 


* يا رب، أنت الثروة الحقيقية في الحياة، وبالعثور عليك أولاً سأجد بك كل ما أحتاجه.


* عادة ما يركز الناس فقط على الطعام والهواء وأشعة الشمس لإبقاء الجسم في حالة جيدة، لكن قد يأتي وقت تتدهور فيه الصحة بالرغم من وجود مدد وافر من هذه المصادر الخارجية للحياة. عندئذ تبزغ الحاجة لشحن بطارية الجسم بالطاقة الحيوية من المصدر الداخلي.


إن اقترب قاربُ عقلي من صخور الرغائب الجشعة التي تنطوي على أخطار ومحاذير، مدفوعاً بأنواء الجهل العاتية، فكن يا إلهي منارتي وارشدني دوماً إلى شطآن بِرك وصلاحك.


الفكر كاللهب الذي ينبغي استخدام قوته المركزة لحرق العقبات التي تحول دون تحقيق الإنجاز.


* يمكن العثور على الله بالحب الإلهي المتواصل. عندما نحب الله أكثر من عطاياه سيأتي إلينا. لقد منحنا حرية الإختيار وقوة الإرادة لكي نتمكن من التمييز بين عطايا العالم الطفيفة الزائلة وهبة القرب منه والتنعم بحضوره المبارك.


لقد أُعطيت لنا الذاكرة كي نتدرب على تذكّر الأشياء الطيبة إلى أن نتمكن أخيراً من تذكّر الخير الأعظم: الله.


* * نسيم حبك ينساب من خلالي يا رب! وأوراق أشجار حياتي تتراقص مبتهجة بقدومك. حفيفها المغتبط ينساب في الأثير ويدعو المتعبين كي يستريحوا في ظل سلامي الروحي.


* ليس المقصود من صعوبات الحياة أن تسبب لنا الأذى، ففي المشاكل والأمراض دروس لنا. تجاربنا المؤلمة ليس الهدف منها القضاء علينا بل لصهر الشوائب التي في نفوسنا من أجل تنقيتنا وتسريع عودتنا إلى مصدرنا النقي – الله - الذي يعمل بشتى الوسائل والطرق على مساعدتنا وإعادتنا إلى بيتنا السماوي.


اللانهاية هي بيتنا الحقيقي وسياحتنا إلى هذه الأرض وفي هذه الأجساد المادية هي بمثابة رحلة بتأشيرة قصيرة الأجل.


* يا رب، إنني أدرك بأن المديح لا يرفع من قدري ولا المذمة تقلل من شأني. فأنا كما أنا أمام ضميري وأمامك. سأواصل السير على الطريق، باذلاً ما بوسعي لخدمة الجميع، وعاملاً على كسب رضاك.. وبذلك تكمن سعادتي. 


إنك مخلوق فريد وجوهرك رائع، فتعرف على ماهيتك الحقة.


* مع بزوغ فجر قدومك ستتفتح براعم أشواقي إلى زهور عاطرة ناضرة.


* عجّل يا رب بإطلالة ذلك اليوم الذي به أضفر قلادة من تلك الزهور الندية وأضعها على أعتابك المباركة.


بدلاً من السعي الدائم لإسعاد الشخص نفسه وحسب، يجب أن يحاول أيضاً العمل على إسعاد الآخرين. وعندما يحاول تقديم خدمة روحية أو عقلية أو مادية للغير، سيجد أن احتياجاته الذاتية قد تحققت... وأن كأس حياته طافح بالسعادة.


الذين يحرزون على الأرض انتصاراً باهراً على الظلام سيكون نور المجد من نصيبهم وسينعمون بالسلام والسعادة الباطنية.


* انثر يا رب عى الدوام بذور بركاتك في تربة قلبي المحروثة بالابتهال كي تنمو إلى أشجار ظليلة تحمل غصونها أشهى وأعذب ثمار معرفة الذات.


غالباً ما نظل نتألم دون أن نبذل مجهوداً للتغيير، ولهذا السبب لا نجد سلاماً ورضاً دائمين. لو واظبنا على المحاولة وبذل المجهود لاستطعنا بكل تأكيد التغلب على كل الصعوبات. يجب أن نسعى جاهدين للانتقال من الشقاء إلى السعادة، ومن القنوط إلى الشجاعة.


أيها الحب الإلهي، وحّد محبتي بمحبتك، وامزج حياتي بسرورك، وعقلي بوعيك الكوني، واسقني من ينبوع فرحك الأبدي.


* قلب المريد الصادق يلهج دوماً: "يا إلهي وحبيبي، لا أريد الإنغماس في معمعان هذا العالم الوهمي، وكل ما أريده هو إيقاظ حبك في قلوب الناس. إن قلبي وروحي وجسمي وعقلي وكل ما أملكه هو لك يا رب."  ذلك المريد يصل إلى الله ويتعرف عليه.


امنحنا يا رب فكرة جديدة وحقيقية عن الإخاء. فلنهجر الحروب ولنشفِ جراحات الشعوب بمرهم المحبة والبلسم الدائم للفهم الودي التعاطفي.


* باركنا كي نتحرر من نفوذ الطمع وهيمنة الخداع وسيطرة الأوهام، وساعدنا كي نبني عالماً جديداً لا يكون فيه المرض والجهل والمجاعة سوى أحلام من الماضي الموحش الكئيب.


دعنا نحل كل المشكلات لا بمنطق الغاب بل بالفهم والصواب والثقة الراسخة بك وبعدلك الإلهي.

لقد جمعتنا الحياة هنا لنبقى معاً لفترة من الزمن ومن بعدها ننطلق في اتجاهات مختلفة. ولكن إن كان حب الله يسكن نفوسنا فلا يهم إلى أين نتوجه لأننا مهما ابتعدنا عن بعضنا سنظل في دائرة الحب الإلهي ولن نفترق أبداً. 


اجعلني يا رب نسر التقدم الروحي المحلق عالياً فوق أزقة ضيق الأفق والتطرف..

نادني إلى آفاق أعلى وأعلى، خلف الاهتزازات الأرضية الكثيفة والغيوم الحاجبة لنور الشمس.

فلأستقل جناحيّ التوازن للعيش الصحيح، ولأنطلق إلى تلك الأجواء الشاهقة فوق كل العواصف والأعاصير حيث الآفاق الرحبة والمدركات السامية.


يأتي السلام عندما نفتح قلوبنا للمحبة ومشاعر الخير. فذوو القلوب المُحبة والناشطون في الأعمال الخيرة يشعرون بالسلام لأنه يسكن بهم. السلام هو محراب السماء وهو الركيزة الأساسية للحياة السعيدة.


يجب أن نفكر دوماً بالجمال الإلهي خلف الأزهار، وبالنور الكوني خلف الشمس، وبالحياة العظمى التي تومض في كل العيون.


عندما يكون الشخص لطيفاً حقاً ويبدي احتراماً نحو الآخرين، ويقابل المجاملة بمثلها، سيُعامل دوماً بتقدير واحترام.


سأبث محبتي للآخرين علني أفتح منفذاً لمحبة الله كي تأتيني وتسكن قلبي. 


دعني يا رب أكون منارة للغارقين في لجج الأحزان.  وساعدني كي أعمل على إسعاد الآخرين عرفاناً للفرح 

الروحي الذي أغدقته عليّ. 


سأصهر الكراهية في نار محبتي.. وسأسامح الآخرين وأمنح الحب لكل القلوب الصادية.


الحب الحقيقي هو الحب الذي يَسعد براحة المحبوب.


 ليشرق يا رب نورك علينا وليملأ حبك قلوبنا على الدوام.


* إن امتلاك الإنسان لروح المبادرة يعني امتلاكه لقوة التصور الإبداعي التي تمكّنه من ابتكار شيء ما لم يسبقه إليه أحد من قبل... كل شخص مولود بهذه الميزة الموهوبة له من الله. 


* إن أعظم حب هو الحب الإلهي الذي يجعل الحياة جميلة على نحو يصعب وصفه. عندما تشعر أن الله معك، يأتي إليك حيثما كنت ويرشد خطواتك يكون الحب الإلهي قد بدأ. 


قوة الحق تنطلق بعكس اتجاه الريح.


يا رب، عندما تواجهني مشاكل مؤقتة، دعني أتذكر أفضالك العميمة عليّ في الماضي، موقناً بأن عونك لا يفارقني وعنايتك تواكبني على الدوام. إليك أرفع امتنان قلبي لكل بركة تأتيني من يدك الكريمة. 


* قطرات الحب تشعشع في النفوس الطيبة، والله يمكن العثور عليه فقط في بحر الحب.


الفهم هو المصباح الذي ينير درب الإنسان ويجلب له النجاح.


في فصل الربيع يرصع الله الطبيعة بأبهى الورود والأزهار ذات الحلل البديعة والألوان الزاهية.


* السلام هو البشير الأول الذي يعلن الاقتراب من الحضرة الإلهية. بعد ذلك يتحول السلام إلى أنوار أشد سطوعاً من الفرح الذي لا انتهاء له.


عندما أغوص عميقاً في بحر التأمل أشعر بخفقة مباركة داخل كياني وأسمع صوتاً هامساً يقول: "إنني قريب."


* يجب التوجه إلى الداخل حيث تعرب النفس عن ذاتها. فمن أعماق الروح تبزغ كل اختبارات الحياة الباطنية.

عندما تحقق النفس ذاتها مع الوعي الإلهي تشعر بغبطة عظيمة وبتمددها في الفضاء اللامحدود.


* إن استخدمت كل الوسائل والوسائط الخارجية المتاحة لك، إضافة إلى قدراتك الطبيعية، من أجل التغلب على كل العقبات التي قد تعترض طريقك، فستنمّي القوى التي وهبها الله لك: تلك القوى غير المحدودة التي تنبثق من أعمق أعماق كيانك.


الحب يسير على الدرب الذهبي الذي يوصل إلى الله.


سأنشر أشعة شمس الأماني الطيبة والنوايا الحسنة حيثما تسلل ظلام سوء الفهم.


عندما تهجم عليك المصاعب ومع ذلك ترفض التوقف عن المحاولة وبذل المجهود، بالرغم من كل العوائق والعقبات، عندئذ يستجيب لك الله ويكلل مساعيك بالنجاح.


يا رب، سأقتطف زهرة الشوق من بستان قلبي وأضعها تقدمة حب على أعتابك المقدسة.


بما أن أفكارنا وكلماتنا هي البذور التي ستجلب لنا محصول المستقبل، سأبدأ من اليوم بملء وعيي بالأفكار الإيجابية الطيبة.


أطير وأحلق بطائرة وعيي إلى أعلى وأسفل، شمالاً ويميناً، في الداخل والخارج وفي كل مكان.. لأجد أنني في كل ركن من أركان الفضاء كنت وما زلت في حضرة الله.


* عِش كل لحظة في وعي علاقتك بالمطلق اللانهائي. لا توجد نهاية لوعيك، وكل الأشياء تومض وتتألق كالنجوم في سماء كيانك.


الترك أو عدم التعلق هو الطريق الحكيم الذي يسير عليه المريد، مترفعاً بإرادته عن أشياء زهيدة من أجل أمور جليلة. إنه لا يقيد نفسه بالمتع الحسية العابرة رغبة في الحصول على فرح باطني متجدد. الترك ليس غاية بحد ذاته لكنه يمهد الطريق لبزوغ مزايا النفس وقواها الروحية.


المظفر الروحي يتقدم بخطوات جريئة على دروب الحياة.


يجب أن يستفيد الإنسان إلى أقصى حد من حياته الحاضرة، وأن يفتح نوافذ قلبه ويوقظ وينعش ملكات روحه الهاجعة.


خلف أقنعة التغيير والتبديل يكمن الحضور الإلهي. ومن يقدر على تثبيت مرآة عقله ومنعها من الارتجاج، يعاين في تلك المرآة الصافية وجه المحبوب الكوني.


الحب أقوى من الموت ومن ويلات الزمن.


تحليل الذات هو سر النجاح، والتأمل هو مرآة نرى من خلالها زوايا داخلية تبقى بخلاف ذلك محجوبة عن بصرنا. يجب تشخيص الإخفاقات وفرز الميول الصالحة والطالحة والتعرف على معوقات التقدم والنجاح.

* ما أروعك أيتها الصداقة! يا من تستقين من مياه الاهتمام الودي الصادق ويرطب أوراقك ندى العذوبة الداخلية والخارجية النابع من أعماق القلوب المخلصة الوفية.


رأيت ذات يوم نملة صغيرة تحاول تسلـّق كومة من الرمل، فقلت بيني وبين نفسي: لا بد أن النملة تفكـّر بأنها تتسلق جبال الهملايا! ربما بدت كومة الرمل هائلة الحجم بالنسبة للنملة ولكن ليس لبصري. وبالمثل فإن ملايين من أعوامنا الشمسية قد تكون أقل من دقيقة واحدة في عقل الله. يجب تدريب أنفسنا على التفكير بالأمور العظيمة مثل الأبدية واللانهاية.


لقد تجولت في عالم اللانهائية وعاينت الضباب المتوهج في أرض النور، وفي ذلك الألق الحي قرأت معاني الخفايا المدونة على صحائف الزمن.


عندما تنام تقوم بتسكين الأفكار والإحساسات تسكيناً سلبياً. أما عندما تقوم بتهدئة الأفكار والإحساسات بطريقة واعية بالتأمل، تختبر أول ما تختبر حالة من السلام فتقوم عضلات الوجه بتشكيل ذاتها على هيئة ابتسامة تعكس سلام القلب. ولكن يجب أن تتطلع إلى ما بعد حالة السلام كي تبصر نقاء روحك. ذلك النقاء الذي لا تشوبه ولا تشوهه الإثارات الحسية أو ردود الفعل التلقائية الناجمة عن الأفكار المقترنة بالحواس. الحالة التي تختبرها عندئذ هي غبطة دائمة التجدد.


إن وضعتَ إناءً من الماء تحت ضوء القمر ثم خضخضت الماء ستخلق صورة مشوهة للقمر. وعندما يهدأ الماء في الإناء يظهر الإنعكاس جلياً. اللحظات التي يكون الماء في الوعاء راكداً وعاكساً لوجه القمر بصفاء يمكن مقارنتها بحالة السلام التأملية وبحالة السكون الأكثر عمقاً. في سلام التأمل تنعدم كل أمواج الإحساسات والأفكار من العقل. وفي حالة السلام الأعمق غوراً يبصر المتأمل في تلك السكينة بدرَ الحضور الإلهي منعكساً في بحيرة النفس.


هناك أربع حالات يعرفها الشخص العادي: فهو يشعر بالسعادة لدى تحقيق رغبة ما، ويشعر بالتعاسة إن امتنع عليه تحقيقها. أما عندما لا يكون سعيداً ولا مكتئباً فيشعر بالضجر. ولدى تخطي هذه العواطف أو الحالات النفسية للذة والألم والضجر يشعر بالسلام.


السلام حالة مرغوبة جداً ناجمة عن انعدام حالات الحزن واللذة وغياب السأم. وهذه الحالات هي دائمة التماوج على صفحة النفس. فبعد امتطاء هائج صاخب لموج الألم واللذة، بما في ذلك انغماسات متكررة في لجج الضجر، هناك متعة في العوم على صدر بحر السلام الهادئ. لكن أعظم من السلام هي النشوة الروحية.. غبطة النفس.. منتهى السعادة. إنها فرح متجدد لا يختفي أبداً بل يلازم الروح طوال الأبد. ذلك الفرح الأعظم يمكن بلوغه فقط بإدراك الحضور الإلهي.


الإبتسامة الحقيقية هي ابتسامة السعادة الروحية المتحصلة من التأمل والتفكير بالله والإحساس بحضوره. ابتسامتي تنبع من ابتهاج عميق في كياني.. ابتهاج يمكن لكل إنسان أن يحصل عليه. فهو يشبه أريجاً متضوعاً من قلب وردة النفس المتفتحة. هذا السرور العظيم يدعو الآخرين للابتراد في مياه الغبطة المقدسة.


في نور الصفح المبارك تتلاشى ظلمة الكراهية المتراكمة على مدى سنين طويلة. 


إن الله يحقق بسرعة أية حاجة لمتعبديه لأنهم تحرروا من الدوافع الأنانية التي تحبط المساعي وتخيّب الآمال.


من يحمه الله لا يقدر شيء على تدميره.


* لسنا وحيدين في هذا العالم، فالله معنا وهناك علاقات ودية حميمة تدوم ونستمد منها الدعم والفرح 


أيا كوكب الهداية المتألق في سماوات الحكمة، إن وميضك الباهر يدعوني لارتياد آفاقك المباركة، وطائر حنيني يندفع بسرعة فائقة، مخترقاً الأجواء الكثيفة المكفهرة، يحدوه الشوق إليك والتنعم بوهجك الأقدس.


يجب ألا نتوقع الكثير من أي شخص، ولا ينبغي أن نتوقع دوماً نتائج مثالية حتى من أولئك الذين يبذلون قصارى جهدهم. إن سقط أحدهم وأخفقت محاولاته لا يزال مع ذلك بخير ما دام يكرر المحاولة ويعمل صادقاً على استعادة مكانته وتصحيح وضعه.


* تبدأ شخصية المرء بالتطور والتفتح عندما يتمكن من الشعور - عن طريق الإحساس الباطني الحدسي - بأنه ليس الجسد المادي الصلب بل التيار الروحي الأبدي داخل الجسد.


عندما يطفح قلب المريد بحب الله سيشرق وجهه بابتسامة السلام والحكمة، وستتفتت طبقات الجهل التي تغلف نفسه وتتلاشى تماماً.


* عندما تنظر إلى زهرة أو شجرة تعلم أن هذه الأشكال الجميلة للحياة لم تأتِ للوجود من تلقاء ذاتها، فالله هو الذي صورها ووهبها الأريج والرونق البديع.


قم دوماً بإنجاز واجباتك الصغيرة والكبيرة بانتباه عميق، متذكراً بأن الله يهدي خطواتك ويعزز جهودك لتحقيق طموحاتك الشريفة.


* عندما يتصل الإنسان بجوهره الروحي فإن الأزمان المنسية الغابرة وقوى النفس الخالدة ستعود إلى وعيه. في التأمل يتذكر الإنسان أنه نفس خالدة وليس جسداً فانياً.


في كل مكان نجد الناس، الطيبين منهم والأشرار، يبحثون بطريقتهم الخاصة عن السعادة. ما من أحد يرغب بإلحاق الأذى بنفسه. إذاً لماذا يتصرف بعض الناس بطريقة شريرة تسبب لهم حتماً الألم والحزن؟ لأن تلك الأفعال مدفوعة بالجهل والأوهام.


نسألك يا رب أن تشرق علينا بنور حكمتك وأن تبعد عنا ظلمة الجهل والوهم.


يجب أن يكون الشخص الواعي حذراً بدلاً من الشعور بالخوف، ويجب أن ينمي داخل نفسه إحساساً جريئاً دون 

طيش وتهور كي لا يعرّض نفسه لظروف قد تثير الخشية والقلق.


الحكمة لا تعتمد على ضخ المعلومات من الخارج بل على قوة التقبل الداخلية والتي تحدد مقدار المعرفة الحقيقية التي يمكن اكتسابها والسرعة التي يمكن بها إحراز تلك المعرفة.


هذا العالم هو مجرد مسرح نؤدي عليه أدوارنا بتوجيه من مدير المسرح الإلهي. يجب أن نحسن الأداء بصرف النظر عن طبيعة الأدوار المخصصة لنا، متذكرين على الدوام أن طبيعتنا الجوهرية هي غبطة دائمة.


أحكم الحكماء هو من يسعى للتعرف على الله، وأنجح الناجحين هو من عثر على الله.


أيها المحبوب الإلهي، لتحتل المقام الأول في حياتنا، وليملأ حبك الشافي قلوبنا، وليبدد نورك المبارك ظلمة الهموم من نفوسنا.


* الحرية معناها العمل بوحي الضمير وليس بإملاء العادات والرغبات. إطاعة الأنا وأهوائها تورث القيود، أما الإمتثال لإيحاءات الحكمة فيمنح التحرر من تلك القيود.


* طمأنينة النفس يمكن العثور عليها بالتنمية الإرادية والواعية للمزايا الطيبة والتي عندما تصبح مكتملة النمو لا يمكن لأحد انتزاعها من صاحبها ما لم يختر هو التخلي عنها بمحض إرادته.


معظم الناس يبحثون عن السعادة باستخدام أساليب مغلوطة. البعض يظن أن باستطاعته مضاعفة سعادته بانتهاج سلوكيات خاطئة وأفعال غير سليمة تبدو وكأنها تمنح وعوداً براقة بسعادة عارمة دائمة فينخدع بتلك الوعود الزائفة إذ لا يمكن تذوق طعم السعادة الحقيقية في جحيم الأوهام الباطلة والأفعال الخاطئة.


كل دقيقة هي أبدية لأن الأبدية يمكن اختبارها في تلك الدقيقة. الأيام والدقائق والساعات هي نوافذ يمكننا من خلالها رؤية الأبدية. الحياة قصيرة وفي نفس الوقت هي سرمدية لا انتهاء لها. النفس خالدة، وخلال فصل الحياة البشرية القصير يجب الاستفادة إلى أقصى حد من كل الإمكانات والفرص المتاحة.


* الكلمات الروحية هي كالبذور التي تحتاج إلى تربة خصبة لكي تنبت وتنمو وتزهر وتثمر. 


النمو الروحي يلزمه وقفة مع الذات، وإعادة ترتيب أولويات الحياة، وتحديد العادات الضارة والتخلص منها، ومراعاة قواعد وقوانين الصحة بما يتماشى مع الفهم الروحي المتطور والقوة العقلية المتنامية. 


عندما يتذوق المريد الفرح الإلهي سيجد أن الله قد أصبح حقيقياً بالنسبة له أكثر من أي شيء آخر، وسيدرك أن ملامسة الحضور الإلهي غبطة لا تعادلها أية متعة حسية.


* إن الله يعمل على إيقاظ وعي الإنسان الروحي وتوجيه إرادته في المسار الصحيح من خلال جمال الفضيلة وعظمة التسامح وجلال الحكمة وروعة السعادة الروحية.


لن أعتبر الآخرين غرباء لأنني أشعر بأن الجميع هم أخوتي وأخواتي. سأجعل حياتي ناجحة ومثمرة كي أساعد الآخرين على النجاح والإنجاز. سأشعر بشعور الغير وأتعاطف معهم مثلما أتعاطف مع نفسي. سأحب الله مثلما أحبه الأنبياء والأولياء، وسأرمي بالأنانية في بئر محبتي للآخرين.


خلف هذه الحياة الأرضية المتقلبة والخاضعة للموت توجد حياة أبدية عديمة التبديل. الجسد مُركّب من عناصر كيماوية خاضعة للتحلل والاندثار، لكن ما وراء هذه الحياة العابرة توجد حياة سماوية خالدة في كنف الله. لذلك يجب ألا نحصر كل اهتمامنا في هذا الجسد غير الدائم، وعلى الراغب أن يتحمل تجاربه ويكون سيده.


اليوم سأحاول مساعدة المحتاجين وإعطاء ما أقدر عليه للجائعين. 

إنني آمن مطمئن في حمى الله وخلف أسوار ضميري المرتاح.  إنني واحد مع نور الخير الذي يهدي سفن الأنفس التي تتقاذفها أمواج الحزن في بحر الحيرة والقلق.


اليوم أحس بالله في خفقة السلام التي ترتعش في نفسي وتحرك أوتار قلبي.


سأعمل كل ما بوسعي لإسعاد الآخرين تماماً مثلما أعمل جاهداً لإسعاد نفسي، ومن خلال سعادتي الروحية سأخدم الجميع في بيت الحب الإلهي ولن أخشى شيئاً سوى نفسي فيما إن حاولت مخادعة ضميري.



من بساتين الروح



* تنوي الذهاب إلى مكان ما، فتستعجل نفسك رغبة في الوصول إليه بسرعة، وعندما تصل تجد أنك لا تستمتع بالمكان بسبب ما يعتمل في نفسك من لهفة وقلق وربما اضطراب.  حاول بدلاً من ذلك أن تكون أكثر هدوءاً ورصانة واتزاناً. وإن جنح الفكر للقلق والاهتياج اصفعه بإرادتك حتى يلزم الهدوء.


الإثارة تؤثر سلباً على توازن الأعصاب، لأنها ترسل كمية كبيرة من الطاقة إلى بعض أعضاء الجسم وتحرم غيرها من حصتها الطبيعية، وهذا النقص في التوزيع الصحيح للطاقة هو سبب العصبية.  الجسم الهادئ المرتاح يريح الأعصاب ويستجلب الطمأنينة النفسية.



في تناغم النفس مع الله تبدأ البصيرة بالتفتح التدريجي. يجب امتلاك الثقة التامة بأن الله سيستجيب لكل ابتهال نابع من القلب. ومن يتوجه إليه طلباً للإستنارة سيفتح بصيرته وينير عقله وقلبه.


عندما تنفتح البصيرة فإنها تظهر بصورة شعور يبدو أنه نابع من القلب، وذلك الشعور على درجة عالية من الدقة والصفاء.  ومع ذلك الشعور سيحصل المريد على قناعة راسخة وتوجيه صائب لانتهاج المسار الصحيح، وسيتمكن تدريجياً من تمييز ذلك الشعور والوثوق به.


هذا لا يعني الإستغناء عن التفكير، فالتفكير الهادئ وغير المتحيز يقود أيضاً إلى البصيرة. أما التفكير العاطفي المدفوع بالغرور والإعتداد بالنفس فيقود إلى فهم مغلوط واستنتاجات خاطئة.



ارفض رفضاً قاطعاً الشك الهدام والإعتقاد الخاطئ وتوجه قلباً وروحاً إلى مملكة الإيمان والثقة التامة بالله.  وفي هدأة التأمل سيتمكن وعيك من التركيز على الحقيقة والفهم الصحيح.  في ذلك الإختبار يزهر الإيمان ويتفتح، وعن طريق البصيرة ستختبر 

{ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر}



كل نفثة من نفثات حنيني وابتهالي تفتح في روحي أبواباً ونوافذ منها أعبر إلى نعيم الله.


مثلما تشع الشمس على أكثر الطرقات اكتظاظاً هكذا سأبصر إشعاعات الحب الإلهي في كل الأماكن المكتظة لنشاطاتي اليومية.


باركني يا رب كي أوقظ روحي مع صحوة الفجر وآتي بها إلى أعتابك المباركة.


يا رب، امنحني روحاً تتسم بالسخاء كي أشارك الآخرين بما عندي وساعدني كي أبصر في بحيرة عقلي الساجية انعكاس قمر روحي متألقاً بنور حضورك.


اليوم سأغوص عميقاً في بحر التأمل والتفكير بالله إلى أن أعثر على لآلئ الحكمة والفرح الإلهي. 


سأحبك يا رب أكثر من أي شيء آخر لأنني بدونك لا أقدر على محبة أي إنسان أو أي شيء.


في أغوار الجبال والسموات الساكنة.. وفي أعماق روحي وكهف السكون أحس بوجود الله وأشعر بغبطته الدائمة وأشرب من ينابيعه الصافية التي لا تنقطع ولا تجف طوال الأبد.


أحبك وأعبدك يا رب يا من يستوي حبك على عرش كل قلبٍ طيب ومحب.




----------------------




طلب أحدهم من المعلم برمهنسا كي يدله على طريقة تساعده على امتلاك شخصية مغناطيسية جذابة، فقال:


يجب أن تكون ذا حضور فكري عند مخالطة الآخرين لأن شرود الذهن يدمر الشخصية أكثر من أي شيء آخر.  طبعاً لا أقصد شرود ذهن العظماء الذين عادة ما تكون أفكارهم مستغرقة في أمور كبيرة.


كن يقظاً وواعياً دوماً وستصبح مغناطيساً جذّاباً.


ما من أحد يحب أن يتجاهله الآخرون. كلنا نريد أن تراعى مشاعرنا ونؤخذ في الإعتبار، وبالمثل علينا أن نراعي مشاعر الناس ونبدي نحوهم اعتباراً، تحقيقاً للألفة والوفاق والإنسجام. ولكي تفعل ذلك يجب أن تكون يقظاً، متوقد الذهن، ومنتبهاً لكل من حولك.


لا قدرة للميت على إهانة الآخرين، لكن الذي لا يعيرهم انتباهاً يفعل ذلك.


عندما تكون في صحبة الآخرين تفاعل معهم بانتباه وحيوية واهتمام، لكن تحاشَ الحديث عن نفسك.




الكل يريد التحدث عن نفسه لكنه أسلوب واهٍ. ليتحدث الآخرون عن أنفسهم إن أرادوا، فاصغ لما يقولونه. دعهم يتحدثون عن مشاكلهم ومآثرهم وانطباعاتهم، أما أنت فدع مغناطيسيتك تتحدث عنك. نور المصباح يتحدث عنه بوضوح تام، فدع اهتزازاتك الصامتة تتحدث عنك بنفس الوضوح.




----------------------






لقد أراني الله في رؤيا أن الذين يموتون في القتال يحلمون حلماً مريعا للموت، لكن حالما يرتفع الطيببون من الجسد يتيقظون كيقظتهم من كابوس مزعج ويسرّهم التحرر منه.




إن كل تجارب حياتنا هي جزء من الحلم الكوني. الإنسان هو من خلق كابوس الحرب، ولكن بعد أن يغادر ضحايا الكابوس أجسادهم يدركون أن ذلك كان حلماً مريعاً تيقظوا منه، ويدركون أنهم ليسوا أمواتاً. تلك حقيقة ميتافيزيقية عظيمة.




لو علم الإنسان أنه يحلم لما تألم من تجارب الحلم المزعجة. ولكن إن حقق ذاته مع الحلم ووجه له أحدهم ضربة قاضية فإن ذلك الموت الحلمي يبدو اختباراً حقيقياً ورهيباً حتى يستيقظ ويدرك أن ذلك لم يكن حقيقياً.




وهذا ينطبق أيضاً على حالة ما بعد الموت. فما أن نغادر أجسادنا حتى ندرك أن وعينا لم يمت بل أننا  تحررنا من الجسد وقيوده ومحدودياته المادية، وفي ذلك الإنعتاق تكمن حرية كبرى.




يجب أن لا نطلب الموت أبداً، بل يجب بالأحرى أن نحضّر وعينا بالتناغم مع الله والتأمل عليه، بحيث عندما يأتي الموت في حينه نتمكن من النظر إليه كحلم ليس أكثر.




أستطيع أن أرى الطبيعة الحالمة للحياة والموت متى أردت.




لذلك فإنني لا أعلق أهمية كبيرة على هذا الجسد.




----------------------




 هناك فيزيولوجيا روحية تقوم عليها الجملة العصبية، تتيح للإنسان على نحو فريد بلوغ أسمى مراحل تطور الوعي.




فدماغ الإنسان الأكبر من أدمغة معظم الحيوانات باستثناء الحوت والفيل هو أكثر تعقيداً ويمتلك أكبر قدرة على التفكير. وهذا يجعل من الدماغ البشري أداة مناسبة للإنسان الذي يمتلك وعياً أكثر تطوراً من وعي باقي المخلوقات. وتلافيف الدماغ الدقيقة والمعقدة تتيح للإنسان أكبر قدر من التفكير الكبير والعميق.




ولذلك فالإنسان وحده قادر على بلوغ مستويات متقدمة من التمييز، وبالتالي معرفة خالقه. والحكيم هو من يوظف قدراته العقلية في خدمة ومنفعة البشرية على الصعيد المادي والعقلي والروحي.






----------------------






حلَّ الشتاء بردائه الأبيض الزنبقي البارد


وتناومت رغائبي لمباهج الصيف.


وقيل لي كي ألتمس دفءَ قلبك الحنون..


وإذ أطلَّ الربيعُ راقصاً، مزداناً بشتى الزهور..


مضمخاً بعطر الحقول والروابي.. قيل لي كي أحبك يا إلهي.


وأتى الصيفُ منشداً ألحانه الخضراء في الأوراق الغضة وحفيف الحور وهفيف الصنوبر،


فألحَّ عليّ كي أنشد لك..


وحتى التربة الطرية القلب داعبت قدميّ المتعجلتين


والتمستْ منهما الاقتراب من محرابك الكلي الوجود.


وقالَ لي الشذى الناعم كي أتتبع مساره..


إلى هيكلك القدسي في قلب الورود والرياحين المتمايلة.


والطيور قالت لي كي أغني لك مثلها..


والنسيم المتماوج فوق الغدران والسواقي


أوقظ فقاعات محبتي لك فراحت تمرح فوق صدرك الكبير.


ومع ألياف العشب المنحنية بهاماتها تعلمت كيف أنحني


وأسجد لك يا رب.


والبخور أيضاً حدثني عن روائع أريجك البديع


وكيف ينبغي أن أحتفظ بقلبي مليئا بعطرك القدسي أمام عرشك اللانهائي.


والأحجار الصغيرة الخرساء الصابرة قالت لي كي أبصرك حتى في الذين يحاولون سلبي سعادتي..


وطلبتْ مني السنون المنسية كي أرسل لأخوتي البشر رسالة محبة ووداد مغلفة في كل دقيقة وثانية..


وكل فكرة قالت لي كي أبحث عنك في قلبها..


وأوحى لي حبي كي أحب كل الموجودات بكَ..


وهمس حبي لي كي أحبك بما أوتيت من قوة يا إلهي.




----------------------




ذات مرة استلقيتُ على سرير من الأعشاب والزهور وحلمت أن كل ما في الوجود جميل وبهيج.


كان رأسي مستنداً إلى حشائش طويلة خضراء وكثيفة، تروّح لي بنسمات تحمل شذىً عذباً.


ثم استحثني دافعٌ لأن ألمس يدي وجسدي، فدهشت من عظمة صانعه. أجل، دهشت كيف أنني أنا المتيقن من حقيقة جسدي سوف أغادره يوماً ما كي يتوسد الثرى... هذا الجسد الذي سيصبح بارداً، شاحباً، عديم الحركة وقت الموت، في حين يبدو الآن نابضاً بالحياة ويأوي مئات الأحاسيس وملايين الأفكار ومليارات الخيالات والتصورات.


هذا الجسد هو المسرح الذي تدور عليه فصول الحياة حيث تتفتح براعم البسمات لتعْقبها فيما بعد حتمية الوفاة. هنا وسط اللحم والعظم والدم، وخلف قناع البشرة الجميل تقبع ذئاب الأمراض وسباع الرغبات..




وهنا أيضاً تحت اللحم يوجد معبر سري إلى مملكة النور. هذا الجسد سيذوى ويضمحل عندما يغادره سيده – النفس – دونما رجعة. ولمَ لا؟ فعندما يسأم السيدُ المستنير للمقر الجسدي العيشَ في كوخ المادة الموحل المتداعي، مقيداً بحبال الأعصاب التي تقتضي رعاية دائمة، يطيب له الإقامة في بيت آخر في ركن ما من أرض الله.. في بقعة أخرى من الوجود الكلي حيث يتضوع عبير الفرح في كل مكان ودون انقطاع.




النفس الخالدة تمثّل دور الحياة والموت بابتسامة دائمة ثم ترتحل إلى بيتها الأبدي.




هل يتحتم على المتفرجين المكوث للأبد في دار السينما بعد انتهاء العرض؟ قطعاً لا.. إذ يجب أن يعود الناس إلى بيوتهم. وبالمثل، تأتي النفوس إلى هنا للتمتع بالعرض السينمائي لهذه الحياة ثم ترحل وتعود ثانية. إنها تحب رؤية الأفلام والمسرحيات، وعندما تمل من مشاهدة العروض التي حلمت بها، وتتقن الدروس التي يريدها الله أن تتعلمها تعود مرة وإلى الأبد إلى مقر النعيم السرمدي.






عندما لا تكون القيم مؤسسة على الحق فهناك ثغرات يتسرب البؤس والمعاناة من خلالها. إن كانت القيم قائمة على الأنانية والصراع المميت والمنافسة الحادة فالنتائج ستكون ملوثة لأن البواعث تكون غير نظيفة، ولن يكون المال مباركاً في مثل هذه الحالة.




يجب أن يطهر الإنسان وعيه من الأنانية وأن لا يحاول الإغتناء على حساب الآخرين.  التنعم الحقيقي هو معنوي وليس مادياً، والمكسب الحقيقي في الحياة هو امتلاك كنوز الحكمة والمعرفة ومحبة الله.




يجب أن نحيا ببساطة ونعمل دوماً على مساعدة الآخرين وتحسين أوضاعهم قدر المستطاع.  لكن تلك الغاية الشريفة لا تنسجم مع الأثرة والجشع دون اعتبار للآخر.



الدنيويون غير متوازنين ولذلك لا يعتبرون ناجحين. العيش البسيط المتوازن هو فن رائع وهو علامة من علامات النجاح. من يجعل همه الأول والأخير تحصيل المال لا يلقى عند الله قبولاً.




صحيح أن الله غرس فينا الإحساس بالجوع علّنا نعمل ونعيل أجسادنا، لكن إعالة الجسد ليست غاية الحياة الوحيدة. الغاية هي أعظم بكثير من أي اعتبار مادي أو زمني مهما بدا رائعاً ومجيداً وباهراً.




----------------------






سأل أحد المريدين المعلمَ برمهنسا عن كيفية الإحساس بالحضور الإلهي فقال: "كل ليلة، وقبل الإستسلام للنوم، تأمل حتى تشعر أن وعيك قد اخترق عالم الأفكار ودخل بُعداً آخر. ومع ذلك فهذا ليس كل ما هنالك.. إذ بعد تحويل الفكر إلى الباطن يجب أن يتدفق الحنين وتندفع الأشواق كالطوفان نحو الله. عندما يسلّم المريد ذاته إلى الله تسليماً تاماً يحسّ فجأة بأنه لامس حضوره المبارك وتعرفَ عليه. وسيرى نوراً عظيماً في غاية السطوع، وقد يبصر الملائكة ونفوساً طيبة..  أو قد يشم عطراً سماوياً مثملاً، وسيعلم آنذاك أن الله قد استجاب له، وستنفتح بصيرته ويطلعه الله على خفايا الحياة. أو قد يغمره سلام عظيم أثناء التأمل. وإذا ما واصل التأمل وبث الله عظيم محبته سيحس بالفرح الإلهي الذي يفوق حد الوصف. وهنيئاً لمن يحظى بهذا الإختبار السعيد."




----------------------




الحب الإلهي يفتح باب السماء حيث يدخل المريد إلى حضرة الله.


إن سأل إنسانٌ الله الكريم الحكيم كي يعطيه خبز الحياة الأبدية فلن يعطيه حجر الجهل المادي. وإن طلب المتعبد طعام الحكمة فلن يقدّم الله له حية الخداع.  وإن سأل المتعبدُ الله الحصول على جوهر الغبطة الإلهية التي تطفئ كل ظمأ فلن يعطيه عقرب القلق والشقاء النفسي. إن عرف البشر المنخدعون كيف يعطوا أولادهم عطايا جيدة، فكم بالحري أن يعطي الرب – ينبوع كل خير ومسرّة – المعرفة الروحية والتنوير لمحبيه!


إن الله يجود بأسمى حكمة وأعظم معرفة على طالبيها، ويجود بذاته على المريد الجاد الذي لا يرضى عنه بديلا. من يبحث عن الله بمجامع قلبه وبكل همة هو أحكم الحكماء، وهو أعز الناس على الله. وعندما يتزايد حنين المتعبد يجلب لنفسه استجابة نادرة ومحببة من الله ويستمتع بنشوة الحب الفريدة التي يختبرها محبو الودود.




إن الشخص الحكيم الذي يلعب دوره في هذا الحلم الكوني بوعي روحي وشوق إلهي متعاظم هو قريب من الله عزيز عليه. فهو يمتلك المحبة النقية ويحب الله دون أي دوافع أنانية ودون أي شروط مسبقة، كأن يقول على سبيل المثال "يا رب سأتعبد لك شرط أن تمنحني الصحة والمال ورخاء العيش."




بين الحكيم والله محبة عميقة متبادلة لا حد لها ولا انتهاء. إن طلب أحدُهم الله طمعاً في غاية معينة فإن الله على دراية تامة بأن الإنسان مهتم بعطاياه أكثر من اهتمامه به.


ليس من الخطأ أن يصلي الإنسان من أجل تحقيق احتياجاته، لكن عندما يبتهل من أجل التعرف على الله ورؤية نور وجهه الكريم ينبغي ألا يرغب بأية مآرب شخصية من وراء ذلك وألا يكون فكره محصوراً بالهبات بل بالواهب نفسه. وعندما يتمكن المريد من القيام بذلك صدقاً فسيحصل تلقائياً على باقي الهبات الأخرى من ينبوع الجود وبحر الكرم.



طلب أحد المريدين من المعلم برمهنسا نصيحة حول كيفية التصرف حيال بعض المواقف والتعامل مع الآخرين، فقال:

اتبع الحق ولا تحد عنه، وتجنب التلفظ بما يجلب الأذى عليك وعلى الآخرين حتى وإن كان صحيحاً، ما دمت لا تبتعد بذلك عن روح الحق.  وفي نفس الوقت يجب عدم الإنتقال إلى النقيض الآخر واللجوء إلى الكذب تجنباً لقول حقائق مؤلمة.

كن صادقاً مع نفسك ومع الآخرين دون التطرق إلى ما هو غير ضروري. قل الحقائق المُرضية وتجنب قول ما يؤذي الناس ولا ينفع أحداً. لا تطلع الآخرين على كل أسرارك رغبة منك بالصدق والصراحة، لأنك إن أطلعتهم على مواطن ضعفك فسيحاولون إيذاءك أو السخرية منك عندما يطيب لهم ذلك، فلماذا تمنحهم سلاحاً قد يوجهونه ضدك؟ تكلم وتصرف بكيفية تجلب السعادة والسلام لك ولغيرك.




من الضروري تنمية التمييز الروحي لمعرفة الفرق بين الحق الذي يجلب الخير وبين سرد وقائع دون النظر إلى النتائج التي قد تفضي إليها، فالأمور بخواتيمها... ليس من المستحسن قول كل ما تعرفه، وليس من المستحسن أيضاً المراوغة والتكتم على أمور ينبغي أن يعرفها الآخرون من أجل صالحهم.


عند عدم امتلاك التمييز الكامل فمن الأفضل التحفظ في الكلام إلى أن تمتلك إدراكاً مباشراً للحقيقة ذات النتائج العادلة للجميع.

داوم التفكير بالله واطلب عونه وهدايته وستنفتح بصيرتك فترى الأمور بوضوح وستحسن عندها التمييز.



شحن خلايا الجسم بحيوية الشباب


القوة الكونية تنساب إلى الجسم على الدوام ودون توقف، لكن معظم الناس لا يشعرون بهذا الفيض الحيوي الغزير. أما الذين يحسّون به فتتوهج خلاياهم بالنشاط ويشعرون بتيار منعش يمدّهم بقوة متجددة.


الطبيعة بأسرها تنحني إجلالاً لرب الكون، وقوّته تنساب من خلال الإنسان. لكن المشكلة تكمن في عدم توطيد العلاقة بين الإنسان ومصدر كل القوى . إننا نحيا مباشرة بالقوة الإلهية ولا جدوى لكل القوى الأخرى بدون قوة الله المعيلة.


الغذاء والأوكسجين وأشعة الشمس.. هذه العناصر يمكنها تزويدنا بالصحة إلى حدٍ ما، لكننا نحتاج لمعرفة الطريقة التي بواسطتها يمكننا الحصول على الصحة التامة من المصدر اللانهائي، لأن المصادر المادية هي مجرد بطاريات صغيرة تفرَغ شحنتها، في حين أن المصدر اللانهائي هو مولّدٌ جبار لا تنضب قواه ويمد النفس بالنشاط والسعادة والقوة دون انقطاع. لهذا من الأهمية القصوى الإعتماد قدر الإمكان على المصدر اللانهائي.




يجب أن يتعلم الراغب الطريقة الصحيحة للإستفادة من ذلك المدد الحيوي من مصدره مباشرة، ويجب أن يدرك أن الفكر هو حقيقة، فكل المظاهر الطبيعية هي تجسيد للفكر الإلهي لأن الله فكّر بهذه الأرض قبل خلقها.




كثيرون يعتقدون أن الفكر هو من نتاج الجسد، لكن تكوين الجسد الفائق الدقة، والتنسيق الرائع بين أجزائه وأعضائه يشير بوضوح إلى أن الجسد هو من صنع عقل كوني فائق السمو.




الفكر هو العنصر الرئيسي الذي يتحكم بالجسم، ومن المهم جداً أن يتجنب الشخص الإيحاءات الفكرية للقصورات البشرية من مرض وضعف وهرم وإحباط ، وأن يؤكد لنفسه أن نشاطاً لا ينضب ينساب من خلاله وهذا النشاط موهوب بالذكاء وقادر على شحن خلايا الجسم بالعافية وحيوية الشباب.




الفكر هو الدماغ والمشاعر وإحساسات كل الخلايا الحية، وباستطاعته إبقاء الجسد إما ناشطاً يقظاً أو خاملاً متبلداً. الفكر هو الآمر الناهي، والخلايا الجسدية هي رعاياه التي تمتثل لأوامر ونواهي سيدها المطاع: الفكر.




إننا نبدي اهتماماً ملحوظاً بنوعية الغذاء الذي نتناوله يومياً، وبالمثل يجب أن نهتم بنوعية الغذاء الفكري والنفسي الذي نقدمه لعقولنا كل يوم.


العالِم الميتافيزيقي يقول أن الجسد ليس موجة كهرطيسية بل مويجة من الوعي سابحة في بحر الوعي الإلهي.


كل يوم يجب أن نعزز قوانا الجسدية وأن نضاعف قوانا العقلية ونتعرف على ذاتنا الحقة بالتأمل والتفكير السليم والعمل الإيجابي المثمر والمفيد للجسم والعقل والروح معاً.


إن من يظهر ضعف الآخرين ويسبب لهم الإحراج والحنق هو بعيد عن الحكمة والسداد. فمثلما ندين الآخرين يديننا القانون الروحي بنفس المقدار. يجب أن نمقت الخطيئة وليس الخاطئ لأنه أخ لنا في الروح بالرغم من ظلمة الجهل التي تغلفه وتخيّم عليه.  الغرض من الإدانة يجب أن يكون الشفاء لا التشفي والتجريح. يجب أن نعامل الأخ الخاطئ كما نرغب أن نـُعامَل لو كنا مكانه وفي وضعه.


{من ستر عيب أخيه في الدنيا ستر الله عيبه في الآخرة}


ويجب ألا نتوقع الكثير من الآخرين، ولا ننتظر نتائج حسنة على الدوام من أي إنسان حتى ولو كان يبذل أفضل ما بوسعه.  قد يسقط الشخص ويتعثر، لكنه سيظل آمناً ما دام يبذل قصارى جهده ليرتقي سلّم الفضيلة والصلاح من جديد.


كل يوم يجب أن نحاول رفع معنويات المريض جسدياً أو نفسياً أو روحياً في بيئتنا مثلما نساعد أنفسنا أو أفراد عائلاتنا.  ومن يحاول من اليوم العيش طبقاً للقوانين الإلهية – بدلاً من العيش الأناني القديم الذي يجلب العناء والشقاء – سيجد أنه مهما كان الدور الذي يلعبه في الحياة متواضعاً يبقى مع ذلك دوراً هاماً ما دام يقوم بواجبه على أكمل وجه بحسب توجيه مدير المسرحية الكونية وسيد أقدارنا جميعاً: الله عز وجل.



عندما نتفاعل مع الآخرين بإخلاص فعلي وبمحبة صادقة ومراعاة للمشاعر ، سنجلب إلينا أصدقاء طيبين دون أن يكون للمصالح الشخصية أو الحسابات الأنانية أدنى اعتبار، وإلا فلن نتمكن من التعرف على أصدقائنا الحقيقيين.


لا بد من التخلص من المراءاة والزيف، والتصرف على نحو لا يلحق الأذى المتعمد بالآخرين.  يجب عدم إغضاب الأصدقاء أو الإستخفاف بهم أو استعدائهم أو إعطائهم سبباً لأن ينمّوا مشاعر غير ودية نحونا. 


ويجب عدم إساءة معاملة الأصدقاء أو استغلالهم أو تقديم النصيحة لهم ما لم يطلبونها، وعندما يطلبونها يجب تقديمها بإخلاص ولطف، دون خوف من التبعات. الأصدقاء يساعدون بعضهم بالإنتقاد الأخوي البناء.

عقولنا 

مصارعة الظروف وخلق المناخ الملائم


تجارب الحياة الصعبة لا تأتي لكي تشل إرادتنا وتهزمنا، بل لتشحذ عزمنا وتعزز إيماننا بالله وثقتنا بأنفسنا. البعض يظن أن تلك التجارب والتحديات قوىً مدمرة لا تـُقهر.. فيستسلمون.  الموقف النفسي الصحيح كفيل بتنشيط القوى الباطنية للتعامل بفعالية مع الحياة وتجاربها.


إن لم يتصارع الشخص مع شخص أقوى منه فلن يصبح قوياً. وبالمثل عندما نواجه صعوباتنا بجرأة وبقوة نفسية نصبح أكثر قوة ومنعة.


عقولنا هي جزء لا يتجزأ من وعي الله الكلي. وتحت موجة وعينا يقبع محيط وعيه اللانهائي.


عندما تنسى الموجة أنها جزء من المحيط الأعظم تفصل ذاتها عن تلك القوة الأوقيانوسية. ونتيجة لذلك أصبحت عقول الناس واهنة بفعل القيود المادية ولم تعد قادرة على العمل المثمر والإنتاج الوفير.


عندما تنفض العقول عنها غبار الجهل وتقطع القيود المكبلة لقواها ستصبح أكثر قدرة على الإبداع والتفاعل بإيجابية مع الحياة.


وعندما تتمسك بفكرة معينة وتشحنها بإرادة قوية تتحول تلك الفكرة إلى قوة ديناميكية. وعندما يصبح الفكر ديناميكياً يتمكن – بعون الله – من خلق المناخ الملائم للنجاح طبقاً للخريطة غير المنظورة المرتسمة في الذهن.


يفشل الناس لأنهم يستسلمون لظروف الحياة القاسية دون مقاومتها بدلا من مقاومتها دون استسلام. لا بد من تمرين قوة الإرادة.. إذا عزمت فانطلق باسم الله وعلى بركته.


عندما ترغب بإنشاء عادة جيدة أو القضاء على عادة سيئة، ركّز على خلايا الدماع حيث تتموضع آليات العادات على اختلافها. لإنشاء عادة جيدة، أجلس أولاً بهدوء وتأمل ملتمساً العون الإلهي.


ركّز ذهنك على محور الإرادة في الجبهة ما بين الحاجبين وبعمق أكد لنفسك العادة التي تريد أن تغرسها في الدماغ. وعندما ترغب في القضاء على عادات سيئة، احصر أيضاً انتباهك في مركز الإرادة وأكد بعمق أن كل الأخاديد التي تعشش فيها تلك العادات يتم مسحها.


بالتركيز وقوة الإرادة يمكنك مسح حتى الأخاديد العميقة للعادات القديمة المستحكمة.


أكد لنفسك مراراً وتكراراً أن لديك من قوة الإرادة ما يكفي لاستئصال جذور العادات غير السليمة من منطقة الدماغ.   الوقت الأنسب لمثل هذا التأكيد هو الصباح الباكر عندما تكون الإرادة والإنتباه يقظين.


واصل التأكيد لنفسك بأنك متحرر من كل الإملاءات وستجد يوماً ما أنك - بعونه تعالى - قد تحررت بالفعل من العادة التي تريد التخلص منها.


مهما كان الشيء الذي تخشاه، ابعد فكرك عنه واتركه لله. عزز يقينك بالله وثق بأنه قادر على مساعدتك، واعلم أن قدراً كبيراً من المعاناة ناجم عن الهم والقلق.


لماذا يتعين عليك أن تتألم الآن والشيء الذي تخشاه لم يقع بعد؟ بما أن معظم اضطراباتنا تأتي عن طريق الخوف، فإن أقصينا الخوف من حياتنا سنشعر بالحرية وسيكون الشفاء فورياً.


كل ليلة وقبل النوم مباشرة أكد لنفسك أن الله معك وأنه يحميك ويرعاك. تصور نوره الواقي يحيط بك من كل جانب وستشعر بحمايته العجيبة.


في هذه المسرحية الكونية، يقوم البشر من كل الأجناس بتمثيل دراما الحياة على مسرح الزمن.  


يجب أن ندرك مغزى الحياة دون الإنهماك الزائد أو التحقق المفرط مع أدوارنا المؤقتة. إن إدراكنا للحياة كثيراً ما يشوبه التشويه والإنحراف لأننا ننظر بعيون الأنانية والأفق المحدود، ولو نظرنا بعين الروح لأبصرنا الأمور من منظور آخر تماماً.


عندما نفتح عين الحكمة نبصر نور الله الشامل، وفي ذلك النور نعاين طبيعتنا الروحية التي هي انعكاس لطبيعة الوعي الكلي الذي يتخلل كل جزيئات وأجزاء الكون. الحقائق الروحية تحيط بنا وتقرع على أبواب عيوننا المغمضة وتستحثنا كي نبصر النور بدل الظلمة ونعمل بوحي الحكمة وليس الجهل ونملأ قلوبنا بالمحبة لا بالكراهية ونتعاون على إحلال السلام وجلب الوفرة والأمن إلى عالمنا.


عندما نفعل ذلك سيتبدد الجهل وتنعدم الفوارق الوضعية وسنبصر الوحدة في التعداد ونصبح أكثر توافقاً من الإرادة الإلهية.


إن علاقتنا مع الله ليست علاقة باردة أو علاقة غير قائمة على الحب والدفء كالعلاقة بين رب العمل والأجير. نحن عياله واهتمامه بنا لا يتوقف، وهو يصغي لنا على الدوام.


 إننا جزء لا يتجزأ من كيانه وعلاقتنا به حية وحيوية.  لقد وهبنا ثروة لا تنضب من المحبة والفهم والبصيرة والإرادة الطيبة والقوة الروحية، لكن معظمنا بدد تلك الثروة على اللاشيء.


الله يريدنا أن نحيا بأمن وطمأنينة وتعاون ودي كما يليق بأفراد أسرة نبيلة متحابة، لكن الأطماع والحسابات الأنانية نبتت وترسخت في النفوس وفرقت ما بين الأهل.


الله يريدنا سادة لكننا اخترنا أن نكون عبيداً.  لقد ابتعد الإنسان كثيراً عن بيته السماوي وفقد الفردوس الباطني المتمثل في الإحساس بقربه من الله وقرب الله منه،  ولن يتمكن من استعادة ذلك الفردوس دون مجهود ذاتي.  لقد خلقنا الله على صورته ولكن غابت تلك الحقيقة عن أذهاننا.


لقد استسلمنا للوهم بأن قـَدرَنا هو العناء ومآلنا الفناء، ويجب أن نمزق حجاب الوهم بخنجر الحكمة لنرى الحقيقة الناصعة من خلف الحجاب.


من نحن وما هي طبيعتنا الحقة؟


البشر لديهم فوارق ظاهرية بيّنة، سواء من حيث تركيبتهم السيكولوجية أو العاطفية أو الأدوار التي يلعبونها في الحياة أو الأعمال والنشاطات التي يمارسونها أو الرغبات التي يحسّ بها كل منهم.


لكن تحت كل هذه الفوارق يكمن شيئان اثنان يريدهما بل ويحتاجهما كل إنسان دون استثناء.


أحدهما هو التحرر من كل صور التألم والعوز. أما الشيء الآخر فهو السعادة التامة والدائمة.. الرضاء الكلي حيث السلام والحب والحكمة والفرح.


في الحقيقة إن ما يسعى البشر لبلوغه هو الله، سواء استخدموا تلك التسمية أم لم يستخدموها. الحكماء يقولون إن الله هو جوهر الغبطة وروح السعادة. ولن يشعر الإنسان بالرضاء التام ما لم يستق مباشرة من الينبوع الكوني. وتلك نقطة محورية لفهم الحالة البشرية.


ولكن أين يبحث الناس عن ضالتهم المنشودة؟ يبحثون عنها في الأمور الدنيوية فقط: في الممتلكات والظروف الخارجية والعلاقات مع أشخاص آخرين. إنما مستحيل العثور عليها في أي شيء أو في أي شخص أو في أي ظرف في هذا العالم نظراً لطبيعة الخليقة نفسها.


الخليقة قائمة على مبدأ الثنائية. يستحيل الحصول على صورة بلون واحد فقط، إذ لا سبيل للإستغناء عن النقيض. وبالمثل، مستحيل أن يوجد مظهر واحد من مظاهر الوجود بمعزل عن الازدواجية. لكن لدى تمحيص الرغبات التي تحرّك الناس نجد أن كل منا يرغب فقط بالحصول على الأشياء الطيبة، الممتعة، الجميلة، والإيجابية دون أدنى رغبة في التعامل مع كل ما هو كريه وغير مستحب.. إنما ذلك من المستحيلات!


في هذا العالم الثنائي لا وجود للذة دون الألم، أو للنور دون الظلام، أو للخير دون الشر، أو للحياة دون الموت. لا يمكن فصل أحد وجهيّ العملة عن الوجه الآخر. وهذا يعني أن ما نتشوق إليه في أعمق أعماقنا لا يمكن الحصول عليه من هذا العالم.


هناك قول شرقي مأثور في هذا السياق هو: "تلك هي الحقيقة سواء عرفتها الآن أو بعد ألف عام."


والسؤال هو: هل مكتوب علينا مواصلة البحث في المكان الخطأ وبالتالي الشعور بالخيبة والإحباط نتيجة لذلك؟


الناس يبحثون.. أجل يبحثون بكل ما أوتوا من قوة لكنهم غير قادرين على العثور على ما يبحثون عنه مما يخلق في نفوسهم القنوط وفقدان الأمل. ولا يؤدي ذلك إلى القنوط وحسب بل إلى استياء كبير وغضب عارم، وبالتالي إلى أعمال عنف. هذا كله يحدث لأنهم لا يبحثون عن ضالتهم في المكان الصحيح، ونتيجة لذلك لا يعثرون على مُنية قلوبهم. الناس في عصرنا هذا لا يعرفون الكثير عن معنى الحياة وغايتها، ولذلك يعانون من الحيرة والإرباك.


الإنسان في طبيعته كائنٌ يبحث عن هدف. فإن لم يكن له من هدف في الحياة، وإن كان عقله وطاقاته وإرادته وعواطفه غير موجّهة في منحى إيجابي بنـّاء يتحول إلى اتجاهات مدمرة كتعاطي الكحول والمخدرات واللجوء إلى العنف وهلم جرّا.


الغاية الأسمى للحياة هي معرفة الله... ويتعين على الإنسان إحداث توافق بين أدواره ونشاطاته الخارجية عن طريق العمل الصحيح والنظرات السليمة والمواقف الإيجابية والتصريف النافع للعواطف.


هذان المظهران لطبيعتنا: المظهر الباطني أو الروحي والمظهر الخارجي ليسا في تناقض مع بعضهما فيما لو تم فهمهما على الوجه الصحيح. بل يدعم أحدهما الآخر ويساعداننا على تنمية وتطوير قدراتنا وإمكاناتنا مادياً ونفسياً وعاطفياً وروحياً.


الناس يعيشون في فراغ كبير دون حوافز فكرية أو منشطات نفسية.. يشعرون بالسأم لانعدام الغاية ولفقدان ما من شأنه أن يعطي لحياتهم قيمة ومعنى.


الشخص العادي قد يستطيع العمل والتصرف كما لو كان متكاملاً من الناحيتين النفسية والعقلية، ولكن هل هو سعيد؟ الغاية الرئيسية من الحياة هي معرفة من نحن وما هي طبيعتنا الحقة.


فإن أولينا الجانب الأعمق من الحياة الاهتمام الذي يستحقه لا بد أن نشعر بالسعادة لأن سعادة الإنسان مرتبطة بتواصله مع ذاته الروحية التي لا كيان ولا كينونة له بدونها.


ذات مرة كانت فقاعة صغيرة عائمة على سطح البحر متوجسة من العواصف والبروق فسمعت صوتاً يهمس لها: "أيا فقاعة الحياة الصغيرة، ما خطبك؟ ألا تعلمين أنكِ جزء من محيط الحياة؟"


فنظرت الفقاعة الصغيرة حولها وأدركت تلك الحقيقة. الوعي البشري يعوم كالفقاعة الصغيرة على سطح بحر الوعي الكوني ظاناً أنه فقاعة مؤقتة.. مرتعداً من المرض والفاقة والموت. 


أيا أيتها الفقاعة، أمن المحيط تخشين؟! انظري حولكِ.. تأملي جيداً وحوّلي نظرتك من محيطك الصغير إلى محيط الله اللامتناهي 

تعمقي.. تعمقي ووسّعي الإدراكْ كي تعلمي وتوقني بأنكِ واحدة مع بحره الفسيح وأن الله معكِ.. يحرسكِ.. يعيلكِ.. الآن .. وإلى الأبد.


استئصال جذور الفشل والمرض


الخوف من الفشل أو المرض يتم تغذيته بالتفكير الدائم به حتى تتسرب فكرة الفشل أو الفشل من العقل الواعي إلى العقل الباطن وصولاً إلى الوعي السامي.


بعد ذلك يبدأ الخوف المترسخ في اللاشعور والوعي السامي بالتفريخ والنمو حتى يملأ العقل الواعي بنباتات الخوف التي ليس من السهل القضاء عليها كالقضاء على الفكرة الأولية عند بزوغها.


وهذه النباتات الضارة تثمر أخيراً ثماراً سامة ومميتة...

إنما لحسن الحظ يمكن استئصال جذورها من الداخل بالتركيز القوي على الجرأة وبتطعيم الوعي بالإيمان المطلق بالله وبأنه قادر على مساعدة الراغبين في مساعدة أنفسهم وحمايتهم من الأذى.


تلافي الشِباك والأحابيل




كلما شعرت برغبة قوية في قلبك تلح عليك كي تحققها،استخدم التمييز واسأل نفسك: "هل هي رغبة طيبة لا بأس من تحقيقها أم رغبة سيئة يتعين عدم تكريمها بالتحقيق؟"


الرغبات المادية غير السليمة تشجع عاداتنا السيئة بإعطائنا آمالاً كاذبة وسعادة مزيفة. في مثل تلك الحالات  يتعين استدعاء قوى التمييز لإظهار الحقيقة.


العادات السيئة تقود في نهاية المطاف إلى التعاسة. وإذ يفتضح أمرها وتظهر على حقيقتها تصبح عاجزة عن اصطياد الإنسان بأحابيل المعاناة وشباك الشقاء.


لقد أنعم الله عليّ بالسعادة خلال هذه السنوات المديدة من عمري. وسواء رأى الناس ابتسامة الرضا على وجهي أم لا، فإن الفرح الإلهي يلازمني على الدوام ولا يفارقني أبدا..  ونهر الغبطة العظيم يجري باستمرار تحت رمال وعيي ويتفجر ينابيعَ مباركة تروي حدائق حياتي. 


لا تقلبات الحياة المفاجئة تقدر على تعكير صفو سلامي، ولا شبح الموت يمكن أن يسلبني تلك السعادة الروحية التي أحس بها.


كان من الصعب جعل تلك الحالة دائمة وغير قابلة للتغير، لكن ثمار الروح التي أتمتع بها الآن وأعمل على مقاسمتها الآخرين استحقت كل ذلك المجهود الذي بذلته من أجلها. 


إنني أفكر وأعمل مدفوعاً بالروح الإلهي.  لم يكن المال غايتي في الحياة بل خدمة إخوتي وأخواتي في الإنسانية. ولذلك فقد فتح الله لي الكثير من أبواب الخير لإعالتي وإتمام رسالتي.. وفي أية لحظة أحتاج إلى مساعدة يحققها الله لي على الفور.


أمنيتي الوحيدة هي خدمتكم، ولهذا الغرض أنا هنا.


إن قوة الله تعمل في حياتكم أيضاً. ستلمسون بأنفسكم هذه الحقيقة عندما يتعزز إيمانكم وتدركون أن الغنى لا يأتي من النجاح المادي بل من العلي القدير.


مع أن الحياة تبدو متقلبة غريبة الأطوار وغامضة تكتنفها الشكوك وتعج بكل أنواع المشاكل والإضطرابات لا زلنا مع ذلك في حماية الله الدائمة. يجب أن لا نضخم الأمور وألا نفقد رباطة جأشنا في مواجهة الأحداث لأننا إن سمحنا للهلع بالإستيلاء علينا فإننا نمنح بذلك أهمية للشر ونعمّق جذوره التي تنمو وتترعرع في تربة الرهبة والقلق. 


---------------------


يجب ألا نتوقع الحصول على السعادة والسلام الدائمين من اختبارات الحياة، بل يتعين علينا التماسهما والعثور عليهما في داخلنا. عندها، مهما كانت التجارب التي نمر بها سنتعامل معها بنفس الكيفية التي بها نشاهد اختبارات وتجارب شخص آخر في فيلم سينمائي، سواء كانت سارّة أو مؤلمة.




بإمكان الشخص تحويل كل تجاربه إلى اختبارات تعيسة مؤلمة إن هو سمح لفكره بذلك. فهو قد يمتلك الصحة الجيدة ومع ذلك لا يقدّر قيمتها. لكن إن أصابه مرض سيتواضع عندئذ ويقدّر نعمة العافية.  يجب أن نعترف بفضل الله ونشكره على نعمه التي يسبغها علينا دون أن ننتظر الظروف المعاكسة كي تجعلنا شاكرين وبالجميل معترفين.




الحياة يجب أن تكون مزيجاً من التأمل والعمل. عندما يفقد الإنسان توازنه النفسي يصبح عرضة لهجمات الهموم وأبخرة الأحزان ووخزات الألم. وإذا ما حاول خرق قوانين الصحة والبحبوحة والحكمة فإنه سيعاني لا محالة من المرض والفقر والجهل.


يجب أن نحتفظ بسرائرنا نقية ودوافعنا نظيفة وأن نتصرف بكيفية تجلب لنا السلام النفسي، وألا نسمح لظروف الحياة بتعكير صفونا وتدمير سعادتنا.


كما ينبغي أن نقوّي الفكر وأن نرفض حمل عبء الضعف العقلي والخلقي الموروث من سنين وأجيال. هذه الشوائب ينبغي حرقها في نيران التصميم الجديد والعمل المفيد. وبهذا التوجّه البنّاء يتمكن الراغب الجاد من بلوغ آفاق التحرر والحرية.



القوانين الأبدية للسعادة



إن الجائحات والنوازل والتغيّرات العنيفة التي تحدث في الطبيعة وتجلب معها الخراب والدمار والضرر الجماعي ليست "قـَدراً إلهياً". هذه الكوارث تنجم عن أفكار وأفعال الإنسان. فحيثما يختل ميزان العالم الإهتزازي للخير والشر بتراكم الأمواج والذبذبات الضارة المؤذية بفعل نوايا الإنسان السيئة وأفعاله الخاطئة تعم الفوضى ويحدث الدمار على نطاق واسع.

وسيستمر العالم في معاناته للحروب والنكبات والفواجع إلى أن يصحح البشر أفكارهم وتصرفاتهم الخاطئة. الحروب لا تحدث كقـَدَر سماوي ولكن بسبب الأنانية المادية الواسعة الإنتشار.  فلو تخلص الناس من الأنانية الفردية والصناعية والسياسية والروحية والقومية لأصبحت الحروب في خبر كان.

عندما تحتل الروح المادية وعي الإنسان وتسود تفكيره يَحدث انبعاثٌ لإشعاعاتٍ شفافة سالبة. والقوة التراكمية لتلك الذبذبات السالبة تلحق أشد الضرر بميزان الطبيعة الكهربائي حيث تحدث الزلازل والفيضانات وكوارث أخرى. الله ليس مسؤولاً عنها. فأفكار الإنسان يجب أن تـُضبط قبل أن يصبح التحكم بالطبيعة ممكناً.

قيل أن إبان الحِقبة الذهبية لأحد حكام الهند الأبرار لم تحدث أية حادثة ولا موت مبكر ولا نازلات طبيعية عكرت سلام مملكته وانسجامها التامين.

عندما يعيش أفراد الأسرة باستقامة أكبر سيشهد كل بيت مزيداً من الوئام والصحة والألفة. أما عندما يأخذ أعضاء الأسرة الواحد من الآخر بروح الأنانية القبيحة فإن البيت سيشحن تلقائيا بالتنابذ والتباغض. وهذا ينطبق على الشعوب أيضاً. فعندما يحيا البشر بأمانة واستقامة سيبصرون مملكة الله على الأرض.

الوقت قصير. إننا اليوم هنا وغدا نرتحل. البحث عن الله هو أسمى امتياز للإنسان. يجب أن ننتفع من الحرية التي وهبها لنا الله في هذه الحياة ونستثمرها خير استثمار كي نتأكد بالإختبار الشخصي من الحقائق الروحية الأزلية.

الخطيئة هي كل ما يسبب الألم والمعاناة للإنسان. والفضيلة هي ما يجعله سعيداً على الدوام. إن كان الشخص لا يمتلك انسجاماً روحياً في أفكاره وسلاماً في ذاته، فلن يقدر البيت الجديد أو السيارة الجديدة أو أي شيء جديد آخر على جلب السعادة والطمأنينة لروحه، بل سيلازمه جحيمه النفسي حتى بامتلاكه تلك الأشياء الجديدة وأكثر منها.

للسعادة الحقيقية القدرة على تحدي الأحداث والصمود أمام كل الاختبارات الخارجية. فعندما تقوى على تحمّل العذاب الممض والمحن القاسية بفعل تحامل الغير عليك ومحاولاتهم الشريرة لإيذائك والإيقاع بك، وتقابل مع ذلك تعدياتهم بالمحبة والتسامح..

وعندما تتمكن من الإحتفاظ بسلامك النفسي بالرغم من الوخزات الأليمة للظروف الخارجية، عندها ستتذوق طعم السعادة.

تقول الأسفار المقدسة أن الذي يتجاهل الوصايا الإلهية ويجري وراء أهوائه ورغباته الحمقاء لا يعثر على السعادة ولا يوفق في الوصول إلى غايته القصوى.  وتهيب بالباحث عن الحقيقة بأن تكون الكتب المقدسة المنارة والحَكم في تقرير ما ينبغي عمله وما يجدر تلافيه، وأن يتبصّر الأمور ويتصرف على هدي الحكمة.

إن ذوي القناعة الذاتية هم الذين يسلكون باستقامة.  السعادة تأتي فقط من التفكير النظيف والعمل المستقيم.  إن كنت سعيداً الآن ستكون سعيداً في المستقبل هنا وفي العالم الآخر.  يجب أن نختزن محصول الخير باستجماع ثمار الحكمة ما دامت شمس الفرص المتاحة مشرقة. وبعبارة أخرى يجب اغتنام الفرص قبل فوات الأوان.

(واغتنم الفرصة َ إن الفرصة ْ          تصيرُ إن لم تغتنمها غصة ْ)

لقد وضع الله لنا قوانينَ روحية تدعى وصايا. لكن هذه الوصايا يتم تجاوزها وخرقها في كل يوم وفي كل مكان. وما لم يفهم الناس معناها الروحي فسيتذمرون وينفرون منها دوماً. تلك الوصايا هي قوانين سلوك أزلية تؤيدها كل الأديان السماوية. لكن النصوص في معظم الأحيان لا تفسر الجانب السيكولوجي لهذه الوصايا والفوائد التي تقترن بتطبيقها.

الناس يتقبلونها في أماكن العبادة لكنهم لا يتصرفون بمقتضاها خارج تلك الأمكنة، مبررين ذلك بأن تلك الأحكام هي غير عملية أو منطقية ولا تناسب روح العصر. ومع ذلك فإن انتهاك تلك الوصايا هو السبب الرئيس لكل شقاء في العالم.  

ولكن ما هو نفع تلك الوصايا وأين تكمن فوائدها؟

الكتب المقدسة تنصح الإنسان بأن يتفكر في الله ويغمر عقله به ويسلم كل الأمور له وأن يعبده عبادة صادقة لا تخالطها مراءاة ولا يشوبها رياء.

معرفة الله يجب أن تكون غاية الحياة. الواجبات الدنيوية لا يمكن إنجازها دون الإستعانة بالقوى الممنوحة للإنسان من الله. فإنجاز الشخص لواجباته العادية مع نسيانه لله هو خطأ وخطيئة.

الخطيئة معناها الجهل: التصرف بكيفية معاكسة لخير الإنسان الأعظم. لماذا يشعر الناس بالحزن والندم؟ لأنهم لم يتصرفوا باستقامة.. لأن الله لم يكن الأول في قلوبهم.

يجب ألا يكون في حياة الإنسان أي شيء يؤلهه ويعتبره أهم من الله. إن اهتم المرء بالله اهتماماً صادقاً وقام بواجبه الروحي نحوه ستتحسن أوضاعه على كل صعيد وسيشعر بالأمن والطمأنينة بالرغم من كل الظروف المحيطة به.

حالما يشرع الإنسان بعبادة الممتلكات والمال والشهرة وأي شيء آخر ما عدا الله تكون التعاسة من نصيبه. الذين يحصرون جل اهتمامهم في تلك الأمور هم بالحقيقة يعبدونها ولذلك لا يقتربون من الله بل يبتعدون عنه. أما الذين يتفكرون في الله ويتأملون عليه ويناجونه في ضمائرهم فيقتربون منه ويشعرون بفرح باطني لتواصلهم الصامت معه.

الله وحده قادرٌ على تحقيق أحلام وآمال الإنسان في الحصول على سعادة دائمة. ولذلك يجب عدم السماح لأي شيء بأن يحتل مكان الله في القلب.

هناك رموز مقدسة قد تساعد المريد على تذكر الله والتقرب منه. ولكن إن راح الإنسان يعبد تلك الرموز فيصبح ضررها أكثر من نفعها. العبادة يجب عدم توجيهها إلا لله لأن لا شيء غيره يستحق العبادة.

مهما كانت طبيعة العبادات الطقسية فإنها مقبولة عند الرب ما دام المتعبد يؤديها بوعي روحي وشوق لله. لكن الكثير من الناس لا يدركون جوهر العبادة فيتحولون بأفكارهم وقلوبهم من الله إلى الطقوس فلا يستفيدون كثيراً من عبادتهم تلك.

المتعبدون الصادقون لا يسمحون لوعيهم بأن ينحصر في أية صورة أو شكل، لكنهم يركزون بأعمق محبة وانتباه تام على الروح الإلهي خلف كل الصور والأشكال.

الله مطلق لا نهائي ولا يمكن لأية صورة أو تمثال احتوائه.

يمكن القول أن الله يَظهرُ في كل من يحبَّه محبة خالصة ويتوافق معه لأنه حاضر في كل مكان ولذلك فهو حاضر في الجميع. لكن ليس لكل واحد القدرة على إظهار الحضور الإلهي. الشمس تسطع بنفس المقدار على قطعتي الفحم والألماس، لكن الألماسة تستقبل نور الشمس وتعكسه، بينما الفحمة لا تستطيع ذلك.

وبالمثل فإن كل الناس يعومون في نور الله ولكن قلة قليلة باستطاعتهم استقبال ذلك النور وإظهاره في أفكارهم وأعمالهم. ولكي يفعلوا ذلك يجب أن يطهروا أنفسهم بالتأمل وباتباع التعاليم والوصايا الإلهية.

عندما نتلفظ باسم الجلالة يجب أن نكون على دراية وجدانية وثيقة بما نقوله. لو استطعتَ أن تنفذ إلى أفكار الناس أثناء صلاتهم لوجدت أن معظمهم يفكرون بكل شيء آخر ما عدا الله، مع أنهم يتلفظون بإسمه! فصلاة من هذا النوع عقيمة وبلا قيمة.

عندما نصلي يجب أن نبذل قصارى جهدنا كي نحصر كل ذهننا في الله بدلا من ترديد إسمه المبارك وفي نفس الوقت نسمح لأفكارنا بأن تحوم حول أشياء أخرى. لقد كانت إحدى عماتي تردد صلواتها على السبحة وكانت السبحة نادراً ما تفارق يدها. لكنها اعترفت لي ذات يوم بأنها بالرغم من ممارسة عادة الصلاة تلك لأربعين سنة بطولها لم يستجب الله لصلواتها. لا عجب! فإن "صلواتها" لم تكن سوى عادة عصبية ليس إلا.

عندما نصلي يجب أن لا نفكر بأي شيء آخر سوى الله. ويجب أن نعمل ما بوسعنا لأن نكون صادقين في عبادتنا مخلصين في دعائنا. لا بأس من استخدام السبحات والتلفظ الدائم بإسم الله عندما تكون الممارسة نابعة من القلب ومدعومة بالإخلاص وتركيز الذهن. ولكن هذه الممارسة قد تصبح آلية مع الأيام.

  يجب أن نهمس إسم الله في قلوبنا على سبحة الشوق والحب الإلهي، وتلك هي العبادة الفعلية التي تلامس قلب الله. التلفظ باسم الله بشعور بارد وفكر شارد هو تجديف على المقدسات واستهتار بها. عندما يصلي المرء يجب أن يمتلئ قلبه وعقله بحب الله. إن التدرّب على تركيز العقل بالرياضة اليوغية العليا يساعد على التقرب من الله المصدر الأسمى ذي البهاء والسناء مثلما يساعد على التفكير بالله والتواصل معه.

الحاجة تمس إلى تخصيص يوم من أيام الأسبوع للخلوة الروحية (إن أمكن) قصد التفكير بالله والاستمتاع بالسكينة حيث السلام والراحة النفسية. إن وقتاً تصرفه على هذا النحو سيكون بلسماً شافياً للمتاعب والمضايقات التي تمر بها خلال باقي أيام الأسبوع.

كل واحد يحتاج إلى قضاء يوم واحد من كل أسبوع في الخلوة أو "المستشفى الروحي" كي يبرأ من جروحه وآلامه النفسية. عندما يصبح ذلك اليوم يومَ سلام وفرح ورضاء ستنتظره بشوق من أسبوع لآخر.

الخلوة هي ثمن العظمة.  وستندهش للنتائج الرائعة التي ستحصل لعقلك وجسمك ونفسك بفضل تلك الخلوة الروحية والتواصل مع روحك ومع الله. إن كنت تصبو للسعادة الحقيقية فيجب أن تغمر نفسك في بحر السلام الإلهي في الصباح الباكر عند الإستيقاظ، وأيضاً قبل النوم ليلا.

إن حكماء الهند ينصحون ليس بيوم واحد للخلوة وحسب، بل يؤكدون الحاجة للتأمل الهادئ خلال أربع فترات محددة في اليوم. عند الفجر، وقبل النهوض ورؤية أي إنسان، يجب الاستمتاع بالهدوء والإحساس بالسلام. وعند الظهيرة يجب تهدئة الفكر قبل تناول طعام الغداء، وكذلك الاستمتاع بقسط آخر من السلام قبل تناول وجبة العشاء، وقبل الذهاب للفراش ليلا يجب الدخول في حالة السلام ثانية.

الذين يراعون الصمت بدقة أثناء الخلوة وخلال هذه الفترات اليومية الأربع لا بد وأن يشعروا بتناغم مع الله. ومن لا يستطيع مراعاة كل هذه الفترات فيجب أن يكرّس فترتيّ الصباح والليل على الأقل. وبفعل ذلك ستتبدل حياته نحو الأفضل وسيشعر بالسعادة، والتجربة خير برهان.

إن بقيتَ تكتب شيكات وتوقع عليها دون إيداع ما يكفي من رصيد لتغطية حسابك المصرفي فسينفد ما لديك من مال. وهذا ينطبق أيضاً على حياتك. فبدون الودائع المنتظمة من السلام في حساب حياتك ستـُصرف قدرتك وتنفد سكينتك وتتبخر سعادتك. وباختصار ستعاني في النهاية من الإفلاس العاطفي والعقلي والجسدي والروحي. لكن التأمل اليومي العميق على الله سيعوّض النقص في حسابك النفسي.

المريد الراغب يتأمل كل يوم ويناجي الله بكل ما في قلبه من حب وحنين متودداً إليه كي يظهر ذاته له. إن كنت من عشاق الله وتتشوق لملامسة حضوره فيجب أن تغمر عقلك وجسمك بسلامه وستبتسم لك الحياة وتتحسن أمورك من نواح عديدة. الشخص الهادئ نادراً ما يرتكب خطأً، وينجح حيث يفشل الآلاف غيره.

الذين لا يفكرون بالله ولا يهتمون به يصابون بالكآبة والنكد. يصبحون عصبيين ويتحولون إلى آلات متحركة.

إن شمس الحكمة والسلام ستشرق في سماء السكون وستغمر كيانك بأشعتها الشافية ما دمت تبذل مجهوداً روحياً وتمنح المقام الأول لله في قلبك.

يوم التأمل يجب أن يكون أيضاً يوم راحة نفسية وجسدية وتنمية السلام المقدس. وكل نشاط يثمر حكمة وسلاماً هو نشاط مبارك في ذلك اليوم.

أما بخصوص إكرام الوالدين فالكتب السماوية أوصت بهما خيراً: "أكرم أباك وأمك" "وبالوالدين إحسانا".

الأب والأم البشريان ينبغي تكريمهما كنائبين لله الذي زودهما بموهبته لخلق الإنسان. الأم هي محبة الله النقية المجسّدة لأن الأم المُحبة تصفح حيث لا يسامح أحد.

والأب هو مظهر الحكمة لله والحماية لعياله.

يجب أن لا يحب الإنسان أباه وأمه بمعزل عن الله، بل كمظهر لحبه ذي الحماية والحكمة. إن الروح الإلهي الفائق يصبح الأب والأم كي يساعد الطفل، لذلك يجب إكرامه في الوالدين.

كما توصينا الكتب المقدسة بعدم القتل رغبة في القتل، لأن المرء يصبح عندئذ قاتلاً. يجب أن لا يسلب الإنسان حياة إنسان آخر في لحظة انفعال عاطفي عنيف. ولكن إن تعرّض أحباؤه للخطر  فيجب أن يقاتل من أجل حماية الذين منحهم الله له، إذ للإنسان واجب مقدس للدفاع عن أسرته وبلاده.

وبخصوص التحذير من الزنا، فالغرض المثالي من الإتحاد الجنسي يجب أن يكون إنجاب أطفال مخلوقين على صورة الله، والإعراب عن الحب النقي الذي يشعر به شريكا الزواج اللذان يبصران الله في أحدهما الآخر. أما الذين يعيشون على المستوى الجسدي وحسب، دون أي اعتبار للحب الحقيقي أو الهدف السامي الذي من أجله خلق الشعور الجنسي فيرتكبون الزنا بحسب هذه الوصية. ففي هذه الحال لا يفترق الإنسان عن الحيوان الذي يقضي شهوته الجنسية ويمضي في حال سبيله.

لقد خلق الله هذا الدافع الخلاق في الرجل والمرأة للإنسال والتعبير عن الحب الحقيقي المتبادل في الحياة الزوجية ولا ينبغي إساءة استعماله بخلاف ذلك بل تحويله إلى نشاط ومعرفة مقدسة.

إن استطعت التحكم بالقوة الجنسية وتوزيعها في كيانك ستتمكن من تنمية قدرات عقلية عظيمة للكتابة والرسم أو للإفصاح عن مواهب كامنة في طرق أخرى لا تحصى.

وإذ تتمكن في نهاية المطاف من ضبط النشاط الخلاق وتحويله روحياً ستشعر بسلام عظيم وحب كبير وغبطة روحية متزايدة.

فالقديسون والأقطاب الروحيون الذين حولوا نشاطهم الجنسي تحويلا روحيا هم جبابرة قادرون على القيام بإنجازات مدهشة ومذهلة في العالم وفي البحث الباطني عن الحق.

وهكذا فإن أسمى استخدام للدافع الجنسي هو تصعيد قوّته أي تحويل طاقته إلى هدف أسمى من أجل إظهار الحكمة والأفكار السامية والمثل الروحية. يجب أن لا يتلذذ الإنسان بالأفكار الجنسية أو يشتهي جنسياً ما هو محرّم عليه. وعندما يحرز هذا النوع من ضبط النفس سينظر نظرة سليمة إلى الجماع وغرضه السامي.

إن الإستعباد للأمور الجنسية يعني فقدان الصحة وضبط النفس والسلام الفكري، وباختصار كل مقومات السعادة التي يحتاج لها الإنسان.

كما تهيب بنا الكتب المقدسة بألا نسرق. فلو كانت هناك جماعة مؤلفة من ألف شخص وكل واحد راح يسرق من الآخر لكان لكل واحد 999 عدواً. لهذا يجب أن لا يتعدى الشخص على حقوق غيره وأن لا ينتزع منهم أرضهم أو سلامهم أو محبتهم أو كرامتهم أو أياً من ممتلكاتهم المادية والمعنوية.  إن لم تشعر بالرغبة في أخذ ما ليس لك فالذي تحتاجه أو ترغب فيه سيأتيك. السرقة تتولد أولاً في الفكر عندما يبدأ الشخص بحسد الآخرين. يجب نزع بذور المشتهيات الخبيثة من الفكر.  الإيثار الروحي هو الطريق.. عندها سيجتذب الشخص البحبوحة تلقائياً وتتوارد عليه الخيرات من حيث يدري ولا يدري. إنه قانون إلهي لا يخطئ. أما السارقون والأنانيون فيلهثون طوال عمرهم وراء المادة وعيونهم دوماً على ما بحوزة الآخرين، حتى ولو كانت خزائنهم ملأى بالذهب.

وما لم يتم التخلي عن الأنانية المادية لا يمكن أن يعرف العالم السعادة.

تأتي السعادة فقط بالتعاون الروحي. عندما يحس الشخص باحتياجات الغير كما لو كانت احتياجاته الخاصة ويعمل من أجل الآخرين كما يعمل من أجل نفسه.

وهناك وصية أخرى هامة وهي عدم الشهادة بالزور. فإلحاق الضرر بأي إنسان من قبيل تشويه الحقيقة هو أسلوب آخر لتمزيق السعادة الإجتماعية.  إن كان الإنسان يرغب في أن يُعامَل معاملة حسنة فينبغي أن يعامِل الآخرين بنفس الكيفية. يجب قول الحق دائماً إنما يجب التمييز بين قول الحقيقة وإدراج الوقائع. فالإشارة إلى شخص ما بأنه أعرج أو أعمى هي إشارة مؤلمة ولا خير فيها، إذ ينبغي مراعاة مشاعر الآخرين ومحاولة عدم إحراجهم. كما أن الإخبار بحقيقة من شأنها خيانة شخص آخر دونما غاية شريفة هو خطأ أيضاً. من ناحية أخرى يجب أن لا يكذب الشخص تجنباً لقول الصدق، بل بإمكانه أن يلتزم الصمت حيال بعض المواقف لئلا يحرج الآخرين أو يلحق الأذى بهم.

ويجب أن يحترس الشخص من الحسد الذي هو مرض أكال ينهش سلام الروح نهشاً. كلما اشتهى المرء ما للآخرين كلما زادت تعاسته وتضاعف شقاؤه. الحاسد يمضي حياته منغصاً لا يعرف لراحة البال طعماً. الأحرى به أن يحترم نفسه ويعتمد عليها وأن يطلب الثراء الروحي داخل نفسه.

كرامة المرء وقيمته الذاتية هي أعظم بكثير من أي شيء يتوق إليه ويرغب في الحصول عليه. إن الله ظاهر في كل إنسان بكيفية غير ظاهرة في أي كائن بشري آخر. فوجهه ليس كوجه أي إنسان آخر، ونفسه ليست كنفس أي إنسان آخر.. لأنه داخل نفسه يكمن أعظم كنوز الكون على الإطلاق.. وذلك الكنز الأعظم هو الله.


لسنا مكبلين بالماضي


عندما يمتلك الإنسان الإيمان الصحيح ويعمل بموجبه يكون أكثر سعادة من أولئك الذين يعوزهم الإيمان ولا يقومون بأداء الواجبات المترتبة عليهم في معركة الحياة.


فالإيمان السليم والعمل الصحيح (المدعوم بالدوافع النبيلة والنوايا الطيبة) موجودان دائماً وأبداً حيثما وجدت السعادة ومفقودان بفقدانها. من هنا يمكننا الإستنتاج أنهما شرطان أساسيان للسعادة التي لا يمكن تحصيلها بدونهما. فليس على الراغبين في امتلاك السعادة إلا امتلاك هذين العنصرين الأساسيين اللذين هما ركنا السعادة ودعامتاها.


لا يستطيع الإنسان أن يتحكم – على هواه – بمكونات الكون اللامتناهية، أو تعديلها أو محوها.. فتلك المكونات ترتبط خيوطها الدقيقة ارتباطاً وثيقاً بنسيج حياته ولا يمكن له العمل بمعزل عنها. لكن باستطاعته أن يتحكم بعقله بحيث يتأقلم معها 

فلا تلحق به الأذى.


أسلافنا كانوا أكثر سعادة منا ليس لأنهم امتلكوا من الأشياء والمتع الدنيوية أكثر مما نمتلكه الآن، أو لأنهم كانوا أقل عرضة لمشاكل الحياة، بل لأنهم امتلكوا التوازن النفسي الذي منحهم الراحة والسلام والقناعة وباختصار.. السعادة.


لم يعتمدوا على ظروف خارجية لإسعادهم، ولم يستسلموا لظروف خارجية من شأنها أن تفقدهم سعادتهم. فشعورهم بالراحة والسلام والسعادة والرضى كان شعوراً اعتيادياً، طبيعياً، صحياً ومستداماً. ونحن أيضاً ينبغي أن ننمي ذلك الشعور فيما إذا رغبنا بامتلاك السعادة. ومن منا لا يرغب بامتلاكها؟


القدَر هو نتيجة ممارسة سابقة للإرادة الحرة أو حرية الإختيار. فبممارساتنا الماضية لحرية الإرادة جلبنا ونجلب على أنفسنا القضاء والقدر. لكننا لسنا مكبلين بالماضي ولسنا مقيدين بنتائج أعمالنا إلى الأبد، إذ بإمكاننا أن نقتلع ما زرعناه ونمحو ما كتبناه إن نحن رغبنا بذلك وعملنا جاهدين على تصحيح المسار وتحسين نوعية الثمار.


فإن قضينا على بذور الأفعال ذات النتائج المؤلمة وغرسنا بدلاً منها بذورا أكثر ملاءمة لطبيعة النفس فلا بد أن نجني ثمار السعادة من تلك البذور الصالحة المستنبتة في تربة النفس. لا بد لنا من ممارسة الإرادة الحرة الآن، الآن وليس غدا، إن نحن رغبنا بتحصيل مقدار أكبر من السعادة أو بتقليل المعاناة والألم.


وعليه فإن شروط السعادة كامنة في ذات الإنسان وما عليه إلا أن يتعامل بجدية مع تلك المعادلة التي لا تخطئ وستكون النتائج لصالحه إن هو أحسن التقدير والتعامل.


يجب عدم التفكير بالخسارة والفشل.. بل تجديد المحاولة المَرة تلو الأخرى مهما كانت المحاولات الفاشلة كثيرة ومريرة. كل مجهود جديد بعد الفشل يجب أن يكون سليم التخطيط ومشحوناً بالنشاط الفكري. كما ينبغي الموازنة ما بين الطموحات المادية والأشواق الروحية، دون السماح لأحدها بأن يطغى على الآخر.


ما من إنسان روحاني بحيث يمكنه الاستغناء عن النجاح المادي. وما من إنسان مشاغله المادية متراكمة لدرجة تصده عن التفكير بالله وتخصيص الوقت اللازم للتأمل والخدمة والواجبات الروحية.


الفاشل المزمن لم يتعلم بعد دروس الحياة.. والروحاني الأناني يعاقب نفسه بفقدان التوازن العقلي بسبب تجاهله للحياة المادية.


إن كرّس الشخص كل أعماله ونشاطاته لخدمة الآخرين وأنجزها بنفسية رضية فإنها بالفعل تستحق الإعتبار ويستحق عليها الشكر.


يجب أن لا نكون وحيدي الجانب.. بل ينبغي موازنة فعالياتنا وإعطاء أعمالنا وواجباتنا الأولوية، بحسب أهمية كل منها..


الواجب هو ذلك العمل الذي يقوم به الإنسان بفرح وليس بدافع الكسب المادي.


الواجب الروحي والخلقي يجب أن يأتيا في المقام الأول في الحياة.


لدى كل إنسان قدرات كامنة لم يستثمرها بعد. ولديه كل القوى التي يحتاج إليها. العقل بحد ذاته هو قوة عظمى.. ويجب تحريره من العادات والمفاهيم المقيدة البالية.


إن تأثير الكواكب والنجوم على حياة البشر ناجم عن القوى المتداخلة من جذب ودفع بين الكواكب وأجسام البشر.


الأفكار الشريرة تقود صاحبها إلى بيئة شريرة كي يعبّر عن ذاته حسبما يشتهي ويريد. لكن الإنسان يمكنه تغيير فكره ووعيه بقوة الإرادة، ويمكنه بالتالي تغيير بيئته. أما إن بقي الشخص في بيئة شريرة لفترة طويلة فإن تلك البيئة تبدأ بالتأثير عليه بصورة لاشعورية.


ومع مرور الأيام يخسر بالمرة حريته في اختيار بيئة سليمة وصحية ويصبح رهن المؤثرات السلبية للبيئة السيئة.


أما صاحب الإرادة القوية فيتوافق مع الله.


طاقة العقل المركزة

عندما تقوم بتركيز أشعة الشمس


من خلال عدسة مكبّرة على نقطة صغيرة


فإنها تنتج حرارة


وتلك الحرارة يمكنها إشعال الخشب


والقماش والورق وغيرها


وبالمثل، عندما تركز العقل تركيزاً دقيقاً


يمكن لطاقته المركزة


أن تحرق شرور وشروش الشك علة كل فشل


وتجعل نور الحكمة يسطع بوهج وتألق


عندما يتناغم الفكر مع الله


منبع كل الخيرات ومصدر كل القوى المباركة


يصبح على دراية بالحضور الإلهي


ويمتلك كل مقومات النجاح


تلك المقومات هي وثيقة الصلة بقوة الله الجبارة


القادرة على خلق أسباب جديدة للنجاح في أي مضمار


كلل الله المساعي الحميدة والجهود الخيرة بالنجاح


المتاعب والمضايقات تحدث بسبب عدم دراية الإنسان بأعماله الماضية التي قام بها في مكان ما وفي زمن ما. فمعاناته الحالية ناجمة عن أفكار وأفعال صدرت عنه فتجسّدت بذوراً تغلغلت في تربة الوعي فأنبتت نبتاً وأخرجت ثمراً له نفس مواصفات الأفكار التي أطلقها والأفعال التي قام بها.

المحن والبلايا لا تأتي لتحطم الإنسان وتشلّ إرادته، بل لتجعله يقدّر الله حق قدره ويحترم قوانينه التي من خلالها يمكنه الحصول على السعادة الحقيقية.

الله لا يرسل تلك التجارب القاسية لأنها من صنع الإنسان في المقام الأول. وما على الإنسان إلا إيقاظ وعيه من سبات الغفلة وابتعاثه من ظلمة الجهل إلى نور المعرفة.

في معظم الأحيان تعدنا الحواس بقليل من المسرات الوقتية الزائلة لكنها تمنحنا في النهاية آلاماً ومعاناة طويلة. أما الفضيلة والسعادة الحقة فلا تعِدانا الكثير، لكن في النهاية تمنحانا فرحاً نقياً ودائماً. لهذا السبب أعتبر السعادة الباطنية الدائمة فرحاً والملذات الحسية المؤقتة متعاً.



عندما تنظر للشمس على بعد ملايين الأميال في الفضاء، فإن ذلك النجم الهائل يبدو أصغر بكثير من أرضنا


ومع ذلك فإن قطر الأرض هو 7900 ميلا على وجه التقريب، وقطر الشمس يفوق قطر الأرض بمائة مرة أو أكثر. فلو تمكنت من وضع كوكبنا الأرضي بمحاذاة الشمس لظهرت الأرض كنقطة صغيرة مقارنة بالشمس


ولنفرض أن المجال الشمسي الجبار آخذ في التمدد والاتساع حتى تبتلع كتلته العملاقة السماء الزرقاء برمتها، فالسماء التي نراها هي ليست سوى جزء صغير بل ذرة دقيقة من الفضاء الذي يتخلل الكون اللا متناهي


ولو واصلتْ الشمس اتساعها وتمددها في الفضاء إلى ما لا انتهاء، لما تمكنت مع ذلك من الإحاطة باللانهاية


إن الوهم الكوني للصغر والتناهي يحد ويصد العقل عن إدراك ذلك الاتساع الكوني


ومن أين أتى هذا الفراغ المطلق، وأين هي حدوده؟


إن الذي لا يخضع للأبعاد والمقاييس ولا حد له ولا منشأ هو الله الكلي الحضور والموجود في أقصى أقاصي الفضاء



إنه في النجوم البعيدة النائية

مثلما هو موجود في داخلك وداخلي

وهو على دراية واعية بكل حيّز يشغله

مهما كان صغيرا أو كبيرا



من كتاب غاية الإنسان القصوى

للمعلم برمهنسا يوغانندا


ابتهالات


يا رب

خذ بيدي من الديجور إلى النور


أيها السكون الكوني


أسمع صوتك في خرير الجداول وشَدْو البلابل


في نحيب الرياح وهدير الموج ودويِّ الاهتزازات


أيها الرب المحبوب


لا بالكلام أعبدك، بل بحنين القلب الملتهب شوقاً إليك 


دعني أبصر امتدادك الواسع

وجودك الدائم خلف كل الأشياء


علَّني أدرك أنني جزء من كيانك الذي لا يتغير طوال الأبد


أيها الأوقيانوس الزاخر


ليت أنهار رغائبي المتعرجة وسط صحاري العوائق والعقبات


تمازج أخيراً خضمك الأعظم


ساعدني كي أصغي لصوتك يا رب

الصوت الكوني الذي عنه انبثق اهتزاز الكون

دعني أدرك حضورك من خلال الصوت المبارك (أوم – آمين) اللحن


الأقدس لكل الأصوات المباركة

وسِّع وعيي كلما أصغيت لسيمفونية الوجود

دعني أشعر أنني المحيط الكوني


ومُويجة الجسد المتراقصة على صدره


ليتردد الصوت الأقدس في كياني


موسّعاً وعيي من الجسد إلى الكون


علني أشعر بالغبطة الدائمة الشاملة


متفجِّرة من بحر النور الزاخر

أيتها القدرة اللانهائية

أيتها الحكمة السرمديَّة

اشحني ذاتي باهتزازك الروحي

يا صوت الكلمة الكونية المباركة


سدِّد خطاي

لازمني

خذ بيدي من الديجور إلى النور



كلما فكرتُ بك يا رب يتولد في كياني فيضٌ من الشوق المتأجج، فيهز مشاعري ويسري من قلبي إلى كل خلايا جسمي فيشحنها بالحب الإلهي.

أقصى أمنياتي هي بلوغ قـُدس أقداس كيانك والتلذذ بحضورك.

وفجأة ينفتح باب الروح، فتغمرني غبطة عارمة لمرأى نورك الوهّاج!




الماضي مجهول لمعظم البشر باستثناء قلة قليلة من المستنيرين. ومع ذلك فإن جهلنا بالماضي هو أيضاً لصالحنا. فلو عرفنا كل ما فعلناه في هذه الحياة وفي حيوات سابقة لهذا التجسد لصُعقنا للتراكمات الهائلة ولأصبنا بالذهول ، بل ولربما أصيبت إرادتنا بالشلل التام من هول المفاجأة فنعجز عن مواصلة السعي ونقع فريسة الإحباط


وحتى في هذه الحياة الدنيا فإن النسيان نعمة من نعم الله، فلا تطغى على فكرنا وشعورنا تذكارات الماضي، لا سيما المُرة والأليمة منها


لكن لحسن الحظ فإن الشرارة الإلهية بنا دائمة التألق بالأمل وبالرغبة في مواصلة مسيرة الحياة التي لا تتوقف. ويجب أن نشكر الله على هاتين النعمتين: نسيان الماضي والأمل بالمستقبل


يجب أن لا نستنتج أن القدر يضع عوائقَ أمام حرية الإرادة، ومع ذلك علينا أن نبذل قصارى جهدنا لمقاومة المؤثرات السلبية التي يعزوها معظم الناس إلى القضاء والقدر، وممارسة حرية الإختيار بحسب قناعاتنا الباطنية شرط أن تكون تلك القناعات قائمة على الإيمان الصحيح ومرتكزة على القوانين الإلهية التي لا يمكن للإنسان أن يتذوق طعم السعادة الحقيقة دون مراعاتها والعمل بموجبها


عندما نشرع في عمل ما ينبغي أن لا نرهب الظروف المعاكسة، بل يجب أن نكون متفائلين إلى أقصى حدود التفاؤل، مع إيمان مطلق بأن لا شيء يمكن أن يقف عائقاً في سبيل تمرين الإرادة وممارسة حرية الإختيار


إن لم ننجح في تحقيق مبتغانا فلا بأس من الإعتراف الضمني أن هناك أموراً معاكسة من صنع أيدينا حالت دون بلوغ الهدف، ولا بد من المثابرة ومضاعفة المجهود لبلوغ المقصود. كما يجب أن نؤكد لأنفسنا أنه مهما كانت العوائق والعقبات قوية وعاتية لا زلنا نملك ما يكفي من القوة لإزاحة تلك العوائق والتغلب على تلك العقبات

وحتى إن أخفقنا بالرغم من كل المحاولات، فلا داع للقنوط والإحباط ما دمنا ندرك أن إرادة الإنسان أقوى من قدره الذي هو من صنع يديه، ولذلك يجب أن لا يكف عن المحاولة مهما فشل في مسعاه لأن هناك أبواباً مفتوحة دائماً وأبدا وما علينا إلا أن نواصل السعي ونكرر المحاولة حتى يكتب لنا النجاح. فالله يمدنا بالعون ما دمنا نتوكل عليه ونبذل المجهود. فمن سار على الدرب وصل، وما خاب من على الله اتكل


عندما يرغب الشخص بشيء ما


وتكون رغبته لذلك الشيء قوية وملحّة


فإن تلك الرغبة لا تفارق وعيه


أينما ذهب وحيثما توجه


ومهما كانت شواغله ومشاغله


وبعملها الدائم الحثيث


تمتلك تلك الرغبة عزماً وطاقة هائلين


هذا الهمس الفكري هو أقوى وأكثر فعالية


من الابتهال الآلي


الذي لا يتعدى تحريك الشفتين

 

وهكذا يفعل محبو الله

 

فهم يهمسون حبهم لله دون انقطاع


وهمساتهم قلبية غير مسموعة


خلال كل نشاطاتهم اليومية


هذا الهمس الوجداني لا يشغلهم


ولا يتعارض مع واجباتهم الأخرى


وإذ تتعاظم رغبتهم في الله


يقوى حبهم له ويزداد عمقاً


فيلامسون حضوره


ويبصرون بعين الروح نوره


فيتذوقون غبطة عارمة


ويشعرون بسلام يفوق حد الوصف





إن الله يرسل لنا الدروس


التي نحتاجها في الحياة


كي نستفيد منها


ونكتسب فهماً وخبرة


من يتهرب من تلك الدروس


سيضطر لأن يتعلمها


مهما طال الزمن


كل اختبار هو صديق


إن تعلمنا منه


وهو طاغية مستبد


إن فرطنا في الفرصة المتاحة


وأسأنا استخدامها


بالتذمر والإستياء وسوء التقدير


عندما نمتلك الفهم السليم


والموقف الصحيح تجاه الحياة


فإنها تصبح جميلة


وخالية من التعقيد


-------------


حالات نفسية


لا يستطيع الشخص أن يظل طوال الوقت


محمولاً على موج البهجة


أو مغموراً تحت مياه الحزن المضطربة


أو غارقاً في لجج الضجر.



ففي هذا العالم الذي يتميز بالثنائيات المتصارعة،


يخضع الشخص العادي للتقلبات صعوداً وهبوطاً..


يرتفع على موج الفرح ويغوص إلى أغوار اللامبالاة


وتشقلبه أمواج عاتية من الحزن..


ونادراً ما يعرف حالة أخرى من حالات الوعي.



السماح للظروف بأن تتقاذف الفكر على هذا النحو


يعني استسلام الإرادة لقدَر نزوي متقلب الأطوار.



ما يحتاجه الإنسان كي يحيا حياة ناجحة ومُرضية


هو امتلاك الإتزان العقلي


وهذا يمكن تحقيقه فقط بتركيز الذهن


والسيطرة على الملكات النفسية.



حتى أشد الأحزان يشفيها الزمن


فلا فائدة من استحضار الحزن


في كل يوم من أيام حياتنا.



إن الحزن المستدام على عزيز مفارق


لا يساعده ولا يساعدنا


ولا يغير من الواقع شيئاً.



كما أن تنمية عقدة النقص أو معاقبة الذات


على أخطاء أو إخفاقات ماضية لا يجدي نفعاً


بل يجعل الحياة تعيسة بائسة


ويشل القدرات العقلية.


يجب أن لا نسمح لأنفسنا بالسقوط


في حفر الروتين الممل


لأن تلك حالة نفسية أبعد ما تكون عن الراحة


كونها تقلق الفكر


وتحرق القدرات الكامنة


في أتون اللامبالاة.



إن كانت هناك عادة سيئة تضايق الإنسان وتقض مضجعه فللتخلص منها يمكنه تجنّب كل ما من شأنه أن يوقظها أو ينبهها، دون التركيز عليها بغية قمعها. تلك هي الطريقة غير المباشرة لمكافحتها.  ولكن هناك أيضاً طريقة إيجابية مباشرة تكمن في  توجيه الفكر نحو عادة طيبة والعمل على تنميتها حتى تصبح جزءاً من حياته يمكنه الركون إليه والإعتماد عليه.


ذوو الخلق القويم هم عادة أسعد الناس. فهم لا يدينون أحداً على مضايقات ومشاكل تحصل لهم، بل يعزونها إلى أنفسِهم ويعتبرون أنهم هم المسؤولون عنها شخصياً.


هم يدركون جيداً أن ما من أحد له القدرة على إسعادهم أو تكديرهم ما لم يسمحوا لأفعال وأقوال الآخرين وأفكارهم بالتأثير عليهم سلباً أو إيجاباً.


الجامدون من الناس هم غير سعداء.  إنهم فاقدو الإحساس تماماً كالحجارة.



يجب أن يحيا الشخص بكل أفكاره ومشاعره وبصيرته وأن يكون يقظاً ومتنبهاً لكل ما يدور حوله، تماماً  كالمصور البارع الذي يتحين أنسب الفرص لالتقاط أروع الصور لأبهج المناظر.


سعادة الإنسان الحقة تكمن في استعداده الدائم للتعلم والتصرف السليم والمحترم. وكلما قوّم نفسه كلما ساعد في ترقية الآخرين من حوله وإسعادهم.


قلائل هم الذين يحللون أوضاعهم ويقررون ما إذا كانوا يتقدمون على الطريق أم يرجعون القهقرى.


وككائنات بشرية مزودة بالإدراك والحكمة والفهم فواجبنا الأكبر توظيف حكمتنا ومدركاتنا بطرق صحيحة حتى نعرف ما إذا كنا نتقدم للأمام أو نعدو للخلف.


وإن داهمنا الفشل على نحو متكرر فيجب أن لا نيأس ولا نفقد الأمل. الفشل يجب أن يعمل كمحفـّز لا كمثبّط لنمونا المادي والروحي.


حقاً إن فصل الفشل هو أفضل وأنسب المواسم لغرس بذور النجاح. يجب اجتثاث الفشل من الجذور وحرث حقول الحياة بهمة وعزيمة وزرعها ببذور الخير من أجل جني محصول وفير بعونه تعالى.


حديد في اليوبيل الفضي: للمعلم برمهنسا


ذات مرة دُعيت لحضور يوبيل فضي لزوجين كان الإنطباع السائد عنهما بأنهما من أسعد الأزواج


لكن في اللحظة التي دخلت فيها بيتهما شعرت أن هناك شيئاً خطأ، فطلبت من اثنين من التلاميذ أن يلاحظا معاملتهما لبعضهما أثناء السهرة، وقالا لي فيما بعد


  الزوج والزوجة يبتسمان لبعضهما أمام الآخرين فقط ويخاطبان بعضهما بأعذب الألفاظ مثل "صح يا عيني" و "بالطبع يا روحي" وما إلى ذلك من هذه العبارات الودية ولكن ما أن يظنان أنهما بمفردهما حتى يتناقران ويوجهان عبارات جارحة أحدهما للآخر   


تحدثت إليهما وقلت


  دعوتماني لحضور حفلكما لكن الجو مشحون وأشعر بوجود قدر كبير من الخلاف في هذا البيت، ويبدو لي أن هناك الكثير من الحديد في هذا اليوبيل الفضي


في البداية أخذ على خاطرهما، لكنهما اعترفا بعد ذلك بصحة كلامي وقدما اعتذاراً


واستطردت قائلاً


ما الذي تكسبانه من المشاحنة والخصام طوال الوقت؟

يبدو أنكما تعيشان معاً حفاظاً على سمعتكما بأنكما زوجان مثاليان، لكن عليكما أن تكونا كذلك مع بعضكما وأن تعيشا بسلام ووئام من أجل سعادتكما وراحتكما النفسية


الغذاء المغناطيسي


عندما يتحدث الناس عن الغذاء أو التغذية فإنهم يقصدون بذلك الغذاء المادي الذ يتم تناوله لإعالة الجسد. لكن هناك أنواعاً أخرى من الغذاء لا تقل أهمية عن الغذاء المادي، بل هي أكثر أهمية في أحيان كثيرة


ومن تلك الأغذية الفكرية أو الروحية


النشاط العقلي أو تركيز الذهن والحكمة والتمييز الروحي


الغذاء المادي يعيل خلايا الجسم أما الغذاء الفكري فيشحن العقل بالأفكار الصحية، في حين يقوم غذاء الحكمة بإنعاش النفس وتطوير ملكاتها


الغذاء الفكري يتألف عادة من الأفكار التي يفكرها الإنسان وتلك التي يتلقاها من الآخرين بفعل الإتصال بهم والتفاعل معهم


ذوو الطباع الهادئة والطبائع النبيلة يساعدون على جعل أفكارنا مغناطيسية وصحية


ليس صعباً تحديد ما إذا كان الشخص يستمد غذاءه الفكري من بيئة مسالمة أو مشاكسة. فالقلق النفسي والإضطراب والتشويش.. كلها تنجم عن مخالطة النوع المغلوط من الناس، سواء من الأصدقاء أو الأقرباء

 مما يتسبب في أفكار قلقة ومزاج معكر


الجسم يستمد الطاقة والنشاط من الأغذية المادية، في حين تقوم الأغذية المغناطيسية بإمداد الجسم والعقل معاً بشحنات من الطاقة أسهل هضماً من الأطعمة الجامدة والسائلة التي لا يمكن تحويلها بسهولة إلى طاقة حية


عندما تتمكن من تحويل الجهل إلى حكمة

والضعف والوهن إلى صحة وحيوية

والسير بثقة وجرأة – ولو بمفردك - على دروب الحياة

والإبتهاج الباطني لامتلاكك ضميراً حياً ويقظاً

والإيمان القاطع بعدل الله وبانتصار الحق على الباطل والحقيقة على الوهم


وعندما تحاول كل يوم إطلاق أفكارك نحو مستويات أرق وأرقى

وتمتلك قلباً محباً وشكوراً

ونوايا طيبة نحو الآخر

يكون غذاؤك الفكري مغناطيسياً

وستجذب إليك عندئذٍ كل ما هو جميل ونافع

من أشياء وأشخاص وظروف

تمس لها الحاجة في مواصلة المسيرة نحو شواطئ الأمن وبر الأمان


وليس آخراً


عندما تبذل المجهود لتحصيل ما تحتاجه

وتقنع بما ييسره الله لك تكون أغنى نفساً وأكثر رضاءً

من المتهالكين على الدنيا.. الطامعين في حطامها



عندما يطلب الإنسانُ الله


الذي هو الصديق الأوحد


خلف كل الأصدقاء


يصبح بالإمكان ترسيخ الصداقة الصادقة


في كافة العلاقات البشرية

 

العائلية، الأخوية، الزوجية والروحية


الصداقة عنصر حيوي في العلاقات الزوجية


ويجب أن تكون الأولوية للتقارب الفكري والوجداني


والإحساس بالجاذبية المعنوية


والحب الحقيقي والصداقة


الذين لا يميزون ما بين الحب الحقيقي


والجاذبية الحسية يخيب أملهم المرة تلو الأخرى.


عندما يؤسَّس الزواج على مُثل راقية واحترام متبادل


يصبح اتحاداً سعيداً وموفقاً بين روحين متحابين


ومتعاونين على تخفيف أعباء الحياة عن بعضهما


وتبديد هموم العيش بالتعاطف


والفهم الودي المشترك





لا يمكن لأحد أن يسيّرني أو يسلبني إرادتي 

ما لم أسمح لأفكار الآخرين وأفعالهم بالتأثير عليّ.


يا رب

إنني أدرك أن أمامي فرصة لا متناهية

لاستكشاف قدراتي ومعرفة إمكاناتي الروحية


سأستبدل التعلقات المادية بالطموحات العليا

وسأدرك أن الروح الأمين معي على الدوام


اليوم سأشحن أفكاري بجرعة من التفاؤل

وسأفصُل ذاتي عن الإختبارات غير المستحبة

وسأمارس ما من شأنه أن ينمي الجسم والعقل والروح

على نحو متوازن ومتسق


إن رقصة الحياة والموت متواصلة على الدوام

لكنني سأحرر نفسي للأبد

بإنقاذ هويتي الروحية

وعندما تواجهني عواصف التجارب والمحن

سأنطلق بقارب روحي

عبر بحر الحياة

إلى الشواطئ الإلهية الآمنة 


عندما أعمل وأبدع

سأتذكر أن الله يعمل من خلالي

إنه سيد الكون

ويمكنني الإتصال به بالتأمل العميق عليه 


يا إلهي الحبيب

إنني أدرك أن أفكاري ستجلب لي إما الفشل أو النجاح

اعتماداً على أيهما الفكرة الأقوى في حياتي.

لذلك سأحاول أن أتذكر بأنك تمد لي يد العون

وتهيئ لي أسباب النجاح


عندما تحل المصائب والبلايا

سأستنهض همتي وأقوّي تصميمي للتغلب عليها


سأنتهج الإخلاص والصدق

في معاملتي وتعاملي مع الجميع

وسأطلق أفكار المحبة والأماني الطيبة

عندئذ سيؤيدني الله بقوته وحكمته


يا رب

سأستخدم قوة إرادتي وفكري

لإنجاز الأشياء الصغيرة أولاً

وبعدها أتحول إلى إنجازات أكبر 


حتى ولو تحققت كل الطموحات المادية

فإنها لا تمنح مع ذلك سوى سعادة منقوصة

وبالعثور على الله

سأكتشف خزانات الغبطة التي لا تنضب

ولا تكف عن التدفق والجريان

في بساتين الروح ومروجها الدائمة الخضرة 


البيت: ميدان النصر الأعظم


إن صرَفَ الإنسان حياته في إثارة تلو الإثارة 


فلن يعرف طعم السعادة الحقيقية


يجب العيش ببساطة والتعامل مع الحياة براحة.


من المستحسن أن يختلي الإنسان بنفسه


ويقف مع ذاته بين الحين والآخر


ويمارس السكينة النفسية


التي فيها شفاء وانتعاش وتجديد للقوى 


إن كانت المشتتات حاضرة طوال الوقت


ومنبهات أخرى تحاصر الحواس كل حين


فستعاني الأعصاب نتيجة لذلك


وتـُصرف كميات كبيرة من الطاقة الحيوية في اللاشيء


وستشعر النفس بالتوتر والضيق


كما ينبغي عدم الإهتمام الزائد بإصلاح الآخرين


بل يجب على الإنسان أن يقوّم نفسه قبل محاولته تقويم الغير


وليكن معلوماً أن البيت هو ميدان النصر الأعظم.


فالشخص الذي هو ملاك في بيته سيكون ملاكاً في أي مكان


إن عذوبة الصوت


والسلام الذي يوحي به السلوك النبيل


تمس لهما الحاجة في البيت


أكثر من أي مكان آخر


مثلما يستحيل بقاء الظلمة

حيثما يسطع النور

هكذا يجب أن تتلاشى ظلمة المرض

عندما يشع نور الله في خلايا الجسم

وقلائل هم الذين يدركون هذه الحقيقة.

عندما يشعر الناس برغبة قوية في الشفاء

يبتهلون بقلوب متقلقلة

أو بشعور من اليأس

محتسبين أن الله لن يصغي لصلواتهم.

أو أنهم يدْعون لكن لا ينتظرون

ليعرفوا ما إذا كان دعاؤهم قد وصل إلى الله.

مثلما لا يمكن الإستماع

إلى الموسيقى المبثوثة في الأثير

باستخدام جهاز استقبال معطل

هكذا لا يمكن التقاط اهتزازات

الصحة والقوة والحكمة المنبثقة عن الله

بجهاز نفسي معطل بالمخاوف والهموم

وكل ضروب القلق والشكوك وعدم اليقين.

دعنا نتذكرك ونشكرك يا رب

في الفاقة والرخاء

في المرض والشفاء

في الظلمة والنور

وفي كل الظروف.

ولنتذكر بامتنان أيام العافية

التي جدت بها علينا

وساعدنا كي نفتح عيون الإيمان

لنبصر نورك ال

مبارك

الشافي من كل الأمراض والعلل


أنا ربَّان سفينة تفكيري الخيِّر وإرادتي الطيبة ونشاطي النافع المثمر. سأوجّه دفة سفينة حياتي شاخصاً على الدوام إلى كوكب سلامه المتألق في سماء تأمُّلي العميق. 


سأستخدم موهبة التفكير الخلاق كي أحرز النجاح في كل عمل أقوم به. الله سيساعدني إن حاولت أنا أيضاً مساعدة نفسي. اليوم سأحرث حديقة الحياة بمجهود جديد وسأزرعها ببذور الحكمة والصحة والرضا والسعادة. سأسقي البذور بالإيمان والثقة بالنفس وسأنتظر العلي القدير كي يجود عليَّ بالمحصول العادل. أما إن لم أجنِ المحصول المنتظر فسأظلُّ مع ذلك شاكراً ممتناً لرضا الضمير في محاولتي بذل ما في وسعي

.

سأحمد الله لأنني قادر على تكرار المحاولة إلى أنْ أحرز التوفيق بفضله تعالى. وسأشكره عندما أفلح في تحقيق أمنية قلبي الكبيرة. سأحاول أن أفعل فقط الأعمال النبيلة اللائقة محبة بمرضاة الله.


والسلام عليكم.






البعض يكتب إسم المعلم برمهنسا على هذا النحو: باراماهانسا يوغاناندا/



ملاحظة: إسم المعلم برمهنسا يوغانندا يكتب أحيانا برمهنسا يوجانندا أو برمهنسا يوجنندا والبعض يكتبه باراماهانزا أو باراماهانسا يوغاناندا