همس الأعماق

المعلم برمهنسا يوغانندا

الترجمة: محمود مسعود


لقد طال مكوثي في سرير الماضي والحاضر والمستقبل لخليقتك يارب، وشعرتُ – أنا طفل الخلود – بالقلق والاضطراب. جاهدت المرة تلو الأخرى لكن دون جدوى، غير أنني أفلحت أخيرا بقفزة من السرير المحاط بحواجز من النسبية الخادعة، فأخذتني بين يديك وهدهدت لي على أنغام السلام الأبدي. أنا طفل الأبدية – أبديتك، أسند رأسي على صدر وجودك الكلي.

لا تقلق يا بني

في لحظة صعبة سمعت صوتك يقول: "إن شمس حمايتي تشع بنفس المقدار على أسطع ساعاتك وأكثرها قتامة.

لا تقلق يا بني، بل آمن وابتسم! فالحزن هو تجنٍ على طبيعة الروح المغبوطة. دع نوري الشافي يظهر من خلال ابتساماتك الشفافة. بكونك سعيداً يا بني تفرحني وترضيني.

أمرح معك

في حيوات تفوق الحصر لعبت معك ونشدت ألحانا لا تعد ولا تحصى. لا زلت أذكر عناقك الحار لي كلما عدت إلى البيت – إليك – بعد قرون عديدة من الغياب، تلفـّني رعشة الفراق. وها أنا من جديد، وفي حاضرك الأبدي ألعب وأمرح معك، وأشدو لك ألحان حبي الخالد.

ليس ضد إرادتي يا موت

لن يتم سحبي من الأرض بقوة وضد إرادتي كالطفل الهارب من البيت الذي يسحبه أهله من بين أترابه. إنني أحب الله وهو يحبني؛ وعندما أرتحل الرحيل الأخير أكون قد أكملت هذا الدور على مسرحية الزمن – هذا الفصل الذي أرادني الله أن ألعبه تكملةً لمسرحيته الكونية. وفي تمثيل دوري في دراما الحياة، سأبسم وأبكي: سعيداً لتحقيق الأماني وملتاعاً لتحطيم الآمال. ولكن لدى إنهاء دوري، مهما كان شاقا ومرهقاً، سأغادر المسرح الأرضي بقلب باسم. سأهجع لفترة ما في حضن الأم الكونية متنعّماً بغبطتها، ثم أعود ثانية إلى الأرض غير منجذب برغبات قديمة مغروسة دون مبالاة في حديقة الخداع، بل تلبية لطلبها الرقيق اللطيف.

لوتس المحبة

إن نحلة عقلي منهمكة في لوتس قلبك المحب يا رب الذي منه أرتشف رحيق حبك الرقيق، ونحلتي الروحية هذه لا تمتص سوى الزهور التي يتضوع منها عبيرك الشذي. لقد حرمت نفسي من شهد المتع الحسية وطرت بعيدا فوق بساتين الخيال العقيم حتى عثرت أخيرا على لوتس أنوارك القدسية. لقد كنت نحلتك الهائمة في حقول التجسدات، تجذبني روائح الزهور لتجارب لا حصر لها. أما الآن فقد أوقفت التجوال، لأن أريجك المبارك قد روّى عطش نفسي وشفى غليل تحرّقي لأي عطر وطيب.

غابة الخداع تشتعل

لقد شعرتُ بالوحشة والاكتئاب في غابة الوهم والخداع، فأشعلتُ حزماً من حطب التهذيب الذاتي، ولكن النار احترقتْ ببطء ودون لهيب. وابتهلت من أعماق قلبي فأتيتَ إليّ يا رب وألهبت بعض مكامن ضعفي فانتشرت النيران بسرعة في هشيم وأحراش الأخطاء. ثم امتدت إلى عليق الرغبات الشائكة وطالت أشجار الزهو والصلف المتطاولة. لقد التهمت ألسنة نيران نورك أدغال جهلي الواسعة وأحالتها إلى رماد. أشكرك أيها الحارق الربّاني! ويا ليت عبادك يتوجّهون إليك بالنداء والدعاء من أجل العون الفوري والشفاء العاجل.

أغنيتك الأصيلة

لكي أستمع إليك أيها الملاك الحارس فقد ناغمت مذياع بصيرتي بلمسات المحبة الناعمة. غالباً ما أصغيت في التأمل إلى أعذب ألحان قديسيك القريبين منك: لسيمفونيات روحية رائعة ولمقطوعات من إبداعات قلبي، ولشدو رخيم من حنيني القديم لك. بصبر وأناة ضبطتُ مؤشر أحاسيسي العميقة، وعندما أثقل النعاس جفوني وكدت أن أستسلم للكرى تدفقتْ من خلالي أغنيتك الأصيلة. والآن فإني أبث أصداء منتشية من أنغام فرحك وأضم صوتي إلى جوقة متعبديك فتزداد الترانيم زخما ويتعاظم الشوق والحنين.

سأعوم في بحر النفوس

بتوحدي معك أيها الروح الكلي، سأصبح خفقة الحياة الكونية. سأعوم في بحر النفوس. سأتراقص على أمواج مشاعر البشر المقدسة وأرشّ الجميع بالفرح المبارك. من هملايا الجنة سأطـْلق سيلا عالميا من الطموحات السامية. سأكون كل العبرات المذروفة تعاطفاً مع الآخرين. سأكون حاضراً في صمت القديسين الذهبي والآمال المتفتحة للعقول الوردية. أيا محقق الأماني الأمين!

عندما تمازج شرارتي الخالدة نورَك اللانهائي سأومض في كل العيون.

والسلام عليكم

www.swaidayoga.com


ملاحظة: إسم المعلم برمهنسا يوغانندا يكتب أحيانا برمهنسا يوجانندا أو برمهنسا يوجنندا