مغذيات روحية

من أقوال المعلم الحكيم

برمهنسا يوغانندا

Paramahansa Yogananda

ترجمة محمود عباس مسعود

كل شيء سيمضي ويزول، والله وحده هو الثابت السرمدي والملجأ الحصين من كل العواصف والأعاصير العاتية التي تهب على العالم.

***

الصداقات البشرية العابرة ليست غير مشروطة ويشوبها الكثير من الأنانية، لأنه عندما تتوقف المنافع الذاتية تتوقف المحبة. أما الصداقة الروحية والحب الوجداني الصادق فيُشعراننا بالإحساس بالمسؤولية المشتركة لتغذية تلك الصداقة والمحافظة على نقاء ذلك الحب. عندما نحاول فهم شخص ما لا يمكننا فعل ما يزعجه، وعندما لا نحاول فهمه يكون التوافق غير موجود أصلاً.

***

سيأتي اليوم الذي به أودّع هذا العالم، ولكن طالما بقيت على هذه الأرض فإن فرحي الأعظم يكمن في التحدث للذين يثقون بي عن روائع الله وأضاعف شوقهم لذلك النور الإلهي الذي منحني التعزية والحرية والأمان. 

توكيدات ذاتية: 

يمكنني إنجاز كل واجباتي فقط باقتراض قواي من الله. ولذلك، فإن رغبتي الأولى هي مرضاته. الله هو الحب الأول في قلبي وهو الطموح الأعظم في روحي والغاية القصوى لإرادتي وعقلي.

***

إن ذاتنا الحقيقية - النفس - هي خالدة. إننا موجودون ووجودنا أبدي. الموجة تأتي إلى الشاطئ ثم تعود إلى المحيط دون أن تفقد ذاتها، بل تصبح واحدة مع المحيط.. أو قد تعود ثانية [إلى الشاطئ] بصورة موجة أخرى. 

***

إن تعطلت أسلاك جهاز كهربائي فباستطاعة الأخصائي استبدالها بأسلاك جديدة. ولكن عندما تهترئ أنسجة الأعصاب بفعل التهيّج الشديد تفقد الأعصاب فعاليتها، ومن يستطيع استبدالها؟! لذلك يجب مراعاة أقصى درجات الحيطة والحذر في التعامل مع الجهاز العصبي الثمين، لأنه ينمو من الداخل، وإذا ما أصابه التلف سيتعذر ترميمه أو استبداله بجهاز آخر.

***

كان التلاميذ يستمتعون بنزهة مع المعلم برمهنسا في الطبيعة، فقال لهم:

ما أروع أن نشعر بالسلام ونكون أغنياء بالسعادة! فالله يريدنا أن نعيش ببساطة ونتذوق الفرح الروحي.

***

مثلما يستيقظ الإنسان من كابوس مزعج ليدرك أن ما رآه لم يكن سوى مجرد حلم هكذا يستحث الوعي الإلهي الإنسانَ كي يستيقظ من كابوس الغفوة والتيه إلى وعي جديد وفهم سديد لمعنى وغاية الحياة.

إن أردنا اختبار فجر اليقظة الروحية ومعاينة أنوار اليقين فيجب أن نصغي للصوت الداخلي ونستجيب لإيحائه.

ويجب أن نزيح عن الدرب حجارة الوهم وصخور الجهل التي تعيق مسيرة الروح وتعرقل حركتها.. وأن نقرع بيد الشوق باب اليقظة من سبات اللامبالاة علنا نتنسم نفحات الغبطة ونجلب الكهرباء السماوية إلى كل فكرة من أفكارنا وكل شعور من مشاعرنا وكل عمل من أعمالنا.

***

لا يمكن تذوق طعم السعادة الحقيقية ما لم تتغلب الرغبات الصالحة على الطالحة، وما لم يتم توجيه الإرادة في المسار الصحيح نحو ينبوع الحق ومصدر كل خير في الوجود.

***

الصداقة الصادقة هي أعظم من كل الثروات. فإن استطعت أن تكون صديقاً صادقاً للناس ستعثر على الله. 

***

الله هو نبع الحكمة والإلهامات المشرقة التي تتوارد على النفوس الطيبة. وهو العطر السماوي الفواح المتضوع من مباخر القلوب المُحبة. وهو الفرح الأعظم الذي يملأ الروح بالنشوة المقدسة.

***

أسألك يا رب أن تنور روحي لأدرك الحقيقة العظمى. سأبصرك يا رب متجلياً في مظاهر الطبيعة في الزهور والأشجار وكل الأشياء الجميلة. سأفتح بيد التأمل الروحي العميق أبواب السلام على مصراعيها وسأبذل مجهوداً أكبر لتحسين حياتي بحيث أستطيع فهم معناها الحقيقي على نحو أفضل.

***

عندما أكون بصحبة الآخرين، أكون معهم بكل جوارحي وأشعر بفرح عظيم في التفاعل معهم، وعندما أكون بمفردي، أستمتع بذلك الفرح. وعندما أعمل، أعمل بكل طاقتي وإرادتي فأشعر بسعادة متزايدة.

يجب أن نعمل برغبة وفرح داخلي، وإلا لفقدنا حيويتنا ولن نتمكن من تجديد طاقتنا.  كما يجب أن نكون مخلصين دوماً وأن ننمي الإخلاص مع تنميتنا لقوة الإرادة، إذ بالإخلاص يمكننا أن نعمل بتوافق وانسجام أكبر مع الآخرين.

***

لا تحزن على حب ضاع منك، سواء بالموت أو بسبب الطبيعة البشرية المتلونة والمتقلبة.  الحب بحد ذاته لا يُفقد أبداً ولا يموت، ولكنه يختفي عنك مؤقتاً، لعلك في بحثك الدائم عنه تتوصل إلى جوهره الحقيقي.  وسيواصل الحب احتجابه المؤقت عنك إلى أن تعثر في نهاية المطاف عليه بصورة المحبوب الإلهي الكامن في أعمق أعماق روحك.

***

يجب ألا يعيش الإنسان يوماً بعد يوم في نفس الحالة النفسية غير المريحة. إن صلى الشخص بإخلاص ووثق بأن الله سيمنحه ما يصلي من أجله فسيحصل على بركات الله وعونه.

إن كانت هناك عادة سيئة مستحكمة فبالإمكان خلخلتها وإزاحتها بتشكيل عادة فكرية مناقضة ومناهضة لها وتفعيلها إلى أن يتم تحييد العادة السامة.

يجب أن يؤكد الإنسان لنفسه بأنه سيتغير نحو الأفضل، وأنه سيكون قوياً بالرغم من بعض نقاط الضعف التي يعاني منها حالياً.

في اللحظة التي يصمم فيها الشخص على التغيير الإيجابي سيشعر بأنه أصبح شخصاً آخر وسيجلب له ذلك الشعور فيضاً من الطاقة الحيوية والفرح الداخلي.

***

أحياناً يظهر الله ذاته لمحبيه كنور عظيم أو كصوت كوني أو كفرح لا حد له أو كحب في منتهى العذوبة

أو كفهم وحكمة ومعرفة .

إن نوره يمتد وينتشر كأجنحة كونية فوق الأبدية، وأحياناً أرى هذه الأرض كحلم في قلب ذلك النور

وهكذا أدركت أن العالم هو حلم.

***

مهما اختلفت الآراء بينك وبين أصدقائك الحقيقيين، هناك دوماً تفهّم لوجهات النظر وتواصل ما بينكم.  مثل تلك الصداقة تقوم على الاحترام المتبادل وتعني الكثير بالنسبة لك. الصداقة المؤسسة على حب الله هي العلاقة الوحيدة التي يكتب لها البقاء.

***

إن إشعاعات الروح المبهجة يمكن إدراكها بتوجيه الانتباه نحو الداخل. هذا يمكن تحقيقه باستخدام الذهن للتمتع بمناظر الأفكار الجميلة في مملكة الروح المحتجبة عن الأنظار والكامنة في أعماق الذات.

***

بعد كل ما ينجزه الإنسان على هذه الأرض تبدو الحياة فارغة إذ سيضطر لترك كل شيء في نهاية المطاف.  سيأتي يوم ينفصل فيه الشخص عن كل ممتلكاته المادية.  الناس يحسدون الأثرياء على ما يتمتعون به من ثراء وقوة، لكن هؤلاء أيضاً سيتركون كل شيء خلفهم ولن يرافقهم من هذه الأرض سوى أعمالهم.

***

أخفق أحد التلاميذ في تجربة روحية فراح يلوم نفسه بحسرة ومرارة، فقال له المعلم برمهنسا:

"لا تعتبر نفسك خاطئاً، فإن فعلت دنـّست الوعي الإلهي في داخلك. لماذا تربط ذاتك مع نقاط ضعفك؟ أكد بدلا من ذلك هذه الحقيقة لنفسك: "أنا قريب من الله وهو يحبني." ابتهل له:

"إلهي، سواء كنت عاقاً أم طيباً فإنني خاصتك. يقـّظ من جديد تذكـّري وشوقي لك يا رب"

***

قال الحكيم برمهنسا إثر التحدث إلى زائر مغرور يفرط في الحديث عن نفسه:

"إن أمطار الرحمة الإلهية لا تتجمع فوق قمم الكبرياء المتشامخة، بل تنحدر بسهولة إلى أودية التواضع."

***

هذه الأرض تشبه بيتاً كبيراً يضم في أرجائه أسرة عالمية واحدة، تستمد تدفئتها المركزية من الشمس ويضيئها نفس القمر وتزينها نفس النجوم، ويتنفس أفرادها نفس الهواء ويأكلون نفس الطعام ويشربون نفس الماء. كل الأجسام البشرية حساسة للألم وللجروح. هناك فكر واحد خلف كل اللغات، وطبيعة بشرية واحدة خلف كل السمات والخصائص القومية لكل الشعوب.

***

دعني يا رب أحس بحضورك في كل نشاط أقوم به. وساعدني على إقصاء ظل الخوف الذي يحجب نور هدايتك. ولتتفتح زهور أشواقي في حديقة قلبي وأنا في انتظار بزوغ فجر قدومك.

***

إنني أردد صلواتي على سُبحة حنيني المشدودة حباتها بخيط الحب الإلهي.

إلهي الحبيب، اجعلني عندليب الحياة الذي يشدو لك أعذب الألحان. دعني أصنع من أحلامي بك وأشواقي لك

سلماً أصعد عليه إليك.

في بحيرة الحياة المرتجة أبصر حياتك الكونية. أبتهل إليك بأن توجه أنهار رغباتي الجارية وسط صحاري الصعوبات كي تمتزج ببحرك الكوني.

***

الخطيئة هي كل ما يبقي الإنسان غافلا عن الله وغير مهتم به.

***

أنا قطرة نداك المرتعشة على ورقة الحياة والموت، والمنسابة نحو بحرك الإلهي الذي لا ساحل له.

أنا قطرة طلّك الهائمة والعائدة أخيرا إلى البيت السماوي.

أنا قطرة نداك الخالدة المتراقصة على بتلات الماضي والحاضر والمستقبل.

أنا قطرة نداك المنتشية بالمحبة والمنزلقة بأمان فوق ورقة الإغراءات الأرضية لأمتزج بمياه حكمتك الطاهرة النقية. لا أريد أن أفقد ذاتي، بل أريد أن أتوسع توسعاً لا نهائيا بالتمازج مع بحرك الأعظم. أجل، أريد أن أكون قطرة نداك التي ترشفها كل الشفاه المتعطشة لله.

***

إن الله يفهمك عندما يسيء الكل فهمك. إنه المحب الذي يرعاك بحنان ويعطف عليك دوماً... الآخرون يمنحونك مودتهم لفترة قصيرة ومن ثم يهجرونك. ولكن الله لا يتركك ولا يتخلى عنك.

***

قوة الإرادة تحوّل الفكر إلى طاقة، وذوو النجاحات الباهرة هم ذوو إرادات حازمة. عندما ينمي الشخص إرادته لا يستسلم للظروف المعاكسة مهما تعاورته المصاعب، بل يؤكد دوماً لنفسه بأنه لن يُهزم في معركة الحياة.

***

حاول أحد العقلانيين المتعجرفين إرباك المعلم برمهنسا أثناء بحث مسائل فلسفية معقدة، فقال المعلم مبتسما: "الحقيقة لا تخشى من الأسئلة أبدا."

وقال المعلم: "مستحيل أن يهجرنا الله أو يتخلى عنا. فهو يعمل بخفاء بكل السبل لمساعدتنا ولتسريع تقدمنا الروحي."

***

العظماء يفعلون كل شيء بقوة الإنتباه الممنوحة من الله، وتلك القوة يمكن إحرازها بالتأمل. عندما نستخدم تلك القوة الإلهية المركزة يمكننا بلوغ النجاح وتنمية الجسم والعقل والروح.

***

الشعوب الشرقية هي – كقاعدة – ذات ميول روحية. فهي تنظر للحياة نظرة فلسفية وتعمل على تنمية ميلها الطبيعي للتأمل. وبالرغم من ذلك فهناك العديد من الشرقيين ممن استخدموا وقت فراغهم في التواني والكسل بدلاً من العمل على اكتساب المعرفة الروحية، ومع هذا فإنهم يمتلكون أحاسيس روحية متيقظة.

***

عندما يغمض الإنسان عينيه يظن بأن هذا العالم كله عناء وشقاء، ولكن عندما يفتح عين الحكمة ويحتفظ بهدوئه واتزانه سيستمتع بهذا العالم تماماً كما لو كان يشاهد فيلماً سينمائياً ممتعاً.

***

للشروع في التأمُّل:

اجلس بوضع ثابت، بحيث يكون العمود الفقري منتصباً، استر مقلتيك المتقلبتين بغطاء جفنيك. احفظهما بلا حراك. حلحل عقلك من الشعور بكتلة الجسد، أرخِ الأعصاب المعلقة بعضلات وعظام جسمك الثقيلة. انس فكرة حمل ونقل حزمة كثيفة من العظام مربوطة في قماش اللحم الخشن.

استرخِ، حرِّر عقلك من وعي العبء الجسدي، لا تفكر بثقلك المادي، بل اشعر أنَّ نفسك متحرِّرة من الصفة الدَّائمة للثقل.  حلِّق بطائرة أفكارك للأعلى، للأسفل، لليسار، ولليمين، في اللا نهاية أو إلى أي صقع تريد.

اشعر وتأمَّل بتحرُّرك العقلي من الجسد. احلم، وعش، واشعر بهذا التحليق. وإذ تظل جالساً بوضع ثابت، ستتزايد هذه الحرية باستمرار وباطراد.

اقفل أبواب الجفون واقصِ رقصات الاغراءات الحسية. انحدر بعقلك إلى ينبوع قلبك الذي لا قرار له ولا نهاية. احتفظ بعقلك مستغرقاً في قلبك الذي يتدفق بالدم الحيوي، واحفظ انتباهك مشدوداً بأوتاره حتى تشعر بخفقه الإيقاعي. ومع كل ضربة من ضرباته اشعر بنبض الحياة الجبارة.

تصور نفس الحياة الشاملة تقرع أبواب قلوب ملايين البشر ومليارات الكائنات الأخرى.

ضربات القلب المتواصلة تعلن بوداعة عن وجود القوة اللامتناهية خلف أبواب معرفتك. الخفقات اللَّطيفة للحياة الشاملة تهمس لك:

"لا تحصل وحسب على سيل شحيح من حياتي، بل وسّع مجال إحساسك ودعني أغمر دمك وجسمك وعقلك وأحاسيسك وروحك بخفقات حياتي الكونية."

***

يجب أن نفكر دوماً بما نحن مقدمون على عمله وكيف سيؤثر ذلك علينا.

التصرف بدافع الأهواء والغرائز ليس حرية لأن النتائج غير المُرضية للأعمال المغلوطة هي بمثابة قيود مكبلة. أما الأشياء التي تخبرنا حاسة التمييز بأنها جيدة وبأن نتائجها سليمة فينبغي عملها لأنها تمنح شعوراً من الرضا والحرية. ذلك النمط من التصرف الموجّه بالحكمة يجلب في أعقابه الخير والبركة.

***

وإذ يدرك المريد أنه على تناغم مع الله يبتهج بالروح ويهتف فرحاً: "يا رب، لم أجد شيئاً في الدنيا أروع وأعذب منك"

***

الريح تمرح

والشجرة تتنهد

والشمس تبتسم

والنهر يتهادى

والأرض تستبدل ثوبها النجمي الأسود

برداء الضياء الذهبي المبهر

والطبيعة تحب استعراض جمالها

بتغيير ألوان الفصول البهيجة

والجدول ذو الخرير يحاول دوماً

أن يفصح بتلعثم عن فكر عميق من وحي الروح

والطيور تصبو للغناء والتغني

بأشياء مجهولة تعتمل في صدورها.

لكن للإنسان القدرة

على التحدث بفصاحة ووضوح، وبمعانٍ جديدة

عن سيد الأكوان

الموجود في كل مكان

الذي عجزت باقي الكائنات

عن الإفصاح عنه وإعلان حضوره.

***

وجد المعلم برمهنسا أنه من الضروري تأديب أحد التلاميذ بسبب غلطة خطيرة، وفيما بعد قال متنهدا:

"لكم أود أن أؤثر بالآخرين عن طريق المحبة لا غير، فقلبي يتصدع ويتوجع عندما أجد أن لا مفر من تدريبهم بطريقة أخرى."

***

في محراب التأمل أشعل شمعتين اثنتين: شمعة الفجر وشمعة يقظتي. أكاليل رائعة من أشواقي الحارة تطوّق أقدام حضورك الكلي. عبيرك المتضوع من أزاهير المحبة في أصيص قلبي ينفح كل زاوية من زوايا حياتي. لقد تلاشت ظلال مخاوفي وأوهامي لمجرد سطوع نورك يا إلهي الذي أيقظني للأبد من أحلام الوجود الفاني. بيقظة دائمة وبعينين والهتين سأحدق دون انقطاع في وجهك اللانهائي متأملا في قسماته التعبيرات العذبة التي لا تتكرر أبدا!

***

عندما يستبد الغضب بالإنسان أو تتملكه الكراهية فإنه يتقمص طبيعة غير سوية. فالشخص الذي يستشيط غضباً يفقد السيطرة على مشاعره وقد يلحق الأذى بغيره، لذلك من الخطأ أن يسمح الشخص للانفعالات العنيفة بأن تتحكم به وتملي عليه تصرفه، لأنه إن فعل يسجن نفسه داخل زنزانة من الأمزجة الحادة والطباع المؤذية التي هي مصدر كل كآبة وتشويش نفسي.  وللتخلص من تلك الحالات النفسية غير المريحة يتعين إذابة تلك المشاعر والعواطف اللصيقة بالوعي الجسدي. التأمل [أي التوجه إلى الله قلباً وروحاً وفكراً] هو السبيل.

***

تأكيدات:

سأراقب أفكاري وأقوالي بحيث لا يصدر عنها إلا كل ما هو جميل وصادق. سأنطلق بإيمان كلي بالله مدركاً ان قوته تنساب من خلالي وان حضوره الكلي يشملني وعنايته ترعاني.

يا رب، لقد اخترقت حجب المادة وعثرت على حبك، وبت أدرك أنني وسيلة للإعراب عن العقل الكوني والجمال الروحي. سأكرس كل قواي وقدراتي لإظهار إرادتك الإلهية.

كلما فكرتُ بك يتولد في كياني فيضٌ من الشوق المتأجج، فيهز مشاعري ويسري من قلبي إلى كل خلايا جسمي فيشحنها بالحب الإلهي. أقصى أمنياتي هي بلوغ قـُدس أقداس كيانك والتلذذ بحضورك. فجأة ينفتح باب الروح، ويا للغبطة التي تغمرني لدى رؤية نورك الوهّاج!

***

بتوحدي معك أيها الروح الكلي سأصبح خفقة الحياة الكونية.  سأعوم في بحر النفوس و سأتراقص على أمواج مشاعر البشر المقدسة وأرشّ الجميع بالفرح المبارك. سأطـْلق سيلا عالميا من الطموحات السامية.

سأكون كل العبرات المذروفة تعاطفاً مع الآخرين. سأكون حاضراً في صمت القديسين الذهبي والآمال المتفتحة للعقول الوردية. أيا محقق الأماني الأمين!  عندما تمازج شرارتي الخالدة نورَك اللانهائي سأومض في كل العيون.

***

في أيام صيف الحياة أستجمعُ الرحيق الوجداني من زهور المزايا العذبة التي تنبت في بساتين النفوس الطيبة، واختزن في قلبي العصارة المستقطرة من رياحين التسامح الباسقة وبراعم التواضع ذات الشذى الناعم، والنوارات النادرة للأفكار اللوتسية الغضة. وعندما تنهمر حولي ثلوج تجارب الشتاء الباردة والفراق الأرضي الأليم، ألتمس الدفء والسلوى في الرحيق المختزن في خلية قلبي. في تلك الخلية المباركة بحضورك غالبا ما أجد النحلة الإلهية ترتشف حلاوة أشواقي المعتـّقة، فأشعر بالطمأنينة والبهجة والعزاء.

***

إن امتلاك الثراء المادي دون السلام الداخلي يشبه الموت عطشاً أثناء السباحة في بحيرة. إن كان لا بد من تحاشي الفاقة المادية فينبغي مقت الفقر الروحي لأنه علة كل الآلام والمعاناة البشرية. الأهل الأثرياء الذين يتركون أموالاً كثيرة لأبنائهم غالباً ما يخنقون نموهم النفسي ويعيقون تطورهم وسعادتهم اللذين يتوقف استحقاقهما على الجهود التي يبذلونها.

بمناسبة يوم الإبتسامة:

في لحظة صعبة سمعت صوتك يا أمي الكونية يهمس: "إن شمس حمايتي تشع بالتساوي على أسطع وأظلم ساعاتك. لا تقلق يا بني، بل آمن وابتسم!  دع نوري الشافي يظهر من خلال ابتساماتك الشفافة. بكونك سعيداً يا بني تفرحني وترضيني!"

***

يا رب،

لقد بددتْ نسائمُ إلهامك كل الغيوم من أفق عقلي الذي يبدو الآن نقيا صافيا. وبعينين مطهّرتين أبصرك وحدك في كل مكان. أشعة شمس غبطتك تنفذ إلى أعمق أعماق كياني وبجوع الدهور أتغذى على نورك المبارك.

***

قال المعلم برمهنسا لمجموعة من المريدين:

"عندما تغوصون بعمق في الوعي الإلهي عن طريق العين الروحية ستبصرون البعد الرابع متوهجاً بعجائب العالم الباطني. من الصعب بلوغ تلك الحالة، ولكن ما أروعها من حالة وما أبهجها! لا تقنعوا بالحصول على بعض السلام في تأملكم، بل حنـّوا من كل قلوبكم لسلام الله وتعطشوا لنعيمه."

***

ما يحتاجه العالم هو الحب الأخوي والوحدة والمساواة وملء القلب بحب الله ومراعاة نواميسه الخلقية. المتاعب والمضايقات تحدث بسبب عدم دراية الإنسان بأعماله الماضية التي قام بها في مكان ما وفي زمن ما. فمعاناته الحالية ناجمة عن أفكار وأفعال صدرت عنه فتجسّدت بذوراً تغلغلت في تربة الوعي فأنبتت نبتاً وأخرجت ثمراً له نفس مواصفات الأفكار التي أطلقها والأفعال التي قام بها. المحن والبلايا لا تأتي لتحطم الإنسان وتشلّ إرادته، بل لتجعله يقدّر الله حق قدره ويحترم قوانينه التي من خلالها يمكنه الحصول على السعادة الحقيقية.

***

المعبد الذي يحبه الله هو معبد السكون والسلام والحب والجمال، ومن يدخل ذلك المعبد ستغمره سكينة الروح ويلامس الحضور الالهي.

***

يجب على المرء ان ينهمك في إنجاز الأمور البناءة لتحسين ذاته ومنفعة غيره، ومن يرغب في التعرف على الله ينبغي ان يحاول فعل الخير ومساعدة الآخرين على قدر استطاعته على أساس يومي.

***

التصرف الظاهري يعكس حياة الشخص الداخلية. الكماليات الخارجية لا يمكنها أن تسعد الإنسان، لأن السعادة تتوقف على مدى ضبط الإنسان لنفسه والتحكم بمسار حياته.

***

عندما أستيقظ كل صباح أضع بعض مقررات إيجابية وأعد نفسي بأنني سأنفذها، ثم أقوم باستذكار تلك المقررات طوال اليوم وأحث نفسي على إنجازها، وعندما أجد أنني قد حققت ما وعدت نفسي به أشعر بأنني منتصر.  مثل هذه المقررات الذاتية تشحذ العزيمة وتقوي الإرادة، وإلا فقد يجد الشخص نفسه محمولاً على أمواج العواطف المحتدمة ومحكوماً بالانفعالات السلبية.

***

يجب ان تبدأ الصداقة في البيت، فان وجدت في أسرتك واحداً منسجماً معك على نحو خاص قم بتنمية المودة مع ذلك الشخص أولاً. بعد ذلك، ان شعرت بالانجذاب نحو شخص من معارفك ذي مُثل مشابهة لمثلك، فقم بتعزيز تلك الصداقة. يجب القضاء على كل الرغبات الانانية والحسابات الشخصية وتوطيد العلاقات الودية مع الناس الطيبين.

***

محبو الله هم إخوتي وأخواتي الحقيقيون. إنني أشفق على عديمي المعرفة وأتحاشى الاختلاط بالمتغطرسين، أما الذين يحبون الله فأشعر بالقرب منهم وأسعد بالتواصل معهم.

الحب الإلهي لا يمكن وصفه ولكن يمكن تذوقه عندما يتطهر القلب وتتعاظم الأشواق للمحبوب الكوني. عندما يتم توجيه العقل والشعور نحو الله يتدفق الفرح الروحي غزيراً من ينبوع القلب.

***

في أعماق قلبي نصبت لك عرشاً سرياً. شموع أفراحي تتوجها أضواء خافتة على أمل قدومك وسوف تتألق بسطوع أكبر عندما تظهر.

***

الاسترسال في الطباع السوداوية هو موت بطيء، في حين ان محاولة الشعور بالبشاشة والاستبشار يومياً بالرغم من كل الاختبارات المعكّرة المكدّرة هي ولادة روحية جديدة.

عندما تعثر على الله ستشعر برضاء حقيقي ومستدام. الصداقات البشرية قد ينفرط عقدها وتتقطع حبالها، ولكن الله لن يتركك. وحتى لو هجرك الجميع وتخلوا عنك، فان كان الله معك تكون قد امتلكت كل شيء في هذه الحياة وفزت بالنصيب الأوفى والأوفر.

***

قال المعلم برمهنسا لأحد المتشككين في إمكانية رؤية النور الإلهي:

"إن شككت لن ترى وإن رأيت لن تشك."

وقال لمجموعة من التلامذة المسوفين:

"يجب أن ترتبوا حياتكم وتنظموا أوقاتكم. لقد خلق الله النظام، فالشمس تشرق حتى الغروب والنجوم تومض حتى الفجر."

***

في معظم الأحيان يتكلم الناس ويتصرفون وفقاً لوجهة نظرهم الخاصة، ونادراً ما يرون أو يحاولون أن يروا الأمور من وجهة نظر الآخر.  إن دخل اثنان في جدال وتحول ذلك الجدال إلى خصام ثم إلى عراك فاللوم يقع على الإثنين معاً بصرف النظر عمن بدأ الجدال. ذوو التبصر والروية يبحثون الأمور بمنطق وعقلانية وتفاهم.

***

سأنهض من الفجر وأصحّي حبي النائم كي يتيقـّظ في نور الإخلاص الحقيقي لإله السلام في روحي. يا رب، في معبد غير منظور مشاد بصوان الإخلاص تقبَّل تقدمات قلبي المتواضعة المتجددة يومياً بالابتهالات.

***

صُن نفسك في معقل الحكمة الذي هو أعظم حمىً. الفهم التام سيأخذك إلى حيث لا يقوى شيء على إلحاق الأذى بك.

***

قال المعلم برمهنسا لمجموعة من المريدين:

"التوبة لا تعني فقط التأسّف على ارتكاب خطأ ما، بل الإمتناع عن فعل ذلك ثانية. عندما تتوبون توبة حقيقية فإنكم تصممون على ترك الشر دون العودة إليه. القلب قاسٍ ولا يلين بسهولة. رققوه بالدعاء والإبتهال وستحل عليكم البركات الإلهية."

***

غالباً ما نجد بعض المعيلين أو كاسبي لقمة العيش في الأسرة سواء من آباء أو أبناء، وفي بعض المجتمعات من أمهات أو بنات، يبدون نزعة سلطوية بسبب الشعور بأنهم في مكانة تخولهم السيطرة وفرض الرأي.

يجب ألا يصب هؤلاء الديكتاتوريون الصغار غضبهم على أفراد أسرتهم الذين يحتاجون إليهم ويعتمدون عليهم. لأنهم إن فعلوا يفقدون احترام وتقدير أحبتهم.

***

إن القول بأن شخصاً ما هو ضعيف الشخصية منذ ولادته ولا يمكن أن يصبح قوياً هو قول مغلوط، إذ هناك إمكانية لأن يصبح ذلك الشخص عظيماً وينجز أشياء رائعة في كافة مناحي الحياة.

 عندما يتمكن الشخص من جعل الآخرين يشعرون بحبه وبنواياه الطيبة سيتمدد حبه ويمتزج بالحب الكوني الذي يسري في كل القلوب.

***

في سكينة الروح، وفي خميلة التركيز العقلي والأشواق المتعاظمة، لا نهاية للحب الالهي ويا سعد من شعر بالحضور المبارك وتذوق رحيق الوصل.

***

دعاء:

امنحني يا رب ثقة الأطفال الأبرياء بك والإخلاص التام لك. باركني كي أشعر بقربك خلف ابتهالاتي وألمس حضورك في كل عواطفي وأدرك أن حكمتك النيّرة تسند فهمي ومعرفتي.

***

بعد أن أثنى المعلم برمهنسا على أحد التلاميذ، أضاف قائلاً:

"عندما يقال لك بأنك طيب، فينبغي ألا تكف عن بذل المجهود لتصبح أحسن مما أنت عليه. فتحسّنك المتواصل سيجلب السعادة لك ولمحبيك على السواء."

***

لو كان قادة العالم المعاصرون مستنيرين ويعملون معاً لتمكنوا من القضاء على الحرب والفقر في العالم في غضون سنين قليلة. الوعي الروحي وحسب (الإحساس بالحضور الالهي) يمكنه إنقاذ العالم وبدون ذلك لا يتحقق السلام. يجب ان يبدأ الانسان بنفسه فالوقت أثمن من ان يبدد سدىً، وواجب الانسان القيام بدوره لجلب مملكة الله إلى الارض.

***

الصداقة هي الجذب الروحي الكوني الذي يربط الأنفس برباط الحب الإلهي ويقربها من بعضها، فتروي القلوب ظمأها وتبتهج النفوس بتذوق الحب السماوي المنساب من خلال القنوات البشرية.

***

ان الذي ينمّي حبه لله ويوثّق علاقته به في أوقات السعادة والرخاء سيجد الله بقربه عندما يحتاج إليه، لكن الذي يسوّف ولا يهتم بتوثيق تلك العلاقة سيتحتم عليه مواجهة تجاربه بنفسه إلى ان يتمكن - بالحكمة والتسليم الكامل - من العثور على الرفيق الأعلى.

***

العالم بأسره غارق في لجج التشويش والضياع بسبب الرغبات الجشعة التي لا تعرف الاكتفاء والارتواء. الجشع والطمع يولدان الحروب. من يقهر نفسه في معركة الحياة هو البطل الحقيقي. المال والشهرة والشهوات وكل ما يناقض هذا المبدأ هو ضار بسلامنا وسعادتنا.

***

يظهر الله في سكينة النفس ونلمس حضوره من خلال الإحساس بفيض من الغبطة فتتحقق أمانينا الروحية وتدرك أشواقنا ومحبتنا غايتها.

***

ما لم يتم تنمية المعرفة الروحية على نحو يوازي تقدم العلوم الطبيعية والمبتكرات التكنولوجية فان الأفراد والامم سيضيعون في متاهات الشقاء والدمار.

***

الله يريدنا ان نأتي إليه ونتعرف عليه لكن معظم الناس غير راغبين، ومع ذلك فعندما تظلم الدنيا في عيونهم ويقعون في فخاخ المشاكل أو فريسة للمرض يسارعون في التوسل إليه وطلب عونه.

***

كثيرون يترددون في البحث عن الله ويظنون انهم ان فعلوا ستصبح الحياة قاتمة لا لذة فيها ولا رونق لها، ولكن على العكس تماماً. فالسعادة النقية التي أتذوقها بالتناغم التام مع الله يعجز الكلام عن وصفها، فأنا أعيش حالة من الفرح الروحي ليل نهار. ذلك الفرح هو نعيم الله والتعرف على الله يعني التحرر من الشقاء والشعور بالطمأنينة والرضاء.

***

الكلمة المفتاحية بالنسبة لمعظم الناس في هذه الحياة هي "أنا". ذو الطباع والميول الروحية يفكر بالآخرين مثلما يفكر بنفسه. الذين يفكرون فقط بأنفسهم يجلبون لأنفسهم عداوة وسخط الناس من حولهم. أما الذين يراعون مشاعر ومصالح الغير فيجدون أن الآخرين يفكرون بهم ويراعون مشاعرهم.

إن كان هناك مائة شخص في بلدة ما، وكل واحد يريد أن يأخذ من الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون خصماً. أما إن كان كل واحد يحاول مساعدة الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون صديقاً.

لقد عشت بتلك الكيفية ولم أفقد شيئاً بإعطاء ما لديّ للآخرين. بل كل ما أعطيته عاد إليّ مضاعفاً من فضل اللهً. والآن لا أتشوق لشيء لأن ما أملكه في أعماقي أكبر وأثمن من أي شيء يمكن أن يمنحه لي العالم. ما يجدّ الإنسان في طلبه هو تحقيق السعادة، ومتى امتلك السعادة تنعدم الحاجة إلى الظروف الموصلة إليها.

***

عندما تبعث بنوايا الخير إلى الآخرين يتمدد وعيك. وعندما تفكر بجارك ينطلق جزء من كيانك مع ذلك التفكير. لكن التفكير وحده لا يكفي، بل يجب أن نكون على أهبة الإستعداد لوضع التفكير قيد التطبيق.  الإيثار يجلب لصاحبه خيرات كثيرة وسعادة كبيرة، لأنه بالإيثار يصون المرء سعادته. غايتي هي إسعاد الآخرين لأن سعادتي هي من سعادتهم.

***

الفكر هو مصدر كل المشاكل ومنبع السعادة، والإنسان أقوى من كل تجاربه لأن الله منحه القوة للتحكم بفكره وجسمه، ويجب عدم تسميم عقله بالأفكار السلبية.

***

المتوافقون مع الله يمكنهم التغلب على أكبر وأعتى مصاعب الحياة. ومع أن هذا الحلم الكوني يبدو مزعجاً كالكابوس أحياناً، لكن عندما نتناغم مع الله سنجد أننا متحررون من ذلك الكابوس.

***

هناك نوع من البكتريا التي تولد وتتكاثر وتموت في غضون ساعتين فقط. فهذا النوع يختبر في نهار واحد بل في أقل من ذلك ما يحتاج الإنسان لاختباره في فترة زمنية طويلة قد تمتد إلى ثمانين عاماً.

إن السبعين أو الثمانين عاماً التي نحياها هي مجرد ومضة في الأبدية. ومن وجهة نظر نسبية فإن كل ما يحدث لنا يتم بنفس السرعة التي تحدث للبكتريا المذكورة أعلاه.

لذلك يجب عدم إضاعة الوقت سدىً وعدم السماح للرغبات والنزوات بأن تتحكم بنا، وأيضاً عدم فعل ما لا يقرّه الضمير.  عندما يصبح الإنسان سيد نفسه وأفكاره ومشاعره وأفعاله لن يتمكن أحد أو أي شيء من التأثير عليه.

***

تهجع الحياة في الأرض الخشنة وتحلم بالجمال في الزهور وتستيقظ بقوة في الحيوانات وفي وعي الإنسان تدرك إمكانياتها غير المحدودة.

***

يقول الحكماء:

إن ثمرة الأعمال الطيبة المدفوعة بحب الله والفضيلة هي التوافق والنقاء. وثمرة الأعمال المدفوعة بالرغبات والطموحات الأنانية هي الألم والعناء. أما ثمرة الأعمال الشريرة فهي الجهل والغباء.

العمل الطيب يثمر السعادة والأعمال الدنيوية المشبعة بمحبة الذات عاقبتها المعاناة والألم. أما الأعمال الشريرة المتواصلة فتقضي على ملكة التمييز والفهم في الإنسان.

----------

البعض يكتب إسم الحكيم على هذا النحو:  باراماهانسا أو باراماهانزا يوجاناندا