مزيد من تعاليم وتأملات المعلم برمهنسا يوغانندا



ترجمة محمود عباس مسعود




الإخلاص هو حجر الأساس على الطريق الروحي

بل هو الدعامة التي تقوم عليها صلة النفس بخالقها.


وهذا يعني أن نتوجه إلى الله بكل ثقة

ونتحدث إليه بصراحة وحميمية

بأبسط لغة .. لغة القلب

ونطلب منه أن يساعدنا

كي نسعى إليه ونتوكل عليه

ليرطب قلوبنا

ويحررنا من الضيق والمضايقة

ومن كل ما قد يعترض سبيلنا

ويحاول صدنا عن مقصدنا الروحي.


في نهاية المطاف

هناك هدف واحد لكل اختباراتنا وتجاربنا

وهو تحفيزنا كي نبذل قصارى جهدنا

و نسلّم الأمور لله.

ويا سعد من يمتلك هذا الفهم

إذ بدونه نحيا بنزاع ومناجزة

دون معرفة السبب.


لكن على الطريق الروحي

نعرف أن الشدائد التي تعترضنا

الغرض منها كي نتواضع أمام الله

ونفرغ أفكارنا ومشاعرنا

من الكبرياء الزائف والعظمة الموهومة

حتى يملؤنا الله بنوره وحكمته ومحبته.


في ذلك التسليم الذاتي لله

يكمن الإتصال العذب به.


ولنتذكر أنه ما دام الإحساس "بالأنا" مسيطراً

فهناك نزوع إلى الإبتعاد عن الله

محتسبين أن لدينا ما يكفي من القوة والحكمة

كي نقف على قدمينا دون سند

ونحل مشاكلنا بأنفسنا.


إننا نخشى إن نحن سلّمنا للإرادة الإلهية

بأننا لن نسعد بما يرسله الله لنا

وهذا دليل على قلة الإيمان بالله.


ولكن عاجلاً أم آجلاً

سنضطر للتوجه إلى الله.

وسيكتشف كل إنسان هذه الحقيقة في حياته

إن لم يكن قد اكتشفها فعلاً.


هذه ليست فكرة مثبطة أو سلبية

فأعذب متعة في الوجود هي

الشعور أننا في حضرته

آمنون مطمئنون من مفاجآت الحياة وضربات الزمن.


تلك هي طبيعة التواضع وسمة المتواضعين

وفي هذا تكمن القوة الروحية الحقيقية

وعظمة الإخلاص

وعمق المحبة

وروعة الرضا والتسليم.

{لتكن إرادتك لا إرادتي يا رب}

(توكلنا على الله).


لكي نلامس طبيعتنا الروحية

يجب أن نعمل على إظهار الوعي السامي في حياتنا

وعندما تهجم المصاعب يجب أن نذكّر أنفسنا

بأننا لسنا ضعفاء وبأننا نمتلك الأدوات المناسبة للتعامل معها

ويجب أن لا نسمح للمسؤوليات والمشاكل أن تعكر صفونا

وتنتزع منا سلامنا.


لقد أتينا إلى هذا العالم لتطوير أنفسنا

واستكشاف إمكاناتنا الروحية

لا أن نغوص في بحار الوهم المظلمة

والتي تنطوي على مخاطر لا حصر لها.


وإن أردنا أن نتعرف على ذاتنا الروحية

يجب أن نكون صادقين مع الله ومع أنفسنا

ومخلصين في تعاملنا مع الناس

وأن تكون الرغبة الأقوى في حياتنا

هي التعرف على مصدرنا الإلهي

الذي عنه انبثقنا ولا بد أن نعود إليه

مهما طالت غيبتنا في دنيا الإغتراب.


وإن بدت الأجواء عابسة مكفهرة

يجب أن نحتفظ بإيماننا

بأن الشمس ستشرق من جديد

وأن الخير في الحياة أكثر من الشر

والمحبة أقوى من الكراهية

وأن السائرين على الدرب الصحيح

سيصلون مهما بدت المسافة طويلة والمقصد بعيداً.


وإن تكاثفت الهموم

فلا بد من تبديدها بمحبة الله والتواصل معه

من خلال الدعاء القلبي الصادق

والطلب منه كي يشدد عزائمنا

ويساعدنا على تصويب بوصلة حياتنا

وسيُجاب الدعاء بومضات مشجعة

وستنجلي الغيوم ويبدو الأفق صافياً من جديد.


التعامل مع ضغوط الحياة


إن إحدى فوائد البحث المعمق عن الله

هي القدرة على الإسترخاء

حيث يقل التوتر ويخف التوجس وتنحسر الهموم.


عندما نفقد القدرة على التمتع بالحياة

والمشاركة في نشاطات ترفيهية سليمة

نكون جادين وعصبيين أكثر مما ينبغي.


النفس في جوهرها النقي لا تشعر بالتوتر والعصبية

بل "الأنا – الإيغو Ego" هي التي تختبر تلك الحالات.


يجب أن لا نأخذ الأمور على محمل من الجدية المفرطة

كي تخف حدة "الأنا" وترتخي قبضتها الماسكة.


غالباً ما يتحدث الناس عن الضغوط التي يشعرون بها

والإجهاد النفسي الذي يختبرونه تحت وطأة المتطلبات الكثيرة.

ولكن يجب أن لا نسمح لأنفسنا بأن تصبح فريسة

لأي نوع من الصعوبات

ولنتذكر دوماً أن الله منحنا من القوة

ما يكفي للتعامل مع كل التحديات التي نواجهها.


من المستحيل أن تشعر النفس بالإرهاق والإعياء.

الجسم قد يشعر بالتعب

ولكن عندما نعزو لأنفسنا الوهن الجسدي

نبقى مقيدين ضمن نطاق الذات الصغيرة.


عندما تواجهنا العقبات

يجب أن نلتمس العون الإلهي

مؤكدين لأنفسنا بأننا قادرون – بعونه تعالى - على اجتيازها

وبأنها تأتي كمحفز لإيقاظ قوانا الهاجعة والكفيلة - عند استيقاظها -

بالتعامل مع الصعوبات والمشكلات على اختلافها.

وبأن طبيعتنا الحقة هي الروح

التي جوهرها السلام والصفاء والطمأنينة والهدوء

وأن هذه العناصر المباركة هي في داخلنا

وهي جزء لا يتجزأ من كياننا الروحي.


الإنسان روح، وروحه لا تـُقهر

لأنها ذات طبيعة لا مادية.


عندما نمتلك هذا الإدراك

ونحس بتلك القوى ناشطة في كياننا

نشعر بأننا نخطو إلى الأمام ونحرز تقدماً

فتتعاظم ثقتنا بالله وبأنفسنا

ويخف زخم المصاعب

بحيث يمكننا التعامل معها

تعاملاً بنّاءً بثقة وراحة واتزان.


مع ظهور كل تجربة في سماء حياتنا

إبّان رحلتنا الأرضية هذه

يجب أن نعرف كيف نوسع مدارك وعينا

وكيف نكون أكثر تفهماً للظروف التي تحيط بنا أو نمر بها

وسنتمكن عندئذ من العيش بتوافق أفضل

والتعامل بكيفية أكثر سلاسة وسلامة مع الناس والحياة.


عندما نلقي نظرة معمقة على حضارات العالم

ونستكشف الأسرار الخبيئة في المدنيات القديمة

تبرز لنا صورة كبيرة ، متشابكة الخطوط،

متنوعة الفصول، دقيقة التفاصيل

ونجد أن الإنسان ذو طبيعة فردية واجتماعية في نفس الوقت.


كل إنسان يمتلك الرغبة في حياة فردية وحياة اجتماعية.

فهو يمتلك ميولاً فردية ورغبة في الإنتماء إلى مجموعات وعشائر.

وحتى في الحقب الموغلة في القدم

هناك أدلة على أن الإنسان البدائي

امتلك فكرة التضامن داخل مجموعات.


في الحياة العادية، نجد أن الإختلاط الزائد بالآخرين

لا يمنح سعادة كبيرة

ولا الانعزالية المفرطة تمنح السعادة أيضاً.

إن الله يريدنا أن نراعي الإعتدال

وأن نخلق توازناً بين حياتنا الفردية وحياتنا الإجتماعية.


المبادئ الفردية والجماعية في الإنسان تأتي من مصدر أعلى

فالله الفرد الصمد

ما وراء النجوم والأكوان وأفكار البشر

وما وراء الأحاسيس والأحلام

ويفوق كل المدركات الحسية

هو واحد أحد، كائن بذاته

كامل في جوهره وصفاته

حيث لا شمس تسطع

ولا قمر يطلع

ولا نار تشع

بل نوره الإلهي الذي لا نظير له.


هناك خلف العتمة غير المظلمة

والسكون الذي لا صوت له

واللاشيء غير المخلوق

يوجد الجوهر السرمدي

الذي هو أصل الوجود

ومصدر كل القوى والكائنات

المنظور منها وغير المنظور.


لقد خلق الله هذا الكون كي

يعمل وفق قانون ثابت لا يتغير.


إن انتهكنا أياً من النواميس الكونية نعاقب أنفسنا.

فمن يقفز من سطح بناية عالية ستتحطم عظامه

لذلك لا يمكننا تجاهل قانون الجاذبية

دون معاناة التبعات المترتبة على ذلك.


في هذا العالم

يستطيع الإنسان التصرف بحرية

إنما فقط ضمن نطاق محدود

وإن خالف القوانين الإلهية

سيعاقب أو يدمر نفسه.


لقد وضع الله تلك القوانين المتعذر تغيرها

وأرادها أن تعمل لصالحنا

لأنه بدونها لا يمكننا تلمس سبيلنا في هذه الحياة.


كما منحنا الله حرية الإختيار ووضع فينا الضمير

للتمييز بين الخير والشر والنافع والضار.


عندما ينتهج الناس دروب الشر

ويخالفون قوانين الله الكونية

فإنهم يحركون قوىً كونية

تنتج تبعات لا يمكن تجنبها

جرّاء انتهاك تلك القوانين

وبذلك يعاقبون أنفسهم بأنفسهم

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَٰكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}


أما الذين يراعون قوانينه

ويمتثلون لإيحاءاته

فيعيشون بطمأنينة

وتنفتح بهم عين البصيرة

فيسيرون بخطوات واثقة مستيقنة

ويشعرون بأنهم سائرون بأمان

على دروب الحياة.


الفكر هو قوة هائلة في حياتك

فيما لو عرفت كيف تنمّي تلك القوة

وتستخدمها على النحو الصحيح.


لا تسمح للضعف بالتسرب إلى الفكر

والزم الحذر عند مخالطة ذوي الأفكار السلبية

والنظرة السوداوية لئلا تتسرب أفكارهم الضعيفة إلى عقلك

ما لم يكن عقلك قد بلغ من القوة درجة

بحيث لا يمكن لأفكار الغير أن تضعفه

بل على العكس من ذلك

يقدر على تقوية أفكار الآخرين

وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.


على الفاشلين أن يصاحبوا الناجحين

وعلى الضعفاء مخالطة من هم أقوى منهم.

أما الذين يعوزهم ضبط النفس

فيجب أن يرافقوا ذوي التهذيب النفسي والإنضباط الذاتي

وعلى الشره المبطان أن يتناول الطعام

مع شخص يحسن التحكم بشهيته

عندئذ سيتمكن من القول:

"باستطاعتي أنا أيضاً التحكم بشهيتي."


عندما تتخذ قراراً وتعِد نفسك بالإلتزام به

فلا تدع عزيمتك تتزعزع فيما لو حدث شيء مناقض لقرارك.

واصل الثقة بنفسك والاعتقاد بأنك تمتلك كل القوى التي تحتاجها

لتحقيق ما تصبو إليه مهما بدا ذلك مستبعداً.


إن قلت ظاهرياً "أنا لها"

وقلت في داخلك "لا أستطيع"

فإنك بذلك تخفف قوة الفكر

وتـُضعف قوة الإرادة

وستحتاج لإرادة أقوى من إرادتك

كي تنشطها وتلهمها العزيمة والتصميم.


ونصيحتي هي:


قم بتنمية قوة الإرادة

وفكر تفكيراً إيجابياً

وستجد أن قواك الجسدية والعقلية والروحية

تعمل معاً لتصميم وصياغة كل جوانب حياتك

بالكيفية التي تريدها.


النملة تشعر بجسدها

وتبصر عيناها الدقيقتان مجالاً محدوداً من حولها.


الإنسان يعرف جسده وبيئته وعائلته

وبعض الأمور الأخرى المألوفة لديه.


أما الإنسان الكوني

فيدرك أن جسده هو جزء من الأسرة البشرية

وفكره يحتوي الكون بأبعاده المادية والعقلية

ويدرك أن الوجود بأسره يكمن في عقله.


فإذا ما استطاع الإنسان تحويل وعيه إلى النشوة الروحية

سيتلاشى الكون من عقله

لأن أفكار الشخص هي التي تعطي الكون مظهر الحقيقة

ولولا الفكر لما كان للكون من حقيقة.


لقد تعود الإنسان إما أن يبقى متيقظاً ومنهمكاً بمشكلات الحياة

أو أن يستسلم للنوم وينسى العالم.


لكن الإنسان لديه إمكانيات هائلة لم يفعّلها بعد

وإن تعلم بالنشوة الروحية

كيف يتخلص من وعي الجسد ووعي النوم اللاإرادي

سيستيقظ في الوعي الأسمى المغبوط.


عندما يتمكن الشخص من البقاء يقظاناً

أو من النوم الفوري بالإرادة

سيتمكن من بلوغ حالة رفيعة من الوعي

لا حد لمتعتها

وسيتذوق غبطة النوم الإرادي الواعي

في أي زمان ومكان.


قالت فراشة الخلود


إن نفسي الكبرى


تحيا في كل القلوب


وفي كل البلدان


وإرادتي القوية


تنبض في كل الأركان


وتستنهض النائمين


بإيحاءات أثيرية لا متناهية.


أما نفسي الصغرى


حبيسة الجسد الموقوت


فما زالت فراشة في شرنقتها الأرضية


لصيقة التراب


موصدة الأبواب


مقيدة بألف حبلٍ من حديد.


أيا نفسي الأسيرة


يا من تستحمين بنور الشمس


وتستنشقين إكسير الحياة


وتشربين صافي الماء


أتحلمين بامتلاك كل خيرات الوجود


وحجمكِ ضئيل


وقلبكِ هزيل!؟


هيا استفيقي من سُبات


توسّعي ..


تمددي ..


تجددي..


توحدي مع ذاتك العليا


وسوف تصبحين


فراشة خلود


عصية على التقييد والقيود.


Self-Realization

ترجمة بتصرف: محمود عباس مسعود


الجلاء السمعي والبصري


ليست العين هي التي ترى

بل العقل والطاقة هما اللذان يصوران الأشياء.


بمقدور الشخص أن ينمّي أذناً صاغية وعيناً مبصرة.

في الحقيقة العالم يختلف اختلافاً تاماً عما يراه الإنسان.

فالأصوات التي يسمعها هي تلك التي تقع ضمن مجال

الإهتزازت التي يقدر على التقاطها.


الجلاء السمعي يدعى أيضاً السمع الحدسي

أو السمع عن طريق البصيرة

لأن الأذن العادية غير قادرة على التقاط

الأصوات غير المسموعة.


إن قوى الإبصار والسمع موجودة في النفس

وبالإمكان إيقاظ القوى الكامنة في كل الحواس

عن طريق تدريب العقل وتنمية قواه الإدراكية.


القوة الموجودة في عيوننا تشبه الأشعة السينية

ومع ذلك لا يمكننا رؤية الأشياء التي تخترقها الأشعة السينية

لأننا لم ننمِ بعد التناغم مع تلك المرتبة من الإهتزازات.


مشاعرنا الحسية الفائقة معطلة بسبب محدودية القوى العقلية.


الجلاء البصري يحدث عندما تتناغم قوة الحياة مع بعض

الإهتزازات الشفافة. وكما تخترق الأشعة السينية الجدران

فإن للعين البشرية نفس القدرة، وذلك النوع من الرؤى

يدعى "الجلاء البصري".


بالإمكان اختبار قوة الجلاء البصري

عند مضاعفة قوى الإبصار للعين

أو رفع مستوى اهتزازات قوة الحياة التي تتخلل كل شيء.


الجلاء البصري الفعلي لا يضر بالتقدم الروحي

بل على العكس، يساعد على نقل أو تحويل الوعي

من المستوى المادي إلى مستوى الروح.

لكن الصور المنبثقة عن العقل الباطن

تصدر عن الوهم والخيال، ويجب إبعادها.


يجب أن يتخطى المريد اختبارات الأحلام وصولاً إلى حالة اليقظة الروحية

حيث يشعر بكامل وعيه أنه على تناغم وثيق مع مستوى رفيع من

الوجود ويشعر بفيض من الغبطة المنعشة يتخلل عقله وروحه وجسده.


المادة بأسرها هي نشاط مكثّف في رتبة اهتزازية مختلفة.

ملكوت الله في داخل الإنسان

ولكن يجب عليه إظهاره من خلال العمل البنّاء والتأمل الصحيح.

يجب أن لا نسمح لشيء أن يعيق تقدمنا

ويجب إظهار النفس بتطهير الفكر وتحسين الأخلاق والتأمل العميق.


الله يصغي على الدوام لنداءات الروح

ولكن استجابته لطيفة شفافة بحيث يصعب تبيّنها أحياناَ.


من يواصل البحث

ويحافظ على حماسه الروحي

سيعثر على الله

وسيكون نصيبه وافراً

وحظه عظيما في الدنيا والآخرة.




تفضلوا بزيارة موقع سويدا يوغا وصفحة المعلم برمهنسا يوغانندا على فيس بوك

http://www.swaidayoga.com/

https://www.facebook.com/masteryogananda?ref=hl






سائح في أرضك


أنتَ ينبوع المباهج والمسرات.

أنت جوهر الحب وجواهر الحكمة المتناثرة في حقول الأبدية.

أنت الحرية والتحرر من كل الأوهام.

أنتَ الوحدة المطلقة التي لا يعروها انفصام.

أنت الوعي الكوني الكلي..

أنت البداية والنهاية

والغاية التي ما بعدها غاية.


إنني سائح في أرضك وسائر على دروبك.

خذ بيدي ووجه خطاي إلى أقرب السبل المفضية إليك.

علني أبتهج بك إذ أتعرف عليك.


بساتينك المباركة ذات الأثمار الشهية تناديني

لأرتادها وأستمتع بدانيات قطوفها.


ألا ما أعذب ثمار المعرفة وما ألذ رحيقها العرفاني!

فليتني أشتهي دوماً فاكهة الروح المغذية المنعشة

وأشرب من مياه السلام التي تفيض بها أنهار الحب المقدس.


امنحني نقاء القلب وصفاء الروح

واغسل كياني بمياهك المشعشعة من كل الشوائب والأدران

علني أتحسس حضورك وأبصر وجهك الجميل

الذي طالما تصورت حسنه البديع وحنـّت روحي شوقاً لرؤياه.


واملأ كياني بالشكر والامتنان ليدك الكريمة وأفضالك العميمة.

وليخفق قلبي بحبك ما دام في الوجود نجم يومض وقلب ينبض.


بارك أفكاري كي تتجه تلقائياً إليك علها تتبارك بجمال رؤيتك ورؤية جمالك.


وهبْ لي القدرة على التقاط ألحانك المتماوجة في رحب الأثير

علني أنتشي بأنغامها العلوية التي تشتاق الملائكة سماعَها.


ألا ليتني أحس بروحك المبارك في كل ذرة من ذرات كياني.

وأغذي مداركي بزادك الرباني الذي هو خبز الوجود

وفيه أكسير الحياة وسلسبيل الخلود.


يا لتني أستنشق أنسام حضورك السعيد

في واحات الوجد والهيام

وأبصر نيّرات حبك متألقة

في سماء روحي المتشوقة إليك.


عندما يهدأ النـَفَس* ترتاح النفْس

ويرتفع مستوى الوعي

وهذا يمكن تحقيقه بالتأمل

ومحاولة الإحتفاظ بالتأثيرات المهدئة

لأمواج الفكر والشعور بالسلام الداخلي.


التأمل على الله والتفاؤل بالخير

كفيلان بإبقاء النفس مليئة بقوة الروح الإلهي.


الكلمات الخالية من القوة الروحية

هي كالتبن دون حبوب

لذلك عندما نقرأ يجب أن نتأمل روح المعاني

وأن نركز على ما توحي به

وصولاً إلى مصدر الأفكار خلف المعاني.


الله هو المصدر النقي لكل شيء رائع ونافع

إنه رب السلام الذي يتربع على عرش الأفكار الهادئة

يوجّه أعمال الإنسان النظيف الشريف

ويحقق آماله المشروعة.


فلنفتح باب السكينة الروحية

ولندع ملائكة السكون تدخل بلطف

إلى هيكل أعمالنا وأنشطتنا

ولننجز واجباتنا برصانة

مفعمين بروح السلام وسلام الروح

وسنحس خلف نبضات قلوبنا بنبض السلام الإلهي.


ولنتعمق في التفكير بالتجارب والإختبارات

سواء بأفكار نقرؤها في كتب مفيدة

أو مشاكل يتعين علينا التعامل معها

أو فلسفات وآراء ومعتقدات

أو سعادة روحية.


ولندخل محراب أفكارنا العميقة

ونتمتع بالسلام المتدفق

من ينابيع السكون.


* ملاحظة: هناك أمثلة عديدة يمكن إعطاؤها عن الصلة الوثيقة بين سرعة تنفس الإنسان والتغيرات في حالات وعيه. فالشخص الذي يستغرق في تتبع حوار عقلي معقد أو يحاول القيام بمجهود جسدي دقيق وشاق يتنفس تلقائيا ببطء شديد. وتركيز الانتباه يتوقف على التنفس البطيء، في حين يصاحب التنفس السريع أو غير المنتظم حالات عاطفية مؤذية كالخوف والشهوة الجنسية الجامحة والغضب. القرد يتنفس بمعدل 32 مرة في الدقيقة الواحدة مقابل 18 مرة فقط للإنسان. أما الفيل والسلحفاة والحية وغيرها من الحيوانات المعروفة بطول العمر فإن سرعة تنفسها تقل كثيرا عن الإنسان. فالسلحفاة العملاقة مثلا التي تعيش لثلاثمائة عام تتنفس بمعدل 4 مرات فقط في الدقيقة.

من كتاب: فلسفة الهند في سيرة يوغي

بقلم برمهنسا يوغانندا Autobiography of a Yogi


بما أنه من المتعذر تحقيق أي إنجاز مادي

أو إحراز أي تقدم في أي مجال

دون حرية روحية

أو هداية وحكمة من الله

فلنرفع أولاً وأخيراً وعلى الدوام

آيات الشكر والعرفان لله

كي نتمكن من إتقان عملنا

وإتمامه على قدر استطاعتنا

وكي نشعر بفرح الإنجاز

وبفيض متجدد من الطاقة والهمة

مع كل إحساس بالشكر والامتنان

لمنبع كل الخيرات

على بركاته التي لا تعد ولا تحصى

التي يغمرنا بها كل يوم من أيام حياتنا.


كثيراً ما نعتبر تلك البركات بأنها حق لنا

مع أن الملايين في هذا العالم محرومون منها.


كلما شكرنا الله على أفضاله

كلما زادنا خيراً ونعمة


{لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}


{خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ}


ولنتذكر أن الذي يأخذ كل شيء في الحياة

على أنه أمر واقع هو الشخص الذي يخطئ الهدف.


الشكر النابع من القلب يمنح الرضاء الداخلي

ويجلب للنفس فرحاً وطمأنينة

فنشعر بقرب الله منا

واهتمامه بنا وعطفه علينا.


إن عشنا على هذا النحو

وانتهجنا هذا السبيل

سنصل إلى حالة سامية

من التفكير الإيجابي المشرق

والإحساس بقربنا من الله

وتلك حالة رائعة

فيها سلام ومسرّة وانتعاش.


عندما تشعر النفس بذلك التواصل الروحي

تنساب إليها تيارات من الغبطة

نابعة من الحضور الإلهي

فيصبح الله الحقيقة الأبرز في كياننا

ونصبح أكثر قدرة على التعامل مع الظروف والمستجدات.


في تلك الحالة تصبح المحبة حقيقة

والكراهية محض أوهام

لأن الله محبة

وما من وجود جوهري

إلا له وحده في هذا الوجود.


أحلام وأوهام


تحت لحاف الآمال الأرضية رقدتُ طويلا


وحلمت بأنني متربـّع على عرشٍ فخم فاخر


وقد زيـّنت محياي باقة من الابتسامات


لكن وريقات الضحك والفرح لم تدم طويلا


بل ذبلت وتناثرت الواحدة بعد الأخرى.


ثم رأيت نفسي متلفعاً بأسمال بالية


وممدداً على صخور الفاقة القاسية.


وفي قبضة الشدة والشقاء العاتية


بكيت بكاءً مرّاً


غير أن دموعي انهمرت


ولا من ينظر أو يواسي..


إذ سار العالم أمامي ورمقني بصمت ساخر.


لقد ناح قلبي ملتمساً عونك يا إلهي!


وإذ بلغتْ أعماقـَك تضرعاتي المتواصلة


فقد أيقـظتني أخيرا.


وبسرور غامر وجدت نفسي آمنا مطمئنا في حضرتك


بعيدا عن قبضة الثنائيات المحيّرة المربكة.


ليتك يا رب توقظ كل البشر


من دنيا أحلام الثراء الباسم والفقر الباكي!


خلـّصهم يا صانع الأحلام من كوابيس الموت المريعة


وجدد بهم وعي الخلود


وباركهم لعلهم يدركوا – بالهدوء الدائم –


أن أهوال الخداع الأرضي


ليست سوى أحلام وأوهام!