تشبيهات وتعريفات

إعداد وترجمة

محمود عباس مسعود


الفطنـــــــــــة

الفطنة كالأشباح التي غالباً ما يتحدث عنها الناس بالرغم من عدم رؤيتهم لها.

الفطنة كامنة في ذات الإنسان كمون النار المتوارية في قلب حجر الصوان؛

فهي لا شيء يذكر في طور الهجوع، ولا تعدو مجرد شرارات متطايرة عند ظهورها.

الفطنة ملكة طبيعية، يمكن تشبيهها بقطعة الألماس التي يفقدها الصقل بعض وزنها، وقيمتها أيضاً.

الفطنة كدالية العنب التي ما لم تسندها الفضيلة وتوجّهها للأعلى، نحو السماء، تأتي عناقيدها – بالرغم من نضرة أوراقها – مشوّهة وتصاب بالعفن بفعل ملامستها للتراب.

الفطنة غير المنضبطة كالمبطان الشره الذي لا قدرة له على التحكم بشهيته، فينغمس ويفرط في الأكل والشراب حتى التخمة.

الفطنة الأصيلة كالحجر الثمين المستخرج من منجم شرقي، يمتاز بخاصتين فريدتين: القـَطع والبريق.

الفطنة كالبخيل الذي لا يقف طمعه عند حد.

الفطنة كالحُب الذي ينمو ويقوى حيثما وُجد اللطف والإحترام.

الفطنة كالسكران الذي لا يرى بأساً من استلال سيفه على أعز أصدقائه.

الفطنة تختلف عن الحكمة. فالفطنة تجوز عبر الشعاب والمنعرجات، في حين تسعى الحكمة لبلوغ الغايات.

الفطنة كالتوابل، القليل منها يعطي للطعام نكهة طيبة في حين يفسد الإكثار منها المذاق.

الفطنة بالنسبة للأنانيين هي كالفوانيس الداكنة(التي لا يرى ضوءها الخافت سواهم). فهي تساعدهم في تنقلاتهم الظلامية، لكن لا ينتفع بنورها الناس.

كما أن المِسنّ يشحذ حد الموسى، هكذا يُكسبُ التأدّبُ الفطنة َ رهافة.

الفطنة تعني تجميع الأفكار بسرعة ورشاقة: أفكار فيها ما يكفي من مماثلة وانسجام لرسم صور ذهنية ممتعة والإيحاء بمشاهد خيالية ظريفة.

الحكمة أعظم من الفطنة، لأن الفطنة إن زادت عن حدّها تحولت إلى ما يشبه الرغوة. من الصعب الانغماس في المزاح دون تحول المزاح إلى تهكم وسخرية يغوصان في نفس الآخر إلى أبعد ما كان مقصوداً.

لتخدمك فطنتك كالترس في الدفاع عن نفسك من خلال إجابة ظريفة ذكية، لا كالسيف في جرح غيرك بكلمة نابية. وتذكر أن الكلمة تكون في بعض الأحيان أقطع من حد السيف، والجرح الذي تتركه يكون بطيء الإلتئام.

الفطنة تفقد رونقها عندما يمازجها خبث. ومن يضحك لمنظر شوكة يشكـّها أحدهم في صدر آخر، يشارك – من خلال ضحكته - في الوخز الأليم.

التورية هي لعب على الكلام، كاستعمال كلمتين متشابهتين في اللفظ لكنهما مختلفتان في المعنى. والطريقة الوحيدة للتأكد من أن قولاً ما بديهة، هي محاولة ترجمته إلى لغة أخرى. فإن تـُرجم بنجاح مع الإحتفاظ بالمعنى عُدَّ فطنة، وإلا فهو مجرد تورية.

عندما تتجاوز الفطنة حدود اللياقة والإحتشام تتحول إلى سفاهة ووقاحة.

كم من فطنة لا يفصلها عن الحماقة سوى غشاء رقيق!

الفطناء يستعملون أقلّ قدر من الكلام، في حين يلجأ ذوو الفطن غير الناضجة إلى الكثير من الحشو والإسهاب.

الفطنة هي ملح الطعام، لكنها ليست الطعام.

بالفطنة يتألق المتحدثون في المجتمعات، أما الإنغماس في الهزل والتوافه فيُذهبان بالهيبة والإعتبار.

لقد منح الله عباده الفطنة

والذوق

والبهجة

والقدرة على الضحك

وكل ما هو لطيف وظريف

لتخفيف أعباء الحياة عن كاهلهم

وتسهيل رحلة العمر عليهم.

الإبتسامة

ابتسمتْ كما لو كانت تسمع محدّثاً يتكلم إليها من داخلها.

ومضتْ بسمتها وميض نجمة في أحلك الليالي.

ابتسمت ابتسامة ورود الصيف.

ابتسمت ابتسامة الملائكة وحوريات الفردوس.

ابتسم ابتسامة نصّابٍ أصابَ بدهائه مغنماً.

ابتسم ابتسامة الرضيع لمعاينته ومضة نور.

ابتسم ابتسامة صفراوية لا روح فيها ولا رونق.

ابتسم ابتسامة الصغار في الحقول، وسط الأعشاب وبين الزهور.

ابتسم كزهرة حديثة التفتح.

ابتسم ابتسامة النعيم والرضا.

ابتسمت ابتسامة الحب السامي.

ابتسمت ابتسامة الشمس على البراعم الندية.

ابتسمت ابتسامة الربيع... ابتسامة الصيف بعد الثلوج.

ابتسم كما لو كان العالم بأسره ملك يديه.

ابتسم ابتسامة فجر الأمل في النفوس اليائسة.

ابتسمت ابتسامة حسناء استيقظت للتو من حلم جميل.

البسمة هي ضحكة هامسة.

للمرأة بسمتان تحسدها عليهما الملائكة:

بسمة القبول بالحبيب قبل نطق الكلام

والبسمة التي تشرق على وجه الوليد الجديد

لتغرس في نفسه الطمأنينة بأنه في رعاية قلب عطوف.

البسمة هي اللون المميز للحب والبشاشة والفرح.

إنها النور في نافذة الوجه التي من خلالها يرحّب القلب

بالقادمين ويحتفي بهم.

البسمات تتقلب تقلـّب الحرباء:

هناك بسمات جوفاء

وبسمات باردة...

بسمات حقد وعداء

وبسمات تهكم واستهزاء...

بسمات تصنع وادعاء

وبسمات رقطاء...

وفوق كل هذا وذاك...

هناك بسمة الحب.

البسمة الجميلة على وجه المرأة تشبه إطلالة الشمس على منظر طبيعي رائع...

تمنح حسناً وتضفي رقة ورونقاً.

بالإمكان التعرف على شخصية المرء بملاحظة طريقة ابتسامه.

بعض الناس لا يبتسمون أبداً، إنهم فقط يكشرّون.

التجهّم أجمل من بسمات التملق والرياء.

هناك أصناف عديدة من الإبتسامات:

بعضها يوحي بالطيبة والعذوبة

وبعضها يشي بالسخرية والمرارة والإعتداد بالنفس.

بعضها يليّن قسمات الوجه بالرقة

وبعضها يشعّ على الوجه ضياءً لا تخطئه العين.

الضحكات المجلجلة لا تدوم طويلاً، وغالباً ما يعقبها الوجوم.

الضحكة نهارٌ والجدّ ليلٌ،

أما البسمة فهي كغسق الفجر وشفق الغروب

اللذين يتراوحان بين الإثنين ويفوقهما سحراً وروعة.

البسمة الممقوتة تعبث بخطوط الجمال في والوجه، وأفضل منها العبوس.

الوجه الذي لا يبتسم كالبرعم الذي لا قدرة له على التفتح،

يذوى على الغصن ويعتريه الذبول.

ويفيدنا أحمد أمين نصيحة إذ يقول:

انثر الإبتسامات يميناً وشمالاً على طول الطريق، فإنك لن تعودَ للسير فيه ثانية.

ومسك الختام، قوله عليه السلام:

تبسّمك في وجه أخيكَ لكَ صدقة...

وإنكم لن تسَعوا الناسَ بأموالكمْ

ولكن يسعُهُم منكم بسطُ الوجه وحسن الخـُلـُق.

الحب

الحب غاية في الرقة والعذوبة، كالوردة التي غالباً ما تسارع الأيدي

لملامستها وقطفها بالرغم من الأشواك المحيطة بها.

الحب كالسعال، لا يمكن إخفاؤه.

يظهر مفعول الحب في الأعمال الطيبة ظهور الخيط الفضي الذي ينتظم حبّات عقد ألماسي.

الحب كالقيثارة التي تعطي أسرارها لليد التي تحسن ملامسة أوتارها.

الحب كالموت، يقضي على كل الفوارق ويساوي بين الجميع... يضع عصا الراعي المعوّجة بجانب صولجان الملك.

الحب لا يترك الإنسان كما وجَدَه، فإن غاص في أعماقه وتمكن من قلبه، إما يعزز فضائله أو يضاعف رذائله.

الحب كالنسر الشره، إن تـُرك على هواه ينقضّ على فريسته ويزدرد حتى (ينبشم).

الحب كطائر صغير يتنقل من غصن إلى غصن. أخيراً حطّ هذا الطائر على صدري وراح ينقر قلبي.

الحب يشبه منظراً طبيعياً رائع، يبدو جميلاً ومتناسقاً عن بعد،

لكن ما أن نقترب منه حتى تبرز تضاريسه وتظهر منعرجاته بادية للعيان.

لقد تدفق الحب في أعصابه وسرى في شرايينه كالسيل الجارف.

الحب كالحصبة التي يصعب الشفاء منها إن أصابت المتقدمين في السن.

الحب كالبلبل الغريد الذي يطلق أعذب ألحانه أثناء تحليقه في الجو.

الحب يشبه قصة غرامية، تـُقرأ برغبة وحماسة، وأحياناًً بصبر نافد، يستحث القارئ لتجاوز عدة صفحات

بغية الإسراع في الوصول إلى الخاتمة.

الحب كالنبت المعترش الذي يذبل ويذوى إن لم يجد ما يتسلقه.

الحب قبل الزواج هو مقدمة بالغة الإيجاز لكتاب لا نهاية له.

الحب كالأطفال، يتشوّق إلى القلوب تشوقهم إلى الألعاب.

الحب كالزهور الموسمية التي لا تدوم لأكثر من ربيع واحد.

الحب كالبدر، ما لم يكتمل يبقى ناقصاً.

كما أن في الفضيلة ثوابها، هكذا في الحب.

الحب كالطموح، يتلاشى أثناء التمتع به.

الحب كالجاذبية التي تمسك الأجرام السماوية بقبضة قوية يصعب الإفلات منها.

الحب جميل، وهو ضرورة لصيقة بطبعنا ووثيقة الصلة بطبيعتنا.

الحب أعظم مباهج الحياة.

الحب النقي يقوم على الإحترام المتبادل.

القلب المحب فردوس على الأرض.

والسلام عليكم

الجمـــــــال

لقد استهوى الجمال عقول الفلاسفة والمفكرين على مر العصور

وحرّك أعمق أحاسيسهم

فاجتهدوا للإمساك بطيفه ورسم ملامحه

والإحتفاء ببهائه

من خلال تشبيهات رائعة، ظريفة، وأحياناً مستهجنة

تترجم مدى وكيفية تذوّق كل منهم للجمال وتعبيره الشخصي عنه.

جميل كغروب الشمس، كالفجر، كأفكار الملائكة.

جميل كزنوبيا، كالنهار، كحبال النور.

جميل كالنار، كمطر الربيع، كالظهيرة.

جميل كقوس قزح، كفتاة عذراء على فراش الموت.

جميل كوردة الجوري، كأحلام الأطفال، كحوريات الجنة.

جميل كالصفصاف الباكي، كالملائكة.

جميل كإطلالة الأصدقاء.

جميل كالبدر، كبسمة الصباح، كالطل على الزهور.

جميل كالشباب، كالسيل المنحدر من الأعالي.

جميل كالأنوار المتلامحة في الوجوه الرضية.

جميل كالأرض والسماء عند غروب شمس الخريف.

جميل كالكلمة اللطيفة، كالدوافع الشريفة.

جميل كالوفاء

كتذكـّر الأحباب بعد طول غياب.

والسلام عليكم