نبضات من أعماق الروح

المعلم: برمهنسا يوغانندا

ترجمة: محمود عباس مسعود


أيتها السكينة الأزلية..

احرسيني من نوبات حمّى الغضب الشديد التي تهز أعصابي وتلهب خلايا دماغي.

فلأهجر عادة الغضب التي تجلب التعاسة لي ولأصحابي.

دعني يا رب لا أنغمس في الإغاظة الأنانية التي تبعد عني مودّة أحبتي.

ودعني لا أضاعف سخطي واغتياظي بتزويدهما العامد بكل ما يزيد من حدتهما.

أيا رب الهدوء المقدس، عندما أحتدم غيظا وغضبا ضع أمامي مرآة التعنيف التي بها أبصر قبحي وليد الإنفعال الحانق الخانق!

لا أرغب في أن أبدو قبيحاً أمام الآخرين، بوجه يشوهه الغيظ الشديد.

سأحلّ مصاعب الحياة بأفكار وأفعال المحبة لا بالمقت والضغينة.

باركني حتى أشفي جروح الغضب في داخلي بمرهم احترام النفس وأشفي قروح الغضب في الآخرين ببلسم الرقة واللطف والدعة.

استعادة الشفافية

أشعة محبتك يا رب تسطع بفيض متساوٍ على جميع أفراد أسرتك الكونية دون استثناء.

لقد فقد الإنسان شفافيته فأصبح بطيء الفهم لا ينفذ إليه نورك، وهو الملوم في ذلك. ساعدنا كي نمسح ضباب الأخطاء من على وجه مرآة فهمنا الصحيح.

إن أذرع مقاومتنا الروحية ضعيفة واهية، فارسل يا رب قوّتك في أعضائنا علـّنا نبدد الأبخرة الكثيفة القاتمة التي غطت شفوفيتنا وحالت دون الإنسياب الحـُر لنورك الشافي.

ألا ليتنا نمسي مرايا صافية ساطعة تعكس صورتك النقية الساطعة!

فلأجد ذاتي في الجميع

دعني أدرك أنه لولا نعمتك وحكمتك فلربما كنت كسيحاً أو مصاباً بالبرص أو العمى. ومع أن ذلك كان ما أستحقه، غير أني كنت سأتشوق للشفاء وأطلبه بتلهف.

أيتها الأم المقدسة، عندما أبصر أناساً مشوهة أعضائُهم أو مثقلين بالأحزان دعيني أحس أنها روحك الكلية الوجود هي التي تتألم في أجسامهم ونفوسهم.

باركيني كي أشعر بشعور كل إخواني، وكي أكافح لتحريرهم من شقائهم تماما كما أحاول تحرير نفسي.

وإذ أتشوق وأكافح وأبكي وأبتسم من أجل الآخرين، فلا بد أن أعثر على ذاتي في الجميع.

كن منارة حكمتي

إن اقترب قارب عقلي من صخور الرغبات الشرهة الخطيرة، مدفوعاً بعواصف الجهل، فحذرني إذ ذاك يا من أنت منارة الحكمة الإلهية.

إنني دائم البحث عن شواطئ صلاحك وبر أمانك!

أنغام ملائكية

لقد لامس صولجان التأمل السحري كل الأصوات فحوّلها إلى صوت أوم الأصلي المندفع في مسارات النجوم، عبر الأرض ووسط المياه.

أيها الروح، اظهر ذاتك لي بصوت أوم: نداء الكون للعبادة والتأمل.

كل أنسجة جسمي وكل أسلاك أعصابي تنشد بانسجام أنغام أوم الملائكية.

دعاء يومي للهداية المقدسة

يا رب، سأشغّل إرادتي وسأعمل بصدق وإخلاص، ولكن وجّه بصيرتي وإرادتي وأعمالي في الاتجاه الصحيح كي أقوم بكل ما ينبغي لي أن أفعله.

عطر الخشوع

أتقدّم منك بكفين مضمومتين وهامة منحنية وقلب يملؤه عطر الخشوع.

من قلوب متعبديك استخلصتُ عصارة الشوق الفوّاح ومزجتها بقطرات ندية من عينيّ.

بتلك المياه المقدسة سأغسل قدميك الورديتين.

أنت أبي وأمي وأنا طفلك.

أنت المرشد الهادي الذي أصغي لكلامه وأمتثل طوعاً لأوامره.

تعالَ أيها الفرح الإلهي

أيتها الأم الكونية، لتكوني الشعلة الوحيدة في قلوبنا ولتبددي ظلام نفوسنا.

وفي دموع محبتنا لكِ، اغسلني حبنا للدنيويات.

وفي غبطة توافقنا معكِ بددي مرة وإلى الأبد كآبتنا وأحزاننا.

اجعلي من قلوبنا الصغيرة قلباً كبيراً يتسع لحضورك الكلي.

وفي مرآة طبيعتك المباركة، فلنبصر أنفسنا كاملة نقية.

لتصعد شعلات محبتنا لكِ إلى ما فوق لهيب الشهوات الأرضية.

ملايين المغريات تتنكر بصورتك وتخدعنا على الدوام.

تعالي أيتها الغبطة النقية! أدخلي هيلكل أشواقي الحارة إليك.

كوني الكوكب الهادي في سرواتي بليالي الجهل المظلمة، ولتأخذي بيدي وترجعيني سالمين إلى مرفأك الآمن الأمين!

قـَسَم المريد

سأقهر الكبرياء بالتواضع،

والبغضاء بالمحبة،

والإثارة بالهدوء،

والأنانية بالكرم،

والشر بالخير،

والجهل بالمعرفة،

والقلق بسلام التأمل عليك يا إلهي.

ابعدني عن الشر

با ركني يا رب كي لا أسمع شراً ، ولا أبصر شرا، ولا أنطق شرا، ولا أستنشق شرا، ولا ألمس شرا، ولا أحس شرا

ولا أفكر شرا، ولا أحلم شرا.

دعاء من أجل الإشراقة العظمى

أيها الرب ذو الجلال، يا جوهر الوجود ويا روح الأكوان، يا صديق الأصدقاء! اطلعني على أسرار وجودي. علمني كيف يمكنني أن أعبدك في الهدوء والسكينة والسهر.

في سكينة روحي اغمرني علني أدرك حضورك الخالد بي ومن حولي.

بي شوق عظيم للتعرف عليك، يا من لا ثانٍ لك، يا منقطع النظير، أيها الفريد المجيد المستحق لكل تقديس وتقدير!

براعم حنيني

مع إطلالة فجر قدومك ستتفتح براعم حنيني إلى زهور ناضرة.

يا رب، عجّل باليوم الذي به اضفر باقة خضراء من تلك الزهور وأضعها على قدميك.

صلاة قبل تناول الطعام

يا رب، تقبّل هذا الطعام، قدّسه، ولا تسمح للشره بتدنيسه.

الطعام يأتينا منك وهو لإعالة هيكلك الجسدي. باركه بروحك حتى يتحول إلى روح يعيلنا ويقوّينا.

أنت الوردة الإلهية الكاملة بما فيها من حياة وحسن وجمال، ونحن أوراقـُها. املأ نفوسنا بأريج حضورك المعطاء المعطار.

نسيمنا الولهان

فتـّح براعم قلوبنا واطلق أريجها المحبوس خلف قضبان الأوراق الوردية كي تحمل نسائم مداركنا الروحية النفحات المعطرة وتنقلها إلى معبدك القدسي.

يا من تستحق كل عبادة وتبجيل!

نريد أن يهبّ نسيمنا الولهان على أقدامك المباركة

همسات من الأزل

خاطبني الصوت الأزلي بنغمة ناعمة خفيضة، قائلا:

"لقد همست في مسمعك طوال سبات الدهور: أن استيقظ! والآن ها قد هجرت نومك فأقول لك: يقــّظ إخوتك. اعمل معي علّ الجميع يسمع كلمتي."

فوعدت قائلا:

"سأبذل قصارى جهدي لبث دعوتك ونشر رسالتك، وعندما أغادر شكلي الأرضي سأقترض صوتك الكلي الحضور كي أهمس للقلوب المتناغمة: اصغوا لأناشيده الإلهية ذات العزاء الروحي، فهو دائم النداء لكم.

سأنتظر كل إخوتي الذين لا حصر لهم؛ وإذ يسيرون ببطء في موكب مديدٍ مديد نحو الغاية المباركة لمعرفة الذات، ومن خلال ’’همسات من الأزل‘‘ سأهمس لهم: "تيقظوا يا إخوتي، ولنتبع صوته الذي ينادينا دون توقـّف، ولنعد معاً إلى البيت السماوي."

أنت ينبوع المحبة

أنت ينبوع المحبة السماوية والأرضية.

أنت الأب الذي يوفـّر الحماية لبنيه والأم التي تغدق عليهم الرقة اللامتناهية.

أنت الطفل الصغير الذي يتلفظ لثغاً بعبارات المحبة لوالديه.

أنت الوئام والإخلاص التام بين المحبين.

إنك تطهّر الخادم بالإحترام لسيده وتوثـّق عرى المودة ما بين الأصدقاء.

لقد غسلتني بمياه المحبة على اختلاف صنوفها فبتُّ أحبك بكل ما في الوجدان من إحساسات وبكل ما في القلب من حب وحنين، يا من تستحق كل حب وعبادة وخشوع!

أنشودة الحب الخالد

أدوزن أوتار قيثارة قلبي لأعزف من جديد أغنية قديمة: حكاية حبي الأول.

أيها الروح الإلهي، لك أقدّم معزوفات جديدة من النفس البتول: منوعات أصيلة على أنغام حبي الخالد لك.

مويجات ترانيمي تتراقص على وقع الإيقاع الكوني لمحيطك اللانهائي، وتدفعني فوق أمواج الغبطة العارمة نحو شواطئك القصوى.

أيا ترنيمة البحار ذات الصفاء والسكون، رنـّمي لي بصوت خفيض أغنية الشوق للأم الإلهية الأزلية.

وأيا أنشودة الحب الخالد! هزّي لي في سرير النغم ودعي الكرى يكحل عينيّ فيما أنعم بالسلام على صدر أمي الإلهية الحنون.

من سرداب الذكرى أخرجتُ الكنز المقدس بما فيه من مستندات وتعهدات ممنوحة لي منك، فاستبدلتها بذهب المحبة وبنيت بها، فوق مساحة شاسعة من روحي، قصراً منيفاً يليق بعرشك المجيد. والآن أنتظر تشريفك.

أيها االضيف الرباني المهيب ذو الروعة والجلال، الآن أحس باقترابك من عرش قلبي المرصع بالإبتهاج الأعظم.

شذراتٌ من أحلامي الألماسية الحطيمة، المطمورة تحت أكداس من الظلام المتقادم، تتألق من وهج زيارتك.

ومن كياني المنتشي تنساب أناشيد الشكران الصامتة في سيل متواصل.

تقبـّل أكاليل الترحيب التي ضفرتها خصيصاً لك من زهور وورود إخلاصي الأبدي!

في روضة قلبي

نحلة عقلي تطير إلى روضة قلبي المنعزلة، المهفهفة بنسيم محبتي والمزدانة بلآلئ ندى عذوبتك.

لقد استنبتُّ لك زنابقَ رائعة من التمييز الروحي ونرجساً أصفر لاستيعاب دموع توبتي، وبنفسجات رقيقة حالمة بالتواضع، وأقاح واسعة لمدركات الروح.

لك تقدّم أشجار أفكاري فواكه شهية من الابتهالات العاطرة، بأكفٍ متواضعة من الغصون الغضة الندية.

وفي حديقة قلبي تحوم نحلة أفكاري منتشية وسط تقدمات الرحيق النقي لك.

أبواب مشرّعة

يا رب، عندما كنت كفيفاً لم أعثر على باب واحد يفضي إليك.

لقد شفيتَ عينيّ، والآن أكتشف أبواباً مشرّعة في كل مكان:

في قلب الزهور، وأصوات الصداقة، وذكرى الإختبارات النبيلة المحببة. كل خلجة من ابتهالاتي تفتح معبراً جديداً إلى معبد حضورك الرحيب!

أنشودة روحي

في نحيب الكمان، وطنين القيثارة وهمس أفكاري الناشجة سمعت صدى أنغامك، فأسدلتُ ستارة الأصوات الأرضية الكثيفة وأصغيت منتشياً لصوتك الأثيري أيها المنشد الإلهي.

أيا لحن روحي السحري، أخيراً استمعت إليك.

لقد أيقظتني من سباتي القديم.

وها أنا أضع على مذبحك القدسي باقات ألحاني المشتاقة وأنغامي التوّاقة إليك.

والسلام عليكم

www.swaidayoga.com