مزيد من مأثورات المعلم برمهنسا يوغانندا

ترجمة محمود عباس مسعود

(ملاحظة تم حذف معظم النقاط وعلامات الترقيم عمداً لسبب فني وقد بذلنا جهدنا لعدم حدوث تداخل في الجمل)


يا رب، إن كهرباءك السماوية الغامضة تسري في عروقنا وتشغـّل آليات أجسامنا الدقيقة والمعقدة التركيب بكل ما فيها من لحم وعظم وعصب وعضل

إن نشاطك الحيوي لموجودٌ بنا، في كل نـَفـَس من أنفاسنا وكل نبض من أنباض قلوبنا

فلندرك أن كل القوى والخيرات والبركات تنساب منك يا منبع الجود ومصدر كل خير وقوة وبركة في الوجود

من روضة الفجر أقطف لك زهور النور لأضعها تقدمة متواضعة في محرابك

ألا فليندفع النجم الثاقب لحبي لك في أجواء روحي مبدداً منها ضباب الغفلة وظلام الذهول

لا تنسني يا رب حتى ولو نسيتك. اذكرني وإن لم أذكرك

باركنا يا رب كي نحيا ببهجة وتفاؤل

لنستمتع بواجباتنا الأرضية ومحاسن الخليقة التي لا حد لها ولا انتهاء

ساعدنا على تهذيب الحواس كي نتذوق ونتلذذ بالطبيعة المدهشة

ولنتبّل بنكهتك المباركة كل متع الحياة البريئة

خلصنا من النظرة السلبية والسوداوية التي تقتل دون مبرر مباهجَ العيش ومسرات الحياة.

لقد تألمتُ طويلا من الرؤى القاتمة للدنيويات فبدلا من رؤيتك أيها الروح الكلي تبصر عيناي جثة المادة الممتقعة الهامدة.

باركني علني ببصيرة الحكمة أرى في كل الأشياء حضورك المبارك.

صفّ معدننا أيها الكيماوي السماوي! بدّل ضعفنا إلى قوة وأفكارنا الخاطئة إلى مدركات فعلية للحق. حوّل الشياطين البشعة لمطامحنا الأنانية إلى أمنيات سامية مجنـّـحة وجهلنا الأليم إلى حكمة قدسية وخامات خمولنا الوضيعة إلى ذهب مصفى من الإنجازات الروحية السامية.

يا رب، بيدين خاشعتين أدنو منك لأقدّم إليك كياني بأسره، مضمخاً ابتهالاتي بعطر الحب الإلهي.

امنحني ثقة الأطفال الأبرياء بك والإخلاص الكلي لك

باركني كي أشعر بقربك خلف عبارات صلواتي

ألهمني كي أحس بحضورك في كل عواطفي

وكي أدرك أن حكمتك النيّرة تعزز فهمي وتقدّس معرفتي

ولأعلم علم اليقين أن حياتي هي مظهرٌ من مظاهر حياتك الوحيدة الفريدة

يا رب، محبتي لك لن يحجبها الكلام المسموع أو الهمس الخفيض. إذ بلغةٍ قدسية لا يُنطق بها سأعرب لك عن حبي الزاخر وشوقي العظيم للقياك.

إن صوتك هو السكون، وفي سكينة نفسي سأسمع صوتك الرقيق

دعني أشعر أنك أحببتني دوماً مع أنني لم أدرك ذلك من قبل.

إن الله يمنحنا وسيلة لا تقهر

نستطيع بواسطتها استئصال كل أحزاننا وآلامنا

إنها وسيلة الحكمة التي تتأتى

بالتوافق مع الإرادة الإلهية

والطريقة الأسهل للتخلص من المنغصات

وتلافي الخيبات والبلايا

هي في التناغم الدائم مع الله

إننا مضطرون للتعلم من تجاربنا

ومن متاعبنا الشخصية

ويتحتم علينا مراراً وتكراراً

رفع أصواتنا التماساً للعون

لكن العون الإلهي يأتي

عندما نكون في توافق وانسجام

مع نواميس الله التي لا تتغير

بتغير الظروف والأزمنة

ولا سبيل للسعادة التي ننشدها

إلا بمراعاة تلك النواميس

وعدم الإبتعاد عنها أو مجافاتها

يجب أن نؤمن بقربنا من الله وبقربه منا

وبأننا آمنون مطمئنون

في حصنه المنيع وحضوره الواقي

ومهما كانت دروب الحياة

محفوفة بالمخاطر من كل جانب

يجب أن ندرك أن قوة الله أقوى منها

وأنه وضعنا على هذه الأرض

لإيقاظ إيماننا به وبأنفسنا

وتفعيل قدراتنا التي امتن بها علينا

والعمل على توطيد الإلفة

والتعاون وبناء الجسور

بيننا وبين الناس

من كل الأطياف والأجناس

بالإيمان الفعلي بالله

يمكننا يا أصدقاء أن نتحدى

كل الشرور المحيقة بنا

مثلما يمكننا التيقن بأننا قادرون بعونه تعالى

على تجاوزها مهما بدت عصية ومستفحلة

ولنتذكر أنه على قدر مخاوفنا وهمومنا

يمنحنا الله الصبر والعزيمة وسعة الحيلة

لتهدئة تلك المخاوف وتبديد تلك الهموم

إذ بفضل القدرة العظيمة

التي أودعها القدير في نفوسنا

يمكننا قهر الإحباطات

والعيش بسلام وطمأنينة

مدركين أن الله معنا

أينما وحيثما وكيفما كنا

ولن يخذلنا ما دام إيماننا به قوياً

ومحبتنا له عظيمة وراسخة

إنني أحبذ أن يقال لي

أنني على وشك ارتكاب خطأ ما

بدلاً من السماح لي بالتصرف دون أن أتنبه

إلاّ بعد مضي سنين

للضرر الذي أحدثته بتصرفاتي

لقد وهب الله الإنسان الحرية

والإنسان أساء استخدام تلك الحرية

وهذا هو سبب كل التألم والمعاناة

إن سوء استخدام إرادتنا الحرة

الموهوبة لنا من الله

تتمخض عنه مغبات مريعة

التألم ليس من صنع الله

لكن من عمل القوة الشيطانية

أو الخداع الكوني

هذه القوة الإبليسية – حفظكم الله - تخلق الجهل

الذي يعمي الناس عن تبعات أفعالهم

متسبباً في ارتكابهم الخطأ

ليجلبوا بذلك الآلام على أنفسهم

الطريقة الوحيدة لتلافي الأخطاء

هي بتنمية الحكمة الحصيفة

من أجل تمييز الخطأ

والتصميم على عدم فعله

لا يمكن محاربة الخطأ بخطأ آخر

الجهل هو عدو الإنسان الفعلي

وينبغي طرده من هذا العالم

لدينا كل ما هو ضروري

كي نأتي بعصر رخاء وسعادة وعدالة مثالية

لكن أنانية الإنسان تجعل ذلك متعذراً

إن آلاماً فظيعة لا مبرر لها

تخلقها منفعة الإنسان الذاتية القصيرة النظر

يوجد ما يكفي من المال في هذا العالم

لإطعام المحتاجين وتطبيبهم

وتزويدهم بكل ضرورات العيش

لكن الأنانية وليدة الجهل

هي علة وأصل المشاكل العالمية

كل واحد يفكر أنه يفعل الصواب

ولكنه عندما يلتمس تحقيق مآربه الشخصية لا غير

يدفع عجلة القانون الكارمي للسبب والنتيجة

الذي سيقضي حتماً على سعادته

وللأسف على سعادة غيره أيضاً

كلما ازددت مشاهدةً لمآسي العالم

وليدة الجهل البشري

كلما أدركت أن السعادة لن تكون دائمة

حتى ولو صُبت الشوارع ذهباً

السعادة تكمن في إسعاد الآخرين

ولو فعل كل واحد ذلك

لكان الكل سعداء

ولشملت الرعاية وعم الخير الجميع

لهذا قال الحكماء:

"عاملوا الناس كما تحبوا أن يعاملوكم"

هناك حاجة ماسة لاتحاد عالمي للأديان والأمم

ولكن لن يحدث مثل هذا الإتحاد

إلا عندما يعكف كل فرد على التأمل الروحي

الذي يصل بصاحبه إلى الحضرة الإلهية

التوافق مع الله هو الحل الوحيد

وعندما يتعرف الإنسان على الله

لا يشعر بعدها أن الآخرين يختلفون عنه

كل واحد منا مسؤول عن جلب السلام والسعادة

لبلدنا ولكل الناس

لا تظن أن مساهمة وعيك الروحي

هي مساهمة صغيرة

فدورك البناء في ترسيخ السلام

وتعزيز الإخاء الإنساني

يعني الكثير

للعثور على الوعي الروحي

يجب تعميق الفهم

وتوسيع المدارك

والتعاطف مع الآخرين

من كل الأعراق والأجناس

والمذاهب والمعتقدات

عندما نشعر نحو الآخرين

مثلما نشعر نحو أنفسنا

ننمو روحياً

وعندما نحب باقي العائلات

بنفس المحبة التي نحب بها

عائلتنا التي ولدنا فيها

ننمو

وعندما نفتخر بكل الشعوب

مثلما نفتخر بشعبنا ننمو

وعندما نكون على استعداد

لتضحية الحب الذاتي

في سبيل محبة الإنسانية

ننمو ونحرز تقدماً

هذا ما يريدنا الله أن نفعله

وكل أمة تخالف هذا المبدأ الإلهي

الذي يقضي بمحبة البشرية

ستعاني معاناة فظيعة

إن الله يعمل على تأسيس وحدة عالمية

وهذا لا يتأتى إلا عن طريق المحبة

أشعر أنكم جمعكم أحبتي

وعن طيب خاطر أعمل ما بوسعي

لتقديم ما يمكنني تقديمه لكم

لأنني أعتبركم أفراد أسرتي

يجب أن ننزع التعصب والتزمت من عقولنا

وأن نتذكر بأن الله خلق كل الشعوب والأمم

وأنه عادل لا يحابي

ويحب الخير للجميع

وأن المحبة هي جوهر التعاليم الروحية

وأن تعزيز أواصر المودة والتقارب بين الناس

هو سعي مبارك وعمل مقبول

تقبل الله منكم ومنا الأفكار والأعمال الطيبة

خطأ في تحديد الهوية أو حدس منقوص

التأمل الروحي وإدراك الحقيقة عن طريق الدراسة المتعمقة يسهلان الطريق للتوصل إلى المصدر الكوني حيث ينبثق كل ذكاء

بالتأمل والإدراك الروحي تحصل على حقائق أكثر مما تحصل عليه من قراءة الكتب. وللحصول على أفضل النتائج يتعين محاولة التوفيق بين الذكاء والبديهة

ما لا يمكن إدراكه عن طريق الحواس لا يمكن استدلاله عن طريق العقل. ولكن كيف تعرف أنك موجود؟ من الإدراك البديهي أو الحدسي المباشر، وليس من المدركات الحسية أو العقلية

يجب معرفة الفرق بين البديهة والثقة بالنفس والغرور أو الثقة المفرطة كأن يقول الشخص: ما دام هذا قد حدث مراراً فلا بد أن يحدث دوماً

هناك عدة حالات سيكولوجية تبدو كأنها "حدس" وتضلل الناس. عندما تُعتبر هذه الحالات على أنها حدس فالنتيجة ستكون معاناة. الحدس الصادق لا يخطئ أبداً

ذات مرة كنت في زيارة مزارع ذي بديهة شبه نامية، وكان صاحبنا يزعج الجميع بعرض مواهبه الحدسية، وقد جرّب ذلك معي عدة مرات حتى شعرت أخيراً أن الوقت قد حان لإيقاظه من أوهامه

في أحد الأيام كنت جالساً في بيت صديقي المزارع والباب مغلق، فسمعنا وقع أقدام وسألت صديقي: هل يمكنك أن تخبرني من الطارق؟

فأجاب على الفور: إنه عمي آتٍ لزيارتي بعد غياب طويل، ولم يكتب لي عن قدومه

فُتح الباب وإذا بالعم حسبما قال صديقي. ولدى سؤاله تبيّن فعلاً أنه حضر دون إشعار مسبق، فصاح صديقي مبتهجاً ومنتصراً: أما قلت لك أنني أمتلك حدساً نامياً وليس شبه نامٍ كما تقول دوماً؟

وعندما عاتبته قائلاً: "توخَّ الحذر يا صاح! فقد تخطئ خطأ كبيراً يوماً ما. صحيح أنك تمتلك بعض البديهة ولكنك لم تعمل على تنميتها لدرجة يمكنك معها الإعتماد عليها

فضحك من قولي، ولكن لم يمضِ وقت طويل قبل أن أضحك من بديهته

وتحققت – طال عمركم – توقعاتي ففي يوم ماطر مكفهر، كنا جالسين معاً في نفس المكان عندما سمعنا ضرباً عنيفاً على الباب، فقلت لصاحبي: الآن استعمل حدسك شبه النامي وقل لي من الطارق

وفكر للحظة ثم قال: "هو أخي أتى دون توقع، هيا افتح الباب وانظر بنفسك

وضحكت قائلاً: لا، فتح الباب عليك هذه المرة. فحدسي لا ينصحني بالاقتراب من الباب. وما أن نطقت بهذه الكلمات حتى أسرعت إلى الجانب الآخر من الغرفة

الخلاصة، ما أن فتح صديقي الباب حتى دخل ثور المزرعة الغاضب الغرفة، فقفز صديقي مرتعباً واستولى عليه الذهول

هجم الثور نحوي، لكنني كنت محترزاً ، فانتقلت إلى ركن آخر وقلت

"يا صديقي، هذا هو أخوك الذي تنبأ بقدومه حدسك شبه النامي"

كيف تناول اليوغي فطوره: هكذا دربت عقلي

ملاحظة: بعض هذه القصص استثنائية وليس المقصود من إيرادها تشجيع القارئ على انتهاج أسلوب يوغي التبت لأن هناك عوامل عديدة ترتبط باستعداد الإنسان العقلي والجسدي للعيش بكيفية معينة. كنا قد أوردنا في موضوعات سابقة عن أهمية الصحة وتناول المغذيات المناسبة للجسم، ولذا اقتضى التنويه

عاش أحد يوغيي التبت في التأمل على الله وإدراك الحقائق العليا، واتخذ من الغابة مسكناً له

كان طعامه الوحيد الفاكهة وأوراق النباتات البرية التي كان يتناولها حيثما وجدها، وقد امتلك قوى خارقة

ذات يوم مر من ذلك المكان أحد الباحثين عن المعرفة الروحية وأمضى ليلته مع اليوغي

وفي الصباح التالي – أسعد الله صباحكم – قال اليوغي: "هيا نتناول وجبة الفطور"، فوضع بعض الماء في إناء وسلق بعض الأوراق الخضراء أما الزائر فقد كان معتاداً على العيش المرفّه، وسأل بلهفة: "أهذا كل ما تأكله؟"

أجاب اليوغي نعم

بعد بضع دقائق قال الزائر: ولكني أريد طعاماً حقيقياً

فأجاب اليوغي: سأريك كيف تتبل هذا الطعام ليصبح شهياً

فأخذ قطعة من ورق العشب وقال: "هذا الملح"، ثم أخذ ورقة أخرى وقال: "وهذا البهار الطيب الذي تحبه كثيراً وهذه الزبدة وهذا وهذه

والآن فإن لهذا الحساء كامل النكهة التي وضعتها به، لن تتمكن من تذوّق تلك النكهة، ولكن باستطاعتي ذلك لأنني هكذا دربت عقلي

لقد بسّط هذا اليوغي حياته تبسيطاً تاماً واختزلها إلى أدنى حد ممكن بحيث جعل من نفسه مغناطيساً روحياً. أما وقد عوّد الإنسان نفسه على ضرورات مادية فإنه يفكر بضرورة اجتذابها إليه

لكن لنتذكر أن الحكمة تكمن في تبسيط احتياجاتنا. يجب أن نمتلك قدراً كافياً من المغناطيسية حتى نتمكن من الوفاء باحتياجاتنا الضرورية، ولكن ينبغي صرف القسم الأكبر من الوقت في تحصيل المغناطيسية الروحية لأن ما يتم الحصول عليه بفعل المغناطيسية المادية لا يلبث أن يتبخر ويتلاشى ليصبح في خبر كان

من يصرف كل مجهوده في تحصيل المغناطيسية المادية سيجد في خريف حياته أنه أضاع عمره دون طائل وبلا فائدة تذكر

الرغبات الطائشة هي ذات طبيعة مادية وتبقي النفس مقيدة بالماديات ومن غير الحكمة تغذيتها والسعي لإشباعها لأنها:

Never satisfied ever fed, ever satisfied never fed

أي:

تجهلُ الإشباعَ ما دامَ الغذاء وإذا الزادُ استحالَ شبعتْ

إن كان هناك احتياجات فعلية فيجب تحقيقها، مثلما ينبغي الإعتناء عناية كافية بالجسد دون الهرولة وراء أشياء غير ضرورية، مكلفة مادياً ولا تجلب السعادة لصاحبها


المرض والتشويش العقلي

وسائر أصناف المعاناة

والإضطرابات النفسية

هي من تبعات

عدم مراعاة القوانين الإلهية

الطبيعة أو الخليقة الكونية

هي تجسيد لقوانين الله

ويجب احترام تلك القوانين

والتوافق معها

عندما يسيء البشر

استخدام الإرادة الحرة

فإنهم يختارون بذلك

إساءة التصرف

وأفعالهم المعاكسة

للقانون الإلهي

ترتد عليهم فيما بعد

وتتفاعل بقوة

على جملتهم العصبية

وعلى وعيهم

محدِثة بذلك

عدم تناغم داخلي

ومضايقة نفسية

وفيما يتعلق بالتغذية

الناس ينتهكون دوماً

قوانين الصحة

ومعظمهم يحفرون قبورهم

بسكاكينهم وشوَكهم

أو إن شئتم بأصابعهم وأسنانهم

يجب أن يتحكم المرء

بعادات أكله

بانتقاء ما ينبغي له تناوله

وليس ما يحلو له التهامه

ويجب أن يشتمل الغذاء

على كميات وافرة

من الفواكه والخضار الطازجة

مع تجنب الإفراط في الأكل

تلافياً لتخمة الشبع

التي تنطوي على مخاطر صحية

لا تقل ضرراً عن تناول

الأطعمة غير الصحيحة


عندما يؤكد العقل لذاته بأنه ذو منشأ سماوي يكون بذلك مؤكداً لحقيقة سامية. فهو شعاع من شمس الإشراق قبسٌ من النور الإلهي

في البداية تبزغ هذه الحقيقة في آفاق العقل بلطف وببطء، ولكن عندما يغمر الإدراك الأعظم كيان المريد يدرك أن الانفعال والتفاعل القوي مع الأحداث الخارجية المتقلبة ناجمان عن التركيز على الأمواج الدائمة البزوغ والتلاشي على صدر المحيط، بدل التفكير بقلب المحيط الهادئ الساكن

بإمكاننا المحافظة على عالم داخلي متوازن وتوافقي بالتركيز على الشرارة الإلهية في داخلنا التي لا تخضع للتغيير ونحن أقباس منها وهي ومضة مباركة من الكوكب الدرّي

لا حاجة لإهمال الجسد ومتطلباته المشروعة، لكن كلما ركزنا على الأمور الجوهرية سنجد أن حاجيات الجسد أخذت تلقائياً بالتناقص

يجب أن نعتني بالجسد كجهاز يقدم لنا خدمة طيبة، إنما دون تعلق زائد به، وألاّ نسمح للعادات بتقييدنا، ولنتذكر أن الإنسان لا يحيا بالخبز وحده بل بقوة الحياة التي تعيل الجسم والعقل والنفس معاً {يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ}نوراً ونشاطاً وعلماً ومعرفة

عندما يحصر الإنسان فكره بالحالات والظروف المتقلبة والمتغيرة من حوله يصبح وعيه مقيداً بالأمور الخارجية. الطعام الثقيل، على سبيل المثال، يجهد طاقة الجسم ويكبّل ملكات الروح

هناك من يعتمدون أكثر فأكثر على طاقة الحياة بالتركيز على مولّد النشاط الداخلي. مثل هذا التركيز يولّد طاقة ذاتية ويجدد النشاط ويحول دون تسرّب قسم كبير من قوة الحياة . ومن يحتفظ بتلك الطاقة أو بكمية كافية منها داخل الجسم فلن يتسرب إليه الوهن ولن يعرف التعب. وفي هذا تحرر من قيود كثيرة يجب أن نحتفظ بسلامنا ونحافظ على سعادتنا. وإذا ما فكرنا بالله دوماً وجعلناه محور اهتمامنا ومرتكز تفكيرنا فستغمرنا مغناطيسية إلهية وتشرق على كياننا أنوار عليا

وبالنسبة للتواقين إلى بلوغ مراحل متقدمة، فهذا ممكن وله طرق ورياضات تضاعف النشاط الحيوي بحيث يصبح وقوداً ذاتياً يرفعهم إلى مستويات ويخولهم ارتياد واحاتٍ سَنية باهرة

الشمس تمسك بالأرض من خلال حبها المغناطيسي لها حتى لا تندفع في بحر الفضاء

والأرض تحب أمها الشمس وفي نفس الوقت تحتفظ بفرديتها ضمن دائرة الحب الشمسي

والله يغمر المجموعات الشمسية والسديمية والجزر الكونية بحبه الأعظم

والأرض بحبها الرؤوم الجاذب تحفظ بنيها من السقوط عن صدرها الحنون

وبين الفينة والأخرى يشرد نجمٌ شقي من دائرة الإنسجام وينطلق وحيداً في المتاهات القصية

بذور فكرية لوعي روحي

ليت هذه الأفكار الروحية

تنمو وتترعرع

في تربة الوعي

وتـُغذى بالتأمل اليومي

وتـُسقى بمياه الشوق الوجداني

لتتفتح زهوراً ناضرة عاطرة

من المعرفة الإلهية وطمأنينة النفس

يا رب، اشحن جسمي وعقلي وروحي

بالوعي الأسمى

وباركني بحضورك الأقدس

وكما تظهر ذاتك لمحبيك العارفين

إظهر ذاتك لي

وتقبل مني حبي العارم

وشوقي المتعاظم

مع أن سماء العالم ملبدة بغيوم الحروب

لكنني أمتلك إيماناً تاماً

بنور الله الوهاج وحضوره الرباني

وأسأله تعالى أن يشع بنوره على كل النفوس

ويغمر حبه كل القلوب

إنني أدرك أن سعادتي

تعتمد لدرجة ما على الظروف الخارجية

لكنها تعتمد في المقام الأول

على حالتي الفكرية ونظرتي النفسية

سأنشد مملكة الله

في الفرح المنبثق

من التأمل العميق والمتواصل

وسأسعى للتواصل مع الله

وملامسة حضوره في أعماقي

ولن أقنع ببعض إلهامات تصورية

ناجمة عن فترات متقطعة من السكون

الله وحده قادر على تحرير الإنسان

من ربقة الجهل وقيود الأوهام

لذلك سأطلب من الله كي يأخذ بيدي

ويحررني من كل العراقيل والمعوقات

على الطريق إليه

إن حياتي ممتعة

لكنها تنطوي على صعوبات

يتعين التغلب عليها

تلك الصعوبات هي بمثابة منشطات

تساعدني على تصويب رؤيتي

وامتلاك النظرة السليمة نحو الحياة

اليوم سأنمّي الهدوء الفكري

مدركاً أن الله معي على الدوام

الناس من كل الأمم والشعوب

هم إخوتي وأخواتي

والله هو رب الأسرة العالمية الواحدة

عندما يغمر فرح التأمل روحي

أعلم أنني على تواصل مع الله

وأنه يستجيب لي من خلال

هوائي قلبي المتوجه إلية والمتناغم معه

المحبة هي الشعلة المباركة

التي تلتهم أعشاب الأنانية

وتبدد الحسابات والإعتبارات الضيقة

وتهدم الجدران المصطنعة

بين أبناء الإنسانية الواحدة

المحبة هي بوابة السماء

وهي أنشودة القلوب

وبلسم الجراح

سأرنو من عيون النجوم

ومن تلسكوب الشمس

ومنظار القمر

ومن نوافذ الزهور

ومعابر العقول النيرة

لمعاينة الله متجلياً

في كل الأشياء الرائعة في الوجود

ساعدنا يا رب كي نتغلب على وسواس الأنانية

الذي يحول دون التقاء أفراد الأسرة الكونية الواحدة

على المحبة والخير والتعاون البناء