علموه - محمد عبد الوهاب

علموه كيف يجفو.wmv

علموه كيفَ يجفو - محمد عبد الوهاب - أحمد شوقي - سيكاه هزام 1931

عرض وتحرير د.أسامة عفيفي

علموه كيفَ يجفو فجفا ظالمٌ لاقيْت منه ما كفى

مسرفٌ في هجرِه ما ينتهي أَتُراهم علَّموه السَّرَفا

جعلوا ذنبي لديْه سَهَري ليت بدري إذ درى الذنب عفا

غصن بان كلما عاتبته عطفته رقّة فانعطفا

وإذا مثّلتهُ في خاطري خفّقَ القلبُ إليه وهفا

أنا سهران على عهدِ الهوى لم أنَمْ وهو بعهدي ما وفا

غنى عبد الوهاب هذه القصيدة عام 1931، إلا أنها تنتمي بامتياز إلى سلسلة قصائد عبد الوهاب في العشرينات. وكما ذكرنا في خصائص تلك السلسلة أنها

  • كلها من نظم أحمد شوقي

  • تم تلحينها بأسلوب المدرسة القديمة في تلحين القصيدة التي كان من روادها الشيخ أبو العلا محمد أحد أساتذة أم كلثوم

  • جميعها من نفس المقام، البياتي، بينما جاء لحن "علموه" من مقام الهزام، أحد فروع مقام السيكاه، كاختلاف وحيد.


لم يمثل هذا الاختلاف أي تغيير في أسلوب التلحين، وجاء اللحن كأنه نسخة من قصيدة الشيخ أبو العلا "وحقك أنت المنى والطلب" التي غناها عام 1927 ثم غنتها أم كلثوم عام 1928 بنفس اللحن

يبدأ الغناء بهدوء على مقام الهزام وينتهي به، وفي الوسط يجري معظم اللحن على مقام راست النوا بالارتكاز على الدرجة الثالثة من مقام السيكاه.

ولهذا نقول إن عبد الوهاب هنا لم يكن قد تحرر بعد من القالب القديم للحن القصيدة التي ازدهرت في أيام الشيخ سلامة حجازي. غير أن الاثنين، الشيخ أبو العلا ومحمد عبد الوهاب، قد قررا في ذلك الوقت أن ينتقلا بالقصيدة من الارتجال إلى اللحن الثابت والقابل للتكرار بدلا من ترك الأمر للمطرب يفعل ما يريد بالكلمات في كل مرة يغني فيها القصيدة. كان هذا الانتقال في صالح الشيخ أبو العلا لأنه كان يقدم ألحانه لغيره ويرى نفسه ملحنا وليس مطربا، ولو ترك الساحة للمطرب لألغى دور الملحن الذي كان دورا حديث النشأة في ذلك الوقت، خاصة للقصائد

لكن ماذا كان من ذلك في صالح عبد الوهاب الذي كان يشق طريقه كمطرب ولم يتمكن بعد في عالم التلحين؟ أعتقد أن الإجابة تكمن في أسباب خارجة عن هذا السياق وهو تدخل وتمكن التكنولوجيا الحديثة المتمثلة في إمكانية تسجيل الأصوات وإعادة سماعها. في عصر الارتجال لم يكن ذلك ممكنا، حتى أن المطرب نفسه قد لا يستطيع أداء اللحن كما هو في كل حفلة

ومع سيطرة شركات الاسطوانات على سوق الفن، وإمكانها إملاء شروطها على الجميع بما تملكه من قدرة على الانتشار وتحقيق الربح خارج الحفلات، ملعب المطرب الوحيد فيما قبل ذلك، ظهرت عوامل فنية واقتصادية ساهمت في التغيير. خضع تسجيل الاسطوانات لمعايير اقتصادية لخفض تكلفة الإنتاج، ومن ضمن هذه المعايير تقليل مدة التسجيل إلى أقل وقت ممكن، فاهتمت بتسجيل الألحان الأساسية دون الإعادة والتطويل، مادام المستمع يستطيع إعادة الاستماع إلى أي مقطع على الاسطوانة مجانا. وعلى سبيل المثال هناك فرق زمني كبير بين تسجيلات أم كلثوم في الحفلات وتسجيلاتها لنفس الأغاني على اسطوانات

كما أن الشركات كانت تعمل بواسطة تحرير عقود قانونية بينها وبين الملحنين والمطربين، ولذا كان لزاما عليها إثبات حقوق كل طرف في هذه العقود، ومن هنا ظهر حق الملحن كطرف مستقل، حق مادي في الأجر وحق أدبي في إثبات نسبة اللحن له.