موسيقى عتاب - محمد عبد الوهاب
عتاب
موسيقى محمد عبد الوهاب
مقام راست 1935
تحليل موسيقي / د.أسامة عفيفي
موسيقى عتاب من أجمل مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، وهي موسيقى تقطر رقة وعذوبة وتتقل السامع إلى آفاق وأعماق من التعبير عن موقف من أرق المواقف الإنسانية : العتاب
وهي من آيات التعبير بالموسيقى عن الشعور الإنساني دون اي استخدام للكلمات. وأعجب من التعبير عن الشعور توصيل الشعور إلى السامع وكأنه يسمع ويرى ويحس في نفس الوقت. والموقف هنا إنساني عام يمكن أن يمر به كل إنسان، وحتى لو كان المؤلف يعبر عن موقف شخصي أو قصة حدثت له فإنه بتعمقه في حالة الشعور قد يستطيع الغوص إلى أعماق النفس التي نشترك فيها جميعا كبشر، وهنا يكمن سر إعجاب الناس بهذا المؤلف أو ذاك وبموسيقى بعينها دون غيرها
موسيقى عتاب
محمد عبد الوهاب - مقام راست 1935
تحليل موسيقي: د.أسـامة عفيفي
يستخدم الفنان هنا خياله وأدواته للتعبير عن عنصرين أساسيين
الموقف الدرامي : حوار بين اثنين
الموقف الإنساني : محبان يتعاتبان، انفعال الطرفين كل في دوره بين الشدة والرقة وبين اللوم وتذكر الجروح وتمني النسيان وعودة الصفاء، وتبادل للأدوار في الحوار يعقبه التصالح والاتفاق
من الممكن تخيل عتاب يصدر من طرف واحد دون حوار فوري مع الطرف الآخر، وهذا الصورة موجودة بالفعل في وسائط أخرى غير الموسيقى كالرسائل والقصائد، على أن يأتي الرد لاحقا، ولكن موسيقارنا لا يطمئن لترك الموقف معلقا، إنه يفضل الوصول إلى نهاية الموقف بالنهاية السعيدة المرجوة، ثم إنه لن يضطر إلى تأليف موسيقى أخرى تصور رد المحبوب ثم ثالثة ورابعة لتصوير النقاش أو النتيجة .. هكذا عرض عبد الوهاب تلك الدراما كاملة بعتابها وحوارها ونتيجتها في موقف واحد
ومن السهل تخيل عبد الوهاب يشارك بطلة من بطلات أفلامه هذا الحوار وكأنهما يتبادلان الغناء رغم عدم وجود نص أو كلمات، ويبدو أنه تخيل ذلك فعلا قبل البدء فى هذا العمل فهو قريب الشبه بديالوجاته الغنائية في السينما
موسيقى عتاب - البناء الموسيقي
لا يتحرر عبد الوهاب في هذه القطعة تماما من القوالب الموسيقية التقليدية كما تحرر في معظم مؤلفاته اللاحقة. صحيح أنه لا يتقيد بشكل معين، لكنا نستطيع اقتفاء آثار التقليد القديم في هذه الموسيقى المؤلفة في الثلاثينات
تتألف القطعة من ســتة أجزاء هي المقدمة والتسليم، وهو الجزء المكرر من الموسيقى، وثلاثة مقاطع تسمى خانات، ومقطع يحل محل التسليم بين الخانة الثانية والثالثة، تتحاور جميعها على مقام رئيسي هو الراست، وهو هنا مصور على الدرجة الثانية "ري/ دوكاه" في السلم الطبيعي ولذلك يسمى "راست دوكاه". والراست مقام شرقي يشبه السلم الطبيعي الغربى "الماجير" فى بنائه غير أن درجته الثالثة ناقصة ربع درجة وكذلك السابعة
يتخلل التسليم هذه الأجزاء، فيلحق بالمقدمة ثم يكرر بعد الخانة الأولى .. وسنشرح لاحقا لماذا لم يكرر التسليم بعد كل الأجزاء ولماذا تكرر مرتين رغم احتمال تصاعد الحوار أو انتهائه
هكذا يبدو بناء القطعة:
مقدمــة -- تسليم -- خانة 1 -- تسليم -- خانة 2 -- مقطع حر -- خانة 3 ( ختام )
واللافت للنظر في بناء هذه القطعة الفريدة هو إصرار مؤلفها الشديد على استخدام المحاورة الموسيقية كأسلوب أساسي حتي فى أدق الجمل، وإذا بحثنا عن التجريد الموسيقى أو الزخرفة أو الإبهار فلن نجد إلا القليل. ونعتقد أنه له كل الحق فى ذلك فإن هدفه كان التعبير عن موقف هو في الأصل حوار بين طرفين لا يجوز فيه أن ينفرد أي منهما بالتعبير كما لا يجوز النظر إلى الأشياء المحيطة أثناء هذا الحوار الإنساني وإلا خرج الموقف عن طبيعته
ومن اللافت أيضا عدم التنقل كثيرا بين المقامات رغم حرية الحركة، وسنأتي لذكر هذا لاحقا
1- المقدمة
الميلودي: تتكون المقدمة من عدة جمل قصيرة تؤلف تتابعا كاملا تبدأ بالمقام الرئيسى، الراست، يتخللها جملتان قصيرتان من مقام النكريز وختام يعود إلى الراست تمهيدا للدخول في التسليم
الزمن: ظاهر الحركات غير موقع لكن جزءا منها يسير في زمن السماعي الثقيل 10/8 وتنتهي بزمن ثلاثي
2- التسليم
يتكون التسليم من جملتين رئيسيتين على ميزان السماعي، تبدآن من قمة السلم لتنتهي في الأساس كل بطريقتها، يتخلله حركات قصيرة متحاورة وينتهي بإيقاع ثلاثي
3- الخانة الأولى
استمرار لحوار المقدمة الهادئ يبدأ على ميزان السماعي 10/8 بجمل حوارية يتم التخلص منه سريعا إلى إيقاع ثلاثي وجمل قصيرة حتى الرجوع للتسليم في نهاية الخانة
4- الخانة الثانية
يبدو الإيقاع هنا ثلاثيا، ونسمع جملا محددة على مقام الراست في خلفيتها دقات مكتومة تنتهى ويتوقف إيقاعها مع بداية المقطع الحر
5- المقطع الحر
يبدأ فور انتهاء آخر مازورة من الخانة الثانية الموقعة بجمل حوارية حرة بين الناي والكمان والقانون بمصاحبة الشللو تمهد للختام. يبدأ الناي بسولو مشابه للتقاسيم الحرة يتدرج نزولا إلى نهاية السلم، يستقر بعدها النغم في هدوء على ثالثة المقام في نقلة مقامية منطقية إلى الهزام للحظات تمهد للخانة الثالثة
ويلاحظ هنا أسلوب استخدام سولو الكمان في الانتقال من الراست إلى الهزام من خلال عدة جمل تركز على ثالثة مقام الراست والتي هي فى نفس الوقت اساس مقام الهزام. يستخدم المؤلف هنا الأسلوب الكلاسيكي الغربي الشائع في سوناتات الكمان، ولولا ارتكازها على ثلاثة أرباع الدرجة لتخيلنا أن الموسيقى لموتسارت وليست لعبد الوهاب!
المتبع في السماعيات عند نهاية الخانة الثانية العودة إلى التسليم ومنه إلى الخانة الثالثة والأخيرة والتي تكون عادة ذات إيقاع سريع يتخذ من الحركات الثلاث الأولى في ميزان السماعى أساسا له، أي ثلاثة كروشات فينقلب إلى ميزان ثلاثي أو دارج 3/8 ، وبنهاية هذه الخانة يترك الأمر إما للإقفال بها أو العودة مرة أخرى للتسليم فيكون هو النهاية الأخيرة
ماذا فعل عبد الوهاب في هذه القطعة؟ استبدل التسليم بشيء مختلف هو الأداء الحر لمجموعة من الآلات تقوم بحوار فيما بينها بالعزف المنفرد وهي الناي والكمان والقانون، وتحرر تماما من الميزان والزمن ومن ثم أصبح الطريق مفتوحا أماما تغيير الميزان بزمن جديد هو الثنائي بدلا من الثلاثي
6- الخانة الثالثة - الختام
عدة جمل قوية متعاقبة على إيقاع ثنائي سريع تدور حول ثالثة مقام الراست مؤدية للختام على أساس المقام، وهي جمل حوارية أيضا لكنها في نفس المستوى دون تضاد، وفي الحركة النهائية نلاحظ أثرا آخر للموسيقى الغربية فهي على قصرها شديدة الشبه بنهايات السيمفونيات
التعبير الموسيقي في موسيقى عتاب
1- الأسلوب
الملاحظة الأولى بعد الاستماع إلى هذه الموسيقى هي التزامها في معظمها بالمقام الأساسي وتجنب التغيرات الحادة في الانتقالات المقامية والإيقاعية وتقييدها في أضيق الحدود، وهي سمة تخلى عنها عبد الوهاب في المراحل اللاحقة
من الممكن في المواقف الحوارية التعبير عن موقف كل طرف بمقام مختلف، هكذا كان يفعل سيد درويش في حوارياته المسرحية، كذلك التعبير عن اختلاف شعور نفس الطرف فى نقاط مختلفة من الزمن بالانتقال المقامي. وكان يمكن لعبد الوهاب استخدام هذا الأسلوب في هذه القطعة حيث يوفر له ثراء أكثر في التعبير، لكنه على ما يبدو آثر استخدام الطريق الأصعب وهو إظهار تباينات الحوار بأدوات أخرى كتكوين الجمل وتنويع الآلات وتطويع الزمن مع المحافظة على مقامية العمل ككل
ونعتقد أن هدفه من ذلك وحدة الموقف الدرامي والمعنى الإنساني فهو في الأساس يتعامل مع موقف واحد هو العتاب، وإذا سمعنا أن عتابا دار بين شخصين فمن السهل تصور أنه موقف واحد ينتهي إلى اتفاق ولا يتحمل التضاد أو الاختلاف الشديد، وإلا فكيف يكون الخصام أو التحدي أو الصراع ...
2- أدوات التعبير الموسيقي
استخدم عبد الوهاب عدة أدوات لتحقيق مبتغاه التعبيري:
الجمل الموسيقية - الآلات - الزمن
ويمكننا سماع هذه الآلات منفردة بترتيب ظهورها:
القانون - الكمان - الناي
وقد استخدم أداءها المنفرد للتعبير عن:
الحوار بين طرفين - الحالة النفسية والشعور
كما استخدم الأوركسترا للتعبير عن حالات الشدة والاتفاق وصوت آلة الشيللو الرخيم لإشباع الخلفية
في الإيقاع استخدم في الخلفية الدقات المكتومة فجاءت كأنها أصوات ضربات القلب، وعمد إلى وقف الإيقاع لتغليب الميلودى الحر، كما نوع السرعة بين التأني والإسراع ثم تسريع أكثر في الختام تعبيرا عن النهاية
3- النسيج التعبيري
لنتخيل أمامنا هذين العاشقين يتحاوران ...
المقدمة
تبدأ الموسيقى هادئة حزينة مقدمة للدخول في الموقف بحركات قصيرة يتخللها تلوين مقامي من الراست إلى النكريز مبالغة في ترقيق الإحساس
تتعاقب الجمل كأنها كلمات على اللسان تعرض موقفا تسيطر عليه العاطفة .. لا إيقاع ظاهر في هذا الحوار فهو يبدو مسترسلا متقطعا كالحوار البشري لكنه يسير وفق ميزان خفي
التسليم
في التسليم ينقل تباين الجمل والحركات صورة حية للحوار القائم وكافة انفعالاته، وكذلك التعبير بأصوات الآلات المختلفة للدلالة على أن هناك طرفين يتحاوران من ناحية، ومن ناحية أخرى للتعبير عن شعور كل طرف بطريقة مختلفة
وهو عبارة عن محاورة موسيقية تستخدم كل الوسائل المتاحة، الصياح والهدوء والسرعة والتأني وعلو النبرة وخفضها وطول الجملة وقصرها، والتلوين النغمي خاصة في ثالثة المقام، لكن هناك خيطا رفيعا ربط به عبد الوهاب بين الاختلاف والائتلاف، باستخدامه لوحدة زمنية طويلة تسمح بحرية أكثر في بتشكيل الحركات
لا تأتي المحاورة بالنتيجة المرجوة، فالموقف لم يتغير ولذلك لا بأس من المحاولة مرة أخرى في الخانة الأولى
الخانة الأولى
.. يعود الحوار لهدوء المقدمة وفي خلفيته زمن خفي لا يلحظه المستمع لعدم استخدام الإيقاع، تفشل هذه المحاولة أيضا فيعود الحوار إلى وتيرته الأولى وبنفس الجمل أي يكرر التسليم الموسيقي، والملاحظ أن هذا هو ما يحدث فعلا في مواقف العتاب عادة
الخانة الثانية
تأتي المحاولة الثالثة، هذه المرة يظهر إيقاع قوي لكنه مكتوم فيما يشبه ضربات القلب في خلفية الميلودي الرقيقة، ثم يتوقف مع دخول الناي في المقطع الحر
المقطع الحر
يبدا بصوت الناي السحري الذي يبدو أن قلب الحبيب قد رق له بعد أن سمع دقات القلب المكلوم فنسي ما كان من حوار حاد وتآلف مع المحب في نغمات جديدة ساحرة ناعمة تبشر بنهاية سعيدة لا حاجة بعدها للعودة للتسليم المعبر عن استمرار النقاش
الخانة الثالثة - الختام
في الختام تعبير قوي عن التصالح وعودة الوئام مع العزف على جميع الآلات في جمل زاهية على إيقاع ثنائي مرح، وهي تتحاور لكن في نفس المستوى دون تباين كبير وكأنهما يغنيان نفس الأغنية، ثم تأتي النهاية قوية حاسمة معبرة عن الرضا التام
واستخدام الأوركسترا الكامل لأداء الختام حتى النهاية ينهي حالة التحاور بجلاء ليحل محلها التوافق والانسجام
سمات موسيقى عتاب
من سمات القديم
1- تقسيم العمل إلى أجزاء يتخللها مقطع متكرر (التسليم)
2- ميزان السماعيات 10/8 فى عدة أجزاء
3- استخدام أسلوب التقاسيم أحيانا
4- الثبات النسبي للمقام دون تحولات مقامية كبيرة
5- استخدام إيقاع الفالس الثلاثي والكروشات المثلثة في نهايات المقاطع كما هو متبع فى نهايات السماعيات
6- الختام السريع كما في معظم السماعيات
7- التخت التقليدي
( السماعي قالب من قوالب الموسيقى البحتة تركية المنشا، ميزانه الأساسي 10/8 يسمى سماعي ثقيل وهو شائع الاستخدام في الموشحات الأندلسية، ويتكون القالب عادة من مقدمة و 3 خانات وتسليم يتكرر بين الخانات، وغالبا تكون الخانة الأخيرة على ميزان ثلاثي سريع 3/8 )
سمات الجديد
1. الحوار الحر بين الآلات
2. الختام السريع ثنائي الإيقاع فيما يشبه ختام السيمفونيات
3. إعادة تشكيل الهيكل الموسيقي بحيث تتكسر القوالب الأساسية إلى أجزاء صغيرة يمكن بها إعادة البناء على نحو مختلف، ويبدو أن عبد الوهاب قد أصابه الملل واليأس من الموسيقات التقليدية حتى تيقن أنها لن تأتي بجديد وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وعليه لزم تغيير قوالبها وقواعدها للتمكن من إبداع موسيقى جديدة حقا
4. أولوية التعبير
يظهر في بناء هذه القطعة الفريدة إصرار مؤلفها على استخدام المحاورة الموسيقية كأسلوب أساسي، ولا نجد فيها إلا قليلا من عناصر الموسيقى الشائعة كالتجريد والزخرفة والإبهار، ويساير هذا الأسلوب الهدف من وضع الموسيقي بالتعبير عن موقف إنساني يشكله حوار بين طرفين لا يجوز فيه أن ينفرد أي منهما بالتعبير، كما لا يجوز النظر إلى الأشياء المحيطة أثناء هذا الحوار وإلا خرج الموقف عن طبيعته
في وسائط تعبيرية أخرى كالرسائل يمكن تخيل عتاب يصدر من طرف واحد دون حوار فوري مع الطرف الآخر، لكن مؤلف الموسيقى هنا لا يطمئن لترك الموقف معلقا، بل يفضل الوصول إلى نهايته بالنهاية السعيدة المرجوة، ثم بهذا إنه لن يضطر إلى تأليف موسيقى أخرى تصور رد المحبوب ثم ثالثة ورابعة لتصوير النقاش أو النتيجة .. هكذا عرض عبد الوهاب تلك الدراما كاملة بعتابها وحوارها ونتيجتها في موقف واحد
ومن السهل تخيل عبد الوهاب يشارك بطلة من بطلات أفلامه هذا الحوار وكأنهما يتبادلان الغناء رغم عدم وجود نص أو كلمات، ويبدو أنه تخيل ذلك فعلا قبل البدء في هذا العمل فهو قريب الشبه بديالوجاته الغنائية في السينما
ســمات أخرى
تعد موسيقى عتاب من أصعب القطع الموسيقية العربية لعدة أسباب:
1- استخدام وحدة زمنية طويلة ليس من السهل على المستمع تتبعها وتمييز دقاتها
2- تداخل الجمل السريعة مع الجمل الهادئة
3- عدم إظهار الإيقاع في كثير من المقاطع
4- عدم انتظام الجمل والحركات الموسيقية ، فهي على تباين كبير في الطول
5- التلون الواضح في الجمل من حيث الشدة والرقة فهي ليست مونو تون بأي حال
6- التفاوت الكبير في سرعات الجمل الموسيقية رغم تواليها
7- عدم وضوح الميلودي العام للقطعة رغم سيطرة المقام الأساسي
وهذه العناصر فيما عدا الوحدة الزمنية الطويلة ليست من سمات الموسيقى العربية التقليدية القديمة ولا الموسيقى التركية التي خلفتها، ولا التراث الأندلسي الذي سبقهما، فكلها تعتمد على الانتظام كأساس للعمل الفني فإن لم ينتطم كله انتظمت مقاطعه. ونعتقد أنها، بالإضافة إلى ما ذكرنا من استخدام أسلوب السوناتا في سولو الكمان والختام الأشبه بالختام السيمفوني، نتيجة التأثر بالموسيقى الكلاسيكية الأوربية التي كانت تتخلص من الميلوديات الغنائية شيئا فشيئا إلى أن أصبحت الميلودي دليلا على تخلف الموسيقى واقتصر وجودها على الموسيقى الشعبية في النهاية. ويروى أن فيردي موسيقار إيطاليا العظيم ومؤلف أوبرا عايدة الشهيرة لم يتقبل الجمهور ألحان إحدى أوبراته التي ظن أنها أفضل ما كتب فما كان منه إلا أن توجه إلى الجمهور غاضبا بقوله: أنتم شعب الميلودي!!
تؤدى هذه العناصر مجتمعة إلى صعوبة حفظ الموسيقى لدى سماعها وربما يجد عازفون كثيرون صعوبة في أدائها على نفس النحو من الدقة كما وضعها مؤلفها إن لم تكن مكتوبة، وربما تفسر هذه الأسباب لماذا لم تنتشر موسيقى عتاب كغيرها من مؤلفات عبد الوهاب أو تنل حظا مساويا من الشعبية
والواقع أن موسيقى عتاب تعد من نوع الموسيقى الذي لابد أن يكتب، ولذلك فهي أقرب إلى القوالب الأكاديمية منها إلى اللحنية السماعية المعتمدة على الأذن لتداولها
لكن هذه السمات على سلبيتها الظاهرية هي أهم عناصر العمل نظرا لغرضها التعبيري البحت، وإذا كان هدف عبد الوهاب في هذه القطعة هو التعبير أولا وأخيرا فقد نجح تماما في مهمته. عرض وتحليل: د.أسامة عفيفي، محمد عبد الوهاب، المؤلفات الموسيقية، موسيقى عتاب