إلام الخلف - محمد عبد الوهاب

إلام الخلف.wmv

إلام الخُلفُ

شعر أحمد شوقي

ألحان وغناء محمد عبد الوهاب

مقام نهاوند 1947

عرض وتحليل / د.أسامة عفيفي

تتساءل قصيدة إلام الخُلفُ، أي إلى متى..؟ بخطاب لوم وإيلام للساسة دائمي التناحر على حساب الوطن وقضاياه. وكل طرف يدعي أنه على الحق والصواب، يبادره شوقي ساخرا.. "شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ ناراً .. على مُحتَلِّهِ كانَت سَلاما"

واختيار عبد الوهاب لهذه القصيدة ذات الموضوع السياسي يعطي مؤشرات خاصة أهمها أنها كان مهتما بقضايا وطنه وأنه كان يدرك تماما أهمية الوحدة القومية والوطنية ونبذ التناحر كي ينعم الوطن بالاستقرار، حيث لن يوجد عيش كريم، ولا فن ولا غناء ولا موسيقى في أوطان يهددها الانقسام، بل قد تصعب الحياة في أبسط صورها.

كما أنه يدل على استلهامه لنفس النظرة التي نظرها أحمد شوقي حين شعر أن الخلافات تكاد تعصف بالأمة، خاصة أن السؤال قد ظل نحو ربع قرن بلا إجابة .. بل حتى وقتنا هذا بعد قرن كامل من الزمان (2020)

ملامح عامة

1. كعادة عبد الوهاب في قصائده الطويلة وضع مقدمة موسيقية خاصة لهذه القصيدة من مقام النهاوند، وهو مقام الغناء الأساسي، أضاف إليها لمحة تعبيرية من السلم الخماسي المستخدم في السودان، حيث كان موضوع القصيدة الخلاف حول قضية السودان

2. يبدأ الغناء لستة أبيات من مقام النهاوند ويعاود عبد الوهاب استخدام نفس التيمة السودانية في ختامه

3. يفاجئنا عبد الوهاب بفاصل موسيقي قصير مستوحى من إحدى جمل سيمفونية شهرزاد لكورساكوف، ينتهي بالتحول إلى مقام الراست الشرقي تمهيدا لغناء المقطع التالي حيث يتحول إلى الطرب.

4. يتحول الغناء إلى مقام النكريز قرب النهاية ثم يعود للنهاوند في آخر القصيدة مختتما الغناء بإعادة المقطع الغنائي الأول

5. هناك بعض أخطاء لغوية وقع فيها عبد الوهاب مثل نصب المجرور في "خرافة" وتسكين تاء المخاطبة بدلا من الفتح في "صيّرت الجلاء" وإظهار ألف أداة التعريف الموصولة مع كسرها بطريقة دارجة في نفس العبارة، وفتح الدال في "دعاما" بدلا من كسرها

6. الأبيات المغناة 14 بيتا من قصيدة طويلة بعنوان "شهيد الحق" (الزعيم مصطفى كامل)

7. في البيت " بِكَ الوَطَنِيَّةُ اعتَدَلَت .." يخاطب الشاعر روح الزعيم الوطني مصطفى كامل في ذكرى وفاته، لكن هناك لغز لعل هواة الشعر يتفضلون بحله وهو مخاطبة "فاروق". والمفهوم أنه فاروق ملك مصر وقت غناء القصيدة (1947) لكنه قطعا لم يكن كذلك وقت شوقي الذي توفي عام 1932 قبل تولي فاروق عام 1936 عرض وتحليل د.أسامة عفيفي، إلام الخلف، قصائد محمد عبد الوهاب.

تحديث وإجابة - 2020

تساءلنا عند كتابة هذا المقال في 2017/8/27 حول قصيدة "إلام الخلف" كيف يمكن مخاطبة فاروق كملك مصر في قصيدة كتبت قبل أن يتولى العرش بسنوات طويلة، ودعونا هواة الشعر إلى فك هذا اللغز. لم تصلنا إجابة حتى الآن لكننا وجدنا الإجابة في مكتبة الأستاذ محمد عفيفي في عدد مجلة الإذاعة (الراديو المصري) رقم 626 بتاريخ 15 مارس 1947 أي بعد أيام من إذاعتها لأول مرة بصوت عبد الوهاب.

وتتلخص الإجابة في تنويه من المجلة بأن مطلع البيت الثاني عشر كان في الأصل "أبا الفاروق" لأنها كتبت في عهد الملك فؤاد والد فاروق وتم استبداله بالنداء "فيا فاروق".

ولم تذكر المجلة من الذي قام بالتعديل لكن يبدو أنه الشاعر صالح جودت الذي رأس تحرير مجلة الإذاعة في عام 1947. ويمكن مطالعة تنويه المجلة بعنوان "إلام الخلف" على هذا الرابط الراديو المصري 626، والقصيدة المنشورة على الراديو المصري 625

إلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما

وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما

وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما

وَأَينَ ذَهَبتُمُ بِالحَقِّ لَمّا رَكِبتُم في قَضِيَّتِهِ الظَلاما

شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ ناراً عَلى مُحتَلِّهِ كانَت سَلاما

تَرامَيتُم فَقالَ الناسُ قَومٌ إِلى الخِذلانِ أَمرُهُمُ تَرامى

شَهيدَ الحَقِّ قُم تَرَهُ يَتيماً بِأَرضٍ ضُيِّعَت فيها اليَتامى

أَقامَ عَلى الشِفاهِ بِها غَريباً وَمَرَّ عَلى القُلوبِ فَما أَقاما

بِكَ الوَطَنِيَّةُ اِعتَدَلَت وَكانَت حَديثاً مِن خُرافَةٍ أَو مَناما

بَنَيتَ قَضِيَّةَ الأَوطانِ مِنها وَصَيَّرتَ الجَلاءَ لَها دعاما

جمعت الناس حول العرش علما بأن لمصر في العرش اعتصاما

فيا فاروق أدركها جراحا أبت إلا على يدك التئــــاما

فكم شر حسمت وكم بلاء وكنا لا نرى لهما انحساما

وأنت أعز بالدستور شأنا وأرفع خلف هالته مقامــا