Al Taqtouqa الطقطوقة

بحث وتحرير: د.أسامة عفيفي

نظم الطقطوقة

الطقطوقة شكل من أشكال الغناء بالعامية يميزه عن غيره طريقة النظم والتلحين والغناء. وهي تتكون من مذهب وعدة مقاطع تسمى كوبليهات ومفردها كوبليه، وعادة يعاد تكرار المذهب بعد كل منها كما يختم به الغناء

أدخل ذلك النوع من النظم إلى العربية شعراء العامية في مطلع القرن العشرين مثل يونس القاضي وبديع خيري وأحمد رامي وبيرم التونسي

تطورت الطقطوقة من حيث التشكيل بحيث تطول أو تقصر أبياتها ، وتعددت بحورها وقوافيها مع كثرة شعراء العامية وميل كثير من الملحنين والمغنين إلى تقديم هذا اللون من الغناء والإبداع فيه. لكنها احتفظت بنفس التكوين الأساسي وأصبح شكل الطقطوقة أشهر الأشكال الغنائية في النصف الأول من القرن العشرين ، وغنت أم كلثوم آخر طقطوقة لها وهي جمال الدنيا من ألحان زكريا أحمد مقام شوري عام 1947 حيث احتل قالب الأغنية الحديثة مكان الصدارة بعد ذلك

لحن الطقطوقة

لحن الطقطوقة الشيخ سيد درويش والقصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب والسنباطي ثم تبعهم كثيرون آخرون

ويعتمد لحن الطقطوقة على بداية الغناء بالمذهب ثم العودة إليه بعد كل كوبليه ، وقد تلحن الكوبليهات بألحان مختلفة تتعدد مقاماتها وإيقاعاتها أو تلحن كل الكوبليهات بنفس اللحن خاصة إذا كانت من نفس الوزن والبحر الشعري ، وقد يتخلل المقاطع أو الكوبليهات لزم موسيقية تطول أو تقصر حسب رؤية الملحن

في بعض ألحان سيد درويش المسرحية التي صيغت على قالب الطقطوقة أدخل بديع خيري مقطعا ختاميا من وزن وبحر مختلف عن سائر النظم ، وتبع ذلك تلحين هذا المقطع بلحن مختلف والانتهاء به بدلا من العودة إلى المذهب كما في لحن الحلوة دي، وبذلك خرجت هذه الألحان من قالب الطقطوقة التقليدي لغرض التعبير المسرحي

نافس الطقطوقة من قوالب الغناء العربي المونولوج أو النظم المتواصل الذي لا يحتوى على مذهب وليس به رجوع إلى كلام أو لحن البداية

الطقطوقة والأغنية

طرأ تطور على قالب الطقطوقة بحيث يتم الرجوع بعد كل كوبليه إلى الجزء الأخير من المذهب وليس المذهب كله فظهرت بذلك الأغنية الحديثة. وقد ساد قالب الأغنية أشكال الغناء في القرن العشرين منذ ظهوره في الأربعينات كمنافس للطقطوقة والمونولوج، وأدى هذا التغيير إلى عودة سيادة المطرب وتراجع الغناء الجماعي، وربما كان هذا سببا إضافيا في استمرار التعلق الجماهيري بطقاطيق سيد درويش رغم مرور الزمن

مميزات الطقطوقة كقالب فني

تمتاز الطقاطيق بخاصية فريدة هي احتوائها على مذهب مستقل يتكرر بين المقاطع الغنائية. وعادة تعرف الطقطوقة بلحن مذهبها ، فإن نجح لحن المذهب نجح اللحن كله والعكس بالعكس ، ولهذا يكرس الملحن أكبر جهده للتركيز الشديد في لحن المذهب الذي هو مفتاح النجاح

استخدم هذه الميزة الشعراء أيضا فحاول كل منهم وضع أقوى ما يمكن من الألفاظ المؤثرة والتعبيرات الجذابة في كلمات المذهب لنفس السبب

أما الميزة الكبرى لألحان الطقاطيق فهي قابلية المذهب للحفظ بتكرار غنائه بين المقاطع، لذا فهو الجزء الأقرب للجمهور من العمل ، وكثيرا ما نجد الجمهور يحفظ المذهب ويردده مع المغني بينما يترك له بقية الغناء ليستعرض فيه صوته وتمكنه من الأداء، والسبب في ذلك يرجع إلى استخدام الملحنين للتراكيب السهلة الجذابة في تلحين المذهب حتى تلتقطها آذان الجمهور وإرجاء الإبداعات الفنية الثقيلة والمركبة إلى الكوبليهات التي يؤديها المطرب بمفرده. وفي سبيل ذلك أيضا لجأ كثير من الملحنين إلى استخدام الكورس في المذهب دون المطرب الذي ينتظر فراغ الكورس من الأداء فيبدأ في غناء الكوبليهات

ساهمت هذه الخاصية كثيرا في شيوع العديد من الطقاطيق على ألسنة الناس بل وانتقال ألحانها من جيل إلى جيل، ونذكر هنا على سبيال المثال طقاطيق سيد درويش الشهيرة التي نجحت في أن تسكن أذن المستمع عبر أجيال متعاقبة ، بينما لم تستطع أدوار سيد درويش مثلا، وهو نفس الملحن العبقري ، الوصول للجمهور العريض ، مما يثبت نجاح القالب الفني كقالب في حد ذاته في توصيل المادة للجمهور ويبين أهمية القالب في توظيف المادة الفنية