سهرتُ - محمد عبد الوهاب

سهرت.wmv

سهرت منه الليالي

كلمات حسين أحمد شوقي

ألحان وغناء محمد عبد الوهاب

مقام نهاوند - إيقاع تانجو

فيلم دموع الحب 1935

عرض وتحرير د.أسامة عفيفي

قفزة على طريق التحديث

  • قدم عبد الوهاب قصيدة "سهرت" لأول مرة في السينما عام 1935 في فيلم دموع الحب ، من نظم حسين أحمد شوقي. وهي علامة من علامات التجديد الذي أدخله على الموسيقى العربية، وعلى لحن القصيدة بصفة خاصة. لو نظرنا إلى القصيدة بصفة عامة كقالب غنائي قبل ثلاثة أعوام فقط من ذلك التاريخ لوجدناها لا زالت تغنى بطريقة الشيخ سلامة حجازي والشيخ أبو العلا محمد وغيرهما من أساطين القديم

  • بدأ عبد الوهاب التجديد الشامل في جفنه علم الغزل عام 1933 مضيفا إيقاع الرومبا الغربي، وفي 1935 أضاف إيقاعا جديدا آخر هو التانجو في"سهرت".اختلف أسلوب عبد الوهاب كلية عما كان عليه في السابق، واستخدم أدوات ووسائل حديثة وقوية التأثير خلقت موجة من التغيير وليس مجرد لحن جديد

  • كان إيقاع التانجو اللاتيني الأصل صيحة جديدة في أوربا في ذلك الوقت، وصاحب الإيقاع رقصة التانجو الشهيرة التي زادت من انتشاره

اتسمت خطوات عبد الوهاب في اتجاه التحديث بخصائص متميزة

  1. التفاعل مع أحدث الفنون العالمية

  2. الحفاظ على العناصر الشرقية الأصيلة

  3. مزج الشرقي بالغربي في انسجام تام

  4. تطويع اللفظ العربي للقوالب الحديثة

  5. تطويع المقامات العربية وطريقة الغناء للأساليب الجديدة

  6. تطوير الفرق الموسيقية بإدخال آلات جديدة وأساليب عزف حديثة

  7. تحديث المظهر العام للمسرح والمطرب والأوركسترا

تحولات مقامية

فى هذا اللحن من مقام نهاوند، دو مينير، يتنقل عبد الوهاب بين عدة مقامات أهمها النوا أثر، وهو فرع من النهاوند، الذي يختم به الغناء، ومقام عجم الراست، على نفس ركوز النهاوند، ومقام "السيكاه البلدي" مرتكزا على خامسة المينير. ويأتي هذا المقام في مفاجأة تامة بعد هذا الجو الغربي الحديث، وهو مقام شعبي شائع الاستخدام عند مقرئي القرآن الكريم، ويطلب أداؤه مهارة فائقة حيث أنه من أصعب المقامات بسبب تركيبته الفريدة، وصعوبة الانتقال منه وإليه من مقامات أخرى. لكن عبد الوهاب، كعادته، لا يغفل أبدا الأذن العربية والذوق العربي والشعبي مهما توغل في الحداثة

سهرتُ Hafız Burhan 1938.mp4

سهرتُ بالتركية

إعجابا باللحن اقتبس المطرب التركي حافظ برهان لحن "سهرتُ" عام 1938 وقدم نسخة تركية منه بلا تعديل أو تغيير سوى في الختام فاكتفى بالوقوف على سلم الماجير بدلا من الختام بالمينير أو النوا أثر

ولأن الموسيقى التركية تستخدم النغمات الشرقية ذات الربع تون استطاع المطرب والفرقة الوصول إلى نغمات "السيكاه" ولكن بلكنة تركية أثناء الغناء وإن التزمت الفرقة تقريبا بالنغمة العربية

معالجة النص

من طبيعة القصائد الاسترسال في الأبيات دون تكرار أي منها أو رجوع إلى أي مقطع في القصيدة، أو بمعنى آخر لا يوجد "مذهب" في النص. لكن الملحن هنا يكرر مقطعا بعينه عائدا إليه وخاتما به، وهذا التصرف يجعل المادة المسموعة أقرب إلى شكل الأغنية منها إلى شكل القصيدة، والأمر لا يقتصر على عبد الوهاب فهناك قصائد عديدة تشبه الأغاني لملحنين آخرين.

والدافع لهذه المعالجة عادة هو إرضاء الجمهور الذي ألف الأغاني وتعود على أن يعود المطرب إلى حيث أتى في أول الغناء. والسبب أن هذا الشكل يمنح العمل بناء دراميا أي يجعل له بداية ووسطا ونهاية، ولا ضير من أن تكون النهاية مثل البداية فهذا ينتج شكلا هرميا على أي حال هو في عرف الجمهور أفضل من السير في خط مستقيم لا يتمتع ببنية واضحة

ورغم شيوع هذا الأسلوب إلى حد ما فهو لا يزال استثناء من القاعدة ولا يرقى لأن يكون قاعدة في حد ذاته. نأخذ مثالا قصيدة الأطلال، ليس بها بيت واحد مكرر، ولا يرجع الغناء إلى مقطع بذاته يستخدم كمذهب، والقصيدة ممتدة إلى النهاية في تسلسل ممنطق موازٍ للنص المكتوب. ولعبد الوهاب أيضا قصائد تحافظ على شكل القصيدة المكتوبة، لكنه يعمد أحيانا إلى حيلة أخرى يكسب بها اللحن بناء دراميا، وهي أن يعيد الموسيقى الأولى في النهاية دون الغناء، كما في في النهر الخالد

مثل هذه التصرفات يكون مصدرها الملحن وليس الشاعر، فالشاعر يلتزم بقواعد الشعر بينما يتمتع الملحن بحرية أكبر، إذ أن النص الشعري يخرج من دائرة الشعر إلى دائرة التعبير عنه بوسائل أخرى، ويمكن أن ينظر إلى النص في العمل الغنائي كالرواية في العمل السينمائي، وعلى الملحن القيام بدور المخرج في السينما، أي تقديم المادة أو الموضوع برؤية فنية تحقق أفضل تعبير

في "سهرتُ"، إلى جانب إضافة لفظ "آه" وهو غير موجود بالنص، ونطق لفظ "الحب" دارجا بكسر الألِف، يعود عبد الوهاب بالغناء إلى مقطع "الحب قيه بقائي.." لكي يختم ببيت الحكمة الذي يحكم الخاتمة في "قلب بغير غرام .. جسم من الروح خالي" وقد كساه بخاتمة لحنية محكمة، بل شديدة الإحكام.

سهرت منه الليالي .. مال الغرام ومالي إن صد عني حبيبي .. فلست عنه بسالي

يطوف بالحب قلبي .. فراشة لا تبالي الحب فيه بقائي .. الحب فيه زوالي

قلب بغير غرام .. جسم من الروح خالي

أما رأيت حبيبي .. في حسنه كالغزالِ ربي كساه جمالاً .. ما بعده من جمال

أنظره كيف تهادى .. من رقة و دلال قل للأحبة رفقاً .. بحالهم وبحالى

يبدون صداً ولكن .. هم يضمرون وصالي ما أقصر العمر حتى .. نضيعه فى النضال