Abdel Wahab - the Singer  ألحان عبد الوهاب مطربا

الحنجرة الذهبية / الصوت المتفرد 

معايير صوت عبد الوهاب

بحث وتحرير: د.أسامة عفيفي  

لم يظهر صوت عربى كصوت محمد عبد الوهاب ، وهبه الله صوتا قادرا معبرا رقيقا تنفذ نبراته إلى القلوب قبل الآذان! لكن هناك أبعادا علمية لإمكانيات هذا الصوت الفريد 

في الليل لما خلي.wmv

في الليل لما خلي

النهر الخالد.wmv

النهر الخالد

عام 1927 أول تسجيلات لعبد الوهاب

سجل عبد الوهاب أول ألحانه على اسطوانات عام 1927، وقد ظهر فيها تأثره بموسيقى سيد درويش، وسجل في نفس العام عددا قياسيا من الألحان بلغ 17 لحنا، لكنه كان قد بدأ الغناء قبل ذلك بسنوات

عام 1928 سجل أغنيتين من أهم أغانيه، وكان لهما دويا هائلا وإعجابا كبيرا بين جمهور المثقفين والعامة على السواء وهما "في الليل لما خلي" من كلمات أحمد شوقي و"أهون عليك" من كلمات يونس القاضي، وأثبت فيهما عبد الوهاب قدرته الفائقة على التعبير بالأداء فضلا عن اللحن. والأغنيتان تمثلان نقلة كبرى في أعمال محمد عبد الوهاب.

عام 1932 أطلق على محمد عبد الوهاب لقب مطرب الملوك والأمراء بعد غنائه في حفل افتتاح معهد الموسيقى العربية أمام بعض الملوك والأمراء.

عام 1933 دخل عبد الوهاب عالم السينما بأول فيلم غنائي له وعمره 29 عاما، الوردة البيضاء. واحتوت أفلامه على عشرات من أجمل الأغاني، وتميزت بالبساطة والتحديث، وقد أدخل إلى أفلامه طابع الحياة الغربية واستخدم إيقاعات أوربية مثل التانجو والسامبا والرومبا وأضاف غناء عبد الوهاب القيمة الكبرى لتلك الأفلام بالإضافة إلى ألحانه.

عام 1934 غنى عبد الوهاب لأول مرة في ستديوهات الإذاعة المصرية عند افتتاحها

عام 1940 آخر حفلة عامة لعبد الوهاب

غنى عبد الوهاب لآخر مرة فى حفلة عامة أمام الجمهور فى طنطا وكان عمره 36 عاما، ولكن لماذا يتوقف عبد الوهاب عن الغناء وهو فى قمة مجده؟

الواقع أن عبد الوهاب لم يتوقف تماما عن الغناء فقد استمر ولكن ليس أمام الجمهور، وكان قراره باعتزال الحفلات العامة راجعا إلى عدة أسباب:

  1-التغير فى طبيعة صوته مع تقدم سنه، فهو قد بدأ الغناء مبكرا وصدرت أول اسطوانة له وهو في الثالثة والعشرين، وعندما بلغ هذه السن 36 لم يعد بإمكانه تقديم نفس الأعمال ذات الأبعاد الصوتية القاسية التي متع الجمهور بها وعودهم عليها، وجمهور الحفلات لا يرحم، فها هو يطلب من عبد الوهاب غناء أغانيه الأقدم التي كانت سببا في شهرته ويخشى عبد الوهاب أن يفشل فى أدائها بنفس الطريقة فيقرر قصر لقائه بالجمهور على الاسطوانات والإذاعة والسينما

  2-الإذاعة: كان الجمهور قد تعود أيضا خلال سنوات على الاستماع لأجهزة الراديو التي راجت وانتشرت وقلل ذلك من ارتياد الجمهور الحفلات، فقد أصبح بالإمكان سماع عبد الوهاب وغيره في المنازل والمقاهي دون مشقة أو تكلفة

  3-السينما: كما أن رواج أفلامه السينمائية أغناه عن تلك الحفلات إذ أن جمهورها كان بالآلاف وفى جميع البلدان العربية، بينما كان جمهور الحفلات محدودا بالوقت والمكان وبمزاج الجمهور أيضا!

لكن توقف عبد الوهاب قد خدمه وخدم الفن عموما فى مفارقة كبيرة، وكانت له هذه الفرصة خلف الستار ليجرب أشياء جديدة في الفن، وتجرأ أكثر على التجديد والتحديث بعيدا عن جمهور الحفلات التقليدي العاشق للقديم. فقدم في بقية أفلامه ألحانا تميزت بالتطور الواضح، وله في تلك الفترة ثلاثة أفلام قام ببطولتها وفيلم اشترك فيه بالغناء فقط عام 1949 وهو فيلم غزل البنات بطولة نجيب الريحانى وليلى مراد مقدما أغنيته الشهيرة عاشق الروح.

لكنه لم ينس أبدا أنه مطرب، واستمر يغني حتى الستينات قبل أن يعتزل الغناء فى كل الوسائط. ورغم تغير صوته في مراحل متعاقبة استمر كل منها حوالي عشر سنوات تقريبا إلا أن الأداء الجميل أكسب صوته جمالا في كل مرحلة يسيطر على مشاعر الناس وحواسها، وكان دائما يكسب عند عقد مقارنة بينه وبين أي صوت آخر على الساحة.

قصــائد عبد الوهاب الكبرى

قدم عبد الوهاب سلسلة من القصائد العذبة لأعظم الشعراء تميزت بثراء فني شديد جعلته يتربع على قمة جديدة غير تلك التي اعتلاها في شبابه بألحانه الأولى، عكست نضوج فنه الذي أصبح يمثل وجدان أمة وليس مجرد إنتاج فردي، وقد أعلت كثيرا من منزلته ومكانة فنه في العالم العربي. فقد قدم مجموعة من القصائد الوطنية المتميزة قبل الثورة، تغنى فيها بوصف مصر أرضها ونيلها ونسيمها وتاريخها وآثارها، غنى الجندول والكرنك وكليوباترا ودعاء الشرق وفلسطين، وقبل ذلك النيل نجاشي وبعد ذلك النهر الخالد. هذه الأعمال ذات القيمة العالية جعلته يمتلك مجموعة من الأعمال غنية بحب الوطن والتغني بجمالياته واعتز الناس بها كثيرا بل أصبحت من رموز الشرق، وأصبح معها عبد الوهاب رمزا وطنيا، يثير مشاعر عميقة لدى الجماهير كلما سمعوه. وهذا السجل الذي كتبه بفنه وإخلاصه ورقي قيمه لم يكن باستطاعة أحد محوه، بل إن ضباط الثورة أنفسهم تأثروا به كغيرهم من فئات الشعب وسط ظروف فقدت فيها السيادة والحرية، وفي قصيدة فلسطين رغم بعدها عن حماسة الأناشيد ، حرك عبد الوهاب أعمق المشاعر بلحن عربي مائة في المائة شعرا ونغما مس كل قلب في المنطقة العربية

توقف عبد الوهاب عن الغناء في منتصف الستينات تقريبا، وله في تلك الفترة أعمال متميزة، ألحان وطنية غناها بنفسه، وقصائد عاطفية منها لنجاة الصغيرة” أيظن"، و"ماذا أقول له" من أشعار نزار قباني، و"لا تكذبي" لكامل الشناوي التي غناها كل من عبد الوهاب وعبد الحليم ونجاة الصغيرة

عام 1963 ظهر عبد الوهاب في آخر فيلم سينمائي له باسم منتهى الفرح اشترك فيه بالغناء فقط بأغنية "هان الود"، واعتزل بعدها الغناء تقريبا وتفرغ للتلحين

عام 1990 فاجأ عبد الوهاب الجمهور بمفاجأة لم تدر بخلد أحد ، لقد قرر العودة للغناء! اختار عبد الوهاب أغنية فلسفية من كلمات الشاعر مرسى جميل عزيز بعنوان "من غير ليه"، وقد غناها بعد اعتزاله بربع قرن وقبل وفاته بعام واحد

كان له عدة دوافع كثيرة لتقديم تلك الأغنية أهمها:

بيع من تلك الأغنية مليونا نسخة يوم صدورها، تأكيدا لنجاح المهمة

عبد الوهاب مطربا - النموذج الإنساني

ويبقى أن محمد عبد الوهاب المطرب كان لايقل شأنا عن عبد الوهاب الملحن والموسيقي، ولا شك أن النجاح في توصيل الرسالة إلى مشاعر الناس تعبر عبر بوابة الصوت والأداء، وقد نجح عبد الوهاب في ذلك بامتياز. عبد الوهاب مطربا بحث وتحرير د.أسامة عفيفي، معايير صوت عبد الوهاب