موشح يا غصن نقا / نقد وتحليل د.أسامة عفيفي

النص

1. بالتأكيد نحن أمام نص غير عادي مقارنة بغيره من الموشحات، أسلوب راقي، تشبيهات بليغة، واستعارات قوية مستمدة من القصص القرآني الكريم، وفلسفة وحكمة سارية بين الأبيات تحاكي أعتى القصائد. ولولا ما احتوته من سمات الموشحات الأصيلة مثل تنوع القوافي وخلط الفصحي بالدارجة لكانت قصيدة فائقة الجودة

2. يتكون النص من أجزاء متماثلة في البحر ومختلفة في القافية، بيتان في كل جزء

3. يتكون كل جزء من 4 شطرات متساوية (رباعيات)

4. معظم قوافي الشطرات مماثلة لقوافي الأبيات

5. النص الأصلي طويل نسبيا (12 بيتا) على غير العادة في الموشحات، وشاع غناء بعض أبياته أكثر من غيرها، كما شاع بعض الاختلاف في الكلمات خاصة في الجزء "والله لقد سمعت".

المقام الموسيقي

المقام الأصلي: هزام

مقامات مصورة: راحة أرواح (هزام مصور)

ونشير هنا سريعا إلى عناصر التشابه والاختلاف بين المقامين

• المقامان متطابقان، أصل وصورة، بنفس الأبعاد والأنغام، لكنهما لا يجتمعان في لحن واحد، فإما هذا أو ذاك

• الفرق بين المقامين فقط في المنطقة أو الطبقة الصوتية وهو كبير نسبيا (2.5 تون)

• يتم الاختيار بين المقامين حسب صوت المغني

هزام طبيعي للطبقة الأعلى (نموذج صباح فخري/ عمر محمود)

هزام طبقة منخفضة 1 تون واحد (نموذج فرقة الموسيقى العربية)

هزام طبقة منخفضة 1.5 تون (نسخة أخرى لصباح فخري)

هزام طبقة منخفضة 2.5 تون / راحة أرواح (نموذج فيروز)

الإيقاع

ثلاثي دارج 4/3 ، ويمكن استبداله بميزان 8/6

اللحن

1. يتألف اللحن في كل جزء ظاهريا من 4 جمل، جملة لكل شطرة، تتكرر في كل الأجزاء، لكنه في الواقع مؤلف من جملتين فقط لاغير، تستخدم إحداهما لكل الشطرات ما عدا الثالثة التي تنفرد بلحن الجملة الأخرى

2. لحن ذو مقام سائد لا يكاد يخرج عنه إلا في عودة عابرة لمقام السيكاه، أصل الهزام، في الختام 

3. يجري اللحن في رباعيات تماما كما يجري النص، في كل جزء:

• شطرتان بنفس اللحن

• شطرة ثالثة بلحن مختلف

• شطرة رابعة بلحن الأولى والثانية

4. يكرر ذات النسق اللحني في كل جزء من أجزاء الموشح (كل بيتين)

5. يعاد الجزء الأول في نهاية الموشح بنغم مختلف يصعد إلى قمة مقام السيكاه ويتعداه قبل الختام. وهنا يتقرر هل يلزم تصوير المقام أم لا (تخفيض طبقة الصوت) حسب مساحة صوت المغني، حيث يصل الغناء إلى درجة عليا (جواب النوا) في مقام الهزام الطبيعي لا يبلغها كل المغنين

6. تم تلوين اللحن في بعض النسخ بجمل من نغم مختلف، وإن كانت على نفس النسق والإيقاع، وهي في الغالب تنويعات وتجويدات يقوم بها المطربون وليست من اللحن الأصلي. وربما يتساءل بعضنا هل هذا التصرف مقبول أو مطلوب؟ الواقع يقول أن الجمهور أحيانا يستجيب لانفعال المغني ويكاد يهتز طربا مع كل إضافة، وهذا شيء جميل وإيجابي بالطبع. لكن الخروج عن الأصل قد يؤدي في النهاية إلى ضياع الأصول، نتيجة اختلاط التراث الأصيل محكم الصناعة والصياغة بما يضيفه المطربون من تنويعات قد تخطيء وقد تصيب، ويأتي وقت لا نستطيع فيه تمييز الأصل من الإضافة. ثم إن تقديم الألحان بهذا الشكل سيجعلها حكرا على المطربين المحترفين، فلن يستطيع غيرهم أداءها وتصبح عرضة للانقراض، وبذلك تخرج من قائمة التراث الذي اكتنزها لمئات السنين، وهكذا إلى أن يفنى التراث كله

7. أما لماذا يكتفى أحيانا بغناء بضع مقاطع من أجزائه الستة فالسبب واضح، وهو أن طول النص مع قصر اللحن وتشابه جمله قد يعني الملل من التكرار المفرط، فلدينا 12 بيتا بها 24 شطرة قائمة على لحن من جملتين

علاقة اللحن بالإيقاع والوزن الشعري

1. لحن موشح "يا غصن نقا" نموذج للألحان التي تسير على وزن الكلمات (مع بعض التحفظ). بالتالي عند محاولة وضع لحن آخر بنفس الإيقاع سينتج لحن مشابه للحن الأصلي، إن لم يكن في أنغامه ففي إيقاعه وتفاعيل وزنه

2. ومع ذلك فإن قراءة الأبيات تنبيء عن وحدة زمنية طويلة بها 10 أزمنة صغيرة في كل شطرة،  لكن عند استعمال الإيقاع الثلاثي لا يمكن قسمة 10 أزمنة على ميزان ثلاثي بدون كسر، لذلك أضيفت لازمة موسيقية بزمنين صغيرين لجعل مجموعها 12 زمنا تقبل القسمة على 2 (8/6)، وعلى 3 أيضا (4/3)، وهكذا في جميع الشطرات

3. أشكال محتملة لميزان الموشح

• نستنتج من هذا أنه يمكن جعل اللحن يتماشى تماما مع وزن الكلمات على إيقاع مكون من 10 وحدات (8/10)، بحذف اللازمة الموسيقية الصغيرة، ولكن في هذه الحالة سيكون الأداء أصعب لتواصل الغناء حتى النهاية دون أي فواصل بالمرة

• يمكن أيضا استخدام ميزان خماسي 8/5 أو 4/5 (بدلا من الثلاثي 8/6 أو 4/3)، مع إطالة اللازمة الموسيقية إلى 5 أزمنة صغيرة بدلا من زمنين، وبذلك تتكون جملة من 15 زمن صغير، أيضا تقبل القسمة على 3، مما يجعل الأداء أسهل وأفضل دون اختلاف في لحن الكلمات

• بهذا يمكن استخدام 5 موازين 4/3، 8/6، 8/10، 8/5، 4/5 دون تغيير اللحن الأساسي