مؤامرة لتغيير نشيد مصر القومي بلادي بلادي لسيد درويش 2

Post date: Apr 24, 2012 3:36:15 AM

فشل حملة تغيير النشيد القومى المصرى - نشر لأول مرة فى 15 يوليو 2005

كـش ملك .. صحفى الأهرام يتراجع

والوزير يدرس تصحيح موسيقى السلام الوطنى المصرى

لم نتوقع أن تنتهى حملة تغيير النشيد القومى لمصر بهذا التراجع السريع بعد الصراخ والعويل، وأن يعترف منظمها بسخافة منطقه وخلوه من الموضوعية وبعد النظر

فقد أعلن الموسيقى الصحفى فى عدد الجمعة 15/7 /2005 فى نفس الباب عن قرار لوزير الثقافة المصرى فاروق حسنى بإحالة الأمر إلى لجنة الموسيقى بالمجلس الأعلى للثقافة لدراسة مطابقة لحن السلام الوطنى المصرى لنشيد مصر القومى بلادى بلادى لسيد درويش لتقرير مدى مطابقة ما يعزف الآن للحن الأصلى ، وأهمل الوزير دعوة الصحفى أشرف عبد المنعم لتغيير النشيد مما جعله يعترف بأن :

"تغيير موسيقى السلام الوطنى ليس نزهة وإنما هو يحتاج إلى روية وتأن ، نظرا لعواقب سوء الاختيار على المشهد الوطنى" ، عاملا تماما بما نصحته فى رسالتى الثانية إليه بعنوان "صديقى .. لا داعى للتسرع" ، وكان قد ذكر فى مقاله السابق أنه لا بد من تغيير النشيد

أما دراسة مطابقة السلام الحالى لأصل نشيد بلادى فهى مطلب قديم لنا ولجميع من هم على دراية بتراث سيد درويش العظيم ، وبالتالى فالمأمول أن تحقق هذه الدراسة ذلك المطلب ، ونحن لا نعلم من هم أعضاء تلك اللجنة ولا ندرى شيئا عن مدى كفاءتهم لكنا نتوقع خيرا حيث أن تشكيلها قد تم فى ظروف غير مرتبطة بقضية ما وبالتالى لا نتوقع قيامها بتمرير أشياء لا تقرها أغلبية المجتمع الفنى ولا يستسيغها الشعب

وبذلك يكون صاحبنا قد خسر الجولة الأولى فى هذه المنازلة

ونقول الجولة الأولى لأن ثمة مؤشرات تدل على أن هناك نية مبيتة للإضرار برموز مصر الوطنية ممثلة فى نشيدها القومى ومؤلفه وملحنه سيد درويش أحد قادة النهضة الفكرية والفنية الذى لم يستطع أحد الاقتراب من هامته رغم الزمن

ومن هذه المؤشرات

* الإشارة إلى احتمال تغيير الكلمات إذا لم تنجح محاولة تغيير النشيد، والاسترشاد فى ذلك بتغيير كلمات النشيد القومى الروسى عندما فشلت محاولة إلغائه بإصرار الشعب على التغنى به دون غيره

* الإشارة إلى احتمال تغيير المقام الموسيقى ، وهذا فى راينا وفى رأى أفضل الخبراء والباحثين غير وارد على الإطلاق ، ولم يسبق تقديم النشيد على مقام غير مقام الماجير فى أية مناسبة عامة ، وليس هذا خطأ شائعا بل إنه الصحيح ، وكما ذكرنا سابقا فإن إدخال ربع التون إلى لحن النشيد سيتسبب فى مشاكل كثيرة نحن فى غنى عنها   

* الإشارة إلى القرار السريع لوزير الثقافة ردا على ما جاء فى المقالات المذكورة وتصويره على أنه نموذج إيجابى لاستجابة المسئولين لما ينشر من طلبات فى الصحافة فى صيغة مدح صارخ ، وهنا لنا وقفة ، فليس من عادة الوزراء فى مصر الاستجابة الفورية لما ينشر فى الصحافة ، وباعتراف الكاتب نفسه ، وفى هذا عانى كل من كتب يخاطب المسئولين ، وأشهر ضحايا صمم الحكومة كان كاتبنا الكبير يوسف إدريس رحمه الله الذى يئس من رد الحكومة كيأس الكفار من أصحاب القبور! وهذا يؤكد احتمال أن الكاتب ربما كان على اتصال مسبق بالوزير كما توقعنا فى الرسالة الثانية

* الإصرار على الإشارة إلى أن عزف السلام الوطنى بالطريقة الحالية هو أكبر عار وطنى .. يا سلام! أكبر عار وطنى؟

هكذا؟! لم يبق لدينا غير تغيير موسيقى السلام الوطنى لكى نتخلص من أكبر عار وطنى؟ نشيد يحتاج إلى بعض تصحيح البسيط يصبح وصمة عار فى جبين الأمة؟! أليس العار الحقيقى هو أن نتخلص من رموزنا الوطنية واحدا وراء الآخر .. لقد أهلنا التراب على أحمد عرابى وسعد زغلول وجمال عبد الناصر وأنور السادات ، وشوهنا صورة محمد عبده وطه حسين وتوفيق الحكيم وسيد درويش وعبد الوهاب وأم كلثوم ، وكل يوم يطالعنا أحدهم بهجوم على هذا أو ذاك فى أشخاصهم أو فى أعمالهم ، إن عديدا من هؤلاء وصف يوما بالهرم الرابع .. فهل نهدم أهرامنا بأيدينا؟!  

* الاعتراف بأن الخطأ خطأ فنى يفترض أن يتبعه تصحيح " فنى" أيضا فى حدود تصحيح النوتة والأداء فى هدوء ودون اللجوء للجمهور ، أما التوجه بكلام " فنى" على صفحات الجرائد إلى جمهور عام بمثل هذا الصراخ والعويل ومحاولة إيهامه بحكاية العار هذه كذريعة لتغيير النشيد أو كلماته وإلا نصبح أمة العار هو ابتزاز صريح للجمهور الذى لا يدرك بالطبع أبعاد الخطأ الفنى ، وهى محاولة ديماجوجية مرفوضة شكلا وموضوعا

* ما حكاية استبدال تعبير "صالح الشعب" إلى "صالح الوطن"؟ فقد جاء مقال الأهرام هذه المرة بعنوان "عندما يستجيب المسئول لما فيه صالح الوطن"، ويبدو أن صديقنا ابرع فى الكتابة منه فى الموسيقى وربما لذلك اختار الصحافة ميدانا له! وهو الذى يطالعنا كل أسبوع بتقريره "الفنى" عن أحدث أعمال الفيديو كليب وألبومات الدخلاء على الفن ممن دعاهم موسيقارنا العملاق محمد عبد الوهاب إلى "العودة إلى جحورهم"، ما الذى حدث لكى يتبنى فجأة قضية "وطنية" فى الموسيقى أو فى غيرها؟ ولدينا مثالان صارخان فى إساءة استخدام تعبير "الوطن" عند اصطدام مصلحة الحكومة بمصالح الشعب

الأول فى فيلم " البـــرئ" للمخرج الراحل عاطف الطيب ، والذى صور فيه ممارسات فى المعتقلات بتسليط المجندين الأميين على أفراد الشعب من المثقفين المعتقلين بعد إيهام هؤلاء البسطاء بأنهم إنما يضربون "أعداء الوطن"

الثانى عندما غيرت السلطات المصرية الشعار الشهير "الشرطة فى خدمة الشعب" إلى "الشرطة والشعب فى خدمة الوطن" ، وأزيلت كل اللافتات السابقة من أقسام الشرطة ليحل محلها الشعار الجديد المتبرئ من خدمة الشعب والذى يجعل الشرطة والشعب معا فى خدمة شيئ آخر أسموه بالوطن لكنه السلطة فى حقيقة الأمر ، رأيها ومصالحها

وفى هذه القضية لا يمكن أن يكون تغيير السلام الوطنى العزيز إلى النفوس والقريب من القلوب فى صالح المسيرة الوطنية

على اية حال ، نحن فى انتظار ما ستسفر عنه دراسة لجنة الموسيقى نتطلع أيضا إلى كل رأى فى هذه القضية ، فنيا كان أو غير ذلك مادام الموضوع قد وصل إلى سمع الجمهور - د.أسـامة عفيفى 15 يوليو 2005