المحتويات:
المقصود بالخليطين
أقسام الخليطين
كيف تؤدى زكاة الخليطين
شروط اعتبار الخليطين مالًا واحدًا
ما يلزم كلّ مالك من زكاة الخليطين
يُقصد بالخليطين في باب الزكاة: مالان زَكَوِيّان لشخصين، خُلِطا ببعضهما، يقصد الشركة أو نحوها.
يقسم هذا المال إلىٰ قسمين:
الأول:
يسمىٰ خلطة عيان، أو خلطة شيوع: ويقصد به أن يكون بين شخصين من أهل الزكاة نصاب زكوي أو فوقه، ملكاه حولًا كاملًا بشراء أو إرث أو غيرهما، وكان من جنس واحد.
ويلاحظ أنَّ المالَين في هذا القسم ممتزجان امتزاج شيوع. أي إن ما يملكه كل واحد غير متميِّز عمّا يملكه الآخر، وإنَّما لكل منهما جزء غير متعيِّن من المملوك بنسبة ما يملك.
وذلك: كما لو ورث أخوان من أبيهما أربعين رأسًا من الغنم، أو اشترى اثنان معًا ذلك الغنم، فإنَّ كلًّا منهما يملك من كلِّ رأس نصفه.
وكذلك لو كان الموروث أو المُشْتَرىٰ سِلَعًا أو أرضًا، فكل واحد يملك النصفَ من كل جزء منها دون تعيين.
الثاني:
يسمىٰ خلطة مجاورة أو خلطة أوصاف: ويقصد به أن يكون بين شخصين مثلًا من أهل الزكاة نصاب غير مشترك من المال، بل بينهما مجاورة مجردة. فيلاحظ أنَّ المالين في هذا القسم غير ممتزجين، بل هما منفصلان متميَّزان.
يعتبر الخليطان ـ من أي القسمين كانا ـ مالًا واحدًا لرجل واحد، في تعلُّق الزكاة بهما. أي: فإذا بلغ مجموع الخليطين نصابًا، وحال عليه الحَوْل، وهو كذلك، وجبت الزكاة فيهما، وإن كانت حصة كلٍّ من المالكَين منفردة لا تبلغ نصابًا.
دليله: حديث البخاري عن أنس رضي الله عنه، وقد مرَّت بك فقرات منه، وفيه: "لا يُجْمَعُ بين مفْتَرِقٍ، ولا يُفَرَّقُ بينَ مجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدقة".
ومعناه: إذا كان نصيب كل مالك مفترقًا أو متميزًا عن غيره، فلا يجمع معه ليصبح المجموع نصابًا، فتجب فيه الزكاة، وإذا كان مختلطًا به، فلا يميَّز عنه حتىٰ لا تجب فيه الزكاة، لأنه يصبح أقل من النِّصاب.
وهذا الحكم كما ترىٰ من شأنه في بعض الأحيان: أن يوجب في المالَين زكاة لم تكن واجبة فيهما لولا الاختلاط، كما أنَّ من شأنه أيضًا في أحيان أخرىٰ أن يقلِّل نسبة الزكاة فيهما، وقد كانت أكثر فيهما لولا الاختلاط.
مثال الأول:
أن يملك شخصان مدة حَوْل كامل أربعين رأساً من الغنم، فإن الزكاة تتعلَّق بها، مع العلم بأن كلًا منهما لو انفرد بنصيبه منها لما وجب على أحدهما فيها زكاة، لنُقصان نصيب كلٍّ منهما عن النِّصاب.
ومثال الثاني:
أن يملكا ثمانين رأسًا من الغنم، لكل منهما أربعون فلا يجب فيها بعد مرور الحَوْل إلّا شاة واحدة حال الاختلاط، مع العلم بأن كلًّا منهما لو انفرد بنصيبه استقلالًا لوجب فيهما شاتان، في كل أربعين شاة.
لاعتبار الزكاة في الخليطين، كما لو كانا مالًا واحدًا لرجل واحد، طائفتان من الشروط.
فهي شروط للخليطين من أي القسمين كانا، أي سواء كانت الخلطة علىٰ سبيل الشيوع، أو كانت خلطة مجاورة، وهي:
١ـ أن يكون المالان من جنس واحد، فلو كان أحد المالين غنمًا والآخر بقرًا بقي كل منهما مستقلًا، مهما كانت الخلطة والشركة.
٢ـ كون مجموع المالَين نصابًا فأكثر، فلو كان المجموع خمسة وثلاثين رأسًا من الغنم لم تجب فيها الزكاة، وإن كان كل منهما ـ أو أحدهما ـ يملك عددًا آخر من الأغنام لو ضُمَّت إلىٰ الخليط لبلغ نصابًا.
٣ـ دوام الخلطة سنة إن كان المال ممّا يجب فيه الحَوْل،
فلو ملك كل منهما أربعين شاة في أول شهر محرّم، وخلطاهما في أول صَفَر فإن الواجب إذا استدار العام وعاد شهر محرم أن يخرج كل منهما شاة، أي فلا عبرة بالخلطة. أما إذا لم يكن المال حَوْليًا، كالزروع والثمار، فإنَّما يشترط بقاء الخلطة فيها إلىٰ ظهور الثمر واشتداد الحب.
١) أن لا يتميز ـ بالنسبة للأنعام ـ مراحها ومسرحها ومرعاها وموضع حلبها.
فلو كان كل من المالكين يذهب بشياهه إلىٰ مرعىٰ مختلف عن الآخر، أو يعود بها إلىٰ مراح- وهو محل المبيت ـ مختلف، وكذلك المسرح ـ وهو المكان الذي تسرح إليه لتجتمع وتساق إلىٰ المرعىٰ ـ أو كان كلٌّ منهما يمضي بشياهه إلىٰ مكان مستقل للحلب، لم يكن لهذا الاختلاط أي أثر فيما ذكرنا.
٢) أن يكون الراعي لها واحدًا، والفحل الذي يطرقها واحدًا، فلو كان لكل منهما راعٍ، أو فحلٌ خاص، لم يعتبر المال مختلطًا.
٣) يشترط إذا كان المال الزكوي زرعًا: أن لا يتميز الحارس، والجرين: أي المكان الذي يجفف فيه الثمر. ويشترط إذا كان عروض تجارة: أن لا يتميز الدّكان ومحل التخزين، وأداة البيع من ميزان ونحوه.
فإذا توافرت هذه الشروط الثلاثة اعتبر الخليطان مالًا واحدًا كأنهما لمالك واحد، ولا يضرّ أنهما ليسا ممتزجين امتزاج شيوع، بل تكفي ـ إذا وجدت هذه الشروط ـ المجاوَرَة. أمّا إذا لم تتوفر،أو لم يوجد واحد منها، فإنّ كل مالك ينظر في ماله ويحسبه مستقلًا عن الآخر، ويخرج زكاته علىٰ هذا الأساس.
إذا أخذت الزكاة من الخليط ـ علىٰ أنه مال واحد ـ كان علىٰ كل واحد من الشركاء بنسبة ما يملك من الخليط، فإن أُخِذَ من عين ماله أكثر ممّا يلزمه استردّ الزيادة من شركائه، وإن أُخِذَ منه أقلُّ ممّا يلزمه رَدَّ الفرقَ علىٰ شركائه.
فلو كان الخليط مائه شاة لزمت فيه شاة، فإن كان الخليط لثلاثة: وأحد الشركاء يملك خمسين شاة لزمه نصف شاة، والثاني يملك خمسًا وعشرين لزمه ربع شاة، وكذلك الثالث.
دليل ما سبق: ما جاء في حديث أنس - رضي الله عنه -: "ما كانَ منْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهما يَتَرَاجَعَانِ بينَهما بالسَّوِيَّة".