المحتويات:
معني الركن
1ـ النية
2ـ القيام مع القدرة في الصلاة المفروضة
3ـ تكبيرة الإحرام
4ـ قراءة الفاتحة
5ـ الركوع
6ـ الاعتدال بعد الركوع
7ـ السجود مرتين كل ركعة
8 ـ الجلوس بين السجدتين
9ـ الجلوس الأخير
10ـ التشهد في الجلوس الأخير
11ـ الصلاة على النبي بعد التشهد الأخير
12ـ التسليمة الأولى
13ـ ترتيب هذه الأركان
ركن الشيء ما كان جزءاً أساسياً منه، كالجدار من الغرفة، فأركان الصلاة إذاً أجزاؤها كالركوع والسجود ونحوهما.
ولا يتكامل وجود الصلاة ولا تتوفر صحتها إلا بأن يتكامل فيها جميع أجزائها بالشكل والترتيب الواردين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل عليه السلام.
ويتلخص عدد أركان الصلاة في ثلاثة عشر ركناً. نشرح كل واحد منها على حدة:
وهي قصد الشيء مقترناً بأول أجزاء فعله، ومحلها القلب.
ودليلها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنِّيات". (رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907).
ولا بد لصحتها أن تقترن بتكبيرة الإحرام، بحيث يكون قلبه متنبهاً أثناء التلفظ بالتكبير إلى قصد الصلاة، متذكراً نوعها وفرضيتها، ولا يشترط تحريك اللسان بها.
دليل هذا الركن ما رواه البخاري (1066) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: كانت بي بواسير، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة؟ فقال: "صَلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعَلَى جَنْب".
[بواسير: مرض في مخرج الدبر].
وإنما يُعتبر الرجل قائماً إذا كان منتصب القامة، فإذا انحنى دون عذر بحيث أمكن أن تلامس راحة يده ركبته، بطلت صلاته، لأن ركن القيام فُقد في جزء من صلاته.
وإذا قدر المصلي على الوقوف في بعض صلاته وعجز في بعضها الآخر، وقف حيث يمكنه ذلك، وجلس في سائرها.
وخرج بقيد الصلاة المفروضة، الصلوات النافلة، فإن القيام بها مندوب مطلقاً، فله أن يجلس فيها سواء كان قادراً أم لا.
روى البخاري (1065) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صَلَّى قائماً فهو أَفْضَل، ومن صَلَّى قاعداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القائم، ومن صَلَّى نائماً فله نِصْفُ أَجْرِ القاعد". والمراد بالنائم: المضطجع.
دليل ذلك ما رواه الترمذي (3) وأبو داود (61) وغيرهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مِفْتَاحُ الصلاة الطُهُور، وتَحْرِيمُها التَّكْبير، وتَحْلِيلُها التَّسليم".
لا بد من لفظة "الله أكبر"، ولا تضر زيادة لا تمنع الاسم: كـ "الله الأكبر"، أو "الله الجليل أكبر".
فلو زاد كلمة ليست من صفات الله تعالى: كقوله: "الله هو الأكبر" أو غَيَّر الصيغة كأن قال: "أكبر الله" لم يصح التكبير.
دليل ذلك ضرورة الاتباع لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - ملازماً في تكبيرة الإحرام لهذه الصيغة.
يشترط لصحة تكبيرة الإحرام مراعاة الأمور التالية:
(أ) أن يتلفَّظ بها وهو قائم، فلو نطق بها أثناء القيام إلى الصلاة لم تصح.
(ب) أن ينطق بها حال استقبال القبلة.
(ج) أن تكون باللغة العربية، لكن من عجز عنها بالعربية، ولم يمكنه التعلم في الوقت ترجم وأتى بمدلول التكبير بأي لغة شاء، ووجب عليه التعلم إن قدر على ذلك.
(د) أن يُسمِعَ نفسه جميع حروفها إن كان صحيح السمع.
(هـ) مصاحبتها للنية كما مر ذكره.
وهي ركن في كل ركعة من الصلاة، أياً كان نوعها.
ما رواه البخاري (723)، ومسلم (394): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بفاتحة الكِتاب".
والبسملة آيةٌ منها، فلا تصح الفاتحة التي لم يبدأها المصلي ببسم الله الرحمن الرحيم، لما روى ابن خزيمة بإسناد صحيح، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدَّ بسم الله الرحمن الرحيم آية.
ولا بد في قراءة الفاتحة من مراعاة الشروط التالية:
(أ) أن يُسمِعَ القارئ نفسه، إذا كان معتدل السمع.
(ب) أن يرتب القراءة حسب ترتيبها الوارد، مراعياً مخارج الحروف، وإبراز الشدَّات فيها.
(ج) أن لا يلحن فيها لحناً يُغير المعنى، فإن لَحَن لَحْناً لا يؤثر على سلامة المعنى لم تبطل.
(د) أن يقرأها بالعربية، فلا تصح ترجمتها، لأن ترجمتها ليست قرآناً.
(هـ) أن يقرأها المصلي وهو قائم، فلو ركع وهو لا يزال يتممها، بطلت القراءة ووجبت الإعادة.
هذا وإن عجز المصلي لعجمة ونحوها عن قراءة الفاتحة، قرأ بدلها سبع آيات مما يحفظ من القرآن، فإن لم يحفظ منه شيئاً ذكر الله تعالى بمقدار طول الفاتحة ثم ركع.
وهو شرعاً: أن ينحني المصلي قدر ما يمكِّنه من بلوغ راحَتَيْه لرُكْبَتَيْه، هذا أقله، وأما أكمله: فهو أن ينحني بحيث يستوي ظهره أُفقياً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77].
وقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن عَلَّمه الصلاة: "ثم اركع حتى تَطمئنَّ راكعاً". (رواه البخاري: 724، ومسلم: 397].
وفعله - صلى الله عليه وسلم - الثابت بأحاديث صحيحة أكثر من أن تُحصى.
لا بد لصحة الركوع من التزام المصلي لما يلي:
(أ) الانحناء بالقدر المذكور، وهو بلوغ كَفه إلى رُكْبَته.
روى البخاري (794) عن أبي حُميد الساعدي - رضي الله عنه -، في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ".
(ب) أن لا يقصد بانحنائه شيئاً آخر غير الركوع، فلو انحنى خوفاً من شيء، ثم استمر منحنياً قاصداً أن يجعله ركوعاً لم يصح ركوعه، بل يجب أن يعود قائماً ثم ينحني بقصد الركوع.
(ج) الطمأنينة، أي أن يستقر في انحنائه قدر تسبيحة، وهذا أقلها، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما سبق: "حتى تَطْمَئِنَّ راكعاً".
روى أحمد والطبراني وغيرهما بسند صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَسْوَأُ الناس سرقةً الذي يَسْرقُ من صلاتِهِ". قالوا يا رسول الله، وكيف يَسْرِقُ من صلاته؟ قال: "لا يُتمُّ ركُوعَهَا ولا سجُودَهَا".
وروى البخاري (758) عن حذيفة - رضي الله عنه -: رأى رجلاً لا يُتِمّ الركوع والسجود فقال: ما صَلَّيْتَ، ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفِطْرَة التي فَطَرَ اللهُ محمداً - صلى الله عليه وسلم - عليها.
أي ما صليت الصلاة المطلوبة، ولو أدركك الموت على هذه الحالة كنت على غير الطريقة التي جاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس المراد أنه غير مسلم.
أما أكمل الركوع فهو أن يسوي ظهره مع عنقه بشكل أفقي مستقيم غير مقوس، وأن ينصب ساقيه، وأن يمسك ركبتيه بيديه مُفَرِّقاً بين أصابعهما، ويستقر قائلاً: "سبحان ربي العظيم" ثلاث مرات.
وروى مسلم (772) وغيره، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة... وفيه: ثم ركع، فجعل يقول: "سبحان ربي العظيم"، ثم سجد فقال: "سبحان ربي الأعلى".
وروى الترمذي (261)، وأبو داود (886) وغيرهما، عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فقال في رُكُوعِهِ: سُبحان ربي العظيم، ثلاث مرات، تَم ركوعه وذلك أَدْنَاهُ". أي أقل الكمال والتمام.
جاء في حديث أبي حُميد السابق: " ثم هَصَرَ ظَهْرَه ". أي أماله وثناه إلى الأرض.
وهو وقوف يفصل الركوع عن السجود.
ما رواه مسلم (498) عن عائشة رضي الله عنها، أنها وصفت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: فكان إذا رَفَعَ رَأْسَهُ من الرُّكوع لم يَسجُد حتى يَسْتَوي قائِماً.
وقال - صلى الله عليه وسلم - لرجل أساء صلاته، فكان يُعَلِّمه كيفيتها: "ثم ارفع حتى تَعْتَدِلَ قائماً". (رواه البخاري: 724، ومسلم: 397).
(أ) أن لا يقصد بالاعتدال من الركوع شيئاً آخر غير العبادة.
(ب) أن يطمئن في اعتداله قدر تسبيحة.
(ج) أن لا يطيل الوقوف فيه تطويلاً فاحشاً، بأن يزيد على مدة قراءة الفاتحة، لأنه ركن قصير، لا يجوز تطويله.
وتعريفه شرعاً: مباشرة جبهة المصلي موضع سجوده.
قول الله عز وجل: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77].
وقوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل الذي أساء صلاته فأخذ يُعَلِّمه كيفيتها: "... ثم اسجُد حتى تطمئنَّ ساجداً، ثم ارفَع حتى تطمئنَّ جالساً، ثم اسجُد حتى تطمئنَّ ساجداً...".
(انظر دليل الركوع والاعتدال).
يشترط لصحة السجود مراعاة الأمور التالية:
(أ) كشف الجبهة عند ملامستها الأرض.
(ب) أن يكون السجود على سبعة أعضاء، وهي التي عَدَّها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "أُمِرْتُ أن أسجد على سَبْعَةِ أَعْظُمِِ: على الجَبْهَةِ ـ وأشار بِيَدِهِ على أَنْفِهِ ـ واليَدَيْنِ والرُّكْبَتَيْنِ وأطرافِ القَدَمَيْنِ". (رواه البخاري: 779، ومسلم: 490).
ولكن لا يجب أن يكشف من هذه الأعضاء إلا الجبهة.
(ج) أن ترتفع أسافله على أعاليه، ما أمكن ذلك، اتباعاً لفعله - صلى الله عليه وسلم -.
(د) أن لا يسجد على ثوب متصل به بحيث يتحرك بحركته.
(هـ) أن لا يقصد بالسجود شيئاً آخر غيره كخوف ونحوه.
(و) أن يتحامل بجَبهته على الأرض تحاملاً بَيِّناً، بحيث لو كان تحتها قطنٌ أو نحوه لانكبس وظهر أثر السجود فيه.
(ز) أن يطمئن في السجود على هذه الحال بمقدار تسبيحة على الأقل.
وأكمل السجود أن يُكَبِّر لهَويِّه، ويضع رُكْبَتَيْه، ثم يَدَيْه، ثم جَبْهَته وأنفه، ويضع يَدَيْه حذو مِنْكَبَيْه وينشر أصابعه مضمومة للقبلة، ويُفَرِّق بطنه عن فَخِذَيْه، ومِرْفَقَيْه عن الأرض وعن جَنْبَيْهِ، ويقول "سبحان ربي الأعلى"، ثلاثاً.
روى البخاري (770)، ومسلم (292)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم -: "ثم يقول: الله أكبر، حين يَهْوِي ساجداً".
وعند مسلم (494) عن البراء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سَجَدْتَ فَضَع كَفَّيْكَ وارفع مِرْفَقَيْكَ".
روى البخاري (383)، ومسلم (495)، عن عبد الله بن مالك بن بُحَينة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صَلَّى فَرَّج بَيْنَ يَدَيْهِ، حتى يَبْدُو بَيَاض إبْطَيْهِ.
وعند أبي داود (734)، والترمذي (270)، عن أبي حُميد - رضي الله عنه -، ونحَّى يَدَيْه عن جَنْبَيْه، ووضع كَفَّيْه حذو مِنْكَبَيْه.
روى أبو داود (735)، عن أبي حُميد - رضي الله عنه -، في صفة صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، غَيْرَ حاملِِ بطنَهُ على شيءِِ مِن فَخِذَيْه.
وعند أبي داود (886)، والترمذي (261)، وغيرهما: "وإذا سجد فقال في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثلاث مرات، فقد تَمَّ سجوده، وذلك أدناه". أي أقل الكمال في السجود.
وتخالف المرأة الرجل في بعض ما سبق، فتضم بعضها إلى بعض أثناء السجود.
وروى البيهقي (2/ 223): أنه - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على امرأتين تصليان فقال: "إذا سجَدْتُما فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلى الأرضِ، فإنَّ المرأة لَيْسَت في ذلك كالرَّجل".
ويجب أن يكون ذلك في كل ركعة.
قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق ذكره: "... ثم ارفَع حتى تَطْمَئنَّ جالِساً".
(انظر دليل السجود).
يشترط لصحته مراعاة الأمور التالية:
(أ) أن يقصد بجلوسه العبادة، ولا يحمله عليه شيء آخر كخوف ونحوه.
(ب) أن لا يطوِّله تطويلاً فاحشاً بحيث يزيد على مدة أقل التشهُّد.
(ج) الطمأنينة بمقدار تسبيحة على الأقل.
ويقصد به الجلوس الذي يكون في آخر ركعة من ركعات الصلاة بحيث يعقبه السلام.
لما رواه البخاري (5806)، ومسلم (402) وغيرهما، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنَّا إذا صَلَيْنَا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قُلنا ـ وعند البيهقي (2/ 138)، والدارقطني (1/ 350) كُنَّا نقول قبل أن يُفرض علينا التشهد ـ: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان، فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - أقبل علينا بوجهه فقال: "إنَّ الله هُوَ السلام، فإذا جَلَسَ أَحَدُكُمْ في الصلاة فليقل: التَّحياتُ...".
(هو السلام: أي هو اسم من أسماء الله تعالى، قيل: معناه سلامته مما يلحق الخلق من العيب والفناء. "النهاية").
- وأقلُّهُ: "التحيات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله".
وورد في صيغته روايات عدة كلها صحيحة.
- وصيغته الكاملة المفضلة لدى الشافعي رحمه الله تعالى ما رواه مسلم (403) وغيره عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنا التشهُّد كما يُعَلِّمُنا السورة من القرآن،
فكان يقول: "التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله".
(أ) أن يُسْمِع نفسه إذا كان سمعه معتدلاً.
(ب) موالاة القراءة، فلو فَصَلَها بفاصل سكوت طويل أو ذكرٍ آخر، بَطُلَت ووجب أن يعيد.
(ج) أن يقرأ التشهد وهو قاعد، إلا أن يكون معذوراً فيجوز قراءته على الكيفية الممكنة.
(د) أن يكون باللغة العربية، فإن عجز بالعربية ترجم وأتى به بأي لغة شاء ووجب عليه التعلم.
(هـ) مراعاة المخارج والشدَّات، فلو غيَّر مخرج حرف، أو تساهل في تشديدة، أو لَحَنَ في كلمة واستلزم ذلك تغير المعنى، بطل التشهد ووجبت الإعادة.
(و) ترتيب كلماته حسب النص الوارد.
أي بعد إتمام صيغة التشهد السابق ذكرها، وقبل السلام.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
وقد أجمع العلماء على أنها لا تجب في غير الصلاة، فَتَعَيَّن وجوبها فيها.
وقد أخرج ابن حبان (515)، والحاكم (1/ 268) وصححه، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، في السؤال عن كيفية الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -: كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ فقال: قولوا...
وهذا يعيِّن أن محل الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - الصلاة.
والمناسب لها آخر الصلاة فوجبت في الجلوس الأخير بعد التشهد.
وما رواه الترمذي (3475)، وأبو داود (1481) وغيرهما بسند صحيح، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بتحميد رَبِّه والثَّنَاءِ عَلَيْه، ثُمَّ يُصَلِّي على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يدعو بَعْدُ بما شاء".
وأقل صيغ الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم صلِّ على محمد.
والصيغة الكاملة فيها: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ.
وقد ثبت هذا بأحاديث صحيحة، رواها البخاري ومسلم وغيرهما، وفي بعض طرقها زيادة على ذلك أو نقص. [انظر البخاري (1390)، ومسلم (406)].
يشترط فيها مراعاة الأمور التالية:
(أ) أن يُسْمِع بها نفسه إذا كان معتدل السمع.
(ب) أن تكون بلفظ "محمد" أو بلفظ: الرسول أو النبي. فلو قال "على أحمد" مثلاً لم تُجزيء.
(ج) أن تكون بالعربية. فإن عجز عنها بالعربية ترجم وأتى بمعناها بأي لغة شاء، ووجب عليه أن يبادر إلى التعلم إن أمكنه ذلك.
(د) الترتيب في صيغة الصلاة، والترتيب بينها وبين التشهد، فلا يصح تقديم الصلاة على التشهد.
وهي أن يقول المصلي ملتفتاً إلى يمينه: السلام عليكم ورحمة الله.
قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق ذكره في تكبيرة الإحرام: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبير، وتَحْلِيلُها التَّسْليم".
وأقل صيغه: السلام عليكم. مرة واحدة.
وأكمله: السلام عليكم ورحمة الله مرتين، الأولى عن يمينه والأخرى عن شماله.
روى مسلم (582)، عن سعد - رضي الله عنه - قال: كنت أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسلِّمُ عن يَمِينِهِ وعَنْ يَسَارِهِ، حتى أرى بَيَاضَ خَدِّهِ.
وروى أبو داود (996) وغيره، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُسلِّم عن يَمِينِهِ وعن شِمَالِهِ، حتى يُرى بَيَاضُ خَدِّهِ: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ الله، السَّلامُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ الله". قال الترمذي (295): حديث ابن مسعود حديث حسنٌ صحيح.
وذلك بأن يبدأ بالنية وتكبيرة الإحرام، ثم بالفاتحة، ثم الركوع، فالاعتدال، فالسجود... وهكذا.
فإن قَدَّم بعض هذه الأركان على مَحَلِّه المشروع فيه، بَطُلَت صلاته إن تعمَّد ذلك.
أما إن فعل ذلك غير مُتَعَمِّد: بَطُلَت صلاته بدءاً من أول الركن الذي فعله في غير موضعه، فيجب عليه أن يعيد ذلك كله.
وعلى هذا، فإن استمر في صلاته بعد أن غَيَّر الترتيب المطلوب، إلى أن وصل إلى مثل ذلك الموضع من الركعة السابقة، نزل الصحيح من الركعة التالية منزلة الفاسد من الركعة التي قبلها، فوجب عليه حينئذ أن يزيد على صلاته ركعة، بدلاً من الركعة التي فسدت بفساد الترتيب بين أركانها.