المحتويات:
1ـ المسافر والمريض
2ـ الكبير العاجز، والمريض الذي لا يُرجى بَرَؤه
3ـ الحامل والمرضع
من فاته شيء من رمضان ـ لسفرٍ أو مرض ـ:
وجب عليه قضاؤه قبل حلول شهر رمضان من العام الذي يليه.
فإن لم يَقض تساهلاً حتى دخل رمضانٌ آخر أَثِم، ولزمه مع القضاء فِدْية، وهي أَن يُطعِم عن كل يوم مُدّاً من غالب قوت البلد، يتصدق به على الفقراء، ويتكرَّر بتكرر السنين.
والمُدُّ: يساوي ملء حَفْنة، وبالوزن: رطل وثلث بالرطل البغدادي، وهو ما يساوي 600 غرامٍ تقريباً.
أما إن استمر عُذْره: كأن استمرَّ مرضه حتى دخل عليه رمضان آخر فلا يجب عليه إلا القضاء، ولا فِدْية بهذا التأخير.
فإن مات ولم يقضِ فلا يخلو: إمَّا أن يكون قد مات قبلَ أن يتمكَّن من القضاء، أو مات بعد التمكُّن، ولكنه لم يقض تقصيراً.
فإن مات قبل التمكُّن من القضاء فلا إثم عليه، ولا تدارك له؛ لعدم تقصيره.
ومن مات بعد التمكُّن من القضاء صام عنه وليُّه ـ نَدْباً ـ الأيام الباقيات في ذمته.
والمقصود بالوليّ هنا أيّ قريب من أقاربه.
ودليل ذلك:
ما رواه البخاري (1851) ومسلم (1147) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه".
وروى البخاري (1852) أيضاً، ومسلم (1148) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه؟ قال: "نعم فَدَيْنُ الله أحقُّ أن يُقضَى".
هذا ويصح صوم الأجنبي عنه إذا استأذن بذلك أحد أقاربه، فإن صام بغير إذن، ولا وصية من الميت لم يصحّ بدلاً عنه.
فإن لم يَصُمْ عنه أحد أُطْعِم عنه لكل يوم مدٌّ، ويُخْرَج هذا من التَّرِكَة وجوباً كالديون، فإن لم يكن له مال جاز الإخراج عنه، وتبرأ ذمته.
روى الترمذي (817) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (من مات وعليه صيام شهر فليُطْعَم عنه مكان كل يوم مسكينٌ).
وروى أبو داود (2401) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يَصُم أُطْعِم عنه".
إذا اضطر الشيخ المسنُّ إلى الفطر، وجب عليه أن يَتصدَّق عن كل يوم بمدّ من غالب قوت البلد، ولا يجب عليه، ولا على أحد من أوليائه غير ذلك.
روى البخاري (4235) عن عطاء: سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184].
قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يستطيعان أن يصوما، فيُطْعِمان مكان كل يوم مسكيناً.
هذا، وممَّا يجب أن يُعلم أن المريض الذي لا يُرجَى برؤه حُكْمُه حُكْمُ المسنِّ الذي لا يقدر على الصوم، فيفطر، ويتصدَّق عن كل يوم بمدٍّ من غالب قوت البلد.
إذا أفطرت الحامل والمُرضِع، فهي إما أن تفطر خوفاً على نفسها، أو خوفاً على طفلها.
فإن أفطرت خوفاً من حصول ضرر بالصوم على نفسها وجب عليها القضاء فقط قبل حلول شهر رمضان آخر.
روى الترمذي (715) وأبو داود (2408) وغيرهما عن أنس الكعبي - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله تعالى وضع عن المسافر الصومَ وشَطْر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم". أي خفَّف بتقصير الصلاة، ورخَّص في الفطر مع القضاء.
وإن أفطرتْ خوفاً على طفلها، وذلك بأن تخاف الحامل من إسقاطه إن صامت، أو تخاف المرضع أن يَقِل لبنُها فيهلك الولد إن صامت، وجب عليها والحالة هذه القضاء والتصدق بمدّ من غالب قوت البلد عن كل يوم أفطرته.
ومثل هذه الصورة أن يُفطِر الصائم لإِنقاذ مشرفٍ على الهلاك، فيجب عليه مع القضاء التصدق بمدّ طعام.
روى أبو داود (2318) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184].
قال: (كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، وهما يُطيقان الصوم أن يُفطِرا ويُطعِما عن كل يوم مسكيناً، والحُبْلى والمرضع إذا خافتا ـ يعني على أولادهما ـ أفطرتا وأطعمتا).