المحتويات:
المُحْصِر
من مات ولم يحج
المُحْصِر من منعه مانع دون الوصول إلىٰ مكة والقيام بأعمال الحج.
فإذا أحرم شخص بالحج أو العمرة، ثم منعه عدوٌّ من الوصول إلىٰ مكة أو حُبِس وسُدَّ عليه منافذ الطرق تحلَّل في مكانه.
والتحلُّل أن يذبح شاة في مكانه الذي أُحصر فيه مع نيَّة التحلُّل، ثم يحلق رأسه أو يقصر من شَعَره.
قال الله سبحانه وتعالىٰ: {َفَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196].
وهذه الآية نزلت بالحديبية حين صدَّ المشركون النبي ﷺ وأصحابه عن البيت، وكان معتمراً، فنحر ثم حلق، وقال لأصحابه: "قوموا فانحروا ثم احلقوا".
فإذا فُقِد الدَّم فلم يقدر علىٰ الذبح قُوِّمت الشاة وأخرج طعاماً بقيمتها. فإن عجز عن الطعام صام عن كل مدّ يوماً.
ويتحلل هذا في الحال ولا ينتظر إلىٰ انتهاء الصيام.
-
ومن الموانع التي تحول دون إتمام الحجِّ أو العمرة عدم إذن الزوج، فإذا أحرمت المرأة بالحج أو العمرة من غير إذن الزوج، سواء أكان نُسُكها فرضاً أو نفلاً، فللزوج تحليلها، فإذا طلب منها ذلك وجب عليها الإحلال إذا كان زوجها حلالاً؛ لأن في استمرارها تفويتاً لحقِّ الزوج، ويكون إحلالها كإحلال المُحصِر الآنف الذكر. وعلىٰ هؤلاء الحج فيما بعد.
-
ومن فاته الوقوف بعرفة بعذرأو بغير عذر تحلَّل بطواف وسَعْي وحَلْق ويجب عليه دمٌ، ويجب عليه أيضاً القضاء فوراً في العام المقابل.
فلقد رَوىٰ مالك في الموطأ بإسناد صحيح: أن هبَّار بن الأسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هَدْيه، فقال: يا أميرالمؤمنين أخطأنا العدد وكنا نظن أن هذا اليوم يوم عرفة. فقال له عمر رضي الله عنه: أذهب إلىٰ مكة فطُفْ بالبيت أنت ومن معك، واسعَوا بين الصَّفا والمروة، وانحروا هَدْيكم إن كان معكم، ثم احلقوا أو قصِّروا، ثم ارجعوا، فإذا كان عام قابل فحجوا واهدُوا، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع.
-
ملاحظة: للحاج أو المعتمر أن يشترط أنَّه إذا مرضَ أو وقع به نحو ذلك فقد حلَّ، فإذا وقع به ما اشترط جاز له أن يتحلَّل.
روىٰ البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل رسول الله ﷺ علىٰ ضُباعة بنت الزبير، فقال لها: أردت الحج؟ فقالت: والله ما أجدني إلاَّ وَجِعة، فقال: حجي واشترطي، وقولي اللَّهم محِلّي حيث حبستني".
والإحلال في هذه الحال يكون بالنية والحَلْق، ولا دم عليه إلا إذا كان قد شرط التحلُّل بالهَدْي.
إذا وجب علىٰ الإنسان الحجُّ أو العمرة، ولكنه تراخىٰ عن أدائهما فلم يؤدِّهما حتىٰ مات، مات عاصياً، ووجب تكليف من يحجُّ عنه أو يعتمر، وتُدفع النفقة من رأس مال المتوفَّىٰ، وتُعدُّ هذه من الديون، فلا تُقسَّم التركة إلا بعد أداء الديون.
روىٰ البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ امرأة من جُهَينة جاءت إلىٰ رسول الله ﷺ فقالت: إن أمي نذرت أن تحج أفأحج عنها؟ قال: "نعم حُجي عنها، أرأيتِ لو كان علىٰ أمِّك دَيْن أكنت قاضيتة؟ قالت: نعم، قال: اقضوا دَيْن الله، فالله أحق بالوفاء". فشبَّه الحجَّ بالدَّيْن الذي لا يسقط بالموت.