المحتويات:
1ـ الإسلام
2ـ العقل
3ـ البلوغ
4ـ الحرية
5ـ أمْن الطريق
6ـ الاستطاعة
ملاحظات
يجب الحج والعمرة على من توفرت فيه الشروط الستة الآتية:
فلا يجب على غير المسلم وجوب مطالَبة في الدنيا، لأن الحج والعمرة من العبادات التي لا يطالَب بها غير المسلمين، ولا تصح من غيرهم، لأن شرط صحة العبادة الإسلام.
فالمجنون لا يجب عليه الحج ولا العمرة لعدم التمييز عنده بين المأمور والمحظور، ولأنَّ الله تعالى إذا أخذ ما وهب فقد أسقط ما أوجب، ولا يتم التكليف شرعاً إلا بالعقل.
فلا يجب الحج والعمرة على غير البالغ لأنه غير مكلَّف، إذ التكليف شرعاً إنما يكون بالبلوغ، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغَ، وعن النائم حتى يستيقظَ، وعن المجنون حتى يبرأ". رواه ابن حبان والحاكم وصححاه.
فلا يجب الحجُّ والعمرة على العبد لأنه لا يملك مالاً، بل هو وماله مِلْك سيده.
فلو خاف على نفسه أو ماله عدُوَّاً، أو كان الطريق خطراً لوجود حرب مثلاً، لا يجب عليه الحجُّ ولا العمرة لحصول الضرر، والله تعالى يقول في [البقرة: 195]: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.
لقوله تعالى في [آل عمران: 98]: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.
ولحديث ابن عمر - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ما يوجب الحجّ، قال: "الزاد والراحلة" رواه الترمذي، وقال حديث حسن. والزاد والراحلة في الحديث يفسِّران الاستطاعة الواردة في القرآن.
والاستطاعة تتحقَّق بأن يملك الإنسان المال الذي يلزمه لأداء الحج والعمرة، من أجرة مركوب ونفقة ذهاباً وإياباً، بالإضافة لما تفرضه عليه اليوم الحكومات من نفقة جواز سفر، وأجرة مطوِّف، ويجب أن يكون هذا المال زائداً على دَيْنِه وعلى نفقة عياله مدة غيابه.
والاستطاعة نوعان: استطاعة مباشرة، واستطاعة غير مباشرة.
1ـ فالاستطاعة المباشرة: هي أن يتمكن الإنسان من الحج والاعتمار بنفسه، بأن يكون قادراً صحيح الجسم، يمكنه السفر، وأداء المناسك، من غير أن يناله ضرر كبير أو مشقة لا تُحْتَمَل.
2ـ الاستطاعة غير المباشرة: هي أن يملك المكلَّف من المال ما يمكنه إنابة غيره بالحج عنه في حياته أو بعد مماته، فيما إذا كان لا يستطيع الحجَّ بنفسه لكِبَر أو مرض أو نحو ذلك.
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ امرأةً من جُهينة جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنّ أمي نذرت أن تحجَّ فماتت قبل أن تحج أَفَأَحُجّ عنها؟ قال: "نعم حُجِّي عنها. أرأيتِ إن كان على أمِّك دَيْن أكنتِ قاضيته؟" قالت: نعم. قال: "اقضوا ديْنَ الله، فالله أحقُّ بالوفاء".
ولفظ النسائي أنَّ رجلاً قال يا رسول الله: إنَّ أبِي مات ولم يحج أفأحج عنه، قال: "أرأيت لو كان على أبيك دَيْن أكنت قاضيه؟" قال: نعم. قال: "فَدَيْن الله أحق بالوفاء".
ورُوي في الصحيحين أنَّ امرأة من خَثْعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله تعالى على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: "نعم".
الأولى: من كان له رأس مال تجارة وجب صرفه لأداء الحج والعمرة، ومن كان له أرض يحصل منها على نفقته وجب بيعها لأداء الحجِّ والعمرة، وذلك أنَّه لو كان مديناً لآدمي وجب صرف مال تجارته، فكذلك الحج والعمرة وهذا هو القول الأصح، وقيل: لا يلزمه بيع ذلك.
الثانية: لا يجب بيع بيته الذي يسكنه ولا أثاثه الذي يستخدمه في حاجته لأداء الحجِّ والعمرة، لأن هذه حوائج ضرورية لا يُستغنى عنها فلا يُكَلَّف ببيعها.
الثالثة: من كان بينه وبين مكة دون مرحلتين، وهو قوى على المشي وجب عليه الحج ماشياً إن كان لا يملك ثمن مركوب، والمرحلتان مسيرة يوم وليلة على الأقدام.
الرابعة: من كان مالكاً نفقة الحج فقط وأراد أن يتزوَّج بهذا المال، فهو لا يخلو من إحدى حالتين.
الأولى: أن يكون بحاجة إلى نكاح ولكنه قادر على ضبط نفسه، فهذا يجب عليه الحجُّ، والأفضل تقديمه على الزواج.
الثانية: أن يخاف على نفسه العَنَت والوقوع في المعاصي، فهذا أيضاَ يجب عليه الحجُّ، ولكنَّ تقديم الزواج أفضل من الحج، والقاعدة في ذلك أنَّ الحاجة إلى النكاح لا تمنع الوجوب.
الخامسة: يشترط في وجوب حجِّ المرأة وعمرتها زائداً على الشروط التي تقدم ذكرها في الرجل شرطان:
أحدهما:
أـ أن يكون مع المرأة زوجٌ لها.
ب ـ أو أن يكون معها مَحْرَم بنسب أو غيره.
وذلك لما ورد في الصحيحين: "لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو مَحْرَم". وفي رواية فيهما: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي مَحْرَم".
ج ـ أو أن يوجد معها نِسْوة ثقات مشهورات بالعفَّة والتديُّن.
وأقل ذلك أن يكون معها امرأتان وهي الثالثة، ولا يشترط وجود مَحْرَم أو زوج لإحداهنّ معهنّ لأنه باجتماعهنّ وهن ثقات يحصل الأمن عليهنّ، والاطمئنان إلى عدم افتتان إحداهنّ، وإذا لم تجد المرأة مَحْرَماً يحج ويعتمر معها من ماله وجب عليها أُجرة المَحْرَم إذا كان معها تلك الأجرة.
وهذا الشرط إنما هو لوجوب الخروج إلى الحج،.
أما لجواز الخروج فإنه يكتفى بامرأة واحدة، وكذا يجوز الخروج وحدها إذا أُمِن الطريق، وهذا خاص في أداء فريضة الحج.
وأما في الحج غير المفروض وفي سائر الأسفار فلا بدّ من وجود مَحْرَم زوج أو غيره.
والدليل على جواز سفر المرأة وحدها لحجِّ الفريضة ما رواه البخاري عن عدي بن حاتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "فإن طالت بك حياةٌ لترينَّ الظعينة ترتحل من الحِيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله".
ثانيهما:
أن لا تكون معتدَّة من طلاق أو وفاة مدة إمكان السير للحج، وذلك لقوله تعالى في [الطلاق: 1]: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}.
السادسة: ليس للمرأة السفر إلى الحج إلّا بإذن زوجها، فإن منعها منه لم يجز لها الخروج، فإن ماتت في حال قدرتها ومنْع الزوج لها، قُضي الحج من تركتها ولا تُعَدُّ آثمة في ذلك.