المحتويات:
معناه
حكمه
ما يُستنجى به
ما لا يُستنجى به
آداب الاستنجاء وقضاء الحاجة
هو إزالة النجاسة أو تخفيفها عن مخرج البول أو الغائط.
مأخوذ من:
النَّجاء: وهو الخلاص من الأذى.
أو النجوة: وهي المرتفع عن الأرض.
أو النجو: وهو الخُرْء، أي ما يخرج من الدبر.
سُمِيَ بذلك شرعاً، لأن المستنجي يطلب الخلاص من الأذى ويعمل على إزالته عنه، وغالباً ما يستتر وراء مرتفع من الأرض، أو نحوه، ليقوم بذلك.
وهو واجب، وقد دل على ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي خلال البحث.
يجوز الاستنجاء بالماء المطلق، وهو الأصل في التطهير من النجاسة كما يجوز بكل جامد خشن يمكن أن يزيل النجاسة، كالحجر والورق ونحو ذلك.
والأفضل أن يستنجي أولاً بالحجر ونحوه، ثم يستعمل الماء، لأن الحجر يزيل عين النجاسة والماء بعده يزيل أثرها دون أن يخالطها.
وإن اقتصر على أحدهما فالماء أفضل، لأنه يزيل العين والأثر، بخلاف غيره.
وإن اقتصر على الحجر ونحوه، فيشترط:
- أن يكون المستعمل جافاً.
- وأن يُستعمل قبل أن يجف الخارج من القبل أو الدبر.
- وألا يجاوز الخارج صفحة الألية أو حشفة الذكر وما يقابلها من مخرج البول عند الأنثى.
- وأن لا ينتقل عن المحل الذي أصابه أثناء خروجه.
- كما يُشترط أن لا تقل المسحات عن ثلاثة أحجار أو ما ينوب منابها، فإن لم ينظف المحل زيد عليها.
- ويُسن أن يجعل وتراً، أي منفردة: كخمسة أو سبعة، ونحوها.
روى البخاري (149)، ومسلم (271): عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام نحوي إدواة من ماء وعَنَزَة، فيستجني بالماء.
[الخلاء: مكان قضاء الحاجة. إداوة: إناء صغير من جلد. عَنَزَة: الحربة القصيرة، تركز ليصلى إليها كسترة. يستنجي: يتخلص من أثر النجاسة].
وروى البخاري (155) وغيره، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار.
[الغائط: المكان المنخفض من الأرض تُقضى فيه الحاجة، ويطلق على ما يخرج من الدبر].
وروى أبو داود (40) وغيره، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن، فإنها تُجْزئ عنه".
[يستطيب: يستنجي، سُمي بذلك لأن المستنجي يطيب نفسه بإزالة الخَبَثْ عن المخرج].
وروى أبو داود (44)، والترمذي (3099)، وابن ماجه (357)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا ۚ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108]. قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية".
روى مسلم (2622) عن سلمان - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار".
وروى البخاري (160)، ومسلم (237) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ومن استجمر فليُوتِر".
[استجمر: مسح بالجمار وهي الأحجار الصغيرة].
ـ لا يصح الاستنجاء بما كان نجس العين أو متنجساً لأنه ربما زاد في أثر النجاسة بدل تخفيفه.
روى البخاري (155) عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت رَوثةً فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الرَوثة وقال: "هذا رِكس ".
[الرِكس: النجس. رَوثة: براز الحيوان المأكول اللحم وغيره].
ـ ويحرم الاستنجاء بما كان مطعوماً لآدمي كالخبز وغيره، أو جني كالعظم.
روى مسلم (450) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاني داعي الجن، فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن". قال: وسألوه الزاد، فقال: "لكم كل عظم ذُكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة عَلَفْ لدوابكم".
فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم".
وعند الترمذي (18): "لا تستنجوا بالرَوَثْ ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن".
فيُقاس طعام الآدمي عليه من باب أولى.
ـ يحرم الاستنجاء بكل محترم، كجزء حيوان متصل به، كبده ورجله، ومن الآدمي من باب أَوْلى، لأنه يتنافى مع تكريمه، فإن كان جزء الحيوان منفصلاً عنه، وكان طاهراً كشعر مأكول اللحم وجلد الميتة المدبوغ، جاز ذلك.
هناك آداب يُطلب من المسلم أن يراعيها عند القيام بقضاء حاجته واستنجائه وهي:
فإنه يجتنب التبول والتغوط في:
- طريق الناس أو المكان الذي يجلسون فيه، لما فيه من الأذى لهم.
روى مسلم (269) وغيره، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا اللعانين". قالوا: وما اللعانان؟ قال: "الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم". [اللعانين: الأمرين الجالبين اللعن].
ـ ثقب في الأرض أو جدار أو نحوه، لما قد ينتج عنه من أذى، فقد يكون فيه حيوان ضار كعقرب أو حية، فيخرج عليه ويؤذيه، وقد يكون فيه حيوان ضعيف فيتأذى.
روى أبو داود (29) عن عبدالله بن سرجس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُبال في الجُحر. وهو الثقب في الأرض.
ـ تحت الشجرة المثمرة، صيانة للثمر عن التلويث عند وقوعه سواء كان مأكولاً أو منتفعاً به لئلا تعافه النفس.
ـ في الماء الراكد: لما ينتج من تقزز النفس منه إن كان كثيراً لا تغيره النجاسة، ومن إضاعته إن كانت النجاسة تغيره، أو كان دون القلتين.
روى مسلم (281) وغيره، عن جابر - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد.
والتغوط أقبح وأولى بالنهي، والنهي للكراهة، ونقل الإمام النووي أنه للتحريم. [انظر شرح مسلم: 3/ 187].
فيُستحب لقاضي الحاجة: أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول ويمناه عند الخروج لأنه الأَلْيَق بأماكن القذر والنجس.
ولا يحمل ذكر الله تعالى ومثله كل اسم مُعظَّم.
كما يستحب له أن يقول الأذكار والأدعية التي ثبتت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قبل دخول الخلاء وبعد الخروج منه:
فيقول قبل الدخول: "باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخُبْث والخبائث". [رواه البخاري 142، ومسلم: 375].
[الخُبْث: جمع خبيث. والخبائث: جمع خبيثة، والمراد ذكور الشياطين وإناثهم].
وبعد الخروج يقول: "غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني، الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في قوته، ودفع عنى أذاه". [رواه أبو داود: 30، والترمذي: 7، وابن ماجه: 301، والطبراني].
يحرم على قاضي الحاجة أن يستقبل القبلة أو يستدبرها، إن كان في الفضاء ولا ساتر مرتفعاً يستر عورته حال قضاء حاجته،
وكذلك إن كان في بناء غير معد لقضاء الحاجة، ولم تتحقق شروط الساتر المذكورة. ويشترط ألا يبعد عنه الساتر أكثر من ثلاثة أذرع بذارع الآدمي، أي ما يساوى 150سم تقريباً.
فإن كان البناء معداً لقضاء الحاجة جاز الاستقبال والاستدبار.
روى البخاري (381)، ومسلم (264)، عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شَرّقوا أو غَرّبوا".
وخص ذلك بالصحراء وما في معناها من الأمكنة التي لا ساتر فيها.
ودليل التخصيص: ما روى البخاري (148)، ومسلم (266) وغيرهما، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، مستدبر القبلة، مستقبل الشام.
فحُمل الأول على المكان غير المُعَدْ لقضاء الحاجة، وما في معناه من الأماكن التي لا ساتر فيها.
وحُمل الثاني على المكان المُعَدْ وما في معناه، جمعاً بين الأدلة، ولا يخلو الأمر معه عن كراهة في غير المُعَدْ مع وجود الساتر.
- أن يعتمد على يساره وينصب يمناه.
- ولا ينظر إلى السماء ولا إلى فَرْجِه ولا إلى ما يخرج منه لأنه لا يليق بحاله.
- ويُكره لقاضي الحاجة الكلام وغيره أثناء قضائها.
روى مسلم (370) وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً مرّ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَبُول، فسلّم عليه فلم يرد عليه.
وروى أبو داود (15) وغيره، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يخرج الرجلان يضربان الغائط، كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك".
[يضربان: يأتيان. يمقت: يغضب]
- ويُقاس على الكلام غيره كالأكل والشرب والعبث، ونحو ذلك.
يستعمل قاضي الحاجة شماله لتنظيف المحل بالماء أو بالحجر ونحوه، لأنها الأَلْيَق بذلك، ويُكره أن يستعمل يده اليمنى لهذا، كما يُكره له أن يَمَس بها ذَكَرَه.
وإن احتاج أن يمسك الذَكَر لينظفه بالحجر ونحوه من الجامدات، أمسك الجامد بيده اليمنى دون أن يحركها، وأمسك الذَكَر باليسرى وحركها لينظف المحل.
روى البخاري (153)، ومسلم (267)، عن أبي قتادة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذَكَرَه بيمينه ولا يستنج بيمينه".