المحتويات:
1ـ حُكم الحج ودليله
2 ـ حُكم العُمْرة ودليلها
ملاحظات
الحجُّ فَرضٌ باتفاق المسلمين، وركن من أركان الإسلام، لم يخالف في ذلك، أحدٌ من المسلمين، ودليله: الكتاب، السُّنَة، الإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى في سورة آل عمران [96 ـ 97]:
{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
وأما السُنَّة: فقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزكاة، وصومِ رمضان، وحجِ البيت لمن استطاع إليه سبيلاً".
وأما الإجماع: فقد اتَّفقت كلمة علماء المسلمين على فرضيته من غير أن يشذَّ منهم أحد، ولذلك حكموا بكفر جاحده لأنه إنكارٌ لما ثبت بالقرآن، والسُّنَة، والإجماع.
العُمرة فَرضٌ كالحج على الأظهر من قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى. واستدل على ذلك بالكتاب والسنة:
أما الكتاب: فقوله تعالى في [البقرة: 196]: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ}. أي ائتوا بهما تامَّين.
وأما السُنَّة: فقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما بأسانيد صحيحة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ يا رسول الله: هل على النساء جهاد؟ قال: "نعم: جهادٌ لا قتال فيه: الحج والعمرة".
الأولى: كم مرة يجب الحج والعمرة على المستطيع؟
أجمع العلماء على أنه لا يجب الحج والعمرة على المستطيع إلا مرة واحدة في عمره كلِّه إلا أن ينذر فيجب الوفاء بالنَّذر.
ودليلهم على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خطبَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أيُّها الناسُ، قد فُرِض عليكم الحجُّ فحُجّوا". فقال رجلٌ: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، ثم قال: "ذَرُوني ما تركتكم، ولو قلتُ نعم لوَجَبَت، ولَمَا استطعتم، وإنما أهلك مَنْ كان قبلكم كثرةُ سؤالهم، واختلافُهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فَأْتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه". رواه مسلم والنسائي.
وحديث جابر بن سُراقة: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمرة فقال: يا رسول الله، ألِعَامِنَا هذا أم للأبد؟ فشبَّك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه واحدة في الأخرى وقال: "دخلت العمرة في الحج ـ مرتين ـ لا بل لأبدٍ أبدٍ". رواه مسلم (1218).
الثانية: هل يصح تأخير الحج والعمرة لمن وجبا عليه أم يجب أداؤهما فوراً:
مذهب الشافعي رحمه الله تعالى أنَّ الحج والعمرة لا يجبان على الفور، بل يصح تأخيرهما لأنَّ العمر كلَّه زمان لأدائهما، لكن بشرط العزم على الفعل في المستقبل.
وهذا لا ينافي أنه يُسَنُّ أداؤهما عقب الوجوب فوراً مبادرةً إلى براءة ذمته، ومسارعةً في طاعة ربه، قال تعالى في [المائدة: 48]: {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.
الثالثة: كم عُمرة اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكم حجة حجَّ؟
عن قتادة قال: قلت لأنس: كم حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: حجة واحدة، واعتمر أربع عُمَر: عمرة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجته، وعمرة الجِعِرَّانة إذ قسم غنيمة حُنَين. رواه الترمذي وقال حسن صحيح ورواه البخاري ومسلم.
قال النووي رحمه الله في شرحه لمسلم:
كانت إحداهن في ذي القعدة عام الحديبية سنة ست من الهجرة وصُدُّوا فيها فتحلَّلوا وحُسبت لهم عُمْرة.
والثانية في ذي القعدة وهي سنة سبع وهي عمرة القضاء.
والثالثة في ذي القعدة سنة ثمانٍ وهي عام الفتح.
والرابعة مع حجته ﷺ .