المحتويات:
معناه
فرائض الوضوء
سنن الوضوء
مكروهات الوضوء
نواقض الوضوء
الأمور التي يشترط لها الوضوء
صور كاملة لوضوء النبي
الوُضوء لغةً: مأخوذ من الوضاءة وهي الحُسن والبهجة.
وشرعاً: اسم للفعل الذي هو استعمال الماء في أعضاء معينة مع النية.
والوَضوء: اسم للماء الذي يتوضأ به، وسُمي بذلك لما يضفي على الأعضاء من وضاءة بغسلها وتنظيفها.
وفرائض الوضوء ستة وهي:
والأصل في مشروعية الوضوء وأركانه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
لأن الوضوء عبادة، وبالنية تتميز العبادة من العادة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". [رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907].
أي لا تصح العبادة ولا يُعتد بها شرعاً إلا إذا نُوِيَت، ولا يحصل للمكلف أجرها إلا إذا أخلص فيها.
تعريف النية: والنية معناها لغةً: القصد، وشرعاً: قصد الشيء مقروناً بفعله.
محل النية: ومحل النية القلب، ويُسن التلفظ بها باللسان.
كيفية النية: وكيفيتها أن يقول بقلبه: نويت فرض الوضوء، أو رفع الحدث، أو استباحة الصلاة.
وقت النية: ووقتها عند غسل أول جزء من الوجه، لأنه أول الوضوء.
لقوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}. وحدود الوجه من منبت الشعر إلى أسفل الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً.
ويجب غسل كل ما على الوجه: من حاجب، وشارب، ولحية، ظاهراً وباطناً لأنها من أجزاء الوجه، إلا اللحية الكثيفة ـ وهي التي لا يُرى ما تحتها ـ فإنه يكفى غسل ظاهرها دون باطنها.
لقوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}. جمع مرفق وهو مجتمع الساعد مع العضد و"إلى" بمعنى مع، أي: مع المرافق،
دل على ذلك ما رواه مسلم (246)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ".
[أشرع في العضد وأشرع في الساق، معناه: أدخل الغسل فيهما].
ويجب تعميم جميع الشعر والبشرة بالغسل، فلو كان تحت أظافره وسخ يمنع وصول الماء أو خاتم لم يصح الوضوء،
لما رواه البخاري (161)، ومسلم (241) واللفظ له، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: رجعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر، فتوضؤوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها ماء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء". أي أتموه وأكملوه باستيعاب العضو بالغسل.
[عجال: مستعجلون].
وروى مسلم (243): أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ارجع فأحسن وُضوءَك". فرجع ثم صلى.
[فرجع: أي فأتم وضوءه وأحسنه].
فدل الحديثان: على أنه لا يجزئ الوضوء إذا بقي أدنى جزء من العضو المغسول دون غسل.
ولو شعرة ما دامت في حدود الرأس، لقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}.
وروى المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ، ومسح بناصيته، وعلى عمامته. [رواه مسلم: 274].
ولو غسل رأسه أو بعضه بدل المسح جاز. والناصية: مقدم الرأس، وهي جزء منه، والاكتفاء بالمسح عليها دليل على أن مسح الجزء هو المفروض ويحصل بأي جزء كان.
لقوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}. الكعبان مثنى الكعب: وهو العظم الناتئ من كل جانب عند مفصل الساق مع القدم، و "إلى": بمعنى مع، أي مع الكعبين،
دل على ذلك: ما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق: "حتى أشرع في الساق".
ويجب تعميم الرجلين بالغسل بحيث لا يبقى منهما ولو موضع ظفر، أو تحت شعر لما مر في غسل اليدين.
وهذا مستفاد من الآية التي ذكرت فروض الوضوء مرتبة، ومن فعله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم يتوضأ إلا مرتباً ـ كما جاء في الآية ـ ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق، وفيه العطف بثم، وهي الترتيب باتفاق.
قال النووي في المجموع (1/ 484): واحتج الأصحاب من السنة بالأحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعات من الصحابة في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكلهم وصفوه مرتباً، مع كثرتهم وكثرة المواطن التي رأوه فيها، وكثرة اختلافهم في صفاته في مرة ومرتين وثلاث وغير ذلك، ولم يثبت فيه ـ مع اختلاف أنواعه ـ صفة غير مرتبة، وفعله - صلى الله عليه وسلم - بيان للوضوء المأمور به، ولو جاز ترك الترتيب لتركه في بعض الأحوال لبيان الجواز، كما ترك التكرار في أوقات.
للوضوء سنن كثيرة نذكر أهمها وهي:
1ـ التسمية في ابتدائه
روى النسائي (1/ 61) بإسناد جيد، عن أنس - رضي الله عنه - قال: طلب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وَضوءاً فلم يجدوا ماءً، فقال عليه الصلاة والسلام: "هل مع أحد منكم ماء"، فأُتي بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثم قال: "توضؤوا باسم الله" أي قائلين ذلك عند الابتداء به. قال أنس: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، حتى توضؤوا من عند آخرهم ـ أي جميعهم ـ وكانوا نحواً من سبعين.
2ـ غسل الكفين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء
روى البخاري (2183)، ومسلم (235)، من حديث عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - وقد سُئل عن وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعا بتَور من ماء، فتوضأ لهم وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكفأ على يده من التَور، فغسل يديه ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء ....
[التَور: إناء من نحاس. فأكفأ: صب].
3ـ استعمال السواك
لما رواه البخاري (847)، ومسلم (252)، وغيرهما، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء".
أي لأمرتهم أمر إيجاب، وهذا دليل الاستحباب المؤكد.
4 و 5 ـ المضمضة والاستنشاق
باليد اليمنى والاستنثار باليد اليسرى، جاء في حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - السابق: فتمضمض واستنشق واستنثر بثلاث غَرفات.
أي يتمضمض ويستنشق من غَرفة واحدة، وكرر ذلك ثلاثاً.
[استنثر: أخرج الماء الذي أدخله في أنفه].
6ـ تخليل اللحية الكثة
روى أبو داود (145) عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء، فأدخله تحت حنكه، فخلل به لحيته، وقال: "هكذا أمرني ربي عز وجل".
7ـ مسح جميع الرأس
جاء في حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه -: فمسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر: بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه.
8ـ تخليل ما بين أصابع اليدين والرجلين بالماء
أما اليدان فبالتشبيك بينهما، وأما الرجلان فبخنصر اليد اليسرى: يبدأ بخنصر الرجل اليمنى ويختتم بخنصر الرجل اليسرى.
عن لقيط بن صبرة - رضي الله عنه - قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: "أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق، إلا أن تكون صائماً". [رواه أبو داود: 142، وصححه الترمذي: 788، وغيرهما].
[أسبغ: أكمله وأتمه بأركانه وسننه].
وعن المستورد قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره". [رواه ابن ماجه: 446].
9ـ مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد غير ماء الرأس
عن ابن عباس - رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما". [رواه الترمذي: 36، وصححه].
وعند النسائي (1/ 74): "مسح برأسه وأذنيه، باطنهما بالمسبحتين، وظاهرهما بإبهاميه".
وقال عبدالله بن زيد: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فأخذ ماء لأذنيه خلاف الماء الذي أخذه لرأسه". [رواه الحاكم: 1/ 151]، وقال عنه الحافظ الذهبي: صحيح.
10ـ التثليث في جميع فرائض الوضوء وسننه
روى مسلم (230) أن عثمان - رضي الله عنه - قال: ألا أريكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ثم توضأ ثلاثاً ثلاثاً.
11ـ تقديم اليمنى على اليسرى، في اليدين والرجلين
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم". [رواه ابن ماجه: 402].
ودلّ على ذلك أيضاً حديثه السابق في فرائض الوضوء.
12ـ الدلك
وهو إمرار اليد على العضو عند غسله
روى أحمد في مسنده (4/ 39) عن عبدالله بن زيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فجعل يقول هكذا، يدلّك.
[في المصباح: دلكت الشيء ـ من باب قتل ـ مرسته بيدك، ودلكت النعل بالأرض مسحتها بها. يقول: عبر عبدالله بالقول عن الفعل].
13ـ الموالاة
أي غسل الأعضاء بالتتابع من غير انقطاع، بحيث يغسل العضو الثاني قبل أن يجف الأول، اتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -، لما مر معك من أحاديث على ذلك.
14ـ إطالة الغرة والتحجيل
والغرة: غسل جزء من مقدم الرأس.
والتحجيل: غسل ما فوق المرفقين في اليدين، وما فوق الكعبين في الرجلين.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أمتي يُدعَون يوم القيامة غُراً مُحَجَلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرته فليفعل". [رواه البخاري: 136، ومسلم: 246].
وفي رواية عند مسلم: " فليطل غرته وتحجيله".
[غرّاًً: جمع أغر، أي ذو غرة، وهي بياض في الجبهة. محجلين: من التحجيل وهو بياض في اليدين والرجلين، وهذا تشبيه لأن الأصل في الغرة والتحجيل أن يكون في جهة الفرس وقوائمها، والمراد به هنا: النور الذي يسطع من المؤمنين يوم القيامة].
15ـ الاعتدال بالماء دون سرف أو تقتير
فقد روى البخاري (198) عن أنس - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمُد.
[والمُد: إناء يساوي مكعباً طول حرفه 9.2 سم تقريباً].
16ـ استقبال القبلة عند الوضوء
لأنها أشرف الجهات.
17ـ أن لا يتكلم أثناء الوضوء
اتباعاً للرسول - صلى الله عليه وسلم -.
18ـ التشهد عند الانتهاء من الوضوء والدعاء
يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله". [رواه مسلم: 234].
"اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين". [رواه الترمذي: 55].
"سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك". [رواه النسائي في أعمال اليوم والليلة، كما قال الإمام النووي في الأذكار].
ويُكْرَه في الوضوء الأمور التالية:
1ـ الإسراف في الماء، والتقتير فيه
لأن ذلك خلاف السنة، ولعموم قوله تعالى: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
والإسراف هو التجاوز عن الاعتدال المعروف والمألوف.
روى أبو داود (96) أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يَعتَدون في الطَهور والدعاء". أي يفرطون فيهما، والإفراط في الدعاء: أن يسأل أشياء مخصوصة وبصفة معينة.
2ـ تقديم اليد اليسرى على اليمنى، وتقديم الرجل اليسرى على اليمنى
لأن هذا على خلاف ما مر من فعله - صلى الله عليه وسلم -.
3ـ التنشيف بمنديل إلا لعذر
كبرد شديد أو حر يؤذي معه بقاء الماء على العضو، أو خوف نجاسة أو غبارها.
روى البخاري (256)، ومسلم (317): أنه - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمنديل فلم يَمَسَهُ.
4ـ ضرب الوجه بالماء
لأن ذلك ينافي تكريمه.
5ـ الزيادة على ثلاث يقيناً بالغسل أو في المسح، أو النقص عنها
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدما توضأ ثلاثاً ثلاثاً: "هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم". [رواه أبو داود: 135]، وقال النووي في المجموع: إنه صحيح.
ومعناه أن من اعتقد أن السنة أكثر من ثلاث أو أقل منها، فقد أساء وظلم، لأنه قد خالف السنة التي سنها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
6ـ الاستعانة بمن يغسل له أعضاءه من غير عذر
لأن فيه نوعاً من التكبر المنافي للعبودية.
7ـ المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم
خشية أن يسبقه الماء إلى حلقه فيفسد صومه.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وبَالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً". [رواه أبو داود: 142].
وتقاس المضمضة على الاستنشاق من باب أولى.
وينتقض الوضوء بخمسة أشياء:
1ـ كل ما خرج من أحد السبيلين من بول أو غائط أو دم أو ريح
قال تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43]. أي مكان قضاء الحاجة، وقد قضى حاجته من تبرز أو تبول.
والغائط هو المكان المنخفض، وفي مثله تُقضى الحاجة غالباً وعادة.
وروى البخاري (135) ومسلم (225) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ". فقال رجل من أهل حضرموت: ما الحَدَث يا أبا هريرة؟ قال: فُساء أو ضُراط.
وقيس على ما ذكر كل خارج من القبل أو الدبر، ولو كان طاهراً.
2ـ النوم غير المتمكن
والتمكن أن يكون جالساً ومقعدته ملتصقة بالأرض، وغير التمكن أن يكون هناك تجاف بين مقعدته والأرض.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام فليتوضأ". [رواه أبو داود: 203 وغيره].
وأما من نام على هيئة المتمكن فلا ينقض وضوؤه، لأنه يشعر بما يخرج منه.
ودل على هذا ما رواه مسلم (376) عن أنس - رضي الله عنه - قال: أُقيمت الصلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يناجى رجلاً، فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه، ثم جاء فصلى بهم.
[يناجي: يتحدث معه على انفراد بحيث لا يسمعهما أحد].
وعنه أيضاً قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون، ثم يصلون ولا يتوضؤون. [انظر البخاري: 541، 544، 545].
وواضح أنهم ناموا جالسين على هيئة التمكن، لأنهم كانوا في المسجد ينتظرون الصلاة، وعلى أمل أن يقطع حديثه - صلى الله عليه وسلم - فجأة ويصلي بهم.
3ـ زوال العقل بسكر أو إغماء أو مرض، أو جنون
لأن الإنسان إذا انتابه شيء من ذلك كان هذا مظنة أن يخرج منه شيء من غير أن يشعر، وقياساً على النوم، لأنه أبلغ منه في معناه.
4ـ لمس الرجل زوجته أو المرأة الأجنبية من غير حائل
فإنه ينتقض وضوؤه ووضوؤها. والأجنبية هي كل امرأة يحل له الزواج بها.
قال تعالى في بيان موجبات الوضوء: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43]. أي لمستم كما في قراءة متواترة.
5ـ مس الفرج من نفسه أو من غيره، قبلاً أو دبراً، بباطن الكف والأصابع من غير حائل.
الأمور التي يجب الوضوء من أجلها هي:
1ـ الصلاة
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ". [رواه البخاري: 135، ومسلم: 225].
وعند مسلم (224): "لا تُقبل صلاة بغير طُهُور".
2ـ الطواف حول الكعبة
لأن الطواف كالصلاة تجب فيه الطهارة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطواف حول البيت مثل الصلاة، إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير". [رواه الترمذي: 960، والحاكم: 1/ 459، وصححه].
3ـ مس المصحف وحمله
قال تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَمَس القرآن إلا طاهر". [رواه الدارقطني: 1/ 459].
روى البخاري في صحيحه (162) عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -: أنه دعا بوَضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات، ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثاً ويديه إلى المرفقين ثلاثاً، [وفي رواية: ثم غسل يده اليمنى ثلاثاً، ثم غسل يده اليسرى ثلاثاً]، ثم مسح برأسه، ثم غسل كل رجل ثلاثاً، [وفي رواية: ثم غسل رجله اليمنى ثلاثاً، ثم غسل رجله اليسرى ثلاثاً]. ثم قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ نحو وضوئي هذا، وقال: "من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدّث فيهما نفسه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه".
[بوَضوء: هو الماء الذي يتوضأ به. لا يُحدّث: أي بشيء من أمور الدنيا].