المحتويات:
التعريف بهما وزمن مشروعيتهما
حكمها
كيفيتها
صلاة الكسوف والخسوف لا تُقْضَيان
الغُسل لصلاة الكسوف
تُطلَق كلمة الكسوف لغةً على احتجاب ضوء الشمس احتجاباً جزئياً أو كلياً.
وتُطلَق كلمة الخسوف على احتجاب نور القمر جزئياً أو كلياً.
ويجوز إطلاق كل من الكلمتين على كل من المعنيين.
وصلاة الكسوف والخسوف من الصلوات المشروعة لسبب، يلتجئ فيها المسلم إلى الله عزَّ وجلَّ أن يكشف البلاء ويعيد الضياء.
وقد شُرِعَتْ صلاة الكسوف في السنة الثانية للهجرة، أما صلاة خسوف القمر فقد شُرِعَتْ في السنة الخامسة منها.
هي سنة مؤكدة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -، فيما رواه مسلم (904): "إنَّ الشَمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ من آياتِ الله لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدِِ ولا لِحَيَاتِهِ، فإذا رَأَيْتم ذَلِكَ فَصَلُّوا وادْعُوا حتى يَنْكَشِفَ ما بِكُمْ". ولفعله - صلى الله عليه وسلم - لها، كما سيأتي.
وإنما لم يُفَسَر الأمر في هذا الحديث على وجه الوجوب، لخبر: أن أعرابياً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلوات الخمس فقال: هل عليَّ غيرها؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "لا، إلا أَنْ تَطَوَّعَ". (البخاري: 46، ومسلم 11).
وتُسَنُ فيها الجماعة، ويُنادَى لها: "الصلاة جامعة".
صلاة الكسوف والخسوف ركعتان، ينوي بهما المصلي صلاة الكسوف أو الخسوف.
ولها كيفيتان:
أدنى ما تصح به.
وأكمل الوجوه في أدائها.
فهي أن يكون في كل ركعة قيامان، وقراءتان، وركوعان، كالعادة بدون تطويل.
ويصح أن يصليها ركعتين بقيامين وركوعين، كصلاة الجمعة، ويكون تاركاً للفضيلة، لمخالفته لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
فهي أن يكون في كل ركعة منهما قيامان يطيل القراءة في كلِِ منهما:
بأن يقرأ في القيام الأول من الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة البقرة أو مقدارها من السور الأخرى.
وفي القيام الثاني ما يساوي مائتي آية.
وفي القيام الأول من الركعة الثانية مقدار مائة وخمسين منها.
وفي القيام الثاني منها ما يساوي مائة آية من سورة البقرة.
ثم إذا ركع:
أطال الركوع بما يساوي مائة آية تقريباً.
فإذا ركع الركوع الثاني أطاله بمقدار ثمانين آية.
والثالث بمقدار سبعين آية.
والرابع بمقدار خمسين.
فإذا أتموا الصلاة خطب الإمام بعد خطبتين - كخطبتي الجمعة في الأركان والشروط - يحثُّ الناس فيهما على التوبة وفعل الخير، ويحذرهم من الغفلة والاغترار.
روى الترمذي (562) وقال: حسن صحيح، عن سَمُرَة بن جُنْدُب - رضي الله عنه - قال: صلَّى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في كسوف لا نسمع له صوتاً.
وروى البخاري (1016)، ومسلم (901)، عن عائشة رضي الله عنها: جَهَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخسوف بقراءته.
فحُمِلَ الأول على صلاة كسوف الشمس لأنها نهارية، والثاني على صلاة خسوف القمر لأنها ليلية.
دليل ذلك ما رواه البخاري (947)، ومسلم (901)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خَسَفَتِ الشَمْسُ في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد، فقام فكَبَّر وصفَّ الناس وراءه، فاقترأ قراءة طويلة، ثم كبَّر فركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد"، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبَّر فركع ركوعاً هو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: "سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد". ثم سجد - وفي رواية أخرى: فأطال السجود - ثم فعل بالركعة الأخرى مثل ذلك حتى استكمل أربع ركعات... أي أربع ركوعات وأربع سجدات، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف. ثم قام فخطب الناس، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: "إنَّما الشَمْسُ والقمر آيَتَانِ من آياتِ الله عَز وَجَل، لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدِِ ولا لِحَيَاتِهِ، فإذا رَأَيْتُمُوهُما فافْزَعُوا إلى الصلاة".
وفي رواية: "فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبِّروا وصلُّوا وتصدَّقوا".
(في حياة..: وافق هذا يوم موت ولده إبراهيم عليه السلام، وقد كانوا في الجاهلية إذا خُسِف القمر أو كُسِفَت الشمس، ظنوا أن عظيماً من العظماء قد مات، فزعموا ذلك لمَّا وافق كسوف الشمس موت إبراهيم عليه السلام، فأبطل لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الزعم بقوله: "لا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدِِ ولا لِحَيَاتِهِ". انجلت: صفت وعاد نورها. ينصرف: يفزع من الصلاة. أربع ركعات: أي أربع ركوعات).
ثم إن كانت الصلاة لكسوف الشمس أسرَّ القراءة، وإن كانت لخسوف القمر جهر بها.
إذا فات وقت صلاة الكسوف والخسوف، بأن انجلت الشمس أو انجلى القمر، قبل أن يصلي، لم يُشْرَع قضاؤها، لأنها من الصلوات المقرونة بأسبابها، فإذا ذهب السبب فقد فات موجبها.
ومثل انجلاء الشمس أو القمر غياب أحدهما كاسفاً.
ويُسَن الاغتسال لصلاة الكسوف والخسوف، فيغتسل قبلهما كما يغتسل لصلاة الجمعة، لأنها في معناها من حيث الاجتماع وندب الجماعة.