المحتويات:
تمهيد
الأدعية في الحج
الخلاصة
١ـ الدعاء عبادة بل هو مخُّ العبادة، وهو في الحقيقة تعبير عملي عن يقظة الضمير، والشعور بالحاجة إلى تأييد الله وعونه.
٢ـ لذلك ورد الأمر به في القرآن والسُنَّة، قال تعالى: {ادعُوا ربَّكم تَضَرُّعًا وَخُفْية} [الأعراف: 55]. وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186].
وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يردُّ القضاءَ إلا الدعاء". وقال: "الدعاء هو العبادة".
٣ـ ولا شكَّ أنه من أعظم دواعي إجابة الدعاء: إخلاص القلب، وطهارة النفس، وطيب الكسب، والإِعراض عن الدنيا والإقبال على الله.
والإنسان في أيام الحجِّ وقت أداء المناسك يكون أكثر استعدادًا للاتِّصاف بالأوصاف التي ذكرناها، ممّا يجعل الإِنسان أكثر تعرُّضًا لرحمة الله وإجابة دعائه.
٤ـ لذلك كلِّه شرع الدعاء في أيام الحج واستُحب الإِكثار منه رغبةً ورهبةً، خوفًا وطمعًا.
٥ـ ولا شكّ أنّ أفضل الدعاء ما كان مأثورًا، في كتاب الله مثل قوله تعالى: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201].
أو في السُنَّة، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر، كبّر ثلاثًا ثم قال: "سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كنَّا لهُ مُقْرنين، وإنّا إلى ربنا لمنقلبون، اللَّهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللَّهم هوّن علينا سفرنا هذا واطوِ عنّا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السَّفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السَّفَر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل".
٦ـ واعلم أنه قد أُثرت أدعية كثيرة، في مناسك الحجِّ ولكنَّها ليست كلّها ممّا يصحُّ نسبتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل أكثرها لم يصحّ عنه، وإنما استحبها السَّلَف الصالح ورُويت عن كثير من العلماء والصالحين، فيستحب للإنسان أن يدعو بها على أنها دعاء، أو أن يدعو بغيرها ممّا ينشرح له صدره وتطيب له نفسه غير ملتزم بدعاءٍ معيَّن، وقد مرَّ بك بعض الأدعية أثناء دراستك لفقرات أبحاث الحج مُخرَّجة، أمّا ما سنذكره الآن فسنذكره من غير نسبة لأحد.
١ـ عند الإِحرام:
قال الإِمام الرازي: لو قال الحاجُّ بعد التلبية: (اللَّهم لك أحرم نفسي وشَعْري وبَشَري، ولحمي ودمي). كان حَسَنًا.
٢ـ إذا رأى شيئًا أعجبه:
وإذا رأى شيئًا أعجبه بعد إحرامه قال: (لبَّيك إنّ العيش عيش الآخرة) اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
٣ـ إذا وصل إلى حرم مكة:
وإذا وصل الحاج إلى مكَّة استحبّ له أن يقول: (اللَّهم هذا حرمك وأمنك، فحرّمني على النار، وآمنِّي من عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك).
٤ـ إذا دخل مكة ووقع بصره على الكعبة:
وإذا دخل مكة ووقع بصره علىٰ الكعبة استحب أن يقول: (اللهم زدْ البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً، وزِدْ مَنْ شرَّفه وكرَّمه ممَّن حجَّه، أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًا، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحيِّنا ربَّنا بالسلام).
٥ـ عند الطواف:
ويقول عند البدء بالطَّواف: (باسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتِّباعًا لسُنَّة نبيك عليه الصلاة والسلام).
ويقول في رَمَلِه في الأشواط الثلاثة: (اللَّهم اجعله حجًا مبرورًا، وذنبًا مغفورًا، وسعيًا مشكورًا).
ويقول في الأشواط الأربعة الباقية: (اللهم اغفر وارحم، واعفُ عمّا تعلم، وأنت الأعزُّ الأكرم، اللَّهم ربّنا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذابَ النار).
٦ـ عند السعي:
يستحب علىٰ الصَّفا أن يستقبل القبلة ويقول: (اللهُ أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلا الله ولا نعبد إلّا إيّاه مخلِصين له الدين ولو كره الكافرون، اللَّهم إنَّك قلتَ ادعوني أستجب لكم، وإنك لا تخلف الميعاد، وإنِّي أسألك كما هديتني إلى الإِسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم). ويقول ذلك على المروة أيضًا.
ومن الأدعية المستحبة في السعي أيضًا: (اللَّهم يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، اللَّهم إنِّي أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والفوز بالجنة والسلامة من كل إثم، والنجاةَ من النار، اللهم إني أسألك التُقى والعفاف والغِنَى).
٧ـ في عرفات:
يستحب الإِكثار من الدعاء يوم عَرَفة لحديث: "خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيُّون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
روى الترمذي عن علي - رضي الله عنه - قال: أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة في الموقف: "اللَّهم لك الحمد كالذي نقول وخيرًا مما نقول، اللهم لك صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي، وإليك مآبي، ولك ربِّ تراثي، اللهم إني أعوذ بك من شرِّ ما تجيء به الريح".
٨ـ في المزدلفة والمشعر الحرام:
قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُم مِّنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ} [البقرة: 198].
ويستحب أن يقول: (اللهم إني أسألك أن ترزقني في هذا المكان جوامعَ الخير كلِّه، وأن تُصلح شأني كلَّه، وأن تصرف عني الشرّ كلَّه، فإنَّه لا يفعل ذلك غيرك ولا يجود به إلا أنت).
٩ - بمِنَى يوم النحر:
يستحب أن يقول إذا انصرف من المشعر الحرام ووصل مِنَى: (الحمد لله الذي بلَّغَنيها سالمًا معافى، اللَّهم هذي منى قد أتيتها وأنا عبدك، وفي قبضتك، أسألك أن تمنَّ عليَّ بما مننت به على أوليائك، اللَّهم إني أعوذ بك من الحرمان والمصيبة في ديني يا أرحم الراحمين).
١٠ـ بمِنَى أيام التشريق:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيام التَّشريق أيامٌ كلُّها أكل وشرب وذكر لله تعالى". فيستحبّ الإِكثار من الأذكار، وأفضلها قراءة القرآن، ويستحب أن يقف عند الجمرة الأولى مستقبلًا الكعبة، ويحمد الله ويكبِّره ويهلِّل ويسبِّح، ويدعو مع حضور القلب وخشوع الجوارح.
١١ـ عند شرب ماء زمزم:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"ماء زمزم لِمَا شُرِب له". ويُستحب أن يقول: (اللَّهم إنَّه قد بلغني أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ماء زمزم لِمَا شُرِب له" اللَّهم إنِّي أشربه لتغفر لي ولتفعل كذا وكذا ـ مما يحبُّ أن يدعوا به ـ).
هذه بعض أدعية اخترناها من كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى، وأكثرها كما يظهر لك من أقوال السَّلَف الصَّالح، وأدعية العلماء المؤمنين دَعُوا بها وأرادوا أن يعلِّموها الناس وعلى الأخصِّ العوامَّ منهم؛ ليدعوا بها في تلك الأماكن الطاهرة وفي تلك الحالات الخاشعة؛ علمًا بأنّ المأثور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك قليل، ولا يصحُّ أن يعتقد الإنسان أنَّ هذه الأدعية هي سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقواله، بل هي أدعية مرسلة يصح أن يدعو بها الإنسان ويدعو بغيرها مما يشاء، واللّهَ نسأل أن يلهمنا الدعاء الذي يرضاه وأن يرزقنا الإِجابة كما يحب ويرضى.