المحتويات:
يُسر الإسلام
معنى التيمم
دليل مشروعيته
أسباب التيمم
شرائط التيمم
أركانه
سنن التيمم
التيمم بعد دخول الوقت
التيمم لكل فريضة
التيمم بدل الغُسل فريضة
مبطلاته
علمنا أن الوضوء شرط لصحة الصلاة، والطواف، ومس المصحف وحمله، والوضوء إنما يكون بالماء، إلا أن الإنسان قد يتعذر عليه استعمال الماء: إما لفَقْدِه، أو بُعْدِه، أو لمَرَضِِ يمنع من استعماله.
فمن يُسر الإسلام وسماحته أنه شرع التيمم بالتراب الطاهر عِوَضاً عن الوضوء أو الغُسل، حتى لا يُحْرِم المسلم من بَرَكَة العبادة.
والتيمم في اللغة: القَصْد، يقال: تَيَمَّمْتُ فلاناً أي قصدته.
والتيمم في الشرع: إيصال تراب طَهور للوجه واليدين بنية، وعلى وجهِِ مخصوص.
الكتاب والسنة:
أما الكتاب:
فقوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [المائدة: 6].
وأما السنة:
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وجُعِلَتْ لنا الأرضُ كُلّها مَسْجداً، وجُعِلَتْ تربتها لنا طَهوراً إذا لَمْ نَجِدْ الماء". [رواه مسلم: 522].
حسَّاً: كأن كان في سفر ولم يجد ماءً.
أو فقده شرعاً: وذلك كأن كان معه ماء ولكنه يحتاج إليه لشربه، قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}. والمحتاج إليه لشربه ونحوه في حكم المفقود بالنسبة للطهارة.
فإذا كان بمكان لا ماء فيه، وبينه وبين الماء مسافة فوق نصف فرسخ - أي ما يساوي أكثر من كيلوي متر ونصف الكيلو متر (2.5كم) - فإنه يتيمم ولا يجب عليه أن يسعى إلى الماء للمشقة.
إما حسَّاً: وذلك كأن كان الماء قريباً منه لكنه كان بقُرْبِه عَدُو يخاف منه.
وإما شرعاً: وذلك كأن يُخاف من استعمال الماء حدوث مرض، أو زيادته، أو تأخر الشفاء.
ففي هذه الحالات يتيمم ولا يجب عليه استعمال الماء لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الذي شُجَّ رأسه ثم اغتسل فمات: "إنّما كانَ يَكْفِيهِ أّن يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ على جُرْحه خِرْقةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْها وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ".
[انظر دليل مشروعية المسح على الجبيرة].
الذي يخاف معه استعمال الماء، ولم يقدر على تسخينه، لأن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - تيمم عن جنابة لخوف الهلاك من البرد، وأقَرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم -. [رواه أبو داود، وصححه الحاكم وابن حبان].
لكنه يقضي الصلاة في هذه الحالة عند قدرته على استعمال الماء.
1 - العلم بدخول الوقت.
2 - طلب الماء بعد دخول الوقت.
3 - التراب الطَهور الذي لا غبار ولا دقيق ولا جِصّ فيه.
4 - أن يزيل النجاسة أولاً.
5 - أن يجتهد في القبلة قبله.
وأركان التيمم أربعة وهي:
1 - النية
ومحلها القلب كما علمت، فيقصد في قلبه فعل التيمم، ويُسن أن يتلفظ بلسانه فيقول: نويت استباحة الصلاة، أو فرض الصلاة، أو نفلها، ونحو ذلك مما يقصد فعله، فإذا نوى استباحة الفرض جاز له فعل النوافل معه.
2، 3 - مسح وجهه ويديه إلى المرافقين
بضربتين وذلك بأن يضرب بكفيه على التراب الطاهر الذي له غبار ويمسح بهما جميع وجهه.
ويضرب بيديه ثانيةً على التراب، ويمسح بهما يديه إلى المرفقين. ويمسح بيده اليسرى يده اليمنى، وبيده اليمنى يده اليسرى.
روى الدارقطني (1/ 256) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيمُّم ضَرْبَتانِ: ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين إلى المرفقين".
ويستوعب العضو بالمسح، فإذا كان في يده خاتم وجب نزعه في الضربة الثانية، حتى يصل التراب إلى موضعه.
4 - الترتيب على هذا الشكل الذي ذكرنا
لأن التيمم بدل عن الوضوء، والترتيب ركن في الوضوء كما علمت، فهو ركن في بدله من بابٍ أَوْلَى.
1 - يُسن فيه ما يُسن في الوضوء
من التسمية أوله، وأن يبدأ بأعلى الوجه، ويقدم اليد اليمنى بالمسح على اليسرى، كما علمت، وأن يمسح جزءاً من الرأس وجزءاً من العضد، وأن يوالي بين مسح الوجه واليدين، وأن يتشهد بعده ويدعو بالدعاء المأثور بعد الوضوء.
روى أبو داود (318) عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما: أنهم تمسحوا وهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصَّعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم الصَّعيد ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصَّعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أكفهم.
[المناكب: جمع منكب، وهو مجتمع العضد مع الكتف، والآباط: جمع إبط، وهو ما تحت المنكب].
2 - تفريق الأصابع عند الضرب على التراب
إثارةً للغبار، واستيعاب الوجه بضربة واحدة، وكذلك اليدين.
3 - تخفيف التراب
بنفض الكفين أو النفخ فيهما.
لما رواه البخاري من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إنَّما يَكْفيكَ أَنْ تصْنَعَ هَكَذَا" فضرب بكفيه ضربة على الأرض ثم نفضهما - وفي رواية أخرى: ونَفَخَ فيهما - ثم مسح بهما.
من توفرت فيه أسباب التيمم ليس له أن يتيمم لصلاة الفريضة إلا بعد دخول وقتها.
لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فَأَيُّما رَجُلٍ مِنْ أُمتي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصلِّ". [رواه البخاري: 328].
وعند أحمد (2/ 222): "أينَما أدركَتْني الصلاة تَمَسَّحت وصَلَّيتُ" أي تيممت وصليت.
فقد دَلَّت الروايتان على أن التيمم يكون عند إدراك الصلاة، ولا يكون إدراك الصلاة إلا بعد دخول وقتها.
ولا يصلي بالتيمم إلا فرضاً واحداً، ويصلي ما شاء من السنن وكذلك صلاة الجنازة، فإذا أراد أن يصلي فرضاً آخر تيمم، وإن لم يُحدِث بعد تيممه الأول، وسواء كانت الصلاة أداءً أم قضاءً.
روى البيهقي (1/ 221) بإسناد صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "يَتَيَمَّمُ لكل صلاةِِ وإن لم يُحدِث".
يكون التيمم - عند توفر أسبابه - بدل الغُسل لمن كان في حاجة إليه، كما يكون بدل الوضوء.
قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [المائدة: 6].
[الغائط: مكان قضاء الحاجة. لامستم: لمستم].
وروى البخاري (341)، ومسلم (682)، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: كنَّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فصلّى بالناس، فإذا هو برجل معتزل، فقال: "ما مَنَعَكَ أن تُصَلِّي؟" قال: أصابتني جنابةٌ ولا ماء، قال: "عَلَيْكَ بالصَّعيد فإنه يَكْفِيكَ". والصَّعيد: ما صعد على وجه الأرض من التراب.
يُبطل التيمم وينقضه أمور:
1 - كل ما يُبطل الوضوء
من النواقض التي ذُكرَت في الوضوء.
2 - وجود الماء بعد فقده
لأن التيمم بدل الماء، فإذا وُجِدَ الأصل بَطُلَ البدل.
روى أبو داود (332) وغيره، عن أبي ذر رضي الله عنه: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الصَّعيد الطيِّبَ طَهُورُ المسلم، وإنْ لم يَجِدِ الماء عَشْرَ سنين، فإذا وَجَد الماء فَلْيُمِسَّه بَشَرَته، فإنَّ ذلك خَيْر".
[فَلْيُمِسَّه بَشَرَته: فليتطهر به، وهذا يدل على بطلان تيممه بوجود الماء].
ولو وجود الماء بعد انقضاء الصلاة فقد صحَّت صلاته، وليس عليه قضاؤها.
وكذلك لو وجده بعد شروعه في الصلاة فإنه يتمها وهي صحيحة، ولو قطعها ليتوضأ ويصلي بالوضوء كان أفضل.
3 - القدرة على استعمال الماء
كمن كان مريضاً فبَرِئ.
4 - الرِّدَّة عن الإسلام والعياذ بالله تعالى
لأن التيمم للاستباحة وهي منتفية مع الرِّدَّة، بخلاف الوضوء والغُسل فإنهما رفع للحَدَثْ.