المحتويات:
الطهارة من النَجَسْ
الأعيان النجسة
النجاسة العينية والنجاسة الحكمية
النجاسة المغلظة والمخففة والمتوسطة
كيفية التطهير من النجاسات
تطهير جلود الميتة غير الكلب والخنزير
بعض ما يُعفى عنه من النجاسات
الطهارة من الحَدَثْ
أقسام الحَدَثْ
الطهارة نوعان:
أولاً ـ طهارة من النَجَسْ.
ثانياً ـ طهارة من الحَدَثْ.
معنى النَجَسْ:
النَجَسْ لغةً: كل مستقذر.
وشرعاً: مستقذر يمنع صحة الصلاة، كالدم والبول.
والأعيان النجسة كثيرة نذكر أهمها في سبعة أشياء:
1ـ الخمر وكل مائع مسكر.
قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر، وكل خمر حرام". [رواه مسلم: 2003، عن ابن عمر رضي الله عنهما].
2ـ الكلب والخنزير.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طَهور إناء أحدكم إذا وَلَغَ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب". [رواه مسلم: 279].
وفي رواية للدارقطني (1/ 65): "إحداهن بالبطحاء". [ولغ: شرب، البطحاء: صغار الحصى ويقصد به التراب].
3ـ الميتة.
وهي كل حيوان مات بغير ذكاة شرعية.
قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3). وتحريمها إنما كان من أجل نجاستها.
ويدخل في حكم الميتة ما ذبح على الأنصاب، وما ذكر عليه غير اسم الله، قال تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3].
ما يُستثنى من نجاسة الميتة:
ويستثنى من نجاسة الميتة ثلاثة أشياء:
الأول - ميتة الإنسان.
قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70]. ومقتضى تكريمه أن يكون الإنسان طاهراً حياً وميتاً.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله إن المسلم لا يَنجُس". [رواه البخاري: 279].
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "المسلم لا يَنجُس حياً ولا ميتاً". [رواه البخاري تعليقا في الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه].
والثاني والثالث ـ السمك والجراد.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُحِلَّت لكم ميتتان ودمَان، فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال". [رواه ابن ماجه].
4ـ الدم السائل ومنه القيح.
قال تعالى: {أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145].
ويستثنى من نجاسة الدم: الكبد والطحال للحديث السابق.
5ـ بول الإنسان وغائطه، وبول الحيوان وفرثه.
روى البخاري (217) ومسلم (284) أن أعرابياً بال في المسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صُبُّوا عليه ذَنوباً من ماء" أي دلواً، والأمر بصب الماء عليه دليل نجاسته.
6ـ كل جزء انفصل من الحيوان حال حياته فإنه نجس.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما قُطع من بهيمة فهو ميتة". [رواه الحاكم وصححه].
ويستثنى من ذلك شعر وريش الحيوان المأكول اللحم فإنه طاهر.
قال تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ} [النحل: 80].
7ـ لبن الحيوان غير مأكول اللحم.
كالحمار ونحوه، لأن لبنه كلحمه، ولحمه نجس.
النجاسة العينية:
هي كل نجاسة لها جِرم مشاهد، أو لها صفة ظاهرة من لون أو ريح، كالغائط أو البول أو الدم.
والنجاسة الحكمية:
كل نجاسة جفت وذهب أثرها، ولم يبق لها أثر من لون أو ريح، وذلك مثل بول أصاب ثوباً ثم جف، ولم يظهر له أثر.
النجاسة المغلظة:
وهي نجاسة الكلب والخنزير، ودليل تغليظها أنه لا يكفي غسلها بالماء مرة كباقي النجاسات، بل لا بد من غسلها سبع مرات إحداهن بالتراب، كما مر في حديث (ولوغ الكلب) وقيس عليه الخنزير لأنه أسوأ حالاً منه.
النجاسة المخففة:
وهي بول الصبي الذي لم يأكل إلا اللبن ولم يبلغ سنه حَوْلَيْن، ودليل كونها مخففة أنها يكفي رشها بالماء، بحيث يعم الرش جميع موضع النجاسة من غير سَيَلان.
روى البخاري (2021)، ومسلم (287) وغيرهما: عن أم قيس بنت مِحْصن رضي الله عنها: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.
[فنضحه: رشه بحيث عَمّ المحل بالماء وغمره بدون سَيَلان] .
النجاسة المتوسطة:
وهي نجاسة غير الكلب والخنزير، وغير بول الصبي الذي لم يطعم إلا اللبن، وذلك مثل بول الإنسان، وروث الحيوان، والدم.
وسميت متوسطة لأنها لا تطهر بالرش، ولا يجب فيها تكرار الغسل إذا زالت عينها بغسلة واحدة.
روى البخاري (214) عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تبرز لحاجته أتيته بماء فيغسل به.
[تبرز لحاجته: خرج إلى البراز، وهو الفضاء، ليقضي حاجته من بول أو غائط].
وروى البخاري (176)، ومسلم (303): عن على - رضي الله عنه - قال: كنت رجلاً مذّاءً، فاستحييت أن أسال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: "فيه الوضوء". ولمسلم "يغسل ذَكَرَه ويتوضأ".
[مذّاء: كثير خروج المذي، وهو ماء أصفر رقيق يخرج غالباً عند ثوران الشهوة].
وروى البخاري (155): عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثةً فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: "هذا ركس". [والركس: النجس، والروثة: براز الحيوان].
فدلت هذه الأحاديث على نجاسة الأشياء المذكورة، وقيسَ ما لم يُذكَر منها على ما ذُكر.
التطهر من النجاسة المغلطة:
وهي نجاسة الكلب والخنزير،
وهذه لا تطهر إلا إذا غُسلت سبع مرات إحداهن بالتراب، سواء كانت النجاسة عينية أم حكمية، وسواء كانت على ثوب أو بدن أو مكان، ودليل ذلك حديث (ولوغ الكلب)، الذي مرَّ ذكرهُ.
التطهر من النجاسة المخففة:
وهي بول الصبي الذي لم يطعم إلا اللبن،
وهذه النجاسة تطهر برش الماء عليها حتى يعمها الرش، سواء كانت عينية أم صارت حكمية، وسواء كانت على الجسم، أو الثوب، أو المكان.
التطهر من النجاسة المتوسطة:
وهي نجاسة ما عدا الكلب والخنزير، وبول الصبي الذي لم يطعم،
وهذه النجاسة إنما تطهر إذا جرى الماء عليها وذهب بأثرها، فزالت عينها وذهبت صفاتها من لون أو طعم أو ريح، سواء كانت عينية أم حكمية، وسواء كانت على ثوب أم جسم أم مكان، ولكن لا يضر بقاء لون عسر زواله، كالدم مثلاً.
ويطهر جلد الحيوان غير الكلب والخنزير بالدباغ،
والدباغ: نزع رطوبة الجلد التي يفسده إبقاؤها، بمادة لاذعة حِرِّيفة، بحيث لو نُقع في الماء لم يعد إليه النتن والفساد.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُبغ الإهاب فقد طَهُر". [رواه مسلم: 366].
ويجب غسل الجلد بالماء بعد الدبغ لملاقاته للأدوية النجسة التي دبغ بها، أو الأدوية التي تنجست بملاقاته قبل طهر عينه.
الإسلام دين النظافة، لذلك أوجب إزالة النجاسة أينما كانت، والتحرز منها، وجعل الطهارة من النجاسة شرطاً لصحة الصلاة سواء في الثوب أم البدن أم المكان.
إلا أن الدين راعي اليُسر، وعدم الحَرَج، فعفا عن بعض النجاسات لتعذر إزالتها، أو مشقة الاحتراز عنها، تسهيلاً على الناس، ورفعاً للحرج عنهم، وإليك بعض هذه المعفوات:
1ـ رشاش البول البسيط الذي لا يدركه الطرف المعتدل إذا أصاب الثوب أو البدن.
2ـ اليسير من الدم، والقيح، ودم البراغيث وونيم الذباب أي نجاسته ما لم يكن ذلك بفعل الإنسان وتعمده.
3ـ دم وقيح الجروح ولو كان كثيراً، شريطة أن يكون من الإنسان نفسه، وأن لا يكون بفعله وتعمده، وأن لا يجاوز محله المعتاد وصوله إليه.
4ـ روث الدواب الذي يصيب الحبوب أثناء دراستها، وروث الأنعام الذي يصيب اللبن أثناء الحلب ما لم يَكْثُر فيغير اللبن.
5ـ روث السمك في الماء ما لم يتغير،
وذرق الطيور في الأماكن التي تتردد عليها كالحرم المكي والحرم المدني والجامع الأموي، وذلك لعموم البلوى، وعُسر الاحتراز عنه.
6ـ ما يصيب ثوب الجزار من الدم ما لم يكثر.
7ـ الدم الذي على اللحم.
8ـ فم الطفل المتنجس بالقيء إذا أخذ ثدي أمه.
9ـ ما يصيب الإنسان من طين الشارع.
10ـ الميتة التي لا نفس لها سائلة أي لا دم لها من نفسها إذا وقعت في مائع - كالذباب، والنحل، والنمل - شريطة أن تقع بنفسها، ولم تغير المائع الذي وقعت فيه.
روى البخاري (5445) وغيره: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم، فليغمسه كله، ثم يطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاءً وفي الآخر داءً".
ووجه الاستدلال: أنه لو كان ينجسه لم يأمر بغمسه. وقيس بالذباب كل ما في معناه من كل ميتة لا يسيل دمها.
معنى الحَدَثْ:
الحَدَث لغةً: الشيء الحادث.
وشرعاً: هو أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة وما في حكمها، حيث لا مُرَخِّص.
ويطلق الحَدَثْ أيضاً على نواقض الوضوء التي سنتحدث عنها فيما بعد، وعلى موجبات الغسل.
والحدث يقسم إلى قسمين: حَدَثْ أصغر، وحَدَثْ أكبر.
الحَدَثْ الأصغر:
هو أمر اعتباري يقوم بأعضاء الإنسان الأربعة، وهي: الوجه، واليدان، والرأس، والرجلان، فيمنع من صحة الصلاة ونحوها.
ويرتفع هذا الحدث بالوضوء، فيصبح الإنسان مستعداً للصلاة ونحوها.
والحَدَثْ الأكبر:
وهو أمر اعتباري يقوم بالجسم كله فيمنع من صحة الصلاة وما في حكمها.
ويرتفع هذا الحدث بالغُسل فيصبح الإنسان أهلاً لما كان ممنوعاً عنه.