المحتويات:
تعريف صلاة النَّفْل
أقسام صلاة النّفْل
النَّفْل لغةً: الزيادة.
واصطلاحاً: ما عدا الفرائض.
وسُمِّي بذلك، لأنه زائد على ما فرضه الله تعالى.
والنفل يُرادف السُنَّة، والمندوب، والمستحب.
صلاة النَّفْل قسمان:
قسم لا يُسَن فيه الجماعة.
وقسم يُسَن فيه الجماعة.
قسم يعتبر تابعاً للصلوات المكتوبة، التي مضى بيانها.
وقسم يعتبر نافلة غير تابعة للفرائض. وسنشرح كلاً منهما على حدة.
هذا النفل قسمان:
مؤكَّد.
وغير مؤكَّد.
أما المؤكَّد:
فهو عبارة عن:
ركعتين قبل الصبح.
وركعتين قبل الظهر.
وركعتين بعده.
وركعتين بعد المغرب.
وركعتين بعد العشاء.
روى البخاري (1126) ومسلم (729)، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حفظت من النبي - صلى الله عليه وسلم - عَشر ركعاتِِ: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدهما، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، كانت ساعةً لا يُدْخَلُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها.
وآكد هذه الركعات ركعتا الفجر، لما روى البخاري (1116) ومسلم (724)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشدَّ تعاهداً منه على رَكْعَتَي الفجر.
[النوافل: جمع نافلة، وهي ما زاد على الفرض. أشد تعاهداً: أكثر محافظة].
وأما غير المؤكَّد:
فركعتان أخريان قبل الظهر.
روى البخاري (1127)، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يَدَع أَرْبَعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الغَدَاة، أي صلاة الفجر.
ولمسلم (730): كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين.
ويزيد ركعتين أيضاً بعدها.
لما رواه الخمسة وصححه الترمذي (427، 428) عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن صَلَّى أَرْبَعَ ركعاتِِ قبل الظهر، وأربعاً بعدها، حَرَّمَهُ الله على النار".
والجمعة كالظهر فيما مرَّ، لأنها بَدَلٌ عنها، فيُسن قبلها أربع ركعاتِِ، ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتين، وكذلك بعدها.
روى مسلم (881)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أَحَدُكُم الجمعة فَلْيُصَلِّ بعدها أَرْبعاً".
وروى الترمذي (523) أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يصلي قبل الجمعة أربعاً وبعدها أربعاً.
والظاهر أنه توقيف، أي علمه من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وأربع ركعات قبل فريضة العصر.
لما رواه الترمذي (430) وحسَّنه، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رَحِمَ الله امرأً صَلَّى قبل العصر أَرْبَعاً".
ويصليها ركعتين ركعتين، لما رواه الترمذي (429) وغيره، عن على - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قبل العصر أرْبَعَ ركعاتِِ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بالتسليم.
وركعتان خفيفتان قبل صلاة المغرب.
لما رواه البخاري (599) ومسلم (837) واللفظ له، عن أنس - رضي الله عنه - قال: كُنَّا بالمدينة، فإذا أذَّن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السَّواري فَيَرْكَعون ركعتين ركعتين، حتى إن الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صُلِّيت، من كثرة من يصليهما.
[ابتدروا السَّواري: جمع سارة وهي الدعامة التي يُرفع عليها وعلى غيرها السقف، وتسمى أسطوانة. وابتدروها: أي تسارعوا إليها ووقف كل واحد خلف واحدة منها. ركعتين ركعتين: أي كل واحد يصلي ركعتين لا يزيد عليهما].
ومعنى كونها خفيفتين: أنه لا يأتي زيادة على أدنى ما تتحقق به أركان الصلاة وسننها وآدابها.
ويُستحب ـ أيضاً ـ أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل صلاة العشاء.
لما رواه البخاري (601) ومسلم (838)، عن عبد الله بن مغفَّل - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَ كُل أَذَانَيْنِ صلاة، ثلاثاً لمن شاء" وفي رواية: "بين كل أَذَانَيْنِ صلاة، بين كل أَذَانَيْنِ صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء".
[الأَذَانَيْنِ: الأذان والإقامة].
وهذا النفل ينقسم أيضاً إلى قسمين:
نوافل مُسماة ذات أوقات معينة.
ونوافل مطلقة عن التسمية والوقت.
1ـ تحية المسجد:
وهي ركعتان قبل الجلوس لكل دخول إلى المسجد.
ودليلها حديث البخاري (433) ومسلم (714): "فإذا دَخَلَ أَحَدُكم المسجد، فلا يجلس حتى يُصَلِّي رَكْعَتَيْن".
وتحصل التحية بالفرض، أو بأي نفل آخر، لأن المقصود أن لا يبادر الإنسان الجلوس في المسجد بغير صلاة.
2ـ الوتر:
وهي سُنَّة مؤكدة، وإنما سُميت بذلك، لأنها تُخْتَم بركعة واحدة، على خلاف الصلوات الأخرى.
روى الترمذي (453) وغيره، عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: إنَّ الوِترَ لَيْسَ بِحَتْمِِ كَصَلاتِكُم المكتوبة، ولكن سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وعنده وعند أبي داود (1416) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أهل القرآن أَوْتروا، فإنَّ الله وِتْر يُحبُّ الوِتْرَ".
وقت الوتر: ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، والأفضل أن يؤخرها إلى آخر صلاة الليل.
روى أبو داود (1418) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله عز وجل أَمَدَّكُمْ بصلاةِِ وهي خير لكم من حُمْرِ النَّعَم، وهي الوتر، فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر".
وروى البخاري (953) ومسلم (749)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجْعَلوا آخر صلاتِكُم من الليل وِتْراً".
هذا إن رجا الإنسان أن يقوم من آخر الليل، أما من خاف أن لا يقوم، فليوتر بعد فريضة العشاء وسنتها.
روى مسلم (755) عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن خَافَ أَنْ لا يقوم آخر الليل فَلْيُوتر أوله، ومَن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". مشهودة: أي تحضرها الملائكة.
وروى البخاري (1880) ومسلم (721) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي بثلاثِِ: صيام ثلاثة أيامِِ من كل شهرِِ، ورَكْعَتَيِ الضُّحى، وأن أُوتِرَ قَبْلَ أن أرقد. أي أصلي الوتر قبل أن أنام.
وأقل الوتر ركعة، لكن يُكره الاقتصار عليها، وأقل الكمال ثلاث ركعات: ركعتان متصلتان، ثم ركعة منفردة. ومنتهى الكمال فيها إحدى عشرة ركعة، يُسَلِّم على رأس كل ركعتين، ثم يختم بواحدة.
روى مسلم (752)، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوِتر ركعة من آخر الليل".
وروى البخاري (1071) ومسلم (736) وغيرهما ـ واللفظ له ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين أن يَفْرُغَ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يُسلِّم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة. فإذا سكت المؤذِّن من صلاة الفجر، وتبيَّن له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شِقِّهِ الأيْمن حتى يَأتيَهُ المؤذن للإقامة. [ركعتين خفيفتين: هما سُنَّة الفجر].
وروى أبو داود (1422)، عن أبي أيوب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوِتْرُ حقٌ على كل مسلم، فمَنْ أَحَبَّ أن يُوتر بِخَمْسِِ فليفعل، ومن أَحَبَّ أن يُوتر بثلاث فليفعل، ومن أَحَبَّ أن يُوتر بواحدة فليفعل ". [حق: مشروع ومطلوب].
3ـ قيام الليل:
وهو ما يُسمى بالتهجُّد إن فُعل بعد النوم، والتهجُّد: ترك الهجود، والهجود: النوم، أي ترك النوم.
وقيام الليل سُنَّة غير محددة بعدد من الركعات، تؤدى بعد الاستيقاظ من النوم، وقبل أذان الفجر.
ودليل مشروعية قيام الليل قوله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [سورة الإسراء: 79]. أي اترك الهجود ـ وهو النوم ـ وقم فَصلِّ واقرأ القرآن.
[نافلة لك: زيادة على الفرائض المفروضة عليك خاصة].
وروى مسلم (1163) وغيره، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال: "الصلاة في جَوْف الليل".
[المكتوبة: المفروضة. جَوْف الليل: باطنه وساعات التفرغ فيه للعبادة].
4 - صلاة الضحى:
وأقلها ركعتان، وأكملها ثماني ركعات.
روى البخاري (1880)؛ ومسلم (721)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أوصاني خليلي بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أرقد.
وروى البخاري (350)؛ ومسلم (336) واللفظ له، في حديث أم هانئ رضي الله عنها: أنه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى غُسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه والتَحَفَ به، ثم صلَّى ثماني ركعاتِِ سُبْحَةَ الضحى. أي صلاة الضحى.
والأفضل أن يفصل بين كل ركعتين، لما جاء في رواية أبي داود (1290) عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى يوم الفتح سُبْحَة الضُّحى ثَمانيَ ركعات، ويُسلِّم من كل رَكْعَتَيْن.
ووقتها من ارتفاع الشمس حتى الزوال، والأفضل فعلها عند مُضيِّ رُبع النهار.
روى مسلم (784) وغيره، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل قباء وهم يصلُّون الضُحى، فقال: "صلاةُ الأوَّابينَ إذا رَمِضَتِ الفصال".
[الأوَّابين: جمع أوَّاب، وهو الراجع إلى الله تعالى. رَمِضَتِ الفصال: احترقت من حر الرمضاء، أي وجدت حرّ الشمس، والرمضاء في الأصل الحجارة الحامية من حر الشمس، والمراد ارتفاع النهار. والفصال: جمع فصيل، وهو ولد الناقة].
5 - صلاة الاستخارة:
وهي صلاة ركعتين في غير الأوقات المكروهة.
وتُسنّ لمن أراد أمراً من الأمور المباحة، ولم يعلم وجه الخير في ذلك، ويُسنّ بعد الفراغ من الصلاة أن يدعو بالدعاء المأثور، فإن شرح الله صدره بعد ذلك للأمر فعل وإلا فلا.
روى البخاري (1109) وغيره، عن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُنا الاستخارة في الأمور كُلِّها، كما يُعَلِّمُنا السورة من القرآن يقول: "إذا هَمَّ أَحَدُكُم بالأمر فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ من غير الفَرِيضَة"، ثم لِيَقُل: " اللهم إني أَستخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأستقدرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسألُكَ من فَضْلِكَ العظيم، فإنَّك تَقْدِرُ ولا أَقْدِر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغُيُوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعَاشي وعاقِبَةِ أمري، فاقْدُرْه لي، ويسِّرْه لي، ثم باركْ لي فيه، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصْرِفْهُ عَنِّي واصرِفْني عَنْهُ، واقدُر ليَ الخَيْرُ حيث كان، ثمَّ رضني به، قال: ويُسَمِّي حَاجَتَهُ".
وهي أن يصلي من النوافل ما شاء في أي وقت شاء، إلا في أوقات معينة يُكره فيها الصلاة، وقد بيَّناها فيما مضى.
روى ابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي ذر - رضي الله عنه -: "الصلاة خَيْرُ مَوضوع، استكثِر أو أَقِل".
هذا واعلم أنه يُستحب في النفل المطلق أن يسلِّم من كل ركعتين ليلاً كان أو نهاراً.
ودليل ذلك حديث البخاري (946)، ومسلم (749): "صَلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى". (أخرجه أبو داود: 1295، وغيره). والمراد بالمَثْنَى أن يُسَلِّم من كل ركعتين.
كان ما ذكرنا كله فيما يتعلق بالنوافل التي لا تُستحب فيها الجماعة، أما النوافل التي تُستحب فيها الجماعة، فهي:
صلاة العيدين
صلاة التراويح
صلاة الكسوف والخسوف
صلاة الاستسقاء
وسنذكر كل واحدةٍ على حدة.