كانت الشروط السابقة، شروطاً لوجوب وثبوت فرضيته، فمن لم يتوفر عنده واحدٌ منها لم يكن مكَلَّفاً بهذه الفريضة.
غير أن هذه الشروط لا علاقة لها بصحّة الحج وعدمها.
بل ربما صحَّ الحج مع عدم توفر شروط وجوبه.
وربما لم يصح الحج رغم توفر هذه الشروط.
فشروط من يصح منه الحج هي:
الشرط الأول: الإسلام
الشرط الثاني: التمييز
الشرط الثالث: أن يُحْرِم به في ميقاته الزمني
الشرط الرابع: أن يكون وافي الأركان
فمن لم يكن مسلماً لم يصحّ حجه، بحيث إذا أسلم بعد ذلك وتوفرت لديه شروط الحج، لم يغْنِ حجُّه السابق ووجب عليه الحجُّ من جديد.
فإذا لم يبلغ الطفل سنّ التمييز لم يصحّ حجه مباشرةً.
والتمييز أن يبلغ الطفل سناً يتوفر لديه فيه من النباهة والوعي ما يجعله قادراً على أن يستقل بطهارته وإصلاح شأنه، وهي قد تختلف ما بين طفلٍ وآخر.
والميقات الزمني للحجِّ شهر شوّال، وذي القعدة، والعشر الأول من ذي الحجة.
فلا يصح الحج إلَّا إذا وقع ـ بدءاً من الإحرام به ـ في هذه الفترة، فإن أَحْرَم بالحج خارج هذه الفترة لم يصحّ حجه، وتحَوَّل نُسُكَه إلى عمرة على الصحيح.
وسنحدثك عنها فيما بعد إن شاء الله.
فهذه هي شروط صحة الحج، فإذا توفَّرت صحَّ الحج، بقطع النظر عن ثبوت وجوبه.
ويتبين إذاً أنَّ الطفل المميِّز إذا باشر الحج صحَّ حجه، ولو لم يكن مكلَّفاً به بعد.
بل يصحُّ حجُّه إذا لم يكن مميزاً أيضاً فيما إذا أحرم عنه وليُّه، ثم طاف وسعى به، ورمى الجمار عنه، ووقف به في عرفة.
روى مسلم (1336) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لقي ركباً بالرَّوْحَاء، فقال: "من القوم؟" قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"فرفعت إليه امرأة صبيّاً. فقالت ألهذا حج؟ قال: "نعم ولكِ أجر".