المحتويات:
تعريفه
دليل تشريعه
حكمة تشريعه
حكم الاعتكاف
شرط صحة الاعتكاف
الاعتكاف المنذور
آداب الاعتكاف
مكروهات الاعتكاف
مفسدات الاعتكاف
الاعتكاف في اللغة: الإِقامة على الشيء والملازمة له.
وشرعاً: اللُّبْث في المسجد بنيَّة مخصوصة.
والأصل في مشروعية الاعتكاف قول الله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
وما رواه البخاري (1922) ومسلم (1172) عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان. ثم اعتكف أزواجه من بعده.
والاعتكاف من الشرائع القديمة التي كانت معروفة قبل الإِسلام، بدليل قوله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].
لا بد للمسلم ـ بين الفينة والفينة ـ من محاولة لكَفْكفة النفس عن شهواتها المباحة، وحبسها على طاعة مولاها، والتفرغ لعبادته، كي ترتاض بحب الله تعالى، وإيثار رضاه على ترك ما هو محرَّم من شهواتها، وضار من أهوائها. والنفس أمَّارة بالسوء، توَّاقة إلى المعاصي.
قال الله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [يوسف: 53].
ومخامرة الدنيا يزيد من إقبالها عليها، وطلبها لها، وهيهات أن يمنعها من ذلك أو يردعها عنه إلَّا تربيتها في مثل تلك الخَلوات على حبِّ الله تعالى والكفِّ عن محارمه.
فمن ثمَّ شُرِّع الاعتكاف ليكون سبباً لجمع الخاطر، وتصفية القلب، وتربية النفس على الزهد بالشهوات المباحة، والتعاطي بها عن المخالفات والآثام.
الاعتكاف سُنَّة في كل وقت، وهو في شهر رمضان أشدُّ إستحباباً، وفي العَشْر الأخيرة منه آكد، إلَّا أن ينذره على نفسه فيصبح واجباً. وبناءًا على ذلك، فإنَّ الاعتكاف قد تكون له ثلاثة أحكام:
الأول: الاستحباب، وذلك في مطلق الأزمنة.
الثاني: السنة المؤكدة، وذلك في العَشْر الأخيرة من رمضان.
وحكمة تأكُّده في العشر الأخير من رمضان إنما هي طلب ليلة القدر. فإنَّها أفضل ليالي السنة، قال تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] أي خير منَ العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
وجمهور العلماء على أنَّها في العشر الأخير من رمضان.
الثالث: الوجوب في حالة النَّذْر.
وإنما يصح الاعتكاف بشرطين أساسيين:
الشرط الأول:
النيَّة: وذلك عند ابتدائه، بأن ينوي المُكْثَ في المسجد مدَّة معينة للتعبُّد؛ تحقيقاً للسُّنة، فلو دخل المسجد لغرض دنيوي، أو لم يخطر في باله أي قصد لم يُعتبَر لبثه في المسجد اعتكافاً شرعيّاً.
الشرط الثاني:
اللُّبْثُ في المسجد: وينبغي أن يستمرَّ اللُّبْث إلى مدَّة تُسمَّى في العُرْف اعتكافاً.
ويدخل في هذا الشرط شروط جواز اللُّبْث في المسجد، وهي:
الطهارة من الجنابة.
والطهارة من الحيض والنفاس.
وخُلوُّ الثوب والبدن من نجاسة يَحتمل أن يتلوث بها المسجد.
فإن:
خرج من المسجد لغير عذر انقطع اعتكافه، أي بطل.
أما إذا خرج لعذر وعاد لم ينقطع، وكان في حكم المتتابع.
هذا، ولا يشترط لتحصيل سنَّة الاعتكاف الصوم، ولكن يُسنُّ، ودليل ذلك ما رواه الحاكم (1/ 439) عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المعتكف صيامٌ إلَّا أن يجعلَه على نفسه".
وهو النوع الثالث من أنواع الاعتكاف المذكورة.
فإن نذر اعتكاف مدة معيَّنة على سبيل التتابع لم يجز له الخروج من المسجد إلَّا لحاجة: كقضاء حاجة، ووضوء ونحوه،
فإن خرج لذلك لم يَحْرُم ولم ينقطع تتابع اعتكافه.
أمَّا إن خرج لغير عذر كنزهة، وكأمر غير ضروري حَرُمَ عليه ذلك، وانقطع تتابع اعتكافه، ووجب عليه استئناف الاعتكَاف.
ولو نذر أن يعتكف وهو صائم لزمه ذلك؛ لأنَّه أفضل، فإذا التزمه بالنَّذْر لزمه.
ولو عيَّن الناذر لاعتكافه مسجداً من المساجد لم يتعيَّن، وصحَّ له أن يعتكف فيه غيره، وإن كان ما عيَّنه أَوْلى من غيره.
إلَّا المسجد الحرامَ والمسجد النبويَّ الشريف، والمسجد الأقصى فإنَّه إذا عيَّن واحداً منها تعيَّن؛ لزيادة فضلها، وتضاعفِ أجر العبادة فيها.
لكن يقوم المسجد الحرام مقامهما، ولا عكس.
ويقوم مسجد المدينة مكان المسجد الأقصى، ولا عكس أيضاً.
1ـ يستحب للمعتكف الاشتغال بطاعة الله تعالى، كذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، ومذاكرة العلم؛ لأنه أدْعَى لحصول المقصود من الاعتكاف.
2ـ الصيام، فإنَّ الاعتكاف مع الصيام أفضل. وأقوى على كسر شهوة النفس وجمع الخاطر وصفاء النَّفس.
3ـ أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع، وهو الذي تُقام فيه الجمعة.
4ـ أن لا يتكلم إلَّا لخير، فلا يشتم، ولا ينطق بغيبة، ونميمة، أو لَغْو من الكلام.
1ـ الحِجَامة والفَصْد: إذا أمن من تلويث المسجد، أما إذا خشي تلويثه حَرُمَ عليه.
2ـ الإِكثار من تعاطي صنعة من الصنائع كنسج الصوف، والخياطة وغيرهما، والبيع والشراء، وإن قلَّ.
1ـ الجماع عمداً، ولو بدون إنزال. قال تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187].
أما المباشرة بغير الجماع: كاللمس والقُبلة، فإنها لا تُبطِل الاعتكاف إلا إذا أنزل.
2- الخروج عمداً من المسجد لغير حاجة.
3- الردَّة، والسُّكْر، والجنون.
4- الحيض والنِّفاس: لأن ذلك يُنافِي اللُّبْث في المسجد.
هذا ويجوز للمعتكف أن يقطع اعتكافه المُستحَب، ويخرج من المسجد إذا شاء، فإذا خرج وعاد جدَّد النية.