المحتويات:
تعريفه
حِكْمة تشريع الصوم المسنون
أنواع الصوم المسنون
قطع الصيام المسنون
والتطوُّع: التقرُّب إلى الله تعالى بما ليس بفرض من العبادات.
ولا شك أنَّ الصوم من أفضل العبادات، ففي البخاري (2685) ومسلم (1153) عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من صام يوماً في سبيل الله باعد الله تعالى وجهه عن النار سبعين خريفاً".
زِيادة التعبُّد والتقرُّب إلى الله، فما من عبادة إلا وتزيد المرء قُرْباً من ربه عز وجل، ولذلك جاء في الحديث: "ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه". ولا شك أنَّ محبَّة الله تعالى لعبده، وقرب العبد من ربه تقصيه عن معصيته، وتدنيه من طاعته، والمسارعة إلى فعل البر والمعروف، وبهذا يستقيم شأن الإنسان وتصلح حياته.
1ـ صوم يوم عرفة:
وهو تاسع ذي الحجة، وذلك لغير الحاج. عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: سُئِل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم عَرَفة، فقال: "يكفِّر السنة الماضية والباقية". رواه مسلم (1162).
ويوم عرفة أفضل الأيام. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة". رواه مسلم (1338).
أمَّا الحاج فلا يُسَنُّ له صوم يوم عرفة، بل يُسَنُّ له فطره اتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - وليقوَى على الدعاء في ذلك اليوم.
2ـ صوم يوم عاشوراء وتاسوعاء:
وعاشوراء: هو عاشر المحرَّم، وتاسوعاء: هو التاسع منه، ودليل استحباب صومهما ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء، وأَمَر بصيامه. رواه البخاري (1900) ومسلم (1130).
وعن أبي قَتادة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: "يكفِّر السنة الماضية". رواه مسلم (1162).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَئِن بقيتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسع". رواه مسلم (1134) لكنه - صلى الله عليه وسلم - مات قبله.
وحِكْمة صوم يوم تاسوعاء مع عاشوراء إنَّما هي الإحتياط لإحتمال الغلط في أول الشهر، ولمخالفة اليهود، فإنهم يصومون العاشر، لذلك استحب إن لم يصم مع عاشوراء تاسوعاء أن يصوم اليوم الحادي عشر.
3ـ صوم يوم الاثنين والخميس:
ودليل ذلك: ما رواه الترمذي (745) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى صوم الاثنين والخميس. وروى أيضاً (747) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تُعْرَض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحب أن يُعرَض عملي وأنا صائم".
4ـ صوم ثلاثة أيام من كل شهر:
والأفضل أن تكون أيام الليالي البيض. وهي اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهر قمري.
وسُمِّيت الأيام البيض؛ لأن ليالي تلك الأيام من كل شهر تكون مستنيرة بضياء القمر.
ودليل استحباب صيام ما ذُكر:
ما رواه البخاري (1124) ومسلم (721) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضُّحى، وأن أوتر قبل أن أنام".
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "صوم ثلاثةِ من كل شهر صوم الدهر". رواه مسلم (1162).
وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صمتَ من الشهر ثلاثاً، فصُمْ ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة". رواه الترمذي (761) وقال: حديث حسن.
وروى أبو داود (2449) عن قتادة بن مِلْحان رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة) وقال: "هُنَّ كهيئة الدَّهْر".
لكن يُستثنَي صيام اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، فإنَّ صومه حرام كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
5ـ صوم ستة أيام من شوال:
والأفضل تتابُعها عقب عيد الفطر مباشرة، ولكن لا يُشترَط، بل تَحْصل السُّنَّة بصيامها متفرِّقات.
روى مسلم (1164) عن أبي أيوب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان، ثم أتْبَعَه سِتّاً من شوَّال، كان كصيام الدهر".
إذا تلبَّس المسلم بصيام مسنون جاز له أن يقطعه بالإِفطار متى شاء ولا قضاء عليه، وإن كان يُكرَه له ذلك.
قال - صلى الله عليه وسلم - "الصائم المتطوِّع أميرُ نفسه: إن شاء صام، وإن شاء أفطر". رواه الحاكم (1/ 439).
أما إذا تلبَّس بصيام قضاء فرضٍ فإنَّه يَحرُم عليه قَطْعِه؛ لأن التلبُّس بالفَرْض يُوجِب إتمامه.