المحتويات:
أولاً- الصوم المكروه
ثانياً- الصوم المحرَّم
إنَّ الإِنسان عبدٌ لله تعالى، ولله عزَّ وجلَّ أن يتعبَّده بما شاء، فيتعبَّده بالصوم كما يتعبَّده بالفِطْر، وليس لابن آدم أن يعترض ولا أن يُعارِض، وكل ما يجب عليه أن يقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285].
والصيام المكروه هو الذي يترتَّب على تركه الثواب، ولا يترتَّب على فعله ثواب ولا عقاب.
1ـ إفراد يوم الجمعة بالصوم:
ودليل ذلك ما رواه البخاري (1884) ومسلم (1144) أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَصُمْ أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده".
2ـ إفراد يوم السبت بالصوم:
ودليل ذلك ما رواه الترمذي (744) ـ وحسَّنه ـ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تصوموا يوم السبت إلَّا فيما افترض الله عليكم".
وكَذلك قال العلماء: يُكرَه إفراد الأحد بالصوم. لأنَّ اليهود تُعظِّم يوم السبت، والنصارى يوم الأحد.
لكن لا يُكرَه جمع السبت مع الأحد في الصيام؛ لأنَّه لا يعظمهما أحد مُجتمعَيْن.
روى أحمد (6/ 324) أنَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام يقول: "إنهما يوما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم".
3ـ صيام الدهر:
وهذا خاص بمن خاف بهذا الصيام أن يُلحِقه ضرر أو يُفوِّت حقّاً لغيره.
روى البخاري (1867) أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أمَّ الدرداء مُتَبَذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟ فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فقال سلمان: يا أبا الدرداء: إن لربِّك عليك حقّاً، ولأهلِك عليك حقّاً، ولنفسك عليك حقّاً، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقَّه، فذكر أبو الدرداء للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما قاله سلمان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صدق سلمان".
أمَّا من لم يضرَّ به صيام الدهر، ولم يفوِّت عليه حقّاً لأحد، فإنه لا يُكرَه له، بل يُستحَب؛ لأن الصوم من أفضل العبادات.
يَحْرُم صيام الأيام التالية:
1ـ صيام يومي عيد الفطر وعيد الأضحى:
ودليل ذلك ما رواه مسلم (1138) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام يومين: يوم الأضحى، ويوم الفطر".
2ـ صوم أيام التشريق الثلاثة:
وهي الأيام التي تلي يوم عيد الأضحى، ودليل تحريم صومها ما رواه مسلم (1142) عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه وأوس بن الحَدَثان أيام التشريق، فنادى: "أنَّه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وأيام مِنًى أيامُ أكلٍ وشربٍ".
وروى أبو داود (2418) عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: فهذه الأيام التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بإفطارها، وينهانا عن صيامها. قال مالك: وهي أيام التشريق.
3ـ صوم يوم الشكِّ:
وهو يوم الثلاثين من شعبان، حيث يشك فيه الناس: هل هو من شعبان، أو من رمضان؟ وحيث لم تثبُت رؤية الهلال فيه. فلا يجوز صومه، بل ينبغي اعتباره يوماً متبقِّياً من شعبان.
ودليل تحريم صيامه ما رواه أبو داود (2334) والترمذي (686) - وصحَّحه ـ عن عمَّار بن ياسر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام اليوم الذي يَشك فيه الناس فقد عَصَى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -".
4ـ صوم النصف الثاني من شعبان:
ودليل ذلك ما رواه أبوداود (2337) والترمذي (738) ـ وصحَّحه ـ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا".
وعند ابن ماجه (1651) "إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجيء رمضان".
لكن تنتفي حُرمَة صوم يوم الشك، والنصف الثاني من شعبان إذا وافق عادة للصائم، أو وصل صيامه بما قبل النصف الثاني من شعبان.
روى البخاري (1815) ومسلم (1082) واللفظ له عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَقَدَّمُوا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فَلْيَصُمْهُ".