المحتويات:
معناه
مشروعيته
حكمة مشروعيته
أقسام الغُسل
أولاً ـ الغُسل المفروض
(1) الجنابة
(2) الحَيْض
(3) الولادة
(4) الموت
ثانياً - الغُسل المندوب
الكيفية الواجبة
الكيفية المسنونة
مكروهات الغُسل
هو في اللغة: سَيَلان الماء على الشيء، أيّاً كان.
وشرعاً: جَرَيان الماء على البَدَن بنِيّة مخصوصة.
الغُسل مشروع، سواء كان للنظافة، أم لرفع الحَدَث، وسواء كان شرطاً لعبادة أم لا.
ودل على مشروعيته: الكتاب والسُنَّة والإجماع.
أما الكتاب:
فآيات، منها قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
أي المتنزهين عن الحَدَثْ والأقذار المادية والمعنوية.
وأمَّا السُنة:
فأحاديث، منها: ما رواه البخاري (85)، ومسلم (849) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حَقٌ على كلِّ مُسلمِِ أَنْ يَغْتَسِلَ في كُل سَبْعَةِ أيامِِ يَوْماً، يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وجَسَدَهُ". وعند مسلم: "حَقٌ لله".
والمراد بالحق هنا: أنه مما لا يليق بالمسلم تركه، وحَمَلَهُ العلماء على غُسل يوم الجمعة. وسيأتي مزيد من الأدلة في مواضعها من البحث إن شاء الله.
وأما الإجماع:
فلقد أجمع الأئمة المجتهدون على أن:
الغُسل للنظافة مستحب.
والغُسل لصحة العبادة واجب.
ولا يُعرَف في هذا مخالف.
للغُسل حِكَمٌ كثيرة وفوائد متعددة، ومنها:
1ـ حصول الثواب
لأن الغُسل بالمعنى الشرعي عبادة، إذ فيه امتثال لأمر الشرع وعمل بحُكْمِهِ، وفي هذا أجر عظيم، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمان". [رواه مسلم: 222]. أي نصفه أو جزء منه، وهو يشمل الوضوء والغُسل.
2ـ حصول النظافة
فإذا اغتسل المسلم تنظَّف جسمه مما أصابه من قَذَر، أو عَلِقَ به من وَسَخ، أو أفرزه من عَرَق.
وفي هذه النظافة وقاية من الجراثيم التي تسبب الأمراض، وتطييب لرائحة الجسم، مما يدعو لحصول الأُلفة والمحبَّة بين الناس.
روى البخاري (861)، ومسلم (847)، واللفظ له، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان الناس أهل عملِِ، ولم يكن لهم كُفاةٌ، فكان يكون لهم تَفَلٌ، فقيل لهم: "لو اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ". وفي رواية لهما: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أنَّكُمْ تَطَهرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا".
[كُفاة: أي من يكفونهم العمل من خدمِِ وأجراء. تَفَل: رائحة كريهة].
3ـ حصول النشاط
فإن الجسم يكتسب بالاغتسال حيوية ونشاطاً، ويذهب عنه الفتور والخمول والكسل، ولا سيَّما إذا كان بعد أسبابه الموجبة، كالجماع، على ما سيأتي.
والغُسل قسمان: غُسل مفروض، وغُسل مندوب.
وهو الذي لا تصح العبادة المفتقرة إلى طُهر بدونه، إذا وُجِدَت أسبابه.
الجنابة.
والحيض.
والولادة.
والموت.
الجنابة: في الأصل معناها البُعد، قال تعالى: {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} [القصص:11]. أي: عن بُعدِِ.
وتُطلَق الجنابة على المَنِيْ المتدفق كما تُطلق على الجِماع.
وعليه فالجُنُب هو: غير الطاهر، من إنزال أو جِماع.
وسُمِيَّ بذلك لأنه بالجنابة بَعُدَ عن أداء الصلاة ما دام على هذه الحالة.
والجُنُب لفظ يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمفرد والجمع، فيقال للمذكر جُنُب، ويقال للمؤنث جُنُب، ويقال للجمع جُنُب.
وللجنابة سببان:
الأول:
نزول المني من الرجل أو المرأة بأي سبب من الأسباب: سواء كان نزوله بسبب احتلام، أو ملاعبة، أو نَظَر، أو فِكر.
عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: جاءت أم سُلَيْم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إنَّ الله لا يَسْتَحْيي من الحَقِّ، فَهَلْ على المرأة غُسْلٌ إذا احْتَلَمَتْ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ إذا رَأَتِ المَاءَ". [رواه البخاري: 278، ومسلم 313].
[احْتَلَمَتْ: رأت في نومها أنها تجامع].
وروى أبو داود (236) وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجد البَلَل ولا يَذْكُر احتلاماً؟ فقال: "يَغْتَسِل".
وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البَلَل؟ فقال: "لا غُسْلَ عليه". فقالت أم سُلَيم: المرأة ترى ذلك، أَعَلَيها غُسْلٌ؟ قال "نعَمْ، النساء شقائق الرجال". أي نظائرهم في الخَلق والطبع، فكأنهم شُقِقْنَ من الرجال.
الثاني:
الجماع ولو من غير نزول المَنِي.
روى البخاري (287)، ومسلم (348)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جَلَسَ بين شُعَبِها الأرْبَعِ، ثمَّ جَهَدَها، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الغُسْلُ". وفي رواية مسلم: "وَإنْ لَمْ يُنْزِل".
[شُعَبِها: جمع شُعبة، وهي القطعة من الشيء، والمراد هنا فخذا المرأة وساقاها. جَهَدَها: كَدَّها بحركته].
وفي رواية عند مسلم (349)، عن عائشة رضي الله عنها: "وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ". أي على الرجل والمرأة لاشتراكهما في السبب.
والختان: موضع الخَتْنِ، وهو عند الصبي: الجلدة التي تغطي رأس الذكر. والمراد بمماسة الختانين: تحاذيهما، وهو كناية عن الجِماع.
ويَحْرُم بالجنابة الأمور التالية:
1ـ الصلاة فرضاً، أو نفلاً
لقوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].
فالمراد بالصلاة هنا مواضعها، لأن العبور لا يكون في الصلاة، وهو نهي للجُنُب عن الصلاة من بابِِ أَوْلَى.
وروى مسلم (224) وغيره، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورِِ".
وهو يشمل طهارة المُحْدِث والجُنُب، ويدل على حُرْمَة الصلاة منهما.
2ـ المُكْث في المسجد والجلوس فيه
أما المرور فقط من غير مُكْث ولا تردد فلا يَحْرُم: قال تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ}.
أي لا تَقْرَبوا الصلاة ولا موضع الصلاة ـ وهو المسجد ـ إذا كنتم جُنُباً إلا قُرْبَ مرورِِ وعبورِ سبيل.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحِلَ المسجد لحائض، ولا لجُنُبِِ". [رواه أبو داود: 232]،
وهو محمول على المُكْث كما علمت من الآية، ولما سيأتي في الحَيْض.
3ـ الطواف حول الكعبة فرضاً، أو نفلاً
لأن الطواف بمنزلة الصلاة، فيُشتَرَطُ له الطهارة كالصلاة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "الطَّوافُ بالبَيْتِ صلاةٌ، إلا أنَّ الله أَحَلَّ لَكُمْ فِيهِ الكَلام، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمْ إلا بِخَيْرِِ". [رواه الحاكم: 1/ 459، وقال: صحيح الإسناد].
4ـ قراءة القرآن
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقْرَأ الحَائِضُ، ولا الجُنُبُ شَيْئاً من القُرْآنِ". [رواه الترمذي: 131، وغيره].
*ملاحظة:
يجوز للجُنُب إمرار القرآن على قلبه من غير تلفظ به، كما يجوز له النظر في المصحف.
ويجوز له قراءة أذكار القرآن بقصد الذكر، لا بقصد القراءة، وذلك كأن يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201]. بقصد الدعاء.
وكأن يقول إذا ركب دابة: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13]، بقصد الذكر لا بقصد القراءة.
5ـ مس المصحف وحمله أو مس ورقه، أو جلده، أو حمله في كيس أو صندوق
قال تعالى: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79].
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَمَس القرآنَ إلا طَاهِرٌ". [رواه الدارقطني: 1/ 121، ومالك في الموطأ مرسلاً: 1/ 199].
*ملاحظة:
- يجوز للجُنُب حمل المصحف إذا كان في أمتعةِِ أو ثَوْبِِ، ولم يقصد حَمْله بالذات، بل كان حَمْله تبعاً لحمل الأمتعة والثوب.
- وكذلك يجوز له حمل كتب تفسير القرآن إذا كان التفسير أكثر من القرآن، لأن فاعل ذلك لا يُسمى عُرفاً حاملاً للقرآن.
الحَيْض في اللغة: السَيَلان. يقال حاض الوادي إذا سال.
وفي الشرع: دم جِبِلَّة ـ أي خلقة وطبيعة ـ تقتضيه الطباع السليمة يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، في أوقات معلومة.
ودليل أن الحَيْض يوجب الغُسل: القرآن والسنة.
أما القرآن:
فقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222].
وأما السنة:
فقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حُبَيش رضي الله عنهما: "فإذا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعي الصلاة، وإذا أَدْبَرَتْ فاغْسِلي عَنْكِ الدَّم وصلِّي". [رواه البخاري: 226، ومسلم 333].
يُقصد بالبلوغ السن التي إذا بلغها الإنسان ـ ذكراً أو أنثى ـ أصبح أهلاً لتوجه الخطاب إليه بالتكاليف الشرعية: من صلاةِِ، وصومِِ، وحجِِّ، وغيرها.
ويعرف البلوغ بأمور:
الأول: الاحتلام بخروج المني، بالنسبة للذكر والأنثى.
الثاني: رؤية دم الحَيْض بالنسبة للأنثى.
والوقت الذي يمكن أن يحصل فيه الاحتلام، أو الحَيْض، فيكون قد تحقق البلوغ، هو استكمال تسع سنين قمرية من العمر.
ثم التأخر عن هذا الوقت أو عدم التأخر إنما يتبع طبيعة البلاد، وظروف الحياة.
الثالث: باستكمال الخامسة عشرة من العمر، بالسنين القمرية، إذا لم يحصل الاحتلام أو الحيض.
وللحَيْض مدة دنيا، ومدى قصوى، ومدة غالبة:
فالمدة الدنيا ـ وهي أقل مدة الحَيْض ـ يوم وليلة.
والمدة القُصوى ـ وهي أكثر مدة الحَيْض ـ خمسة عشر يوماً بلياليها.
والمدة الغالبة ـ ستة أيام أو سبعة.
- وأقل طُهر بين الحَيْضَتَيْن خمسة عشر يوماً.
- ولا حدَّ لأكثر الطُهْر، فقد لا تحيض المرأة سنة أو سنتين أو سنين.
وهذه التقادير مبناها الاستقراء، أي تتبع الحوادث والوجود، وقد وُجِدَت وقائع أثبتتها.
فإذا رأت المرأة دماً أقل من مدة الحَيْض ـ أي أقلَّ من يوم وليلة ـ أو رأت الدم بعد مدة أكثر الحَيْض ـ أي أكثر من خمسة عشر يوماً بلياليها ـ، اعتبر هذا الدم دم استحاضة، لا دم حَيْض.
وقد تُمَيِّز دم الحَيْض عن دم الاستحاضة بلونه وشدته.
دم علة ومرض يخرج من عِرْق من أدنى الرَحِم يقال له العاذل، وهذا الدم ينقض الوضوء، ولا يوجب الغُسل، ولا يوجب ترك الصلاة ولا الصوم، فالمستحاضة تغسل الدم، وتربط على مَوْضِعه، وتتوضأ لكل فرض، وتصلي.
روى أبو داود (286) وغيره عن فاطمة بنت أبي حبيش: أنها كانت تُستَحَاض، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان دَمُ الحَيْضَةِ فإنَّهُ دَمٌ أَسْوَدٌ يُعْرَفُ، فإذا كان ذلك فَأَمْسِكي عَنِ الصلاة، فإذا كان الآخَرُ فَتَوَضَّئي وَصَلِّي، فإنما هو عِرْقٌ".
[يُعْرَف: يعرفه النساء عادة. عِرْق: أي ينزف. الآخَر: الذي ليست صفته كذلك].
روى البخاري (236) ومسلم (333) عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالت: يا رسول الله، إني امرأةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصلاةَ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا، إنَّما ذلك عِرْقٌ وليس بالحَيْضَةِ، فإذا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فاتركي الصلاةَ، فإذا ذهب قَدْرُها فاغْسِلي عَنْكِ الدَّمَ وصَلِّي".
1ـ الصلاة
لأحاديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها السابقة في الاستحاضة.
2ـ قراءة القرآن ومس المصحف وحمله
لما مَرَّ أيضأ فيما يحرم بالجنابة رقم (4، 5).
3 - المُكْث في المسجد لا العبور فيه
لما مَرَّ معك فيما يحرم بالجنابة رقم (2).
ومما يدل على أن مجرد العبور لا يحرم، بالإضافة لما سبق: ما رواه مسلم (298) وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَاولِيني الْخُمْرَة مِنَ المَسْجدِ". فَقُلْتُ: إنَّي حَائِضٌ، فقال: "إنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ في يَدِكِ".
وعند النسائي (1/ 147) عن ميمونة رضي الله عنها قالت: تَقُومُ إحْدانا بِالخُمْرَةِ إلى المَسْجدِ فَتَبْسُطُها وهِيَ حَائِضٌ.
[الْخُمْرَة: هي السجادة أو الحصير الذي يضعه المصلي ليصلي عليه أو يسجد].
4 - الطواف
ودل على ذلك ما مرَّ في الجنابة، رقم (3).
وما رواه البخاري (290)، ومسلم (1211)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا لا نُرى إلاَّ الحجَّ، فلمَّا كنَّا بسَرِفٍ حِضْتُ، فدخل علىَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، قال: "مَا لَكِ أَنَفِسْتِ؟" قُلْتُ: نعم، قال: "إنَّ هَذا أَمْرُ كَتَبَهُ اللهُ عَلى بَناتِ آدمَ، فاقضِي مَا يَقْضِي الحاجُّ، غير أن لا تطوفي بالبَيْتِ". وفي رواية "حتى تَطْهُري".
[لا نُرى: لا نظن أنفسنا إلا محرمين بالحج. بسَرِفٍ: مكان قرب مكة. أنفستِ: أحضتِ. فاقضي: افعلي ما يفعله الحاجُّ من المناسك].
ويحرم على الحائض زيادة على ذلك أمور أخرى وهي:
1 - عبور المسجد والمرور فيه إذا خافت تلويثه
لأن الدم نجس ويحرم تلويث المسجد بالنجاسة وغيرها من الأقذار، فإذا أمنت التلويث حلَّ لها المرور كما علمت.
2 - الصوم
فلا يجوز للحائض أن تصوم فرضاً ولا نفلاً، ودليل ذلك ما رواه البخاري (298)، ومسلم (80)، عن أبي سعيد رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المرأة وقد سئل عن معنى نقصان دينها: "أَلَيْسَ إذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟".
وعلى ذلك الإجماع.
وتقضي الحائض ما فاتها من صوم الفرض بعد طُهرها، ولا تقضي الصلاة، وإذا طَهُرَت - أي انتهى حَيْضُها - وجب عليها الصوم، ولو لم تغتسل.
روى البخاري (315)، ومسلم (335) واللفظ له، عن معاذة قالت: سألتُ عائشة رضي الله عنها فقُلتُ: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: "كان يصيبنا ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنؤمَر بقضاء الصوم، ولا نؤمَر بقضاء الصلاة".
ولعل الحكمة في ذلك أن الصلاة تكثر فَيَشُق قضاؤها بخلاف الصوم.
3 - الوطء - أي الجماع - والاستمتاع والمباشرة بما بين السرة إلى الركبة
لقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222]. والمراد باعتزالهنَّ ترك الوطء.
وروى أبو داود (212) عن عبدالله بن سعد - رضي الله عنه -: أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يحلُّ لي من امرأتي وهي حائضٌ؟ قال: "لَكَ مَا فَوقَ الإِزَارِ".
والإزار الثوب الذي يستر وسط الجسم وما دون، وهو ما بين السرة إلى الركبة غالباً.
الولادة، وهي وضع الحمل:
قد تكون الولادة ولا يعقب خروج الولد دم، فحكمها حينئذ حكم الجنابة، لأن الولد منعقد من ماء المرأة وماء الرجل.
ولا يختلف الحكم مهما اختلف الحمل الموضوع، أو طريقة وضعه.
وإذا أعقب خروج الولد دم - وهو الغالب - سمى نفاساً، به أحكام إليك بيانها.
النِّفاس لغةً: الولادة.
وشرعاً: الدم الخارج عقب الولادة. وسمي نفاساً، لأنه يخرج عقب خروج النفس، ويقال للمرأة نُفَساء.
والدم الذي يخرج أثناء الطلق، أو مع خروج الولد، لا يعتبر دم نفاس، لتقدمه على خروج الولد، بل يعتبر دم فساد، وعلى ذلك تجب الصلاة أثناء الطلق ولو رأت الدم، وإذا لم تتمكن من الصلاة، وجب قضاؤها.
وأقل مدة النفاس لحظة، وقد يمتد أياماً.
وغالبه أربعون يوماً.
وأكثره ستون، فما زاد عليها فهو استحاضة.
والأصل في هذا الاستقراء، كما علمت في مدة الحيض.
أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض في جميع أحكامه.
إذا رأت الحامل دماً، وبلغت مدته أقل مدة الحيض - وهي يوم وليلة - ولم يتجاوز أكثر مدة الحيض - وهي خمسة عشر يوماً بلياليها - اعتبر هذا الدم حيضاً على الأظهر، فتدع الصلاة والصوم وكل ما يحرم على الحائض.
أما إذا كان الدم الذي رأته أقل من مدة الحيض، أو أكثر من مدة أكثره، اعتبر الأقل والزائد دم استحاضة، وأخذ حكمه من حيث الصلاة وغيرها.
وقيل: الدم الذي تراه المرأة الحامل يعتبر دم استحاضة مطلقاً كيف كان، وليس دم حيض، لأن الحمل يسد مخرج الحيض، وهذا الغالب الأكثر، وحيض المرأة أثناء الحمل إن لم يكن ممتنعاً فهو نادر جداً.
أقلُّها: وأقل مدة الحمل ستة أشهر أخذاً من الآيتين الكريمتين:
قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15]، وقوله تعالى: {وَفِصَالُهُ في عَامَيْنِ} [لقمان: 14]. أي فطامه عن الرضاع.
فإذا كانت مدة مجموع الحمل والرضاع ثلاثين شهراً، وكانت مدة الرضاع وحده عامين، كانت مدة الحمل ستة أشهر، وهي أقل مدته، فإذا جاءت المرأة بولد بعد الزواج بأقل من ستة أشهر وهو حي، لا يثبت نسبه لأبيه.
غالبها: وغالب مدة الحمل تسعة أشهر، أخذاً من واقع الحال فإن عامة النساء يلدن بعد بدء الحمل بتسعة أشهر، أو يزيد على ذلك أياماً قليلة، أو ينقص.
أكثرها: وأكثر مدة الحمل عند الشافعي رحمه الله أربع سنين، وهي مدة إن لم تكن ممتنعة فهي نادرة للغاية، ولكنها تقع، وقد وقعت بالفعل، وعلى وقوعها بني الشافعي رحمه الله قوله.
إذا مات المسلم وجب على المسلمين تغسيله، وهو واجب كفائي، إذا قام به البعض من أقربائه أو غيرهم سقط الطلب عن الآخرين، وإذا لم يقم به أحد أثِمَ الجميع.
وتجب نية الغُسل على الغاسل. هذا في غير الشهيد، أما الشهيد فإنه لا يُغسَّل، وسيأتي تفصيل أحكام الميت في بحث الجنائز.
ودليل وجوب غُسل الميت ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال في المُحْرِمِ الَّذي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: "اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ". [رواه البخاري: 1208، ومسلم: 1206].
[وَقَصَتْه: رَمَتْهُ وداست عُنُقُه].
وبعبارة أخرى: الأغسال المسنونة، وهي التي تصح الصلاة بدونها، ولكن الشرع ندب إليها لاعتبارات كثيرة، وإليك بيانها:
مشروعيته:
يُسنّ الغُسل يوم الجمعة لمن يريد حضور الصلاة، وإن لم تجب عليه الجمعة: كمسافرٍ أو امرأةٍ، أو صغير.
وقيل: يُسن الغُسل لكل أحد، حضر الجمعة أم لا - انظر مشروعية الغُسل -.
ودليل ذلك، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتي الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ". (رواه البخاري: 837، ومسلم: 844، واللفظ له).
والأمر هنا للندب، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الجُمُعَةَ فَبِها ونِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ". (رواه الترمذي: 497).
وقته:
ووقت الغُسل يوم الجمعة يدخل بأذان الفجر الصادق، وتقريبه من ذهابه إلى الجمعة أفضل، لأنه أبلغ في حصول المقصود من الغُسل وهو تطييب رائحة جسمه، وإزالة العرق والرائحة الكريهة، لأن الإسلام إنما سنَّ غُسل الجمعة من أجل اجتماع الناس، لئلا يتأذى بعضهم برائحة كريهة، لذلك نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الثوم والبصل، لمن يريد حضور الصلوات في المساجد.
مشروعيته:
ويُسن الغُسل يوم عيد الفطر، ويوم عيد الأضحى، لمن أراد أن يحضر الصلاة ولمن لم يحضر، لأن يوم العيد يوم زينة، فسُنَّ الغُسل له.
ودليله:
ما رواه مالك في الموطأ (1/ 177) أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَغْدُو إلى المُصَلَّى.
وقِيسَ بيوم الفطر يوم الأضحى.
ويَعْضُد عمل الصحابي هذا: قياس غُسل العيدين على غُسل الجمعة، لأن المعنى فيهما واحد، وهو التنظف لاجتماع الناس.
وروى ابن ماجه (1315) بسند فيه ضعف، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ، ويَوْمَ الأضحى.
ويقوي الحديث ما سبق من عمل الصحابي والقياس.
وقته:
ووقت غُسل العيدين يبدأ بنصف الليل من ليلة العيد.
مشروعيته:
ويُسن الغُسل لصلاة كسوف الشمس، وخسوف القمر.
ودليل ذلك القياس على الجمعة لأنها في معناها من حيث مشروعية الجماعة فيها، واجتماع الناس لها.
وقته:
ويدخل وقت الغُسل للكسوفين ببدء الكسوفين، وينتهي بانجلائهما.
أي لصلاة الاستسقاء.
يُسن الغُسل قبل الخروج لصلاة الاستسقاء، قياساً على غُسل الكسوفين.
ويُسن لمن غَسَّلَ مَيِّتاً أن يغتسل.
ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من غَسَّلَ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلْ". [رواه أحمد وأصحاب السنن وحسَّنه الترمذي (993)].
وصرفه عن الوجوب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ عَلَيْكُمْ في غَسلِ مَيتِكُمْ غُسْلٌ إذا غسَلْتُمُوهُ". [رواه الحاكم: 1/ 386].
ودليله: ما رواه الترمذي (830) عن زيد بن ثابت الأنصاري - رضي الله عنه -: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - "تَجَرَدَ لإهلالِهِ واغْتَسَلْ".
[تَجَرَد لإهلالِهِ: أي نزع ثياب للإحرام، والإهلال: رفع الصوت بالتلبية عند الإحرام، ويطلق على الإحرام نفسه].
ودليله: أن ابن عمر - رضي الله عنه - كان لا يَقْدَمُ مكة إلا بات بذي طُوى حتى يصبح ويغتسل، ثم يدخل مكة نهاراً، وكان يذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فَعَله. (رواه البخاري: 1478، ومسلم: 1259، واللفظ له).
والأفضل أن يكون بنَمِرة قرب عرفات.
ودليله: أن عليّاً - رضي الله عنه - كان يَغْتَسِلُ يوم العيدين ويوم الجمعة، ويوم عرفة، وإذا أراد أن يُحرِم.
[رواه الشافعي في مسنده (الأم: 6/ 107)].
وروى مالك في الموطأ (1/ 322) عن نافع: أن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - كان يغتسل لإحرامه قبل أن يُحرِم، ولدخوله مكة، ولوقوفه عَشِيَّةَ عَرَفَةَ.
لآثار وردت في ذلك كله، ولأنها مواضع اجتماع الناس فأشبه الغُسل لها غُسل الجمعة.
والجمار: هي المواضع الني يرمى فيها الحصى بمِنى، وتُطلق أيضاً على الحصيات التي يرمى بهنَّ.
إن تيسر له ذلك، قياساً على استحبابه لدخول مكة، لأن كلاً منهما بلد محرَّم، فإن لم يستطع اغتسل قبل دخوله مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
للغُسل كيفية واجبة، وكيفية مسنونة:
هي عبارة عن أمرين، يعبر عنهما في الفقه بفرائض الغُسل:
الأول: النية عند البدء بغسل الجسم.
لحديث: "إنما الأعمال بالنيَّات".
وكيفيتها: أن يقول بقلبه ـ وإذا تلفظ بلسانه كان أفضل ـ:
نَوَيْتُ فرض الغُسل.
أو نَوَيْتُ رفع الجنابة.
أو استباحة الصلاة.
أو استباحة مفتقِر إلى غُسل.
الثاني: غسل جميع ظاهر الجسم بالماء، بشرةً وشعراً، مع إيصال الماء إلى باطن الشعر وأصوله.
روى البخاري (253)، عن جابر - رضي الله عنه -، وقد سُئل عن الغُسل، فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ ثلاثة أكفِِّ ويُفيضُها على رأسه، ثم يُفِيضُ على سائِرِ جَسَدِهِ.
[أكفِِّ: أي غرفات بكَفَيْهِ، كما ورد في رواية عند مسلم (329): "ثلاث حفنات". [والحفنة: ملء الكفين. يُفيضُها: يصبها. سائر: باقي].
وعند مسلم (330) عن أم سلمة - رضي الله عنها - وقد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الغُسل فقال: "إنما يَكفيكِ أن تَحْثي على رَأسِكِ ثلاثَ حَثَيَات، ثم تُفيضينَ عَلَيْكِ الماءَ، فَتَطْهُرِينَ".
(تَحثي: تصبي، وأصل الحثو أو الحثي صب التراب. حَثَيَات: غرفات).
وروى أبو داود (249) وغيره، عن على - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةِِ من جَنَابَةِِ لم يُصِبْها الماءُ فَعَلَ الله بهِ كذا وكذا من النار".
قال علي: فَمِنْ ثَمَّ عادَيْت شَعْرِي. وكان يَجُزُّ شَعْرَهُ - رضي الله عنه - أي يحلِقُه.
ويعبَّر عنها في الفقه بسُنن الغُسل، وهي:
1ـ يغسل يديه خارج إناء الماء، ثم يغسل بيساره فَرْجَه وما على بدنه من قَذَر، ثم يدلكها بمنظف.
روى البخاري (254)، ومسلم (317)، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: قالت ميمونة: وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماءً للغُسل فغسل يديه مرتين أو ثلاثاً ثم أفرغ على شماله، فغسل مذاكيره، ثم مسح يديه بالأرض.
2ـ يتوضأ وضوءاً كاملاً، وإن أخَّر رجليه حتى نهاية الغُسل فلا بأس.
3ـ يخلل شعر رأسه بماء، ثم يغسل رأسه ثلاثاً.
4ـ يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر.
دل على هذه السنن ما رواه البخاري (245)، ومسلم (316)، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغْتَسَلَ من الجنابة بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ.
وفي رواية عند مسلم: ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فَرْجَه.
وعند البخاري (246) عن ميمونة رضي الله عنها: وغسل فَرْجَه وما أصابه من الأذى، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يُدْخِلُ أصابِعَهُ في الماء فَيُخَلِّلُ بها أُصُولَ شَعْرِهِ، ثم يصُبُّ على رأسه ثلاث غُرَفِِ بيدِهِ ثم يُفِيضُ الماءَ على جِلْدِهِ كُلِّهِ.
ودل على استحباب البدء بالشق الأيمن ما رواه البخاري (166)، ومسلم (268)، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَيَمُّنُ في تَنَعُّلِهِ وتَرَجُّلِهِ وطُهُورِهِ وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ. [تَرَجُّلِهِ: تسريح شعر رأسه. طُهُورِهِ: وضوئه وغُسله].
5ـ يدلك جسمه ويوالي ـ أي يتابع ـ بين غسل الأعضاء.
خروجاً من خلاف من أوجب ذلك وهم المالكية.
6ـ يتعهد معاطفه بالغسل.
وذلك بان يأخذ الماء فيغسل كل مَوْضع من جسمه فيه انعطاف أو التواء، كالأذنين وطَيَّات البطن وداخل السُرَّة والإبط، وإن غَلَبَ على ظنه أن الماء لا يصل إليها إلا بذلك كان واجباً.
7ـ تثليث أعمال الغُسل قياساً على الوضوء.
1ـ الإسراف في الماء
لما مر معك في مكروهات الوضوء، ولأنه خلاف فعله - صلى الله عليه وسلم -.
روى البخاري (198)، ومسلم (325)، عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ بالصاع إلى خمسة أمدادِِ، ويتوضأُ بالمُدِّ.
وروى البخاري (249)، ومسلم (327)، عن جابر - رضي الله عنه - وقد سُئل عن الغُسل فقال: يَكْفِيكَ صَاعٌ، فقال رجلٌ: ما يكفيني؟ فقال جابر: كان يكفي من هو أَوفى منك شَعْراً وخيرٌ منك.
[أَوفى: أكثر، ويعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. والصاع: أربعة أمداد، والمدُّ: يساوي مكعباً طول حرفه 2. 9 سم].
2ـ الاغتسال في الماء الراكد
لما رواه مسلم (283) وغيره، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَغْتَسِلْ أحدُكمْ في الماء الدائم وهو جُنُبٌ". فقالوا: يا أبا هريرة، كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً.
أي يأخذه بيده، أو بإناء صغير. وينوي الاغتراف إن كان الماء قليلاً، حتى لا يصير مستعملاً بمباشرته بجزء من بدنه.
أو يأخذ قليلاً من الماء من الوعاء قبل أن ينوي رفع الجنابة، ثم ينوي ويغسل به يده، ثم يتناول بها الماء.
والحكمة من هذا النهي: أن النفس تتقزز من الانتفاع بالماء المُغتَسَل فيه بأي وجه، إلى جانب إضاعة الماء، بخروجه عن صلاحيته للتطهير، إن كان أقل من قلتين، لأنه يصبح مستعملاً بمجرد الاغتسال فيه، والناس في الغالب يحتاجون إلى الانتفاع بالماء الراكد، فلذلك نهي عن الاغتسال فيه.