Blogger المدونة الرئيسية في
ملاحظة عامة:
بسبب حرصي على أنْ تكون المقالات بحجم معين يسهل قراءتها ولا يشتت ذهن القارئ عن الفكرة الرئيسية فإنَّ الأمر يتطلب عدم مناقشة الكثير من القضايا والإشارة إلى الكثير من الأحداث والمصادر المتوفرة.
ولهذا فإنَّ هذه المقالات (والتي تعتمد على المصادر الشيعية فقط) هي بمثابة منافذ للقارئ يطلع من خلالها على أهم الحقائق المتعلقة بالموضوع وتوجه اهتمامه إلى متابعتها بحرية في مصادر الشيعة أو المصادر الأخرى شخصياً.
مقدمات:
[1] حدثنا الإمام ماركس (ع)، عن الإمام هيغل (ع)، قال، قال هيغل: إنَّ كل الأحداث الكبرى والشخصيات التاريخية تعيد نفسها مرتين". قال، فقلت: ولكنه نسي أن يقول إنها في المرة الأولى كمأساة وفي المرة الثانية كمهزلة!
[2] إن مهزلة المهدي المنتظر في القرن الحادي والعشرين هي امتداد لأسطورة المهدي المنتظر من القرن الثامن. والمهازل لا ترث من الماضي غير المهازل!
[3] تقوم أساطير الشيعة التي صنعت لهم نوعاً متميزاً وفريداً من "التاريخ المزيف" " بطمس أهم الحقائق عن هذا "التاريخ". ولهذا فإن "التاريخ" الشيعي تحول إلى ما يشبه "حكايات ألف ليلة وليلة" [في بعض الأحيان يصبح الشبه 99%] حيث يكون البرهان على مصداقيتها الواقعية مجرد نسخة أخرى من "حكايات ألف ليلة وليلة" التي وصلت إلينا بنسخ مختلفة!
[4] فهذا "المنتظر" لم يظهر ولن يظهر – كما لم يقمْ المسيح ولن يقوم!
لكن اللعبة مستمرة حتى تحولت مراكز قيادة الطوائف الشيعية إلى مؤسسات مالية ضخمة يمكن مقارنة أرباح بعضها بأرباح كارتيلات تجارة المخدرات. وذلك لأنها كانت ولا تزال خارج أي نوع من الرقابة المالية – الحكومية والشعبية على حد سواء [رقابة الله فقط!!!]. فقيادات هذ الطوائف تجني أرباحاً طائلة من نشر الطقوس والتقاليد الخرافية والأساطير وتغذيتها وتطويرها وغرسها وإعادة غرسها بين المؤمنين السذج.
و من بين ما تعتاش عليه القيادة الشيعية [الاثني عشرية والاسماعيلية والزيدية] وتجني منه الأرباح هو: البرنامج الحي "Live": المهدي المنتظر"!
أمَّا "عاشوراء" وتمثيل مقتل الحسين (الإمام الرابع الذي لا تختلف عليه الطوائف الشيعية) واستدرار البكاء والعويل والنياح على موته فهو "مسلسل" سنوي – كالمنشورات الدورية ولا يمكن الإطالة فيه أكثر من شهر!
1.
إنَّ أسطورة "المهدي المنتظر" هي من نوع عقائد الوهم المُخَدِّر:
في كل مكان وزمان من تاريخ مملكة الإسلام يحلم البسطاء والمعدمون السذج بعالم أفضل من عالمهم البائس (إنه بائس حقاً).
فقد يأسوا من "رحمة السماء!" – فهناك لا شيء غير السماء؛ ويأسوا منْ عدالة الأرض وسلاطين الظلم؛ ولم يتبق أمامهم غير الأوهام في اليقظة والأحلام في المنام. ولهذا فإنَّ فكرة "المُخَلِّص!" والتي لم تكن جديدة بأي حال من الأحوال – فقد عرفتها الكثير من الثقافات – هو الشيء الذي يجمع "الأوهام والأحلام" في كلٍ واحدٍ ويستحيل إلى ما يشبه "الترياق" لامتصاص السموم – لكنه في هذه الحالة له وظيفة امتصاص نقمة ويأس ونفاذ صبر الأنصار.
وهكذا كانوا مستعدين لتلقف "الطُعْم" الذي رماه لهم اللاهوت الشيعي:
سيظهر رجل من أحفاد محمد – إنه المهدي المنتظر والذي "سيملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظلماً!".
فهل ثمة فكرة أكثر إغراء من هذه الفكرة؟!
لكنَّهم ولسوء حظهم - وأقصد البسطاء والمعدمين السذج – إنهم عاجزون عن إدراك اللعبة:
هذا هو الحل الوحيد لكي تستمر فئة اللاهوت الشيعي وتحافظ على سلطتهم.
2.
الروح التراجيدية:
تستند المأساة في الأدب اليوناني، وخصوصاً في "التراجيديا" اليونانية، إلى "اللامعرفة":
فـ"البطل" يجهل تاريخه فيصبح ضحية للخطأ التاريخي الذي لا يدرك وجوده؛ وإن عدم الإدراك هو مصدر مشكلته وأسباب محنته. ومن هذا الجهل بالخطأ تنبع مأساته وذلك حين يتمكن من "التعرف"، ولكن بعد فوات الأوان،على تاريخه الذي استحال إلى ضحية له.
وهذا هو مصدر المأساة الشيعية: فهي نابعة من جهلهم لتاريخهم الأسطوري. فقد خُدع البسطاء السذج مئات المرات (وسوف يتم خداعهم مئات المرات في المستقبل طالما آمنوا بالأوهام) من قبل اللاهوت الشيعي الذي ليس له هدف آخر غير السلطة.
ومن وجهة النظر التاريخية الفعلية فإن أسطورة "المهدي المنتظر" كانت آخر أسطورة شيعية (رغم أن الأساطير لم تنقطع لكنها تتعلق بأحداث سابقة وبتأثير رجعي) وهي تؤرخ لحظة الفشل النهائي للحصول على السلطة:
إنها نظرية الانتظار العظيم لمن سيأتي ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح!
لكنَّ ملايين البسطاء – وهذا سبب آخر للمأساة – رفضوا أن يتعرفوا على هذا التاريخ وقرروا (أو استساغوا) أن يجعلوا من الخرافات مادة لمعارفهم عن أنفسهم وعن تاريخهم.
إنه تعبير عن عصور كانت الرغائب والأوهام والخرافات أكثر حضوراً من الواقع والتاريخ على حدٍ سواء.
ولهذا وأقولها بصدق:
إنَّ تاريخ أسطورة "المهدي المنتظر" الشيعية هو تاريخ الأسى والحرمان وغياب العدالة والظلم والبؤس الإنساني وعقيدة الاستبداد الإسلامية حيث لا وجود لكل واحدة منها بدون الأخرى. لكن وجود البؤس شيء وإدراك أسبابه الحقيقية شيء آخر.
3.
ولكن أن ْيأتينا الآن – في القرن الحادي والعشرين: عصر الثورة المعلوماتية – أنصاف متعلمين (بالمعنى الحرفي للكلمة) ونصابون وأفاقون و"بلطجية يَدَّعِي كل واحد منهم بأنه "المهدي المنتظر"، فإنَّه لا تحضرني الآن غير الفكرتين الهامتين التاليتين:
أولاً، إنها لا تتعدى كونها "مهزلة" سخيفة فجَّة من الدرجة العاشرة ومسيئة للعقل البشري ولا تستحق المشاهدة!
ثانياً، إن القاعدة الجماهيرية الشيعية - والتي هي هدف هؤلاء "المهديين المنتظرين" – من الشيعة الاثني عشرية والزيدية والاسماعيلية وغيرهم لا تزال تعيش في القرون الإسلامية الأولى، غارقة في مستنقع الجهل والخرافة إلى حدٍ وفرت لمثل هؤلاء النصابين شروط ومستلزمات "الظهور" - ولكن في هذه الحالة: الظهور الإعلامي فقط!.
ولم تعد ثمة ضرورة للقول على طريقة الهراءالشيعي: "عجَّل الله فرجه!" لأن "فَرجَهُ" [واقرأوا الراء بأي طريقة شئتم!] قد انفرج بما يكفي من الانفراج]
ولأن وظيفة "المهدي المنتظر!" التقليدية هي "أن يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراَ" لكننا لم نر شيئاً من هذا القبيل لا من "المهديين" الجدد ولا ""المهديين" القدماء.
والجديد في كل "مهدي منتظر جديد" - لحد الآن هو أنهم قد ملأوا شبكة الانترنت هراء جديداً ولغوا جديداً لا يقل لغواً عن القديم وأشاعوا نصوصاً سفيهة سقيمة مملة مربكة مفككة مفبركة من "تراثهم" الإسلامي!
4.
وهذا أمر لا ينبغي أن يفاجأ القارئ المثقف.
ففي زمن الثورة المعلوماتية وتكنولوجيات" القص واللصق" الأثيرة على قلوب أنصاف المتعلمين فإن معامل وورش صناعة الخرافات والطوائف الجديدة والحركات والأحزاب الدينية والأئمة العصريين والعقائد القديمة بأغلفة جديدة والمهديين الذين لا ينتظرهم أحد غير أنفسهم أصبحت رائجة جداً وهي في متناول الجميع. بل أن ممالك الظلام السنية (من المحيط إلى الجحيم) تبدو وكأنها تبارك هذا النوع من الصناعات (يعتمد على ممول المهدي من هذه الدولة السنية أو تلك طبعاً) ولا تفرض أي نوع من القيود أو الشروط المتعلقة بـ "الجودة"!
وطالما يتوفر الممولون ولسهولة التحويلات المصرفية؛ وطالما أنَّ حنفيات النَّفْط لا تزال "جارية" حتى الآن؛ وطالما أسعار النفط تأخذ بالارتفاع (وبين فترة وأخرى ثمة انخفاض لكن الحنفية مع ذلك جارية) فإنَّ النشاط "الصناعي" الإنتاجي للخزعبلات الدينية المهدية في أوج ذروته.
فكل "مهدي منتظر" عبارة عن مؤسسة مالية قد لا أحد من العاملين فيها يعرف مصادر تمويلها لكن الحقيقة الوجودية الساطعة كالشمس (وهذا ما ينبغي أن يعرفه الجميع): إن تمويل إصدار المطبوعات (الكتب والمنشورات الدعويى)وتجنيد الأنصار "المعلنين" عن بضاعة أسيادهم والصرف على النشر الإعلامي وإدارة صفحات انترنت مكلفة لا يسقط من السماء بسلال من السماء. فالسماء العربية كفت حتى عن المطر!
5.
إن "المهدي المنتظر" من بين منتجات الصناعات العقائدية التي كانت ولا تزال تمارس تأثيراً على بسطاء الشيعة (وهم القاعد الجماهيرية الواسعة)..
ولأنَّ للمأساة أكثر من وجه واحد فإنَّ ثمة وجه آخر يستحق الكلام.
فرغم أن السياسة تختلط بخرافة "المهدي المنتظر" بطريقة بنيوية حتى لا يمكن تمييز الحد الفاصل ما بين الاثنين ولا يمكن أن يدرك المراقب أين تنتهي السياسة وأين تبدأ الخرافة، فإنها محاولة بدائية لتعويض الغياب البشع للعدالة في منظومة الأفكار الإسلامية والسلطة المعبرة عنها آنذاك: الخلافة.
6.
لقد عجزت العقيدة الشيعية التي تستند إلى خرافة "الوصية" المعطاة إلى علي بن أبي طالب بـ"الولاية" و"الإمامة" من البرهنة على مصداقيتها اللاهوتية – إذ تم رميها خارج السلطة السياسية حتى من قبل أقرب المقربين: العباسيين. وقد وقع الكهنوت الشيعي آنذاك في مصيدة عقيدتهم التي حولت علي بن أبي طالب إلى "قوة" لاهوتية تكاد تطغي على شخصية ابن عمه "محمد" ولم يستطيعوا البرهنة ولم يكن بإمكانهم البرهنة على مساندة "الوحي" لهم فقرروا إرجاء تحقيق ما يحلمون به والانتظار إلى حين ظهور الإمام "الثاني العشر" الذي غاب في قبو في مدينة سامراء العراقية!
7.
وهكذا حلُّوا بطريقة لاهوتية مبتكرة قضية "السلطة المغتصبة" منهم وحسب رأيهم إلى يوم ما في زمان ما قادم لا يعرفه إلا "الله!" والأئمة المعصومون حيث يظهر "مهديهم" فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجورا!
غير أنَّ لا مهدي قد ظهر ولا منتظر قد حضر!
ولأنَّ انتظارهم قد طال “للمهدي المنتظر" حتى نفذ صبر أنصارهم فقد قرروا أنَّ "الولاية" يمكن أن يتفرغ لها "مجتهد" في عصر "الغيبة" حتى ظهور "المهدي المنتظر"!
وهكذا أخذوا يخططون للسلطة متخلين عن عقائدهم القديمة بالانتظار ومدبجين مئات الكتب المليئة بالخرافات الجديدة والخرافات القديمة المحسنة بتأثير رجعي لتبرير إقامة "الولاية" في "زمن الغيبة" من غير انتظار مجيء الإمام (لأنه قد يتأخر قليلاً بسبب المواصلات!).
ولهذا فنحن أمام حلين متزامنين:
للبسطاء والمغلوبين على أمرهم وأنصاف المتعلمين أسطورة المهدي المنتظر؛
وللمتعلمين الماكرين: ولاية الفقيه الخاصة أو العامة – أو الحكومة الإسلامية الشيعية فقط!
8.
واعترفُ بصدق بأن الاستراتيجية الشيعية الجديدة سليمة من الناحية السياسية.
فالسلطة في معايير اللاهوت الإسلامي (السني والشيعي) لا تُعطى بل تؤخذ. لكن التطور الجديد قد مهد إلى تهاوي عدد كبير من العقائد الشيعية.
طبعاً هذا أمر لا يشكل مشكلة بالنسبة لهم. فقد اتقنوا صناعة التبرير والتلفيق والتحوير والتغيير والترقيع وسط مناصرين بسطاء يغرقون بمستنقع الأمية والجهل والفقر.
9.
إنَّ خرافة "المهدي المنتظر" من الناحية التقنية ولدت في فترة متأخرة من ظهور الشيعة. وبكلمة أدق عندما مات آخر "إمام معصوم" – الحادي عشر من غير بنت أو ولد!
فوقع كهنوت الشيعة في المحظور:
فإذا انتهى تاريخ العائلة العلوية الذي يستند إليها الشيعة بالمطالبة بالسلطة من جهة وعدم وجود "إمام معصوم" يستدعي العناية الإلهية لهم من جهة أخرى، فإنَّ أهم مقومات وجود الشيعة تكون قد انتهت ولم يعد ما يُناضل من أجله.
ولهذا وبتأثير رجعي أيضاً يعودون كالعادة إلى محمد "شخصياً" وصناعة الأحاديث والخرافات عن الرقم (12) وكان عليهم فبركة العدد "12" من الأئمة أولاً؛ و"صناعة" ولد – لا وجود لأي دليل على أنه قد ولد ثانياً. وحتى لا توجد شروط للتقصي حول حقيقة "الإمام الثاني عشر" فقد قرروا "تغيبيه" نهائياً وانتظار عودته الميمونة حتى يملأ الأرض قسطاً وعدلاً!
10.
حسناً:
ما هي حقيقة الإمامة وهل ثمة أدلة (تاريخية) على مصداقية العقيدة الشيعية التي لا يمكن أن توجد بدونها؟
ويمكن طرح السؤال بطريقة أخرى: إلا يؤدي إنهيار مصداقية "عقيدة الإمامة" إلى انهيار خرافة "الإمام المنتظر" وبالتالي إنهيار العقيدة الشيعية بأكملها؟!
ما هي حكاية هذا "المنتظر" ومن أين جاءت؟
هل ثمة وجود لإمام يحتل الرقم "12" كما تقول أحاديث الشيعة؟
وبالتالي هل ثمة وجود لمهدي منتظر إطلاقاً أم مجرد خرافة من عشرات الخرافات الشيعية؟
وكيف تمت صناعة خرافة "الإمام المنتظر" الشيعية؟
هذا ما يتطلب الإجابة عليه خطوة خطوة حتى تتوضح خرافة "الإمام المنتظر" كاملة: القديمة ومهزلة المهدي المنتظر الجديدة على حد سواء.