Blogger المدونة الرئيسية في
[ملكة القرنفل التي أكلت أزهار الثورة]
تدور في ذاكراتي ثلاث صور عن المعزة.
- أول هذه الصور ما اقوله عبارة "ملكة القُرُنْفُل".
ولا أتذكر جيداً كيف عشعش هذا التعبير في ذاكرتي (لا أعتقد أنَّ له علاقة باحتفالات ملكة القرنفل الأمريكية) من أيام الصبا. غير أن الاحتمال الوحيد يتعلق بمعزة الجيران التي ظهرت قبل عدة أيام من أحد الاعياد الدينية (التي يبدأ فيها عادة قطع رقاب الخرفان والماعز والدجاج وغيرها).
كانت المعزة اللعينة هذه "حائرة" بأي نوع من أعمال الشغب تبدأ أيامها المعدودة قبل انتهاء عمرها قصير الأجل. كنت أراقبها من نافذة غرفتي، من الطابق الثاني من بيتنا، المطلة على حديقة الجيران ولا أعرف إن كانت هي الأخرى تراقبني.
في أول صباح لها قررت معزتنا أن تبدأ أعمال الشغب بأن تأكل رمز الثورة – أقصد أزهار القرنفل. فهي وإن كانت مثل أغلب الحيوانات عاجزة عن تبين اللون الأحمر إلا أنَّ حاسة الشم "المِعْزَوِي!" شديدة للغاية تعوض عمى الألوان ومنطق الاختيارات الحمقاء على حد سواء.
صِحْتُ بها بأعلى صوتي لكي أمنعها من هذا العمل الشنيع – لا أقصد التهام رمز الثورة بل علس أزهار القرنفل. لكنني لا أتذكر جيداً فيما إذا التفتت نحوي أم لا. ومع ذلك فقد أحسست أنها تنظر نحوي بطريقة ما. ربما لأن بؤبؤ الماعز المستطيل يوفر لها أن تنظر بزاوية ما بين 270 و320 درجة. ولهذا فهي يمكن أنْ تراني رغم أنني في مكان ما يقع خلف رأسها!
وبعد أن توقفتْ بضع ثواني بتأثير صياحي واصلت المعزة الربانية علس "أزهار الثورة" بهدوء وروية صوفية وكأن شيئاً لم يكن.
بعد أيام وبعد أن استيقظت في ساعة مبكرة من الصباح وعندما بحثت بنظري عن المعزة فلم أجد لها إلا آثاراً غير مباشرة:
شجيرات القرنفل المهشمة والحبل الذي كان حول عنقها وبركة حمراء في وسط الحديقة. . .
2.
[المعزة التي أكلت آيات اللوح المحفوظ]
إلَّا أنَّ "المَعْزَة" الربانية في ذاكرتي ومن فترة زمنية لاحقة ترتبط دائماً بـ"الداجن الذي أكل الآيات" في دار عائشة!
كنت أشعر بمتعة غامرة وأن أتصور كيف قامت معزة عائشة بعلس آيات محمد!
قد لعبت هذه المعزة (للأسف لم يذكر المؤرخون اسمها) دوراً خطيراً في تاريخ الإسلام الحقيقي. فـ"هي" بالذات وليس أي كائن آخر قد أطاح بخرافة "اللوح المحفوظ" وخرافة "الرسول" المحظوظ وبددت أو هام "الوحي" وأحالته إلى نكتة عائلية من الدرجة الثالثة!
بل يمكن القول، وبثقة عالية، إنَّ هذه المعزة الغَفْل (لم نعثر لها حتى على NICKNAME كما هو الحال مع حمار محمد "يعفور" وبغلته "البراق" ) قد "لخبطت" الأمور على نَعْثَلَ.
فهي الشاهد الوحيد المطلق الوحدة الذي رفض الحضور للشهادة وتقديم آياته أمام "لجنة الفبركة القريانية" وقررت الاحتفاظ بها لنفسها وأنْ تأكلها فضاعت "آيات" لا أحد يعرف أهميتها "!" غير المعزة فمات السِّر مع موتها!
إنَّ هذا لحدث مدهش.
لكنَّ اللاهوت الإسلامي قرر تجاهله والنظر إليه باعتباره مجرد خبر عاد لا يستحق النظر والاهتمام.
فهل أكْلُ الداجن - الذي كان يسرح ويمرح في مهجع "الرسول!" لآيات من "الوحي" حدثٌ ككل الأحداث اليومية؟
هذا سؤال يهرب المسلمون منه – وإن قرروا أن يضربوا على صدورهم بأيديهم كالغوريلا ويدعون أن لديهم الأجوبة – فإنها غالباً ما تكون أجوبة سخيفة للتملص من الفضيحة ولا شيء آخر.
3.
[المعزة وأحكام الضراط في الإسلام]
أما التداعي الثالث في ذاكرتي عن المعزة الربانية فيتعلق بقضية "الضراط" وخطورته – أقصد الضراط في مجال الملاحة الجوية –أي خلال السفر بالطائرة!
ويبدو أنَّ "الله!" قد مَنَّ بنعمته الغامرة على أمة محمد بعلم لَدُونِّيٍّ [رباني!] حيث لا يمكن أن يصل إليه المرء إلا بالإلهام.
ولهذا فقد أولى الفقه والفقهاء اهتماماً علمياً جاداً جداً جداً يليق بأهميته ووجوده ضمن عقيدة دينية مثل الإسلام من جهة، والعمل على بعث تراث محمد – الفقيه الأول في الإسلام في هذا المجال من جهة أخرى.
فالعلوم الإسلامية الرصينة "!" كالفقه والحديث والتفسير وغيرها خصصت مساحات وفصول في مؤلفات رصينة [أنظروا مثلاً البخاري ومسلم!] سواء في الماضي أم في الحاضر لقضية "الفساء" و"الضراط" والفروق الفلسفية والصوتية فيما بينهما وتأثيرهما على "مجريات" العقيدة وعلاقتهما بالشيطان وغيرها من دقائق الأمور التي يغفل عنها العالم المعاصر.
ولا أدلَّ على ذلك من واقع العلوم العربية الإسلامية وتحضير أطروحات علمية رصينة من أجل الحصول على شهادة الدكتوراه أو الماجستير في مجال "فقه الضراط" من أكثر الجامعات العربية رصانةً ومكانةً وهيبةً وسط الجامعات العالمية العريقة!
فأطروحة "أحكام الأصوات الصادرة من الإنسان عدا الكلام" – باختصار "أحكام الضراط والفساء" تأخذ على عاتقها وبكل جدارة مهمة إلقاء "الضوء" على هذه القضية العويصة.
وتكمن أهمية هذا الإنجاز العلمي الفريد في أنه أول عمل علمي متخصص شامل في هذا المجال. وبظهور هذه الأطروحة العلمية الفريدة فإن على أمناء المكتبات العربية والعالمية أن يناموا باطمئنان فقد تم "رَدْمُ هُوَّة هذا النقص" وبمقدور الباحثين عن الحقيقة الاطلاع على الأطروحة في جميع المكتبات الجامعية في العالم.
وهذا هو نص الأطروحة:
"أحكام الأصوات الصادرة من الإنسان عدا الكلام" – باختصار "أحكام الضراط والفساء"
والآن [قد] يتساءل القارئ النبيه ويقول:
حسناً: وما علاقة "أحكام الضراط" بالمعزة الربانية وأمْنِ الرحالات الجوية؟
ومن جانبي سأقول أنا أيضاً "حسناً":
مَنْ يتابع أخبار العالم لابد وأنَّه قد صادف بتاريخ 26 أكتوبر 2015 خبر الهبوط الاضطراري لطائرة شحن "مِعَاز"[وتُجْمَعُ أيضاً على: مَعْزٍ ومَعَزٍ ومَواعِزَ ومَعِيزٍ] تابعة للخطوط الجوية السنغافورية رقم SQ7108 من أستراليا إلى كوالالمبور في بالي بعد أن أطلقت اجهزة إطفاء الحرائق صفارة الإنذار على وجود دخان في الطائرة!
ورغم أن المتحدث باسم الخطوط الجوية السنغافورية لم يؤكد فرضية كون غاز الميثان الذي تم تسجيله من قبل أجهزة إطفاء الحريق في الطائرة يعود إلى "ضراط" الماعز فإنَّ أهم "الأدلة" [وهي أدلة تجريبية ومنطقية رصينة] تشير إلى أنَّ "ضراط" الماعز بالذات هو السبب الذي قام بتفعيل أجهزة إطفاء الحريق!
[خلاصة]
هنا تبدو الحلقة وقد انغلقت والعلاقات قد تحددت:
إنَّ العلم المتخصص في أحكام الضراط ليس من العلوم الكمالية – أو ربما سيقول البعض: من العلوم الزائفة، بل هو علم رصين يسعى إلى كمال الفرد وسعادته (موضوع السعادة معقد بعض الشيء حتى بالنسبة لي!) على الأرض وتهيئته إلى رحلته الميمونة إلى السماء.
فـ"العلم" الذي بدأه المصطفى وأرسى قواعده هو شخصياً لا يمكن أن يكون عديم الفائدة للبشرية.
ليس للموضوع بقية .. ..