"قانون "تأثير رفرفة جناحي الفراشة

1.

تدعي الأديان (وهذا ما يجعل منها أدياناً) بأن "الله" عليم بما كان منذ الأزل وبما سيكون إلى الأبد!

وهو ادعاء فيه الكثير من الكذب المكشوف ولا يتضمن حتى "القليل" من الحقيقة. فلا يوجد ولا كتاب ديني "مقدس" واحد حدثنا عن شيء غير خرافات الماضي البعيد. وهو إن احتوى على "حقيقة" ما فغالبا ما تُقدم مقلوبة رأساً على عقب! وإذا ما حدث شيء مغاير فإن الأمر لا يتعلق بكتاب ديني. بل أن الأساطير السومرية والبابلية قدمت لنا من الحقائق التاريخية ما تحلم الكتب "المقدسة" بجزء يسير منه.

2.

الدين بطبيعته العميقة وعي مقلوب للواقع وهو بطبيعته عاجز عن رؤية الواقع. وهذه طبيعة لا انفكاك منها. ولا مهرب أمام الإنسان المتدين إلا أن يرى العالم مقلوباً. ولهذا وحتى يرى الواقع على هيئته فهو بحاجة إلى حقيقة صغيرة تتغلغل في أعماقه المظلمة.. بل هو بحاجة إلى" نانو" من الحقيقة، تماماً كرفرفة جناحي الفراشة، حتى تفعل فعلها العاصف.

فرغم جبروت الدين، والدين الإسلامي بشكل خاص، فهو قوة واهية لا تقف إلا بدعم الدولة وبدعم الدولة فقط. الإسلام من أوهى العقائد الدينية لأنه يتناقض وعلى طول الخط مع المجتمعات المتحضرة. 

الدين الإسلامي والطقوس المرتبطة به وليدة البداوة ويستشعر المرء رمال الصحراء المتوهجة. وقد ظل الإسلام ولا يزال قابعاً في ذلك الجحيم الصحراوي ولم يزداد إلا سوءاً وتخلفاً (لا تحدثوني عن الفلسفة والثقافة العربيتين أو كما يحب الكثير القول: الإسلاميتين. فلا علاقة للفلسفة والثقافة اللتان ولدتا في بغداد بالعرب. أنهما حصيلة المصادر الأجنبية الفارسية والهندية واليونانية والآرامية. أليس من مفارقة تاريخية "عربية" أن يكون عباقرة اللغة العربية ليسوا عرب (وهذا الأمر لا يقلقني أبداً)؟

3.

إن مشكلة الإسلام، وهس مشكلة بنيوية وتأسيسية، هي أنه لا يمكن أن يكون إلا ما نعرفه عنه: 

إنه هو هو إن طار وإن حطَّ!

لن يتغير؛ لن يتبدل وسوف يظل يعادي التطور، لا تنسوا، ولا تجعلوا الآخرين ينسوا:

- كل بدعة ضلال!

وهذا ما عملت المسيحية [بكلمة أدق: أبناء المسيحية] على إصلاحه. فأكثر الطوائف المسيحية الأصولية فهمت الدرس: إذا أرادت الوجود والاستمرار والانتشار فإن عليها إدراك متطلبات القرن الحادي والعشرين. غير أن إدراك هذه المشكلة لا يكفي. إذ يجب عليها أن تخفف من قدسية "صحة" آرائها ومن شرط الإجبار. وسقوط "الخضوع الجبري" لسلطتها لا يمكن أن يحدث إلا بانسحاب الطائفة الدينية أو "الكنيسة" المعنية إلى مواقعها الجغرافية: بناية الكنيسة. وبذلك يصبح خروج الكنيسة من مواقعها الجغرافية، وهو يعني التدخل في حياة الأفراد والجماعات، خروجاً عن القانون وخرقاً صريحاً وفضاً له.

وانطلاقاً من هذه النقطة الهامة يمكن للمجتمع أن يتساهل مع الأديان. ومن هذه النقطة تتوفر الشروط الموضوعية لتحرر الأفراد من الخضوع الجبري للمؤسسات الدينية: ومن هنا يبدأ عمل جناح الفراشة!

4.

وهذا ما يرفض الإسلام القبول به!

الإسلام هو دين من نوع: إما كل شيء أو لا شيء! 

وهذا هو الأمر الذي يحرض البشرية ضده. إن المسلمين كشخصية الملك في حكاية "ملابس الملك الجديدة". لا يريد أن يدرك بأنه عارٍ وليس ثمة ملابس تغطي جسده المتغضن من رمال وشمس الصحراء المحرقة. . لا يريد أن يدرك، بل يرفض حتى محاولة الإدراك، بأن العالم والأجيال الجديدة من المسلمين يدركون ما يختفي خلف القناع!

5.

الإسلام لا يريد أن يدرك هذا الجزع الذي يفور في أعماق الناس. بل أنه عاجز حتى عن المحاولة. فهل هذا في صالحنا؟

هل سيلعب قانون جناحي تأثير الفراشة مفعوله، وفي لحظة ما من هذا التاريخ اللامعقول نسمع انهيار جدران مملكة الإسلام، تماماً كما حدث لجدار برلين؟

هل سيواصل الجيل الحالي قضيتنا وشيئاً فشيئاً يحفر أساس هذا الجدار؟