Blogger المدونة الرئيسية في
[ها هي أحلام المسلمين تتطاير كشعيرات نبات الطرخشقون في الهواء]
تتفق المعاجم العربية على أنَّ:
اهْتَشَّ: للأمر أو به: فرح به، طرب له؛ واهْتَشَّ: للأمر أو به: اشتهاه وتمناه - وهذا هو قصدي.
1.
هذا نوع من التفكير قائم، يمارسه صنف من الناس قديماً والآن، وكما يبدو فإن هذ الصنف من الناس سوف يمارسه غداً طالما كانوا عاجزين عن التفكير العقلاني السليم.
فالفكر الاهتشاشي (وهو مصطلح استخدمه هنا لغرض إجرائي لشرح آلية تفكير وفكر الكثير من المسلمين العلنيين والمستترين) هو الفكر الذي لا يستند في آلياته وفي استنباطاته والأحكام المنطقية التي يتوصل إليها إلى مقدمات حقيقية صادقة، بل مجرد رغائب و"اهتشاشات" محضة.
فالوقائع الموضوعية وتاريخ حصول هذه الوقائع لا تنسجم مع الطريقة التي يتم وصفها به.
2.
ولكي يتضح الأمر بما يكفي فإن مثال أو خرافة "حرية العقيدة في الإسلام" لهو مثال نموذجي وقياسي:
فالمسلمون "يعتقدون" بأن الإسلام لم يحارب ولا يحارب العقائد الأخرى. وهذا الاعتقاد كما هو واضح لا علاقة له بالتاريخ الفعلي للإسلام ولا بالتصورات المكشوفة لممثلي مراكز السلطة الإسلامية..
في الفتوى المسجلة على الفيديو (قناة fatwaksa) يقول صالح الفوزان (عضو هيئة كبار العلماء في السعودية عام 2009) رداً على سائل حول حرية الاعتقاد في الإسلام وآية " لا إكراه في الدين" تحت عنوان (في حكم قتل الكفار والمشركين واستباحة دمائهم إذا رفضوا الدخول الى الإسلام ومنع حرية الفكر والاعتقاد):
"هذا كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد. الإسلام جاء بمنع الشرك والكفر وقتال المشركين. فلو كان جاء بحرية الاعتقاد لما احتاج الناس إلى مجيء الرسل ونزول الكتب ولا احتاج الناس إلى جهاد والقتال في سبيل الله [...] الدين كله لله والذي يأبى أن يعبد الله يُقَاتَل ولا يُترك حتى يرجع إلى الدين أو يُقتل ...." إلخ
ملاحظة هامة: هذا الكلام في عام 2009 ميلادية!
إذن " هذا كذب على الله عز وجل. الإسلام لم يأت بحرية الاعتقاد".
3.
وما رأي الشيعة في موضوع "حرية العقيدة"؟
هنا سوف أعطي مثالاً من ممثل للتيار الذي يدعي "التحرر" من داخل الثقافة الشيعية وهو مرتضى مطهري:
يقول في كتابة "الحرية الفكرية":
"حيث اشتُرط في الإيمان الاعتقاد والالتزام القلبيّ فقد تميّز بعدّة خصائص:
أوّلاً: لا تؤثّر فيه القوّة ولا يتحقّق بالإكراه: يعتبر الإسلام أنّ الدِّين والإيمان هما بغاية الوضوح بحيث لا يُحتاج فيهما إلى الإكراه، قال تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ). فقد اتضحت الحقيقة واتضح طريق الهداية من طريق الضلال، وإذا لم يسلك شخص طريق الهداية فليس ذلك إلّا بسبب المرض"!!!
[الحرية الفكرية، مطهري، 2012، ص 19]
هذه هي "الحرية الفكرية" لصاحبنا الشيعي: وهي الإيمان بما يقوله محمد – فهو طريق الهداية. أما اختيار طريق آخر وهو معنى "عدم الإكراه" فإنه الضلال والمرض.
بكلمات أخرى: المختلف عنهم ليس مختلفاً عنهم فقط، بل مريضاً!
4.
وهذا ما يعرفه المسلمون أنفسهم وعن أنفسهم ولكنهم "يشتهون" و"يرغبون" بأن تكون الحقيقة شيئاً آخر أقل مدعاة للخجل.
وقد يقول البعض بأن هذا نوع من مغالطة " ملابس الملك الجديدة":
نوع من الوعي المزيف للذات. قد يصح هذا الوصف في بعض الجوانب لكن الفكر الاهتشاشي لا يستند إلى عنصر الوهم فقط، بل ويستند إلى عنصر متميز وهو الرغائب والأماني:
فالمسلمون على غرار العجوز التي قاربت التسعين وهي، مع ذلك، تلبس ملابس فتيات المدرسة وتتصرف كما يتصرفن هنَّ.
ثمة رغبة عارمة تعتمل في قلب العجوز أن ينظر الناس إليها باعتبارها فتاة في مقتبل العمر. غير أنها عجوز وستظل حتى مماتها عجوزاً!
وإذا لم يكن في يد المرأة العجوز غير قبول قانون الحياة والتكيف مع شروط العمر وآفات الزمن (فكلنا إلى الشيخوخة ذاهبون)، فإن الحلول لا تنعدم أمام المسلمين، إذا ما أرادوا حقاً هذه الحلول وتقبلوا نتائجها.
أنا شخصياً لا تعنيني حلولهم!
5.
إن المسلمين، ولا أشك في ذلك، يعون بأن عقيدتهم تصطدم وجهاً لوجه مع حقائق وضرورات - بل وحتى مع أخلاق العصر الذي نعيش فيه، وهم أمام خيارين لا ثالث لهما:
إما البقاء على ذات الحال، مرتلين التعويذة الأثيرة على قلوبهم: "ليس في الإمكان أحسن ما كان" – وهم يرون بأن "ما كان" لا يستجيب مطلقاً لهذا الزمان؛
وإما أن يغيروا عقائدهم انسجاماً مع العصر وقوانين التطور – أو بِلُغَة أخفَّ عليهم وأهون: إصلاح عقيدتهم [الذي لا يعنيني بل يعنيهم].
وفي الحالتين هُمْ أمام محنة:
فلا البقاء "على ما كان" يُلبي الحاجات التي يفرضها العصر على أنصارهم؛
ولا هم قادرون على التغير مع متطلبات العصر التي لا تقبل المساومة "واللعب على الحبلين"!
إنهم يلعبون في "الوقت الضائع"!