Blogger المدونة الرئيسية في
1.
ربما كان تعبير "الحرب الباردة" من أكثر التعابير التي تنطبق على الحرب الدائرة ما بين السنة والشيعة التي قد بلغ عمرها 14 قرناً ونيفاً [لأول مرة في حياتي أستخدم كلمة "نيف" وأعتقد أنها الأخيرة]. ومن يعرف السنة والشيعة جيداً فإنه سوف يتفق معي تماماً بأنَّها حرب لا يمكن إيقافها طالما كان للإسلام وجود.
غير أنَّ النفاق الإسلامي وأغراض التقية والمناورات السياسية الآنية ومقتضيات الحرب ضد "الأعداء المشتركين" لهما يدفعهم للتصريح بقول ما لا معنى له من قبيل أن الحرب ما بين السنة والشيعة هذا اتهام مغرض من معادين للإسلام يسعون إلى "تفريق الصفوف" و"انشقاق الأمة" ونشر "الفرقة" وإلى آخره .. وهَلُّمَ جَرَّا .. وهكذا دواليك!
2.
ومن موضوعات "الخلاف!" التي لا يمكن تذليلها والتي استدعتها الظروف التاريخية السياسية ومساعي الانفراد بالسلطة الدينية هي وراثة محمد:
من هو الوريث "الشرعي" لمحمد؟
السنة أم الشيعية؟
بل هل كان محمد سنياً أم شيعياً؟
3.
من الألعاب اللاهوتية الشيعية [وأعترف بأنها لعبة جيدة الصنع] والتي تختفي قليلاً أو كثيراً خلف المنطق اللاهوتي هو أن "التشيع" عقيدة أهل البيت.
يبدو هذا التوصيف وكأنه بريئاً ولكنحين ننتبه إلى أن "أهل البيت" يشمل أو يبدأ بـ"بيت" محمد فإن العقيدة الشيعية هو "إسلام" أصيل و"متواتر" ومتسلسل داخل العائلة المقدسة "البيت" من محمد حتى آخر معصوم [الإمام الثاني عشر الذي ما كان له أي وجود تاريخي].
وهكذا يتحول التشيع لـ"أهل البيت" إلى عقيدة إسلامية "أصيلة" للشيعة ولكن يؤمن بها أيضاً "الآخرون"؛ وإن هؤلاء "الآخرين" هم الذين انحرفوا عن عقيدة "أهل البيت" – أي الإسلام.
ولهذا فإنَّ محمداً شيعي العقيدة أو إن "التشيع" لـ"أهل البيت" هي عقيدة محمدية من حيث الأصل.
هنا سوف أتجاهل "الأدلة العلمية" للشيعة على مصداقية ما يقولون لأنها أولاً محض هراء، ولأنها ليس موضوعي الآن ثانياً.
إذن:
محمدٌ شيعيٌّ!
4.
غير أنَّ للسنة صياغتها المختلفة لتاريخ الإسلام التي ترفض العقائد الشيعية جملة وتفصيلاً باعتبارها هرطقة وانحراف عن "السراط المستقيم". بل أنَّ السلفيين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم ينظرون إلى العقيدة الشيعية المتعلقة بـتقديس "أهل البيت" باعتباره شركاً من عمل الشيطان. وهذا ما دعا الوهابية "منذ نعومة أظافرها" إلى أن تشن حرباً شعواء [هي في الحق حرب تدميرية] ضد الشيعة ومدنهم في العراق وأينما استطاعوا الوصول إليهم.
فالإسلام هو الإسلام السني الأصيل؛
5.
لكن العلاقة السنية – المحمدية لها وجه آخر:
فبموقف السنة التقديسي إزاء أبي بكر وعمر وعثمان (ثم يضيفون علياً تقية أو درءاً للشبهات باعتباره رابع الخلفاء "الراشدين!"] قاموا بصناعة هالة مزيفة حولهم يجعل من "إسلامهم" – أقصد الخلفاء الراشدين نموذجاً للمسلمين وعلاقتهم بمحمد نموذجاً للعلاقة بالإسلام. إنهم "روح" الصحابة
وبالتالي ولأنَّ إسلام أبي بكر وعمر وعثمان هو الإسلام المحمدي "الأصيل" فإن محمداً سنياً من حيث الأصول كما أنه هو الذي أرسى قواعد السنة الصحيحة شخصياً – أليس "السنة" كما يقولون هي سنة محمد؟!
إذن:
محمدٌ سنيٌّ!
6.
ولا يشترك السنة والشيعة في هذا المزاد المفتوح [open auction] أحد غير الإسماعيليين.
فهؤلاء أصحاب الفرقة التي ظهرت من الخرافات والأساطير المصنوعة "مع سبق الإصرار والترصد" قد قاموا بصناعة خرافات لا يبزهم بها أحد. بل هم "بَزُّوا" الجميع: في الماضي والحاضر.
لماذا؟
أولاً:
لأنَّ لهم "قريانهم" الخاص الذي لا علاقة له بأي "قريان" آخر. بل أنَّهم سرقوا "قريان" السنة والشيعة وأغلقوا عليه الأبواب والنوافذ بالشمع الأحمر .
فهم، وخلافاً للشيعة الذين رغم أنهم لم يتوانوا عن عمليات التأويل بين فترة وأخرى لكنهم لم يكفوا حتى الآن عن فكرة القريان المحرف، قررت الإسماعيلية ألا تحريف في كتاب محمد. لكنهم وضعوا فيه كل ما يسعون إليه بصورة شاملة واختلقوا أصغر التفاصيل التي يرغبون فيها عن طريق خرافة:
التأويل الباطني.
والتأويل الباطني هو عبارة عن "سمك لبن تمر هندي". إذ ليس ثمة أي نوع من العلاقات ما بين النص والتأويل وقد قلبوا اللغة العربية رأساً على عقب واحتقروا المنطق السليم والدلالات الممكنة للغة العربية.
ثانياً:
صنعت الإسماعيلية "تاريخاً" إسلامياً بالمعنى الحرفي لكلمة "صنعوا" وجعلوا محمداً جزءاً من هذا التاريخ. وكما كتبتُ في مقالاتي عن الإسماعيلية افإن تاريخ "الأئمة" هو "تاريخ البشرية" كما يخرَّف الكاتب الإسماعيلي (من القرن العشرين!) مصطفى غالب!
ويقول:
"وبالحقيقة فَقَدْ يُستدلُ من المؤلفات الإسماعيلية التي بين أيدينا ومن شجرة نسب الأئمة الإسماعيلية التي حصلنا عليها من بيت الدعوة الإسماعيلية بأن الإسماعيليين ينظرون لدعوتهم نظرة تعطي الدليل على أنها قديمة وقد رافقت الكون منذ نشأته الأولى"!!![تاريخ الدعوة الإسلامية، مصطفى غالب، دمشق 1953، ص 28]
بل أنَّ آدم تمَّ طرده من الجنة كونه أفشى أسرار الدعوة الإسماعيلية!!! [مصطفى غالب 1953].
[فاصل. تصفيق حاد ومستمر]
7.
ولأنَّ إسماعيل "الوهمي هذا" هو حفيد محمد فإن الإسماعيلية التي سبقت دعوة جدهم بـ "..." [كما هو عمر آدم في عام 610 مثلاً؟] هي الإسلام الحقيقي الذي واصل رسالة جدهم "الأصلية".
ولهذا يحلو لي أن أقول هنا كما قلت في حالة السنة والشيعة:
إذن:
محمد إسماعيليٌّ
طبعاً هم لا يجرؤون على قول هذا مثلما لا يجرأ السنة والشيعة علناً لكنهم يمتلكون من الحماقة ما يكفي لكي يقولون أنهم الطائفة الناجية وهم الأمناء على ميراث محمد. أما الآخرون، اللعنة عليهم جميعاً، فقد حرفوا الدين وفسروا كتاب محمد كما يحلو لهم بتواطؤ مع العباسيين [واحدة من عقد الإسماعيلية التاريخية هم العباسيون] وإنهم يمتلكون مفتاح المعارف الباطنية والدلالات الآخروية .... وهكذا حتى يوم الدين!
8.
هنا أصل إلى نقطة النهاية.
وكل نقطة نهاية عندما يتعلق الأمر بالإسلام وخرافاته فإنها تكاد تكون نهاية ناقصة تتطلب المزيد لكي تكتمل وهكذا. فالتاريخ الإسلامي الحقيقي هو تاريخ عمليات متواصلة من التبرير والتفسير والتأويل والترقيع, ولأن كل هذا العمليات قد حدثت بدون تنسيق فإن القارئ من الممكن أن يجد عشرات الصيغ، وعشرات الاحتمالات، وعشرات "والله أعلم" وعشرات سلاسل الإسناد المتواترة وغير المتواترة.
إنه جحيم القارئ الذي يبحث عن الحقيقة.