محمد [21]: علقوا السوط حيث يراه أهل البيت!
[ العصا لمن عصا!]
مقدمة1:
منْ أحاديث محمد:
"علقوا السوط حيث يراه أهل البيت"![*]
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الرسول صلى الله عليه و سلم قال : «علقوا السوط حيث يراه أهل البيت ، فإنه أدب لهم» .
مقدمة2:
الناس تسير وراء من يرون فيه قدوة ومثال.
فإن أخطأ أخطأوا؛
وإن قتلَ قتلوا؛
وإن شتم شتموا؛
وهذا ما حدث في التاريخ:
فقد أخطأ المسلمون ولا يزالون يخطئون من غير أن يعتذروا؛
ولا يزالون يقتلون من غير تأنيب ضمير؛
ولا يزالون يضربون الناس بالسياط، ويرجمون نساء أشرفَ منهم بالحجارة، ويعلقون بالرافعات كلَّ مَنْ له اعتراض.
ولا يزالون يشتمون – ليل نهار- كلَّ من خالفهم، وعارضهم، وكشف عن زيفهم، وأثبت جرائمهم، وتحقق من تناقضاتهم، ودلل بالوثائق على تهافتهم . . .
ولهم في كل ذلك مثال يُحتذى:
"علقوا السوط حيث يراه أهل البيت"!
ثقافة الكتاتيب الإسلامية: ثقافة العصا لمن عصا
1.
لا أتحدث عن الكتاتيب وتاريخها؛ ولا أتحدث عمن تخرجوا منها وتتلمذوا على أيدي شيوخها؛ ولا أتحدث عن كونها المعادل الموضوعي المضاد لمدارس الحضارة المعاصرة أينما كانت؛ ولن أتحدث عن مظلومية الأطفال فيها والقسوة المتوحشة لشيوخها فهذا أمر لا تكفيني مئات الصفحات. . .
لا أتحدث عن كل هذا رغم أهميته وضرورة الحديث عنه- فالكتاتيب ليست تاريخاً مضى ولم يعد بل لا يزال حاضراً يطوق أطفال القرى العربية ومدنها النائية.
لا أتحدث عنها لأن الوقت لا يكفي والمشاغل لا تترك للمرء متسعاً للتأمل والكتابة.
2.
بل لا أريد حتى التحدث عن ثقافة الكتاتيب وعن غسيل الدماغ الذي يتعرض له الأطفال.
موضوعي هو ثقافة الكتاتيب في عقول مَنْ شبَّ من هؤلاء الأطفال ولم يعد معذوراً – فإذا هو في الشرع "مكلفٌ" يتحمل مسؤولية ما يقوله ويقوم به، فهو في القوانين المدنية المعاصرة بالغ الرشد خاضع لأحكام القانون على ما يرتكبه من الجرائم المنصوص عليها فيها.
3.
إن ثقافة العصا لا تصنع إلا جلادين (سواء كان بطربوش أو عمامة بيضاء أو سوداء أو بربطة عنق من المحلات الصينية بخمسين سنتاً!) وهو عاجلاً أم آجلاً سيسقط في الفخ!
ثقافة العصا هي في صميم الثقافة الإسلامية:
في البيت، وفي المدرسة، وفي الشارع، ووسائل الإعلام!
فالصبيان "بلا أدب" إذا قرروا أن يمتلكوا زمام عقولهم وأن يرموا بخرافات القرون إلى سلة المهملات،
والمرأة "تشق عصا الطاعة" إذا بحثت عن حريتها!
فللطاعة عصا – وموضوع الطاعة هي المرأة وللمرأة العصا، إن تمردت ضُربت وأُهِينت!
والرجل "يشق عصا الطاعة" إذا تمرد على الجماعة المقدسة!
وعقوبة التمرد هو القتل!
4.
شاهدوا البرامج التلفزيونية في الفضائيات التي يستضيفون فيها رجال الكهنوت - سنة وشيعة وستشاهدون كيف يلوحون بسباباتهم تهديداً. إنها إيماءة معبرة تتكرر دائماً.
إنهم يقعون في نفق من الغيظ لا مخرج منه عندما يتعلق الحديث بموقف الشباب من الدين. ولكن عندما يتم ذكر الإلحاد (إذ لم تعد هذه الكلمة "تابو") يشرع صاحب الطربوش أو العمامة بالاستعاذة بربه مستغفراً مولولاً محوقلاً ثم ينخرط بالشتائم الصريحة أو المبطنة وفي طريقه لا يقتصد ببعض التهديدات للتطبيق هنا أو في الآخرة!
5
" علقوا السوط حيث يراه أهل البيت"!
هذا هو الشعار الذي يحلمون في وجوده في كل بيت – بل وفي كل مدرسة!
فهو إرث محمدي وعليهم تطبيقه في علاقتهم مع عوائلهم وأطفالهم. بل إنه يخرج من حدود البيت متغلغلاً في جميع مرافق الحياة اليومية، ولم يستثنِ حتى المدرسة.
إنهم أوفياء للسلف، وخونة للحاضر، سائرين على تقاليد الحجاج بن يوسف الثقفي الذي حوَّل فكرة القمع والإرهاب إلى أدبٍ بليغ:
" إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها، وإني لصاحبها، وإني لأرى الدم يترقرق بين العمائم واللحى "!
6.
موضوعي، إذاً، هو ثقافة الكتاتيب في عقول مَنْ شبَّ من هؤلاء الأطفال ولم يعد معذوراً – فإذا هو في الشرع مكلفٌ يتحمل مسؤولية ما يقوله ويقوم به، فهو في القوانين المدنية المعاصرة بالغ الرشد خاضع لأحكام القانون على ما يرتكبه من الجرائم المنصوص عليها فيها.
موضوعي هو خريجو الكتاتيب الإسلامية الذين يحلمون بمهنة الجلاد، أو حارس في أحد السجون، أو سائق رافعة لإعدام المعارضين – ولا بأس أن يجرب الكتابة المربكة والشخابيط في المنتديات واللغة المفككة والأفكار المقرفة لعله يرضي مرؤوسيه ويمنحوه الثقة كجلاد.
7.
ها هو إنتاج كتاتيب القمع والعنف والذل المنتشرة في جميع أنحاء مملكة الظلام: من المحيط الأطلسي إلى الجحيم العربي (أو الفارسي لا فرق – لا يساوي اسم الخليج عندي سنتاً واحداً)!
إنهم أعضاء في حكومات عربية،
و"أساتذة!" جامعات؛
و"صحفيون!"، ومقدمو برامج ثقافية"!"؛
ومدونون، وكتبة سطور مفككة؛
إنهم في كل مكان؛
بل لا بد وأن يكون منهم من يكتب قوانين القمع وملاحقة الحريات!
إنهم يكرهون المعرفة الواقعية،
ويكرهون الحرية،
إنهم خريجي الكتاتيب الإسلامية!
[*] المعجم الكبير للطبراني ج10، حديث 10669، الناشر: مكتبة ابن تيمية، بدون تاريخ]