Blogger المدونة الرئيسية في
1.
لابدَّ وأنني أكرر الآن ما كنت قد قلته في مواضيع سابقة. لكنني على استعداد لتكراره من جديد عشرات المرات لعلَّ المسلمين يدركون بعض الحقائق عن أنفسهم وعنِّا [نحن جماعة اللادينيين والملحدين الحقيقيين _ وليس مَنْ يسمي نفسه ملحداً]، لا نهتم بالإسلام والمسلمين وبمحمد وربه والصحابة والتابعين والأئمة المعصومين والماضين من المسلمين والقادمين لو أنهم تصرفوا بدينهم وبمحمدهم كما يتصرف هواة جمع الطوابع مثلاً!
2.
فهاوي جمع الطوابع، ومهما كان متحمساً لهوايته ومقدساً لاهتمامه بها ومبجلاً للطوابع النادرة وتاريخ صدورها وقيمتها الفنية، فإنه يفعل كل هذا وأشياء كثيرة غيرها بصمت وهدوء في مكتبه لا يشغل أحداً آخر غير نفسه ولا يحمَّل الآخرين تبعات هوسه بهوايته. بل أنه ومهما كان مهوساً بهوايته هذه، ومهما كان مبالغاً بأهميتها فإنه لا يشغل الآخرين بانشغاله بها.
وثمة أمر أكبر من كل هذا وأهم:
إنهم [أقصد هواة جمع الطوابع وليس المسلمين!] لا يفرضون على الآخرين هوسهم ولا يطلبون منهم أن يفكروا بما يفكرون أو أن يسعوا إلى ما يسعون. ويمكن الذهاب إلى أبعد من هذا:
فهواة جمع الطوابع لا يطالبون بأن يكون لهم في الدولة حق متميز على حق الآخرين أو أن يذهب بهم الهوس إلى حد يطالبون فيه أن يحمل علم الدولة شعاراً يتعلق بهواة جمع الطوابع، أو أن يطالبون بأن يتضمن الدستور مادة تقول: إن هواية جمع الطوابع هي هواية الدولة!
3.
وهذا، ربما، هو الشيء الذي يجعلنا نتعاطف معهم ونقبل الاستماع إليهم يحدثونا عن هوايتهم، وقد نهديهم في مناسبة ما طوابع بريدية طريفة ونادرة وقعت في حوزتنا عن طريق الصدفة أو طوابع بريدية على رسالة وصلتنا من صديق من دولة نائية.
وهذا ما يتعلق أيضاً بهواة الموسيقى والرسم وجمع القطع النقدية النادرة وجمع الأقداح الفخارية من مختلف بقاع العالم وهواة القطط والكلاب وغيرهم الكثير.
فكل هذه الهوايات هي قضية تخص الهواة أنفسهم ولا "يفلقون" رؤوسنا ليل نهار بالحديث عن هواياتهم ولا يزعقون في محطات الإذاعة والتلفزيون والثلاجات والغسالات الأوتوماتيكية طول فترة البث اليومي بأن:
- لا هُوايةَ إلا هُوايتهم؛
- ولا هُواةَ إلا هُمْ؛
- ولا ألبومَ إلا ألبوهم!
4.
بيد أن المسلمين، والمسلمين وحدهم، وهذا هو "طالعنا النحس"، يقومون بكل ما لا يقوم به هواة جمع الطوابع وغيرهم من الهواة!
إنهم "هواة" خضعوا لــ"هوايتهم"، التي خرجت من "قمقمها" واستعبدتهم وجعلت منهم قطعاً من الورق المقصوص على شكل رجال ونساء!
لقد أصبح "الهاويُ" هوايةً، و"الهوايةُ" استحالت إلى هاوٍ. وهذا هو مصدر الأزمة الدينية:
يصنع البشر، في وضح النهار أو في غياهب الليل، رباً ليعلقوا عليه خرافاتهم وفي غفلة من التاريخ ومن أنفسهم يصدقون بأن ما صنعوه هو حقيقة عُليا فيخرُّون ساجدين، مهللين،" مبسملين"، "محوقلين" مرتجفين خوفاً من جبروت ما صنعت أيديهم!
5.
ولم يكنفوا بذلك ولن يكتفوا!
فقد قرروا نشر خرافتهم على الآخرين وفرضها عليهم بقوة السلاح وسلاح القوة. ثم صنعوا شرائع وأنظمة وبنوا سجوناً ومشانق (هناك من استخدم الرافعات لهذا الغرض) أو صنعوا سيوفاً لقطع الرقاب ووفروا الحجر "معبودهم" لرجم النساء الذليلات من زمانهم وتفننوا بوسائل قطع الأرزاق، وسدوا بوابات الحدود أمام "المارقين" وغزوا مدارس الأطفال لتشويه وعيهم منذ خطواتهم الأولى حتى يرون فيما بعد العالمَ مقلوباً رأساً على عقب!
لقد صنعوا بقوة العقيدة زمناً متوحشاً لا مثيل له!
6.
ولم يكتفوا بذلك ولن يكتفوا!
فإن أمة محمد، وقد قرروا أن تكون "خير أمة أخرجت! " لقمع الناس، لم تكتف باضطهاد ذات الأمة بل أخذت تشن حروبها على الناس الآمنين [نفس الناس الذين يأوون لاجئيهم – اللاجئين المسلمين!] وبدأت عبوات المتفجرات والرشاشات الأتوماتيكية تعصف بحياة الأطفال والنساء وجميع الأبرياء وتدمر جهود العالم الثقافية والمدنية التي بنوها بالعمل المثابر والتفكير.
وَهُمْ مثلما صنعوا أربابهم صنعوا أعداء "وهميين" أطلقوا عليهم مختلف المسميات والصفات محرضين جحافلهم عليهم في المدارس والجامعات وعبر الإذاعات ومحطات الأقمار الصناعية [التي اشتروها بأموال لم يجهدوا أنفسهم في كسبها والمتجارة مع مَنْ سموهم أعداء الإسلام!].
أشياء أخرى:
المسلم كالمسافر في محطة قطار نائية ينتظر قطاراً لن يأتي أبداً. أما البشر "الآخرون" فتراهم مسرعين باتجاه قطاراتهم التي تصل في المواعيد المحددة حاملين معهم متاعهم ومشاغلهم الحياتية وأهدافهم الواقعية.
وعندما يحل المساء ويمر آخر قطار واقعي يبقى المسلم وحده في محطة القطار في انتظار القطار الذي لن يأتي أبداً.