محمد [13]: وثنيته
1.
انطلاقاً من آليات الثقافة المتخيلة الإسلامية فإنَّ المسلمين قد "ألْبَسُوا" محمداً رداء الاصطفاء الرباني الأزلي. وبمرور الزمن والتكرار الكابوسي تحول هذا "المخيال" كعادة جميع الخرافات المُكَرَّرَة على مسامعهم آلاف المرات إلى عقيدة راسخة.
2.
فمثلما تحول الإسلام إلى دين "الله" الوحيد الأوحد الذي لا دين مقبولاً غيره؛ وإنَّ "تاريخ" الإسلام يبدأ من الطين – أقصد من آدم، فإنَّ "نبوة" محمد هي الأخرى مقررة منذ الأزل وإنَّ محمداً هو نبي مصطفى من قبل حتى أن يولد ولم يكن في يوم ما وثنياً قبل أن يكلمه "الملك!". فـ"الوثنية" تتعارض مع الاصطفاء الرباني الذي تخيلوه.
لقد ولد هذا الـ"المحمد" الفريد مسلماً، عابداً الله، لم يشرك به أحداً ولم يحنِ رأسه للأوثان ولم يذبح الأضحية لها، ولم يأكل منها ولم.. ولم إلخ!
إنه "نبي" فريدٌ متفردٌ عجيبٌ "ليس كمثله" نبي من الأنبياء!
3.
وكل هذا تخريف في تخريف بينُ وجليٌّ وهو في أحسن الأحوال تَخَيِّلٌ لا يخرج عن إطار أحلام اليقظة.
ولأنَّ الثرثار ينسى أخيراً ما قال في البداية – والسيرة الأدبية الإسلامية أكبر مادة للثرثرة في التاريخ، فهم في نهاية المطاف ينسون تماماً ما كتبوه حالما تأخذ بهم صناعةُ الكلام وفبركة المعجزات إلى موضوع آخر!
4.
واختصاراً للبحث فإنني سأستعير هنا بضع صفحات من كتاب "نبوة محمد التاريخ والصناعة: مدخل لقراءة نقدية" [وقد سبق لي وأن وفرته في سلسلة "اخترت لكم"]:
في هذه الصفحات محاكمة لما تقوله السيرة الإسلامية نفسها عن وثنية محمد:
[أنظر الملحق في نهاية الموضوع]
5.
فاعتراف محمد في سورة الضحى "ووجدك ضالاً فهدى" لا يعني غير ضلال وثنيته [من وجهة نظر محمد التائب] التي يعلق عليها السِّدي في شرحه لها بأنه كان على دين قومه أربعين عاماً!
وهذا أمر في غاية الوضوح ولا يمكن "الإفلات" منه إلا على طريقة التفسير الباطني – أي احتقار اللغة واختلاق المعاني.
فـ"محمد" هذا كان وثنياً منذ ولادته حتى اليوم الذي قرر فيه أنْ يكون "نبياً"!
وإذا ما نظرنا إلى الوجه الآخر لهذه الصورة فإنَّ محمداً قد عبد الأصنام فترة زمنية تجاوزت فترة عبادة الأصنام للآلاف من "كفار" قريش والقبائل الأخرى الذين ولدوا من بعده!
6.
وإذا ما تجردنا عن جميع الأدلة التي تقول بوثنيته وعبادته للأصنام فإنَّ دليل المنطق لا يسمح لنا الإفلات من هذه الحقيقة.
ففي الفترة التاريخية الواقعية (وليس العالم الخرافي الذي صنعته السيرة الأدبية الإسلامية) التي عاش فيها محمد لا يمكن إلا أن تصح عليها القاعدة التي تقول: الناس على دين آبائهم؟
وصحتها الاستثنائية في مثل تلك الظروف تحددها مستويات التطور الثقافي والاجتماعي والعلمي وغياب التعليم الذي يكاد يكون تاماً في الكثير من بقاع الجزيرة العربية [هذا أحد الأوجه التي تطرحه السيرة الأدبية الإسلامية]، وكما يقول المسلمون أنفسهم بأن محمداً لم يقرأ نصاً في حياته.
وإنْ كان محمد وثنياً (وقد كان وثنياً) فإنه أمر طبيعي ومنطقي لا ريب فيه!
7.
وهكذا لم يتبق للمسلمين غير الخيال والأماني والأحلام. فهل سيعيد المسلم النظر في أوهامه؟
آناً آخر من ينتظر مثل هذا الأمر.
فالذين تحول الدين عندهم إلى هوس مَرَضِيٍّ فإنَّ الحقائق والوقائع تزيدهم تعنتاً وكراهية ورفضاً لهذا الحقائق والوقائع.
أما تلك الطائفة من المسلمين الذين يصارعون عالم الخرافة ويسعون إلى الحفاظ على منطق التفكير النقدي فإنهم عاجلاً أم آجلاً سيكتشفون بالطريق الصعبة الحقائق والوقائع المتعلقة بتاريخ الإسلام الفعلي بأنفسهم قبل أن يتخلون عن الإسلام نهائياً.
وقد خطى في الماضي مئات الآلاف المسلمين هذه الخطوة.