Blogger المدونة الرئيسية في
1.
يحتفل بعض المسلمين [الشيعة مثلاً] بـ"مولد" محمد بينما يرفضه البعض الآخر مثل السنة[والسنة السلفيين بشكل خاص – لا أعرف بالضبط من هو السلفي!] باعتباره أمراً محدثاً وكل محدث ومحدثة بدعة وإنَّ كلَّ بدعة ضلالة.
وإذ لا يهمني من هو الضال ومن هو المهتدي [فهذا موضوع لا يختلف عن الرقم "6" الذي يمكن أن يقرأ من الجهة الأخرى كرقم "9"] فإنه لم يتبق غير مشكلة تاريخ الولادة.
2.
غير أنها مشكلة أكثر تعقيداً وتشابكاً - بل هي مشكلة أكثر تعقيداً حتى من "الحكم الفقهي" المتعلق بالسؤال "هل الاحتفال بمولد محمد بدعة أم لا؟". فـ"البدعة" و"السنة" لا تتعديان وجهة النظر – وفي الكثير من الأحيان وجهة نظر مؤقتة.
3.
فالمشكلة الحقيقية التي يتجاهلها المسلمون تتعلق بتاريخ ولادة محمد بالذات – إنْ ولد حقاً!
ولا أعني بـ"تاريخ الولادة" قضية "تاريخ" اليوم الذي يتنازع عليه السنة والشيعة فيما إذا كان في الثاني عشر أم في السابع عشر من ربيع الأول [أو أي ربيع آخر]..
4.
فهذه هي الأخرى مشكلة تافهة.
إذ أنها لا تعكس غير تعبير عن روح الخلاف المستشري في أوصال الطائفتين "السنة" و"الشيعة" وسعي كل منهما إلى أنْ تكون هي صاحبة القول الفصل.
فكما يبدو أنَّ اتفاق السنة والشيعة على شيء يقوض جميع الاختلافات المصطنعة بينهم.
5.
إنَّ ما أعنيه، وما هو أكثر أهمية، هو أسطورتين:
الأولى هي ولادة محمد [ محمد الذي تتحدث عنه السيرة الأدبية الإسلامية] في عام الفيل!
فهذا الإصرار الخرافي على وجود عامٍ يتعلق بـ"فيل" ما يطرح مشكلة خطيرة وهي:
ماذا سيحدث، يا تُرى، لهذه "الولادة" وقد ظهر بالأدلة التاريخية بأنَّ لا وجود لـ"فيل ولا طير أبابيل"؟ فالوثائق التاريخية [ولم يعد أحد لا يعرفها] التي لا تقبل التأويل هي الألواح الحجرية التي تنفي نفياً قاطعاً الأسطورة الإسلامية: هجوم أبرهة على مكة!
6.
فكما سوف أتطرق إلى هذه القضية بشيء من التفصيل في موضوع [أسطورة الفيل والطير الأبابيل والكلام من غير دليل] لا توجد أية أدلة على ما يدعيه محمد وما سعت السيرة الأدبية الإسلامية إلى منحه "تفصيلات" أكثر أسطورية يحسدهم عليها روائيو اليوم بخصوص "غزو " ما بـ"فيل " ما وهطول وابل من "سجيل" ما من" طير أبابيل ما"!
بل أن فنَّ صناعة الأساطير الإسلامية قد حشرت ابرهة الحبشي [أو أياً كان] في وسط أسطورة محمد.
لا يزال مسلمو الإنترنت [وهم طائفة جديدة من السنة والشيعة يتميزون بغياب المواهب غير نشر السخافات والأساطير والكثير من الأكاذيب] يواصلون تقاليد أسلافهم بالحديث عن "الطير الأبابيل" واختلاق القصص الكاذبة عن طيور تحمل "أحجاراً" - وهو البرهان على أساطير القرآن!
كما أنهم يتبارون في اقتباس الغرائب من نبيهم وأصحابه عن "الطير الأبابيل" التي يصفها نبيهم بأنها "طير بين السماء والأرض تعشش وتفرخ". أما ابن عباس، وكالعادة يتبارى مع ابن عمه بتأليف الغرائب والعجائب فيرى أن لها "خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب".
لكن المخرِّف الآخر عكرمة، فيرى بأنها كانت طيراً خضراً خرجت من البحر لها رؤوس كرؤوس السباع ولم تر قبل ذلك ولا بعده!
7.
وإذا ما قد انطلت هذه الأساطير على الناس في الأيام الغابرة فإنها لن تنطلي على الناس في عصور العلم والاكتشافات [أقصد بالناس هنا من خارج الملايين من المسلمين السذج].
فقد تم العثور على أدلة تاريخية أثرية تشير إلى أنَّ الغزوات التي شنها أبرهة على القبائل العربية المحاذية لليمن قد حدثت بحدود عام 662 من التقويم السبئي – عام 552 ميلادية. ولم يقترب أبرهة الحبشي [أو أياً كان هذا الحبشي أو اليمني] من مكة الحالية أقل من مئات الكيلومترات. وهذا ما يكشف عنه النقش الحجري الذي عثر عليه عام 1951 من قبل البعثة الاستكشافية الثلاثية بقيادة ركمانز.
8.
وحين سقط "الفيل والطير الأبابيل" وكل ما يتعلق بهما من "سجيل" من الحساب فإن “عام الفيل" هو الآخر قد سقط إلى الأبد. ولهذا فإن ولادة "محمد" هي الأخرى قد سقطت!
فمتى قد ولد محمد – إنْ ولد؟!
الجواب المنطقي:
بالتأكيد في "عام ما"؟
حسناً:
ولكن ما هذا "العام" بأدلة لا تقبل الشك ولا النقاش؟
[ملاحظة: قال فلان لعلتان وقال علتان لأم غسان التي قالت لفلان بن فلان هي نُكات إسلامية سمجة وليس أدلة]
الجواب:
لا يوجد!
9.
ولنعود إلى من حيث بدأنا:
ولنأخذ الأمور كما يحلو لصناع الأساطير الإسلامية:
متى ولد صاحبهم؟
ورغم كل التنازلات وقبول الأساطير فإنهم لا يزالون لا يعرفون التاريخ بـ"دقة" رغم أنَّ محمداً حين ولد قد انقلبت الدنيا ولم تقعد!
فالسُّنة ولأمر ما "قرروا" أن يكون محمد قد ولد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول. أما الشيعة فقد "وقع اختيارهم" على السابع عشر من شهر ربيع الأول.
وعلى المرء أن يقبل هذه الدرجة من التفاوت في عملية "التأرخة" عندما يتعلق الأمر بكليب بن حسان بن شرحبيل الأزدي [الحق أنني لا أعرف من هذا الكليب فهو اسم مصطنع]. فهو تاريخ "غفل" لا دليل عليه غير قال فلتان نقلاً عن علتان.
ولو قال فلتان عن علتان بأن كليب بن حسان بن شرحبيل الأزدي قد ولد في عام الكنغر فإن الجميع سوف يصدقون "الخبر" ويتبرعون بصناعة قصة عن الكنغر الذي شرب الماء من "بئر زمزم"!
ولكن عندما يتعلق الأمر بـ" سيد الأولين والآخرين والملائكة المقربين والخلائق أجمعين وحبيب رب العالمين" كما يصفه ابن حجر، فإن الأمر يتحول إلى نكتة.
فمتى ما كان تاريخ نوح عند المسلمين معروفاً فمن الأولى أن يكون تاريخ "سيد الأولين والآخرين" معروفاً أيضاً!
10.
ولكن لا أحد يعرف متى ولد "سيد الأولين والآخرين" مثلما لا أحد يعرف متى ولد "كليب بن حسان بن شرحبيل الأزدي" أيضاً. فكلا الولادتين كانتا ستبقى مجرد افتراض.
وإن ما يجعل المشكلة تعلن عن نفسها بصوت عال، وإذا ما أصروا على أنه كان هناك "محمد" ما ولد في "عام فيل ما" أو "عام كنغر ما" [لا فرق] فإن عليهم التخلص من الحقيقة التالية:
لا وجود لاسم "محمد" لا في مكة – ولا في المدينة من حيث المبدأ قبل ظهور التاريخ الأدبي المحمدي. فهذا الاسم لم يظهر إلا في زمن بعيد جداً عن "التاريخ" المفترض لظهور محمد "السيرة الأدبية الإسلامية" [وهذا ما موضوع سوف أتطرق إليه بشكل خاص في حلقة منفصلة].
11.
ومع ذلك؛
وعلى الرغم من كل هذه الأساطير؛
وبغض النظر عن هذا وذاك ...
هل ولد محمد؟
هذا ما سوف نراه قي الجزء الثاني من هذا الموضوع.
[النقش الحجري الذي عثر عليه عام 1951]