نظام الملالي: لابد من إنشاء محکمة دولية إسلامية لمواجهة الإساءة للقرآن
فحوى القضية باختصار:
[قال رئیس منظمة تعبئة القانونیین في ایران "سهراب أنباركي" إن الإساءة للقرآن الکریم تعني الإساءة إلی أرقی وثیقة حقوق الإنسان في العالم مطالباً بإنشاء محکمة دولیة إسلامیة لمواجهة الاسلاموفوبیا]
1.
لابدّ من إنشاء محکمة دولية إسلامية لمواجهة الإساءة للقرآن:
وأخيراً يضع اللاهوت الإسلامي الأمور في نصابها!
فقد انتظرتُ طويلاً – وطويلاً جداً – أنْ يتم التصريح عن تصورات وأيدولوجيا محاكم التفتيش المضمرة ولم يخب ظني بهم [مثلما لم يخب ظني بهم قطُّ].
[ملاحظة هامة جداً:
لقد سبق لي أن قررت بأنني لن أستخدم صفة "المتطرف" مع كلمات مثل اللاهوت والإسلام والمسلمين. فالمسلم الحقيقي متطرف سواء كان رجل لاهوت أو من جهلة الجوامع والحسينيات الشيعية]
2.
إنَّ الكهنوت الإسلامي [سنةً وشيعةً] كانوا ولا يزالون أمينين على أهدافهم الدينية – ولأكون دقيقاً بما يكفي من الدقة على هدفهم الأوحد: "قطع دابر" أي نوع من المعارضة، وأي نوع من الاختلاف، وتصفية أصوات النقد بأي طريقة وليس أقلها أهمية: تشكيل محكمة دولية شاملة تصدر قرار القتل والملاحقة ضد أي نوع من النقد المضاد لعقائدهم مهما كان وفي أي مكان.
وهذا يعني تأسيس قوات أمنية [عسكرية أو مدنية] تقوم بتنفيذ قرارات المحكمة الإسلامية الدولية!
فما جدوى من محاكم التفتيش إذا لم تتوفر على قوات مراقبة ودوريات دولية وشرطة وعساكر التدخل السريع عبر الحدود؟!
3.
فهل هذا يكفي؟
أشك.
فكما كانت الدول الإسلامية النفطية [وتركيا] تسعى في الماضي لاستصدار قرارات جنائية من قبل الدول الأوربية ضد محاولات نقد الإسلام بحجة الاعتداء على "المقدسات" الدينية فإنها سوف تواصل هذه المساعي. وإذا ما فشلت هذه المساعي حتى الآن – فموقف دول الاتحاد الأوربي الحالي يتضمن التصور التالي: إن القوانين الأوربية الحالية تتضمن بما يكفي للدفاع عن العقائد الدينية [والعقائد اللادينية على حد سواء] من جهة، وإن السلطة القضائية للدول الأوربية هي التي تحدد فيما إذا كان النقد الموجه ضد الأديان في إطار مبدأ حرية الرأي أم لا، فإنها سوف تواصل هذه المساعي.
وقد مارست تركيا، ولا تزال تمارس، الضغوط القذرة ضد السويد والدنمارك بسبب رغبتهما في الانضمام إلى حلف الناتو للدفاع عن استقلال بلديهما من الخطر الروسي. إذ لا يمكن قبول عضوية أية دولة في الناتو إذا ما استخدمت إحدى الدول الأعضاء حق "الفيتو". فتركيا التي تخرق يومياً جميع قوانين الأرض المتعلقة بالحقوق المدنية تطالب السويد والدنمارك بإصدار قوانين مضادة لحرية الرأي على الطريقة التركية.
4.
وها هي إيران تحقق أمنية كبيرة على قلوب جميع المسلمين:
محاكم تفتيش إسلامية ضد "الإساءة" إلى القرآن.
حسنا:
فما هو مفهوم "الإساءة" بالنسبة للاهوت الإسلامي؟
سوف لن أقدم أية إجابة جديدة لمن يعرف الإسلام: إنه أي نقد وتحليل ودراسة وتنقيب للإسلام والتاريخ الإسلامي ونبيهم وكتبهم التي قرروا بأنها مقدسة.
ولكي يكون القارئ على صورة واضحة من الأمر: الإساءة هي كل ما قام به الباحثون في مجال الأديان والمؤرخون الأوربيون في أثناء دراسة وتحليل ونقد العهدين القديم والجديد - مع فارق أن لا أحد شكل محاكم تفتيش ضدهم.
وهذا يعني بالعربي الفصيح: "الإساءة" هي كل نقد أو بحث أو تحليل لا يتضمن مديحاً للإسلام ومحمد والقرآن. فالمسلمون مولعون بالحديث عن "النقد البناء" الذي يعني بالنسبة لهم الاعتراف الفاسد بـ"عظمة!" الإسلام و"عظمة محمد!" و"عظمة القرآن!" وبعد هذا الاعتراف ليقوم الناقد بنقد المسلمين الذين أساؤوا إلى هذه "العظمة"!
هذا هو النقد "المحترم" "البناء" – وما عدا ذلك فهو إساءة إلى الإسلام.
5.
وكما يقول رئیس منظمة "تعبئة القانونیین!" في ایران:
"إن القرآن الکریم یحمل في طیاته تعالیم حقوقیة وأخلاقیة وإقتصادیة وإجتماعیة وثقافیة راقیة ومتعالیة رغم نزوله قبل ۱4۰۰ عام من العصر الحدیث مما یجعلنا نجزم بأنه أفضل وأعلی وثیقة لحقوق الإنسان وأن الإساءة له تعني الإساءة إلی أرقی وثیقة حقوق الإنسان في العالم"!!!!!ّّ
والدليل على ذلك يقول رئیس منظمة "تعبئة القانونیین!" أيضاً:
"أن منشور حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة له 40 بنداً أولها یؤکد حق الحیاة ولکن القرآن الکریم یعطي حق الحیاة لکل شیء حق الحیاة حتی النبات"!!!
ولهذا فإن أي نقد للتعاليم " الحقوقية والأخلاقية والاقتصادية والاجتماعية والثقافة" لكتابهم "المقدس" هو إساءة "لأفضل وأعلى" وثيقة لحقوق الإنسان في العالم!
فطالما يعطي كتاب محمد "الحق" حتى للنبات لكي يعيش فماذا تريد البشرية أكثر من ذلك؟!
6.
أما قضية الحقوق المدنية وحرية الرأي والتعبير ومبادئ المساواة والعيش الحر واختيار العقيدة الشخصية فهي كلام فارغ ومعادية للإسلام وتهدد وجوده وهي أيضاً مؤامرة على الإسلام والمسلمين تنفيذاً لمشاريع الاستعمار والإمبريالية والصهيونية والأتحاد السوفياتي وكوريا الشمالية!!!!
ملاحظتان أخيرتان:
[1] أنا شخصياً لا أستسيغ ولا أحرض على حرق القرآن لسببين اثنين لا تفريط بهما:
أولاً: إنني أكره حرق الكتب [جميع الكتب سواء كان كتاب "كفاحي" الذي أكرهه كراهية لا حدود لها أم مجلات "ميكي ماوس" التي لم أقرأها مرة في حياتي]. فثقافة حرق الكتب هي ثقافة محاكم التفتيش التي اتقنتها النازية جيدا – مثلما قامت بها الستالينية من قبله.
ثانياً: إنَّ حرق الكتب أو منعها [أو تدميرها وهو عمل تقوم به جميع الدول الإسلامية إذا ما توفر لها الوقت والمزاج الكافيين] تصرف يكشف عن تهافت وإفلاس فكري وثقافي وعجز عن الرد على الآراء المعارضة. كما أنه عودة إلى عصور محاكم التفتيش وهي كارثة ثقافية وسياسية على الجميع.
[2] أعلى الرغم من أن أعلام الدول لا تعبر عن شيء آخر غير خدعة الانتماء فأنا كره أيضاً حرق أعلام الدول. فهو لا يختلف عن حرق الكتب: تصرف رخيص ومبتذل ولا يعبر إلا عن تدني ثقافي وعقلي.
أعلام الدول لا قيمة لها عندي - ولهذا فأنا أتجاهل وجودها.