محمدٌ: [8]: الراوية المحترف
[راوي حكايات الرعب]
1.
من الأفكار الأساسية التي طالما ردَّدُتها هي مسؤولية الثقافة الإسلامية في تشويه اللغة العربية واستغلالها بصورة مخادعة والتحايل على دلالتها.
ولا يمكن ألا نرى هذا الأسلوب في الطريقة التي يعرض اللاهوت الإسلامي محمداً باعتباره "نبياً" لا يتكلم إلا ما يُوحى إليه من مكان ما عُلْوِيٍّ لا يراه إلا هو!
لكننا رأينا في مواضيع كثيرة بأن محمد لا يتردد في اقتباس ما يقوله "صحابته" فحسب وإنما كان يقتبس حتى ما يقوله أعداءه.
وإذا ما انتهينا من خرافة "الوحي" وتجردنا من أطنان الكلام الذي قيل ويقال عنها فإننا سنرى محمداً مختلفاً تماماً.
أنظر على سبيل المثال:
مَنْ أوحى لمحمد حديثاً من مثله؟
موافقات عمر نقضٌ "للوحي" و"الإعجاز" !
2.
فحالما نزيل هالة "النبوة" هذه عن محمد ونطيح بالقدسية التي أهالها عليه أنصاره فإننا لن نجد إلا شيئاَ مثيراً ومخالفاً لكل ما يلغو به المسلمون:
إنه راويةٌ محترفٌ يروي حكايات مخيفة عن النار وعذاب الآخرة والنَّار التي وقودها الناس والحجارة المُعَدَّة "للكافرين"!
3.
هذه هي الحقيقة التي تتستر عليها الأساليب اللغوية الإسلامية والتي تجعل من دوره هذا مستتراً خلف مزيج مزيف من عبارات المديح التي تؤسس البداية الأولى لثقافة عبادة الفرد.
فدور الراوية الذي مارسه محمد وبكفاءة عالية لم يعبر عنه باعتباره "نبياً" (فقد اتضح للكثير – ومن ضمنهم نسبة ليست قليلة من المسلمين إنَّ محمداً لا يتكلم إلا نيابة عن نفسه) بل أنَّ كامل مناخ الأحداث والشخصيات التي سبقت ظهور محمد وصلت إلينا عن طريقه باعتباره رواية فحسب ولا دليل مادياً أو شاهدَ عيان يمكن أنْ يبرهن على ما يناقض دوره هذا [أنظر: محمدٌ: [7] الشاهد الوحيد!]. بالإضافة إلى ذلك فإنَّ كامل "أساطير الأولين وقصص السابقين" ذات طابع مبتسر ومجزأ ومتناقض ومربك ولا يعني ألا أنَّ يداً بشرية (أو فماً بشرياً) قد صنع النصوص على الذاكرة مستنداً إلى ما وصله من اليهودية والمسيحية والعقائد والأديان الأخرى المنتشرة في الجزيرة العربية.
4.
إنَّ أية نظرة موضوعية للبنية الداخلية للسيرة الأدبية للإسلام وتحليل عناصرها المكونة سنجد الحقائق التالية:
أولاً: إنها سيرة محمد يرويها بنفسِه وعن نفسِه؛
ثانياً: تتكون من مجموعة من الرواة وناقلي الأخبار (كحلقة رابطة) حيث يحتل مركز هذه المجموعة - البداية راوٍ محترف وهو: محمد.
جميع الرواة الآخرين (الصحابة) لهم وظيفة إعادة رواية ما يرويه محمد ساعين إلى إعادة المادة المروية كما يحلو لهم، وكما يبدو لهم، وكما اعتقدوا أنهم سمعوا، وكما بقي منه في ذاكرتهم؛ وهناك الآلاف من الأكاذيب والأنصاف الوقائع والآراء السياسية التي تخرج عن إطار صناعة وعاظ السلاطين.
ثالثاً: تم تدوين كل هذا في سيرة تبدو وكأن محمداً هو موضوع السيرة متجاهلين بصورة صارخة بأنه هو الراوي الأساسي:
فسيرة ابن إسحاق على سبيل المثال (أول سيرة وصلت إلينا) تحتل "رواية محمد" خطها الرئيسي، ثم قام بنقلها وإعادة صياغتها من قبل سلسلة من "الرواة" الثانويين الذين أضافوا المئات من الأحداث والشخصيات وحرفوا كل ما لم يعجبهم، وبالغوا بكل ما يستجيب إلى مصالحهم حتى أصبح من المستحيل تبين "شذرات" الرواية المحمدية.
5.
إنه راو – وهذا أمر لا ريب فيه ولا خلاف عليه.
وهو راو محترف قام برواية كم هائل من القصص المخيفة والأساطير الخيالية والأمثال السائرة والحكم التي كانت منتشرة في زمانه أو تم نقلها إليه في تنقله وترحاله سواء كان يرعى الغنم أم يتاجر كما كان الآخرون يرعون الغنم ويتجارون.
ليس للموضوع بقية، غير أن مسلسل محمد لم ينته ....