Blogger المدونة الرئيسية في
[1]
ملاحظة لغوية هامة: [بعد إطلاق سراحه من سجن أمن الدولة]
ليست كلمة "مهزلة" مرادف اعتباطي لمحاكمات الرأي – أي نوع من الرأي. بل هي تحمل كامل البنية الشكلية والدلالية الداخلية للمهازل المسرحية [farce]. ولا يكمن المعنى في لاجدية المهازل وتدني الوسائل الفنية وابتذالها وإلغاء الحدود ما بين المعقول واللامعقول فقط، بل ويكمن المعنى في خرق الأعراف والتقاليد والمواضعات القانونية لهذا النوع من "المحاكمات".
قرار الاتهام:
بعد اعتقال الحمار أصدر" المدعي العام" [الذي يعاني منذ سنوات من مرض البواسير] قرار اتهام ضد الحمار أثار تساؤلات واعتراضات الكثير من العاملين في مجال القانون.
تنص جميع الدساتير والقوانين الجنائية وجميع مبادئ القانون الدولي المتفق عليها من قبل جميع رجال القانون ومنذ نشأة القانون الروماني بأنَّه:
1. لا جريمةَ من غير مجرم ولا مجرمَ من غير جريمة.
2. لا يمكن اعتبار الفاعل مجرماً إذا لم يكن قادراً على فهم وإدراك نتائج الفعل أثناء ارتكاب الفعل. ولهذا فإنَّ الأشخاص الذين لم تتجاوز أعمارهم سن الرشد لا يمكن تجريمهم بنفس الشدة التي يتم تجريم الشخص البالغ لنفس الفعل الجرمي المرتكب من قبل الاثنين. أمَّا المجانين والأشخاص الذين يرتكبون فعلا جرمياً بسبب غياب مؤقت للمدركات العقلية، لسبب أو آخر، فلا يمكن تجريمهم. فإدراك طبيعة ونتائج الفعل الجرمي من المقومات الأساسية للجريمة.
3. لا يمكن تجريم الحيوانات على ارتكاب أفعال مادية أو معنوية بغض النظر عن درجة تطور النوع الذي تنتمي إليه هذه الحيوانات [رغم أن العقيدة الإسلامية قد أطاحت بقيمة الإنسان ووصلت به إلى حدود الحيوان]. لأن الحيوانات، وخلافاً للبشر [من حيث المبدأ]، لا تمتلك مَلَكَة الشعور بالذنب وهو الشعور المميز للإنسان البالغ الواعي والمدرك لتصرفاته الشخصية وللنتائج المترتبة عليها. إذ لا يمكن تطبيق مبدأ المسؤولية الشخصية على غير البشر.
هذا ما يتعلق بالجرائم الجنائية التي يكون فيها موضوع الجريمة واضحاً لا لبس فيه.
أمَّا أنْ يطرح الإنسان [أو أيُّ كائن حي آخر] سؤالاً سواء كانَ موجهاً إلى الآلهة [وأياً كانت هذه الآلهة] أو إلى الدولة التي تؤمن بهذه الآلهة فإنه حقٌّ تنص عليه جميع القوانين والمعاهدات الدولية ووثائق الأمم المتحدة والتي تم التوقيع عليها من قبل جميع الدول العربية. فهذا واحد من أبسط الحقوق المدنية [ والحيوانية] التي لا يمكن تجريم الناس بسببها. فالمسلمون 24 ساعة يطرحون الأسئلة السخيفة ولا أحد قرر معاقبتهم مثلاً.
ولكن ماذا عن الكائنات الأخرى التي هي من خارج الجنس البشري؟
إنَّ القوانين المدنية (الوضعية) لا تنص على أية إجراءات قضائية أو ملاحقة قانونية ضد "غير البشر" [والحيوانات كائنات من غير البشر رغم وجود بشر أكثر تعاسة من الحيوانات] إلَّا إذا كانت الأخيرة تشكل خطراً واقعياً مباشراً على صحة وحياة البشر – أكرر: خطراً واقعياً مباشراً.
ولهذا وإذا كان يحق للإنسان التعبير عن رأيه [إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً في مملكة الظلام!] فإن الحمار هو الآخر له ذات الحق [إذا أستطاع إلى ذلك سبيلاً أيضاً] ولا توجد في القوانين ما يعارض هذا الحق.
[2]
فما هي الدواعي التي دفعت ممثل الادعاء العام [الذي يعاني من البواسير] إلى تقديم "صاحبنا" للمحكمة؟
رغم النهاية المأساوية التي انتهى إليها الحمار فإنَّ ملف القضية يخلو من أية إشارة محددة إلى طبيعة الفعل المرتكب أو أدلة مادية على اقتراف جريمة ما من قبل المسكين غير رغبته في معرفة الأسباب التي دعت "رب العالمين" الأهوج [والعهدة على ما محمد] إلى أن يُشَهِّرَ به في "كتابه" المفترض. بل هو حتى لم يعترض، لا من قريب ولا من بعيد، على "الكتاب" نفسه. وهذا ما يتضح مثلاً في قرار الاتهام الذي تم نشره من قبل الصحف البريطانية وهذه نسخة طبق الأصل عن القرار:
قرار اتهام :
{ بسم الله الرحمن الرحيم }
في القضية رقم (11ف76543321) لسنة 2009 والمسجلة تحت رقم (75654323) 2009
بعد الاطلاع على ملف الشرطة في القضية [رقم (11ف76547878777653321) لسنة 2009] واستجواب الشهود والاطلاع على اعتراف المتهم الخطي "!" وبعد أنْ يأس ممثل الادعاء العام من تثبيت شخصية المتهم (الذي رفض الإخبار عن اسمه الصريح بحجة وروده في "الكتاب") واستناداً إلى المادة 213450، الفقرة (34666) و(7456) من قانون محاربة الشغب المعدل لعام 2001 وبعد أن تبين أنَّ المتهم وفي وسط سوق الخضروات الواقع في [Donkey village] عبَّر علناً وصراحة ومن غير رهبة ولا اعتبار للقيم الاجتماعية والدين الحنيف والأخذ بعين الاعتبار مشاعر الأطفال وأمام الباعة وزبائن السوق عن شكوكه بعدالة الخالق واستغرابه من ذكر "الكتاب" له بصورة مسيئة واستهجانه لآراء لُقْمَان الحكيم وعدم أهليته للبتِّ في أمور تتعلق بعلم الأصوات وجماليات الخطب،
ونظراً لخطورة هذا الفعل الشائن على أسس المجتمع وأركان الدين وتهديده لأمن الدولة وتشجيعه للقوى الإمبريالية وإسرائيل المعادية للعرب والدين الإسلامي وبما إنَّ المتهم لم ينكر جريمته الشنعاء وإصراره على غلوه واستهتاره ومن أجل قطع دابر الكافرين وقطع الطريق أمام المحاولات الفاشلة لأعداء الديمقراطية والحرية في بلادنا ومحاولات إعاقة المنجزات الحضارية التي لا مثيل لها في العالم بسبب العقول النيرة لأبناء الوطن والقيادة الرشيدة الشجاعة ونظراً لأنَّ المتهم سبق وأنْ طرح شكوكاً علنية ومن غير ذرة من الخجل بخصوص عدالة الدولة والدين ..
فقد قررت هيئة الادعاء العام ما يلي:
1. تقديم المتهم المشار إليه إلى محكمة الجنايات بتهمة الشغب وخرقه لعادات وتقاليد المجتمع وعدم احترامه للدين الحنيف.
2. مصادرة حقه في الانتخاب والترشيح للمناصب الحكومية (وخصوصاً رئاسة الجمهورية).
3. مصادرة أملاكه المنقولة وغير المنقولة.
4. إيداع المتهم الحبس المؤقت غير المشروط لغرض المزيد من التحقيق القضائي والتأكد من عدم وجود متعاونين معه (داخل أو خارج البلاد).
5. تجميد حسابات المتهم في المصارف المحلية والعالمية وكذلك السندات المالية.
6. سحب جواز سفر المتهم ومنعه من السفر حتى الانتهاء من التحقيقات.
والله ولي التوفيق.
م. النائب العام
[3]
مناجاة:
كان الألم يَعْصُر قَلْبَ صَاحِبِنَا وتتغلغل في لسانه مرارة اللَّوم والعَتَب.
والعَتَبُ لا يكون إلا على الأحبة. فالعَدُوَّ لا يُلامُ ولا يُعاتَبُ، والعدو لا يبكي من فرط الحبِّ ولوعة الفراق:
"فأنتَ الحبيب الغالي،
وأنت المعبودُ
وأنت الإله العالي
قد أشكُّ يوماً،
لكنكَ تعرف حالي،
مطيعٌ بحذف العين،
خاشعٌ،
متخشعٌ
حيوانٌ مثالي!"
هكذا كانّ يناجي ربَّه ولكن هل من سميع عليم؟ وهل من رحمن رحيم؟
لمْ يرفعْ رأسه يوماً أمام الخالق، فكيف وهو العبدُ الفقير الذي لمْ ينكر فضله عليه ولم يَكُفَّ لحظة أن يكون "خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ" ..
يطأطأ رأسه إجلالاً وعرفاناً لما يعتاش عليه من فضلات إصطبل الخيل لمالكه وللهواء النتن الذي يستنشقه ليل نهار!
ألم يقل في كتابه " وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ " فَسَجَدْتُ كما أراد [رغم أن سجوده أمر صعب للغاية من الناحية التقنية]، وما يوماً استكبرتُ على إرادته وهو عالم بذلك، ألم يقل في "كِتَابِه" بأنَّه " لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ"، فلماذا خفي عليه إيماني؟
ولماذا سمح لعباده ظلم معبوده؟
تساءلتُ، مجرد تساءل يا أخي:
لماذا تحتقرني وتشهر بي بين الناس؟!
لقد تساءلت، مجرد تساءل، عن مغزى سخرية "لُقْمَانِك" هذا بأجدادي وبي شخصياً ولم أفعل شيئاً آخر، وها أنا بين قاب قوسين من نهايتي!
فأي جرم قد اقترفت؟!
وأي قانون خرقت؟!
فكرْ يا أخي [يقصد بـ"الأخ" ربًّ العالمين]!
ألا تسمع كيف يغني ذلك الأهبل، ابن التاجر الذي أعمل عنده، الذي يعيش في الطابق العلوي؟ فهل تحسب غناءه غناءً وصوته صوتاً؟ ألا تستنكر صوت الرؤساء والوزراء ومذيعي الإذاعة والتلفزيون؟
أين حكيمك الفذ "لُقْمَان" الخبير بعلم الأصوات وتقنيات فن الإلقاء المسرحي؟
لماذا لا يقوم بتحليل أصوات البشر وهم يزعقون وينادون بالموت لكل من ينحرف عن السراط المستقيم؟
لماذا لا يدلو بدلوه فيما يحدث في ساحات المدن العربية وصراخ المتظاهرين وهتافاتهم ضد جور السلطان وظلام الحُكْمِ وأحكام الظلام؟
كنت طول تاريخ وجودي المديد صامتاً فجعلوا من صمتي شيئاً لم أكنه!
فحضرة جنابك [يقصدٌ "ربَ العالمين]، واسمح لي بتوجيه النقد لك واللوم عليك فما عدت امتلك إلَّا دقائق حياة، لا تستسيغ أنْ يمتلك البشر معارف تجعلهم في مصافك. ولأنني لستُ بشراً فإنَّ المعرفة تتناقض مع مكانتي عندك وعند عبادك. أنتَ لا تريد أن يعرف العباد الوقائع حق المعرفة حتى لا يصلوا إلى حقيقة الأشياء: لا شيء آخر غيرك، ما أنتَ إلَّا هُمْ، وما هُمْ إلَّا أنتَ!
فهم الصانعُ والعابدُ لِمَا صنعوا فبأس الصانع والصنعة والمصنوع!
فهل تساءلت أنتَ، مثلما تساءلتُ أنا، كيف تقوم قائمتك بدوني؟
إن سر الربوبية هو كونها تتوقف على المربوب. فما الذي يحدث إن انعدم المربوب؟
أنا أنا، مثلما أنتَ أنتَ، مهما كنتَ ومهما أكونُ، فإنا لست إلا كائناً، لا من الناسوت وأبعد ما أكون عن اللاهوت.
إنَّا ننكر وجودك!
فما أنت إلا وهمٌ وسراب. . .
[4]
المحاكمة [أو المهزلة]:
- "ما هي جريمتي"؟
كرر عشرات المرات أمامَ مدير الشرطة والمحققين وقاضي التحقيق وكل الجهات الرسمية التي نظرت في قضيته. لم يطرح صاحبنا إلا سؤالاً واحداً وحيداً لا غير:
-" ما هي جريمتي؟"
إلَّا أنَّ الجميع [مدير الشرطة والمحققين وقاضي التحقيق وكل الجهات الرسمية التي نظرت في قضيته] قد رفضوا بصراحة أو باللف والدوران الإجابة على سؤاله! وهذا ما أخرج صاحبنا عن طوره ودعاه مرة إلى الصراخ (إذا ما سَمَيَّنَا نهيقه صراخاً!) في قاعة المحكمة وهو الأمر الذي دفع القاضي أنْ يؤمر رجال الشرطة بإخراجه من قاعة المحكمة واقتياده إلى السجن، ثم واصل القاضي وممثل الادعاء العام [الذي يعاني من البواسير] مناقشة القضية بدون حضور المتهم بكل أمانة قانونية واحترام للأصول المرعية الواردة في قانون أصول المحاكمات والإجراءات القانونية!!!
[5]
ولكنْ حين أذاعت محطة "صوت أوربا الحرة" وقامت محطة التلفزيون الأمريكية "CNN" بتغطية أخبار ما حدث في جلسة مناقشة القضية في محكمة الجنايات -الدائرة الثانية اضطرت الحكومة إعادة النظر في القضية بحضور المتهم [لاحظوا: اضطرت الحكومة إلى إعادة مناقشة القضية بحضور المتهم]!
في هذه الأثناء تعرض الحمار للتعذيب في سجن المحكمة. فقد كان المحققون وممثل الادعاء العام [الذي يعاني من البواسير] يطالبونه بالاعتراف بالجرائم الموجهة ضده وسحب مواقفه السابقة. وعندما قررت الحكومة إعادة النظر في القضية تم استدعاء صاحبة "صالون الأفراح" للحلاقة المتخصصة بمكياج العرائس [وهي عشيقة مدير المخابرات العسكرية] بعمل مكياج للحمار حتى لا تلاحظ وسائل الإعلام آثار التعذيب.
[6]
وهكذا تم إعلان تاريخ جديد لمناقشة القضية.
وفي اليوم المحدد للجلسة تم جلب المتهم مكبلاً بالسلاسل وسط جمع غفير من الصحفيين والمصورين الفوتوغرافيين والتلفزيونين وممثل عن مفتي الدولة والخبير العسكري في حرب العصابات في وزارة الأوقاف ورئيس قسم الإنعاش في مستشفى الطوارئ ورجال الإطفاء ومجموعة من التلاميذ من المدرسة القريبة ومختار القرية التي ولد فيها وممثلين عن الطوائف الدينية الأخرى ووزير الرياضة والشباب ورئيس الخدمة المدنية والرئيس الفخري لمؤتمر التقريب ما بين المذاهب والطوائف وفريق كرة القدم لـ Donkey village ورئيس الطباخين في "فندق السعادة" [لصاحبه ابن أخت رئيس الجمهورية] ومسؤول مصلحة نقل الركاب والكثير من المهتمين بشؤون الرياضة والسياحة وحضرتي شخصياً.
كانت القاعة تغص بالناس تماماً والمروحة السقفية بدلاً من أن تقوم بتحريك هواء القاعة بعض الشيء كانت تنفث سموماً ومن مكان ما كانت تتصاعد رائحة كريهة لا تحتمل ممزوجة برائحة العرق وأفواه الحضور.
فنهض المدعي العام [الذي يعاني من البواسير] وشرع بتلاوة قرار الاتهام "حسب الأصول" [رغم أن الأصول تفترض تعرف المتهم على قرار الاتهام مسبقاً أولاً وأن يكلف محامياً للدفاع عنه]. وبعد أن انتهى من التلاوة توجه إلى القاضي قائلاً:
- سيادة القاضي، كما ترى، قمنا بكل الإجراءات "الشكلية" وحسب القواعد المرعية ولا توجد الآن أية عوائق قانونية لمتابعة الجلسة.
- ما هذه الرائحة الكريهة؟
سأل القاضي أفراد الشرطة المحيطين بالمتهم.
- من الأخ سيادة القاضي!
أجاب أحد أفراد الشرطة وهو يشير إلى الحمار متهماً إياه بالرائحة الكريهة رغم أن رائحته ليست أكثر كراهية. لكن الحمار لم يعلق على الاتهام فقد اعتاد من "أخوته" المسلمين قلة الاحترام.
- هنا يوجد الكثير من الأخوة!
ردَّ القاضي [من غير أن يقصد قول الحق فهو واحد من "الأخوة" بل وأكثر سوءاً].
- هذا الأخ [وهو يشير إلى الحمار]
- افتحوا الشبابيك! هل نحن في إسطبل أمْ في قاعة محكمة!
قال القاضي متذمراً وهو يمسح عرقه المتصبب من صدغيه المنتفخين. وبعد أن تنحنح عدة مرات وهو يتململ على كرسيه الوثير بحثاً عن وضع مريح للجلوس نزع نظارته ووضعها على المنصة أمامه، ثم تنحنح من جديد وبعد أن جّهَزَّ صوته جيداً للكلام وبسمل وحوقل متوكلاً على الله توجه إلى المتهم قائلاً:
- والآن يا ... . آ آ.. واضح، اسمك مذكور في "الكتاب"، هل لديك ما تقوله؟
[7]
للأسف لم يكن لدى الحمار ما يقوله لأنه كان عاجزاً عن الكلام بسبب التعذيب. وكل ما استطاع القيام به هو مجرد محاولة للكلام هازاً رأسه إلى اليمين واليسار فبدا وكأنه يرفض الكلام.
فتوجه القاضي إلى الحضور قائلاً:
- كما تلاحظون ليس لدى الحمار ما يقوله. ولهذا أدعو من الله تعالى أن يسدد خطانا لمصلحة الأمة والمواطن وأعلن عن رفع الجلسة من أجل دراسة ملفات القضية والاطلاع على إفادات الشهود واعترافات المتهم ومن ثم إصدار حكم عادل وفقاً للقانون والأنظمة المرعية في البلاد.
وهكذا تم رفع الجلسة واقتيد الحمار من قبل مجموعة من الشرطة وقوات الصاعقة والتدخل السريع إلى سجن التحقيقات في دائرة الأمن العام.
[8]
لقد تضاربت الآراء والتوقعات حول قرار المحكمة المنتظر. إلا أن القطة المرقطة التي حضرت الجلسة هي الأخرى قالت لي بالحرف الواحد:
- انتهى الموضوع!
- ماذا تعنين؟
-سوف يتم إطلاق سراحه. هكذا هي التقاليد!
- هل أنتِ متأكدة؟
- طبعاً. لقد حكم عليه بالإعدام!
- ألا تقولين بأنهم سيطلقون سراحه؟
- نعم. وهل تريد أن يقتلوه في السجن؟ إن دماغك مربك يا أخي بسبب ثقافة الغرب الليبرالية! متى ستفهم؟!
ثم اختفت كالعادة ولم أنتبه من أين خرجت.
[9]
وبعد أن قمت بمراجعة سيرة الكثير من الأشخاص المتهمين بقضايا سياسية ودينية وقضايا رأي مختلفة اتضح لي بأن القطة المرقطة كانت على حق:
إذ أن أغلبيتهم قد قضى مصرعه بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحهم نتيجة لأحداث غامضة وذات ملابسات شائكة ومشبوهة تشير إلى يد المخابرات والأجهزة السرية الحكومية.
فمنهم من سقط من الطابق السابع؛ ومنهم من دهسته سيارة مسرعة على الرصيف؛ ومنهم من مات مسموماً لأنه أكل تفاحة بدون غسلها؛ ومنهم من مات بالسكتة القلبية وهو في الثلاثين من العمر؛ ومنهم من انتحر لأسباب عاطفية كما صرح مدير شرطة العاصمة .. وهكذا!
فما الذي سيحدث لصاحبنا؟
هذا ما سيكشف عنه المستقبل القريب!