الإسلام دين عبودية [2]: ثقافة العبودية

"إن عبودية القن تجعل السيد يفقد إنسانيته أيضاً"!

هيغل

ليس من هذا الموضوع هو تقرير واقع " أن الإسلام لم يلغ العبودية". فهذا واقع لا جدال فيه [وإن جادل فيه المسلمون]. إذ أن حصر "العبودية" في إطار "عدم إلغاء الرق" فقط ابتسار واختصار للقضية. وهذا ما يرحب به المسلمون دائماً حتى يتسنى لهم توظيف أسلحة اللغة العربية الفضفاضة والبلاغة الخطابية الخالية من المعنى والاستشهاد بنصوص أكثر "فضفضة" وهي نصوص مختلقة "حسب الطلب " تأتي مرة على لسان هذا ومرة على لسان ذاك.

في هذه الحلقة والحلقات القادمة سأقوم بمحاولة الكشف عن فكرة العبودية في ثقافة المسلمين وبشكل خاص في اللغة والأدب والفقه وفي إطار مراحل تاريخية مختلفة.

1.

على الرغْم من أهمية النصوص [سواء كانت كاذبة أم لا، مختلقة أم لا] فإنها لا تستوعب فكر ة العبودية في الإسلام. إن "قبول العبودية أو "رفضها" هو ثقافة متجذرة سواء داخل المجتمعات المحلية أم داخل المجتمعات الافتراضية. ولهذا فإن السبيل إلى كشف "العبودية" هو الكشف عن انعكاساتها المختلفة في داخل الثقافة الإسلامية: نصوصاً وفقهاً وسلوكاً ولغة من جهة، والبحث عن تجلياتها في الموقف من الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص وأسرى الحروب وسوق الرق والعبيد والجواري وثقافة اغتصابهن وغيرها من تجليات العبودية والرق.

وكالعادة ومن أجل التدليل على فرضيتي فإنني سأبحث الحقائق التي لا لبس فيها لكي أفضح ادعاءات المسلمين عن طريق فضح منطق وآلية تفكير "الكَتَبَة" من نوع كاتب قطعة الورق الذي يظنُّ بأنه سوف يخدع النمل ببساطة حينما يسمي "السُّكَّرِيَّة" مملحة!

هذا هو الهدف الأساسي: الحديث عن أوهام الكُتَّاب المسلمين وأحلامهم في أن يكون لهم تاريخ مختلف عما هو في الحقيقة عن طريق "الاختلاقات اللغوية" وذلك بالكشف عما هو مخف في ثقافتهم الواقعية التي تتجلى في مختلف مجالات الحياة.

2.

إن أحلام اليقظة الإسلامية تجعلهم عاجزين حتى عن رؤية أنفسهم وتقدير إلى أي درجة يستجيب ما يقولونه إلى الواقع التاريخي.

إنَّ هوية الإنسان ليس ما يعتقده هو عن نفسه بل ما يراه الآخرون.

فالسكران "يعتقد" صادقاً بأنه يمشي بصورة طبيعية بدون أن يترنح مطوحاً بجسده يميناً ويساراً؛ وهو "يعتقد" صادقاً بأنه لم يحتس إلا الشيء القليل من الكحول مع بعض الأصدقاء احتفالاً بعيد ميلاد هذا أو بالترقية الوظيفية لذاك وربما قد احتسى قدحاً أو قدحين (وربما ثلاثة أو أربعة أقداح) من الفودكا وقنينتين من البيرة و"ربما" احتسى بعد ذلك قدحاً أو قدحين (لا يتذكر بالضبط فقد أفرغوا أكثر من ثلاث قان) من النبيذ. ثم يضيف "صادقاً" بأنه في الآونة الأخيرة يبتعد عن "المبالغة" في الشرب!

إنها حقيقة السكير عن نفسه: فهو لا يسكر أبداً ولا يبالغ في الشرب مطلقاً!

3.

وعلى هذا المنوال يعتقد السذج من المسلمين (سواء كانوا "صادقين" في اعتقادهم هذا كالسكير أم لا) بأن الإسلام قد ألغى العبودية والرق "!"، وكما تقول الخرافات فإن الإسلام قد حرر الناس من العبودية والظلم وأصبحوا بقدرة "قادر" كأسنان المشط، لا فرق بين العبد والسيد إلا بالتقوى!

الحق أنه لا يستوجب العتب على هؤلاء "الغلابة" والمساكين. فهم لا يقرأون ولا يكتبون ولا علم لهم لا بحقائق الحاضر ولا بحقائق التاريخ.

إنهم مُسَيَّرون بقانون الجهل وجبروت الموروث الديني الذي ينشره رجال الدين وحكم التقاليد وما لا عد له من الإلزاميات والالتزامات الداخلية والخارجية على حد سواء.

أمَّا ما يتعلق بأنصاف المتعلمين وأنصاف الخريجين وأنصاف الأميين وأنصاف المهوسين وأنصاف المأجورين وحملة الماجستير والدكتوراه بقواعد الوضوء وآليات التيمم ومبادئ النكاح وقوانين الطهارة وذوي العمائم البيضاء والسوداء والطرابيش الحمراء الأزهرية فإن قضيتهم من نوع آخر تماماً.

فهؤلاء قد وقعوا في الفخ ولا حياة لهم خارج الإسلام. لأنهم من غير أية مؤهلات واقعية (لا مهنية ولا حسية) وما عليهم إلا الدفاع "بأسنانهم وأظافرهم" عن الوهم الغارقين فيه والذي هو مصدر "رزقهم" وما ملكوا أو ما سيمتلكون.

4.

هناك من "الظرفاء" المسلمين الذين يحلوا لهم أن يستخدموا (مثنى وثلاث ورباع) كلمات من نوع: العلمية والموضوعية والتاريخية وهلم جراً يجابهون بها من يتحدث عن العبودية في الإسلام بأنه ليس من الجائز أن نسحب الحاضر على الماضي. لكنهم بعد جملة أو جملتين تراهم برشاقة وخفة يسحبون الماضي على الحاضر حينما يصرون على القول بأن الإسلام: دين ودولة!

بكلمات بسيطة: هم يسعون إلى إقامة دولة إسلامية تخضع لقوانين القرآن وعلم الحديث!!!!!

5.

مثلما هم قد قرروا العيش في مملكة الوهم فأنا قد قررت ألا أقبل وجود هذه المملكة. فهي وَهْمٌ وسأستخدم هذه الكلمة "وَهْمٌ" عشرات المرات إن تطلب الأمر: إن مملكتهم هي مملكة وهم. ولهذا فإن:

الحرية فيها وهم!

العدالة فيها وهم!

احترام حقوق الإنسان فيها وهم!

أما الحقائق الواقعية، سواء في النصوص أو في الثقافة اليومية" فهي كالتالي:

-"وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"!

-" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ"!

-"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل".

وإن الإسلام لم يلغ العبودية بل قننها!

وإن اغتصاب الأسيرات واستعبادهن جزء من العقيدة القرآنية!

وإن الإنسان عبد وخاضع جوهر العقيدة الإسلامية!

وإن الحرية الإنسانية وهمٌ في ظل عقيدة "القضاء والقدر"!