دينا العليمي

تستمر سلسة برامج نقل الفنون والخبرات عن بُعد، حيث أقيم يوم الخميس الماضي الموافق 18 / 11 / 1441هـ برنامج (ساعة فن) ضمن برامج فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) بفرع المدينة المنورة.

من أرض الكنانة، مصر العروبة، تاريخ عريق، موطئ الرسالات، ونبع الحضارات. الأهرامات، وأبي الهول، ومعبد الكرنك والدير البحري، ووادي الملوك، آثار لها أصول وجذور. النيل والصحراء، والزراعة والصناعة، بلد تنوعت به الثقافات وتأصلت فيه الموروثات، نشرت العلم والمعرفة، وامتدت إلى الحرّف والفنون. بلد معطاء، فالفن المصري معين لا ينضب: فنون المسرح، السينما والأفلام التاريخية والوثائقية وغيرها، الحرّف اليدوية المتنوعة، الفن التشكيلي.

وفيها يقول أحمد شوقي:

يا مصرُ يا مهدَ الحضارةِ والهدى وترابُ أرضكِ مؤمنٌ وطهورُكم

شدتِ في دنيا العلومِ منارةً يكفيكِ هذا الأزهرُ المعمورُ

تلألأت أمسيتنا بتواجد الفنانة الأستاذة – دينا العليمي – من القاهرة، فتاة بدأت مشوارها الفني منذ نعومة أظفارها، وحظيت بدعم والديها المستمر، وبعد اجتيازها المرحلة التوجيهية، توجهت إلى كلية الفنون الجميلة (تصميمات مطبوعة) لتصقل موهبتها وتغذيها علمياً، فنالت مرادها بتفوق عالٍ؛ فتم تعينها عام 2010م معيدة بالقسم. إلا أنها آثرت ذلك بشغفها للانتقال مع زوجها الذي وجد فرصة جوار النبي عليه الصلاة والسلام بالسكن بالمدينة المنورة والعمل بها. وعملت ببعض المدارس الأهلية لفترة، ثم حصلت على التدريب المعتمد دولياً عام 2015م، وبعد مضي عدة سنوات سنحت لها فرصة مواصلة الدراسات العليا في فنون الجرافيك والرسوم المتحركة، فحصلت على درجة الماجستير عام 2018م. كما درست أحدث البرامج التقنية في الجرافيك: فوتو شوب، ثري دي ماكس، اليستريتور، كورال درو. وتعلمت السيناريست، وعمل الشخصيات الكرتونية، وإخراجها وإنتاجها. ثم تفرغت لتدريب الفن التشكيلي، وأقامت العديد من الدورات وورش العمل في التشكيل الفني.

وأعربت عن تأثرها الفني بمعلميها في المرحلة الجامعية ومنهم: ناجي شاكر، طاهر عبدالعظيم، صلاح المليجي، حمدي أبو المعاطي، أحمد نوار، منى أبو النصر، وغيرهم. كما تميل إلى المدرسة الواقعية، وتهوى البحث عن أدق التفاصيل في أعمالها الفنية، ولديها شغف برسم التراث بتباين أنواعه، والرسم الخارجي. والأقرب لها الجرافيك والحفر والطباعة.

وعلى صعيد المعارض الفنية والمشاركات، فقد أشارت إلى أول معرض شخصي لها عام 2010م بقاعة كلية الفنون الجميلة، والذي كان محوره قضية العنوسة وتأخر الزواج، حيث افتتح المعرض الفنان حمدي أبو المعاطي عميد كلية الفنون الجميلة آنذاك، وتم اقتناء جميع الأعمال لقاعة الأوبرا المصرية. ثم توالت بعد ذلك المشاركات في معارض متنوعة في مصر والمملكة العربية السعودية، والكويت، وفرنسا.

أما عن حصد الجوائز، فقد أبانت حصولها على أول جائزة بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس كلية الفنون الجميلة 2010م، ثم جائزة معرض تشكيلي تحت عنوان (شبابيك البنات) في جاليري أوبونتو عام 2015م، والجائزة الأولى بمعرض تشكيلي عن غاندي.

ومن جانبها عبرت عن سعادتها بمشاركاتها في طيبة الطيبة، حيث أشرفت على أولمبياد الرسم، والمشاركة كعضو في لجنة التحكيم للأولمبياد والتدريب. كما نظمت وأقامت معرض موهوبات الرواق بالتعاون مع بيت الفنانات. تنظيم وإشراف ركن الرسم في فاعلية مركز طيبة التخصصي في اليوم العالمي للإعاقة. المشاركة في تحكيم أولمبياد الخط العربي والزخرفة. وإقامة ندوة تعريفية عن الجرافيك لأعضاء هيئة التدريس بكلية علوم الأسرة بجامعة طيبة.

وأكدت على دور الجمعيات الفنية بالاهتمام بالمواهب الشابة من خلال الدعم الكلي لهم واحتوائهم فنياً، وتقديم كافة سبل العطاء الفني، وتذليل الصعاب، من تثقيف مستمر وملتقيات تثريهم فنياً، والاستفادة من كبار الفنانين بعقد الندوات والمحاضرات الفنية، وإقامة المعارض لهم، والتركيز على الموروث الثقافي، فهذا يعتبر من أبرز ما يحتاجه الفنان والفنون لتعزيز دور الفن كرافد ثقافي مهم.

وبدورها أثنت على الجهود المبذولة في الآونة الأخيرة للفن والفنانين، وخصت بالشكر الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) على ما تبذله من جهود. كما اقترحت تخصيص مكان دائم – مرسم – لإقامة الورش والمحاضرات والندوات الفنية، بحيث يكون متاح للجميع في أوقات متعددة.

كما توصي باستمرار الورش والملتقيات والندوات التثقيفية، حتى يستفيد الفنان من أصحاب الخبرات الفنية، ومشاهدة الأعمال الفنية بمختلف المدارس؛ للتغذية البصرية التي من شأنها أن تطور الفنان.

كما تعزو قلة إنتاج الفنان إلى ندرة الأماكن المخصصة للرسم، وإقامة الورش والملتقيات والندوات الفنية؛ حيث تعتبر هي المحرك والداعم لزيادة الوعي والإنتاج الفني.

ورداً على أحد الاستفسارات حول هدفها الفني، أجابت أنها كانت تهتم بالعمل في مجال الأنميشن والأفلام الكرتونية وإنتاجها وإخراجها، لكن بعد استقرارها في طيبة الطيبة تحول ذلك الهدف إلى هدف أسمى وأعظم، وهو تدريب وتعليم الفن الذي أتقنته لفنانات المدينة المنورة والمملكة العربية السعودية على وجه العموم. كما بينت تفضيلها للعمل الجماعي؛ فالعمل بروح الفريق يشعرها بالبهجة والحبور. تتنوع المجالات، وتتفاوت الخبرات، فتتكامل فيه الآراء الفنية المتباينة، وبذلك يكون الإنتاج مميزاً.

وإجابة على أحد الاستفسارات حول إمكانية التوفيق بين الدورات التدريبة، والأسرة. فبيّنت امتعاضها عن التقصير مع أسرتها؛ فالوقت الذي يُستهلك في شغفها للدورات التدريبية يكون على حساب الأسرة، لكنها سرعان ما تعوضهم ذلك التقصير بعد انقضاء الدورة التدريبية بالمكوث معهم طويلاً.

وفي ختام اللقاء الماتع، عبرت عن سعادتها بمشاركتها الأمسية، ثم تقدمت بالشكر والتقدير للجمعية، والحضور، والقائمين على تلك الأمسية الفنية: الفنان منصور الشريف، مدير الفرع. الفنان عادل حسينون، الفنان فهد الجابري، مسؤول لجنة الفعاليات. الفنان إبراهيم الجابري، مسؤول اللجنة الإعلامية. الفنان سلطان حلمي.

http://www.almadenh.com/show_news.php?id=30756