زكاة الفطر

... زكاة الفطر ...

زكاة الفطر: أي الزكاة التي تجب بالفطر من رمضان.

وهي واجبة على كل فرد من المسلمين، صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، حر أو عبد.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:"فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ" صحيح البخاري.

حكمتها:

شرعت زكاة الفطر في شعبان، من السنة الثانية من الهجرة لتكون طُهْرَةً للصائم، مما عسى أن يكون وقع فيه، من اللغو، والرفث، ولتكون عوناً للفقراء، والمعوزين.

رَوى أبو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ". سنن ابن ماجه.

طُهْرَةً : تطهيراً.

اللَّغْوِ : هو ما لا فائدة فيه من القول أو الفعل.

الرَّفَثِ : فاحش الكلام.

طُعْمَةً : طعام.

على من تجب ؟

تجب على الحُر المسلم، المالك لمقدار صاع، يزيد عن قوته وقوت عياله، يوماً وليلة.

وتجب عليه، عن نفسه، وعمّن تلزمه نفقته، كزوجته، وأبنائه، وخدمه الذين يتولى أمورهم، ويقوم بالإنفاق عليهم.

قدرها :

الواجب في صدقة الفطر صاع من القمح، أو الشعير، أو التمر، أو الزبيب، أو الأقط، أو الأرز، أو الذرة أو نحو ذلك مما يعتبر قوتاً.

الصاع : أربعة أمدد. والمد حفنة بكفيّ الرجل المعتدل الكفين ويساوي قدحاً وثلث قدح أو قدحين.

الأقط : لبن مجفف لم تنزع زبدته.

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:"كُنَّا نُخْرِجُ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ أَبَدًا مَا عِشْتُ" صحيح مسلم.

المُدان : نصف صاع.

سمراء : أي قمح.

متى تجب؟

اتفق الفقهاء على أنها تجب في آخر رمضان، واختلفوا في تحديد الوقت، الذي تجب فيه.

فقال الثوري، وأحمد، وإسحاق، والشافعي في الجديد، وإحدى الروايتين عن مالك: إن وقت وجوبها، غروب الشمس، ليلة الفطر، لأنه وقت الفطر من رمضان.

وقال أبو حنيفة، والليث، والشافعي، في القديم؛ والرواية الثانية عن مالك: إن وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد.

تعجيلها عن وقت الوجوب :

جمهور الفقهاء على أن يجوز تعجيل صدقة الفطر قبل العيد بيوم، أو بيومين.

قَالَ ابْنِ عُمَرَ:"أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ".سنن أبي داود.

واتفقت الأئمة على أن زكاة الفطر لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب، بل تصير ديناً في ذمة مَنْ لزِمته، حتى تؤدى، ولو في آخر العمر.

واتفقوا: على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد إلا ما نقِلَ عن ابن سيرين، والنخعي، أنهما قالا: يجوز تأخيرها عن يوم العيد.

وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس.

وقال ابن رسلان: إنه حرام بالاتفاق، لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها إثم، كما في إخراج الصلاة عن وقتها.

وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:"فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ" سنن أبي داود.

ويقول ابن قيم الجوزية في زاد المعاد : أنه لا يجوزُ تأخيرها عن صلاة العيد، وأنها تفوتُ بالفراغ من الصلاة، وهذا هو الصواب،

مصرفها:

مصرفُ الزكاة، أي أنها توزع على الأصناف الثمانية المذكورة في الآية.

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) سورة التوبة

يقول تعالى: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ } أي: الزكوات الواجبة، بدليل أن الصدقة المستحبة لكل أحد، لا يخص بها أحد دون أحد.

أي: إنما الصدقات لهؤلاء المذكورين دون من عداهم، لأنه حصرها فيهم، وهم ثمانية أصناف.

الأول والثاني: الفقراء والمساكين، وهم في هذا الموضع، صنفان متفاوتان، فالفقير أشد حاجة من المسكين، لأن اللّه بدأ بهم، ولا يبدأ إلا بالأهم فالأهم، ففسر الفقير بأنه الذي لا يجد شيئا، أو يجد بعض كفايته دون نصفها.

والمسكين: الذي يجد نصفها فأكثر، ولا يجد تمام كفايته، لأنه لو وجدها لكان غنيا، فيعطون من الزكاة ما يزول به فقرهم ومسكنتهم.

والثالث: العاملون على الزكاة، وهم كل من له عمل وشغل فيها، من حافظ لها، أو جاب لها من أهلها، أو راع، أو حامل لها، أو كاتب، أو نحو ذلك، فيعطون لأجل عمالتهم، وهي أجرة لأعمالهم فيها.

والرابع: المؤلفة قلوبهم، المؤلف قلبه: هو السيد المطاع في قومه، ممن يرجى إسلامه، أو يخشى شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه، أو إسلام نظيره، أو جبايتها ممن لا يعطيها، فيعطى ما يحصل به التأليف والمصلحة.

الخامس: الرقاب، وهم المكاتبون الذين قد اشتروا أنفسهم من ساداتهم، فهم يسعون في تحصيل ما يفك رقابهم، فيعانون على ذلك من الزكاة، وفك الرقبة المسلمة التي في حبس الكفار داخل في هذا، بل أولى، ويدخل في هذا أنه يجوز أن يعتق منها الرقاب استقلالا لدخوله في قوله: { وفي الرقاب }

السادس: الغارمون، وهم قسمان:

أحدهما: الغارمون لإصلاح ذات البين، وهو أن يكون بين طائفتين من الناس شر وفتنة، فيتوسط الرجل للإصلاح بينهم بمال يبذله لأحدهم أو لهم كلهم، فجعل له نصيب من الزكاة، ليكون أنشط له وأقوى لعزمه، فيعطى ولو كان غنيا.

والثاني: من غرم لنفسه ثم أعسر، فإنه يعطى ما يُوَفِّى به دينه.

والسابع: الغازي في سبيل اللّه، وهم: الغزاة المتطوعة، الذين لا ديوان لهم، فيعطون من الزكاة ما يعينهم على غزوهم، من ثمن سلاح، أو دابة، أو نفقة له ولعياله، ليتوفر على الجهاد ويطمئن قلبه.

وقال كثير من الفقهاء: إن تفرغ القادر على الكسب لطلب العلم، أعطي من الزكاة، لأن العلم داخل في الجهاد في سبيل اللّه.

وقالوا أيضا: يجوز أن يعطى منها الفقير لحج فرضه، [وفيه نظر] (1) .

والثامن: ابن السبيل، وهو الغريب المنقطع به في غير بلده، فيعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده، فهؤلاء الأصناف الثمانية الذين تدفع إليهم الزكاة وحدهم.

{ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ } فرضها وقدرها، تابعة لعلمه وحكمه { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } واعلم أن هذه الأصناف الثمانية، ترجع إلى أمرين:

أحدهما: من يعطى لحاجته ونفعه، كالفقير، والمسكين، ونحوهما.

والثاني: من يعطى للحاجة إليه وانتفاع الإسلام به، فأوجب اللّه هذه الحصة في أموال الأغنياء، لسد الحاجات الخاصة والعامة للإسلام والمسلمين، فلو أعطى الأغنياء زكاة أموالهم على الوجه الشرعي، لم يبق فقير من المسلمين، ولحصل من الأموال ما يسد الثغور، ويجاهد به الكفار وتحصل به جميع المصالح الدينية.

تفسير السعدي رحمه الله.

والفقراء هم أولى الأصناف بها، كما تقدم في الحديث الشريف.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ وَقَالَ "أَغْنُوهُمْ فِى هَذَا الْيَوْمِ" سنن الدارقطني.

ويقول الإمام ابن قيم الجوزية في زاد المعاد : وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تخصيص المساكين بهذه الصفة، ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضةً قبضةً، ولا أمر بذلك، ولا فعله أحدٌ من أصحابه، ولا من بعدهم، بل أحدُ القولين عندنا: أنه لا يجوزُ إخراجُها إلا على المساكين خاصة، وهذا القولُ أرجحُ من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية.

إعطاؤها للذمي:

أجاز الزهري، وأبو حنيفة، ومحمد، وابن شبرمة، إعطاء الذمي من زكاة الفطر لقوله تعالى: { لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)} سورة الممتحنة.

أي: لا ينهاكم الله عن البر والصلة، والمكافأة بالمعروف، والقسط للمشركين، من أقاربكم وغيرهم، حيث كانوا بحال لم ينتصبوا لقتالكم في الدين والإخراج من دياركم، فليس عليكم جناح أن تصلوهم، فإن صلتهم في هذه الحالة، لا محذور فيها ولا مفسدة .

تفسير السعدي رحمه الله.

أورد الدكتور يوسف بن عبدالله الأحمد في موقع صيد الفوائد تفصيلاً جميلاً عن الصاع النبوي :

والصاع المقصود هو صاع أهل المدينة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ضابط ما يكال ، بمكيال أهل المدينة كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " المكيال على مكيال أهل المدينة والوزن على وزن أهل مكة " أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح . والصاع من المكيال ، فوجب أن يكون بصاع أهل المدينة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد وقفت على مدٍ معدول بمد زيد بن ثابت رضي الله عنه عند أحد طلاب العلم الفضلاء ، بسنده إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه فأخذت المد و عدلته بالوزن لأطعمة مختلفة ، و من المعلوم أن الصاع أربعة أمداد فخرجت بالنتائج الآتية :

أولاً : أن الصاع لا يمكن أن يعدل بالوزن ؛ لأن الصاع يختلف وزنه باختلاف ما يوضع فيه ، فصاع القمح يختلف وزنه عن صاع الأرز ، وصاع الأرز يختلف عن صاع التمر ، والتمر كذلك يتفاوت باختلاف أنواعه ، فوزن ( الخضري ) يختلف عن ( السكري ) ، و المكنوز يختلف عن المجفف حتى في النوع الواحد ، وهكذا.

ولذلك فإن أدق طريقة لضبط مقدار الزكاة هو الصاع ، وأن يكون بحوزة الناس.

ثانياً : أن الصاع النبوي يساوي : (3280 مللتر ) ثلاث لترات و مائتان وثمانون مللتر تقريباً .

ثالثاً : عدلت صاع أنواع من الأطعمة بالوزن. فتبين أن الموازين تتفاوت في دقة النتيجة فاخترت الميزان الدقيق ( الحساس ) و خرجت بالجدول الآتي :

نوع الطعام وزن الصاع منه بالكيلو

أرز مزة 2.510

أرز بشاور 2.490

أرز مصري 2.730

أرز أمريكي 2.430

أرز أحمر 2.220

قمح 2.800

حب الجريش 2,380

حب الهريس 2.620

دقيق البر 1.760

شعير 2.340

تمر ( خلاص ) غير مكنوز 1.920

تمر ( خلاص ) مكنوز 2,672

تمر ( سكري ) غير مكنوز 1.850

تمر ( سكري ) مكنوز 2.500

تمر ( خضري ) غير مكنوز 1.480

تمر ( خضري ) مكنوز 2.360

تمر ( روثان ) جاف 1,680

تمر ( مخلوط ) مكنوز 2.800

وأنبه هنا أن تقدير أنواع الأطعمة هنا بالوزن أمر تقريبي؛ لأن وضع الطعام في الصاع لا ينضبط بالدقة المذكورة. والأولى كما أسلفت أن يشيع الصاع النبوي بين الناس، ويكون مقياس الناس به.

للاستزاده انظر ( فقه السنة للسيد سابق )

( زاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية )

( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي)

( موقع صيد الفوائد )

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان

تقبل الله طاعاتكم وصالح أعمالكم،،،