فان دالين - اتجاهات الناس حول البحث العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الواجب الرابع

اسم الكتـاب : مناهج البحث في التربية وعلم النفس

اسم المؤلف : ديوبولد ب . فان دالين

الترجمــــة :

الدكتور / محمد نبيل نوفل

الدكتور / سلمان الخضري الشيخ

الدكتور / طلعت منصور غبريال

المراجعـــة : الدكتور / سيد أحمد عثمان

الناشــــــر : مكتبة الأنجلو المصرية

سنة الطباعة : 2007 م

اتجاهات الناس نحو البحث العلمي

احترام البحث العلمي

بالرغم من تقدم العلم المذهل لم يكن هناك تقدير واحترام من الناس للبحث العلمي ولم يكن هناك تقدير لقيمته وعلاقته بحياتهم .

كبت البحث العلمي

( ليس من النادر أن يكون جزاء المشتغلين بالبحث العلمي تاجاً من الشوك على رؤوسهم بدلاً من أن تكللها أغصان الزيتون ) هناك بعض الأفراد والجماعات لا يريدون تطور فكر وسلوك الناس من حولهم خوفاً على مصالحهم فيحاولون قمع كل المحاولات التي ترفع من شأن الإنسان لتطوير أفكاره وسلوكه ونمط حياته ، ومن القصص ما رواها المؤرخون عن الإجراءات العنيفة التي لجأت إليها السلطات لتمنع العلماء من تطوير المعرفة فمنهم من حُرم من رحمة الكنيسة مثل(كوبرنيكوس)ومن حرق مثل(تيخوبراهي) وكذلك(ديوي)وتلاميذه واجهوا هجوماً عنيفاً لأنهم أرادوا أن يجعلوا التربية أكثر علمية.

السخرية من البحث

يسخر بعض الناس من جهود الباحثين بدافع من الجمود أو الجهل أو الاعتقاد باستحالة تحقيق التقدم المعرفي ، وينظرون إلى العلماء بتعجب وسخرية معتقدين أن ما يشغل العلماء أمور تافهة لا تستحق العناء فمن الأفضل النظر إلى مشكلات الحياة العملية.

تقديس البحث العلمي

هناك أناس يطمحوا في أن يقال عنهم أنهم مناصرين للعلم فيقبلوا بكل ما يقوله العلماء دون فهم أو تفحص أو نقد ، وهذا يعتبر عائق للتقدم الاجتماعي

نزعة الاستعلاء العنصري

هناك من الناس من يعتقد أن العلم والمعرفة حكر عليه فقط (مثل الأمريكيين والألمان) ، ولكن عندما يستشعر الخطر ( وهو تقدم غيره عليه ) يعيد حساباته من جديد .

تفضيل البحث التطبيقي على البحث البحت

يميل كثير من الناس للبحوث التطبيقية التي لها نتائج عملية و مباشرة ونافعة مثل(اختراع تلفزيون أو مصل ...) بعكس البحوث الأساسية أو البحتة التي تجاهد لكشف الطبيعة الهامة التي لا تكون نتائجها ذات قيمة اجتماعية واقتصادية مثل ( دراسة نمو الخلايا ، طبيعة عملية التعلم ...) وذلك لأنهم لا يدركون مدى الفائدة من البحوث البحتة ومدى تأثيرها على حياتهم .

تفضيل البحث في العلوم الطبيعية على العلوم الاجتماعية

( إن اتجاه المجتمع إزاء البحث العلمي من الناحية التكنولوجية ينتمي إلى عصر الفضاء، ولكنه من الناحية التربوية لم يكد يتخطى عصر الحصان والعربة ) لأن المجتمعات بذلت جهود كبيرة لترقية الأبحاث في العلوم الطبيعية لإنتاج المزيد من أدوات الرفاهية والأسلحة الفتاكة ، أما العلوم الاجتماعية وما يخص الناحية التربوية فهناك جهود ذاتية والمحاولة والخطأ .

نحو فهم أفضل للبحث العلمي

أدى جهل الجماهير بطبيعة البحث العلمي وأهدافه إلى نشأة كثير من الاتجاهات غير المرغوب فيها نحو العلم ،وما دام الناس جميعا في المجتمع الديموقراطي يلعبون دوراً في رسم السياسة قد لا يصدرون قرارات ذكية تجاه البت في تدعيم مشروعات البحث إذا كانوا لا يقدرون قيمة البحوث العلمية .ولكن عندما يعلمون مدى أهمية البحوث العلمية وما تسعى إلى تحقيقه سيجند الشباب الموهوب للاشتغال بالبحث العلمي ، عندها يسرعون إلى تطبيق كل تقدم في المعرفة في حياتهم اليومية بدلا من تجاهل النتائج الموثوق بها للبحوث العلمية أو إبقاء النظريات العلمية حبيسة المعامل .

التعليق على ما سبق

ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السَفنُ

في الوقت الذي كان فيه العلماء يحاولون تقديم كل ما يمكن للتقدم العلمي بأبحاثهم قابلهم العديد من الناس بما لا يستحقونه وكان ذلك واضح بعدم احترام العلم والعلماء ، فكــــان ( جزاء المشتغلين بالبحث العلمي تاجاً من الشوك على رؤوسهم بدلاً من أن تكللها أغصان الزيتون ) فكان بعض العلماء يحاربون وبعضهم يحرقون .

وكانت السخرية بدافع الجهل وعدم القناعة بما يفعله العلماء وأن ما يفعلوه مضيعة للوقت

فهذا خلاف الواقع الإسلامي الذي كان يحفز العلم والعلماء ويأخذ بأيديهم فلقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يحث المسلمين على العلم ، ومن الأحاديث الشريفة ما يدل على ذلك عَنْ مُعاويةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال قالَ رسول اللهِ صلى اللهُ عليْه وسلَمَ { مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرَاً يُفَقِّهْهُ في الدِّيْن } متفق عليه

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ قال { وَ مَنْ سَلَكَ طَرِيْـقـَاً يَلْتَمِسُ فيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقاً بِهِ إلى الجَنَّةِ } رواه مسلم

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ قالَ قالَ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّم {َ إذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عمَلُهُ إلاَّ منْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أووَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ } رواه مسلم

وعلماء المسلمين كانت لهم مكانة بين المسلمين ويشار لهم بالبنان .

أما عن تقديس البحث العلمي فمن الممكن أن يكون هناك أناس تنساق بدون وعي ولا نقد حتى يقال عنها متحضرة ومتطورة وربما يكونوا داعمين لأبحاث غير نافعة وغير علمية

ونزعة الاستعلاء العنصري كما أوردها دالين وجهة نظر سليمة لأن العلم ليس حكراً على أحد فمعظم الدول الآن أصبحت تتنافس في مجالات مختلفة فالصين اليوم تعتبر من أعظم الدول الصناعية .

وميل الناس للبحوث التطبيقية أكثر من البحوث الأساسية البحتة أمر طبيعي لأن المهتمين بالجانب الاقتصادي الاستثماري يريدون نتائج سريعة لأن البحث من وجهة نظرهم صفقة تجارية فيجب على الدولة مراعاة ذلك ودعم البحوث الأساسية البحتة .

أما عن ميل الناس للبحوث في العلوم الطبيعة أكثر من العلوم الاجتماعية فهذا علاجه بالموازنة بين الطرفين ولا ريب أن تدخل الدولة وتنظيم الخطط والاستراتيجيات بهذا الشأن سيحدث التوازن المطلوب .

وأخيراً نحو فهم أفضل للبحث فذلك في المجتمعات الديمقراطية ممكن أن يحصل كما أوردها دالين بينما في المجتمع الإسلامي فالأمر شورى ويأخذ بالرأي الرشيد .

هذا والله أعلم ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــ

ــــــ