أهمية البحث العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أفضل وأتم التسليم وبعد

مما لاشك فيه أن تربية الفرد وإعداده للحياة الاجتماعية ، وتزويده بكل ما يمكن أن يعينه على المشاركة في تحقيق الكفاية الإنتاجية من الأهداف التي تسعى كل المجتمعات إلى تحقيقها . ولا ريب أن السبيل الوحيد لا يكون إلا في ظل التربية الواعية التي تنتهج النهج العلمي لأبحاثها ودراساتها لتحقق طموحاتها .

فيجب أن نعي تماماً لأهمية البحث العلمي ومجالاته المتعددة ولاستخدامه في جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية .

إن هدف المنهج العلمي يكاد أن يكون واحداً في كل العلوم وهو جمع الحقائق والمعلومات بأسلوب منضبط للإجابة عن سؤال محدد أو لاختبار فرض بعينه للإسهام في بناء النظرية العلمية أو للتعامل مع مشكلات الواقع وبناءً على ذلك فإن الاختلاف الحقيقي يكمن في الموضوع الذي تتخذه مناهج البحث محوراً لها . (1)

فنظراً لأهمية التربية كان لزاماً على التربويين أن ينهضوا بالتربية من خلال الأبحاث التربوية بالطريقة العلمية حتى ترتقي العملية التربوية لأعلى مستوياتها .

ويرى ذوقان عبيدات وزملائه أن أهمية دراسة مناهج البحث تكمن في الأسباب التالية :

1/ لم يعد في وسع أي مجتمع أو أي فرد أن يختار بين الطرق العلمية والطرق الغير علمية ، وأن المجتمعات المتقدمة سلكت الطرق العلمية منذ أربعة قرون ولا بد للدول النامية أن تسلك الأسلوب العلمي ليتسنى لها التقدم في المجالات المختلفة .(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)(أهمية البحوث التربوية ممن منظور الخطط التنموية-ميثاء سالم الشامي-مكتب التربية العربي لدول الخليج –ص.1 )

(2) (البحث العلمي – مفهومه – أدواته – أساليبه . ذوقان عبيدات/عبدالرحمن عدس/كايد عبدالحق- دار الفكر – 1987م- ط 1 – ص 11- 14 )

2/ من المهم أن نميز بين البحث العلمي وبين النشاط العلمي المتخصص الذي يمارسه العلماء،فالبحث العلمي طريقة أو محاولة منظمة يمكن أن توجه لحل مشكلات الإنسان في مجالات متعددة،والنشاط المتخصص للعلماء مقتصراً على مجال علمي معين ضمن تخصص معين ، والبحث العلمي يوجه نحو مشكلات متنوعة .

3/ الإنسان العادي يحتاج إلى التفكير العلمي في مواجهة مشكلاته التي تواجهه في حياته اليومية لتنظيم أموره .

4/ البحث العلمي أو التفكير العلمي لا يعيش في الجامعات أو في المؤسسات العلمية المتخصصة فحسب بل هو عنصر أساسي لجميع الناس في جميع المؤسسات الاقتصادية والثقافية والسياسية .وإنه البحث عن الحقائق والتفسيرات والحلول التي تساعد كل إنسان على تطوير حياته وأساليبه .

5/ إن أبسط تطبيق للتفكير العلمي أو البحث العلمي في الحياة هو اعتماد التخطيط كمبدأ في مواجهة مشكلاتنا الفردية والاجتماعية .

6/ إن الدول النامية ليست دولا منتجة للأبحاث العلمية بل مستوردة لها فيجب أن تكون هناك أبحاث ودراسات للدول النامية .

كما أن هناك معنى وأهمية لتعلم أساليب البحث العلمي :

1/ إن منهج البحث العلمي يعني إننا نستخدم طريقة علمية منظمة في مواجهة مشكلاتنا اليومية ومشكلاتنا العامة بحيث نكون قادرين على :

- تحديد مشكلاتنا بشكل دقيق يساعدنا على تناولها بالدراسة والبحث .

- وضع الفروض المبدئية التي تساعدنا على حل مشكلاتنا .

- تحديد الإجراءات اللازمة لاختبار الفروض والوصول إلى حل للمشكلات .

فعند معرفتنا بأسلوب البحث العلمي ستزيد من قدتنا على حل مشكلاتنا بطريقة علمية .

2/ إن دراسة أساليب البحث العلمي ستساعدنا على دراسة الأبحاث العلمية التي أنتجها الآخرون وتحديد مدى الاستفادة منها وتطبيق نتائجها،ونكون قادرين على معرفة مدى دقة الدراسات والأبحاث التي قام بها الآخرون .

3/ إن ممارسة أي عمل تتطلب أن تكون لدينا أساليب ومهارات البحث العلمي لكي نفهم هذا العمل .ونحلل أبعاده ومهاراته الأساسية .

4/ إن اختيارنا لأعمالنا أيضاً يتطلب أن نستخدم مهارات البحث العلمي فاختيار المهنة يتطلب تحليلاً لقدرات الفرد وميوله ، كما يتطلب تحليلاً للمهنة نفسها وللمهارات اللازمة لأدائها .

5/ إن دراسة أساليب البحث العلمي تعني أن نستخدم الأسلوب العلمي في التفكير .

6/ إن دراسة أساليب البحث العلمي تزودنا بالوسائل العلمية الضرورية لتحسين أساليب حياتنا وتحسين أساليب عملنا .وتطوير أنفسنا عن طريق تنمية أنفسنا تنمية ذاتية . (1)

كما ذكر ربحي العليان وعثمان غنيم السبب في إجراء البحوث للأسباب التالية :(2)

1/ الرغبة في خدمة المجتمع .

2 / الرغبة في التعرف على الجديد واكتشاف المجهول .

3 / الرغبة في مواجهة التحدي لحل المسائل غير المحلولة .

4 / الرغبة في الحصول على درجة علمية أو أكاديمية .

5 / توجهات المؤسسة وظروف العمل لإجراء البحوث والدراسات .

6 / الشك في نتائج بحوث ودراسات سابقة .

7 / المتعة العقلية في إنجاز عمل أو إبداع أو حل مشكلة تواجه شخصاً أو جماعة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)(البحث العلمي – مفهومه – أدواته – أساليبه . ذوقان عبيدات/عبدالرحمن عدس/كايد عبدالحق- دار الفكر – 1987م- ط 1 – ص 11- 14 )

(2)(مناهج وأساليب البحث العلمي – النظرية والتطبيق – ربحي مصطفى عليان/عثمان محمد غنيم – دار صفاء – عمان – ط1 -1420هـ– ص (22)(23) .)

أهداف أساسية تسعى البحوث في تحقيقها :

1 / استعراض المعرفة الحالية وتحليلها وإعادة تنظيمها .

2 / وصف موقف معين أو مشكلة محددة ( البحوث النظرية ) .

3 / بناء أو تكوين نموذج جديد وهو أعقد أنواع البحوث وأكثرها كلفة .

4 / وضع وتفسير وتحليلات لشرح ظاهرة أو مشكلة معينة .(1)

وقد عُرّفَ البحث التربوي بأنه " تطبيق نسقي للطريقة العلمية في دراسة مشكلات تربوية " ( جابر.1993 م .ص.9) .

ويعرف أيضاً بأنه " استقصاء دقيق يهدف إلى وصف مشكلة موجودة بالميدان التربوي التعليمي بهدف تحديدها وجمع المعلومات والبيانات المرتبطة بها وتحليلها لاستخلاص نتائج البحث ومناقشتها وتفسيرها والخروج بقواعد وقوانين يمكن استخدامها في علاج هذه المشكلة أو المشكلات المشابهة عند حدوثها .(العنيزي،وأخرون،1999م،ص،49) .(2)

ويقول العزاوي أن البحث العلمي هو وسيلة التربية لتحسين أساليبها والنهوض بمستقبلها ومواجهة المطالب المتعددة الملقاة عليها .(3)

ومن هنا تتسع مجالات البحث العلمي في التربية وتتعدد شاملة كل مدخلاتها ومخرجاتها وكل العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر في كفايتها وجودتها . ومن ذلك دراسة شخصيات الصغار والكبار وحالتهم والفروق الفردية بينهم وطرق تعلمهم ، والظروف البيئية التي تساعد على تحقيق تعلم أكثر إيجابية وأفضل أثراً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (مناهج وأساليب البحث العلمي – النظرية والتطبيق – ربحي مصطفى عليان/عثمان محمد غنيم – دار صفاء – عمان – ط1 -1420هـ– ص (22)(23) .)

(2) (مبادئ البحث التربوي-مساعد بن عبدالله النوح – ط1-الرياض -ص28)

(3) ( مقدمة في منهج البحث العلمي – رحيم يونس كروالعزاوي –سلسلة المنهل في العلوم التربوية- ط1 – 1429هـ– ص ( 21) ).

والبحث في صياغة الأهداف التربوية والوسائل التي تكفل تحقيقها دون الضياع أو الفقدان ، وإخضاع المقررات الدراسية والمناهج وطرائق التدريس والعمليات الإشرافية والإدارية للتقويم والدراسة من أجل تطويرها والكشف عن الجديد فيها والبحث في نظم إعداد المعلم وتدريسه واقتصاديات التعليم وأنواع المهام الدراسية وفي علاقة التعليم ككل بمطالب التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطلعات المجتمع في المستقبل القريب والبعيد . وكل ذلك لغرض مشاركة العاملين في ميدان العملية التربوية والحاجة إلى تدريبهم على أساس البحث التربوي لكي يعرفوا دورهم المطلوب .

ومن وجهة نظر ميثاء الشامي أن أهمية البحث التربوي تكون لتوسيع نطاق المعرفة البشرية وتنميتها وذلك باعتبار أن البحث التربوي جزءاً من البحث العلمي . وإن هذه البحوث تضيف الجديد إلى ميدان التربية وتضع الحلول للمشكلات التربوية المطروحة على الساحة التعليمية والتربوية .

ومن أهم ما يسعى البحث التربوي إلى تحقيقه توضيح المفاهيم الحديثة لدى القيادات التربوية مثل : تعدد الرؤى ، والانفتاح الثقافي والتكنولوجي المتقدمة ، والتعليم للحياة وليس للامتحانات ، وتنمية الفكر قبل التحصيل ، وتنوع مصادر التعلم الذاتي .(1)

ومن جهة أخرى وضح النوح أهمية البحث التربوي في النقاط التالية : (2)

1 / الكشف عن المعرفة الجديدة ومن خلال ذلك يمكن تقديم الحلول والبدائل التي تساعد في تعميق الفهم للأبعاد المختلفة للعملية التعليمية .

2 / دراسة واقع النظم التربوية لمعرفة خصائصها ومشكلاتها البارزة والعمل على تقديم الحلول المناسبة بقصد زيادة كفاءتها الداخلية والخارجية .

3 / المساعدة في تحديد فاعلية الطرق والأساليب المستخدمة في حجرة الدراسة ، والعمل على تطويرها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (أهمية البحوث التربوية ممن منظور الخطط التنموية-ميثاء سالم الشامي-مكتب التربية العربي لدول الخليج –ص.2 )

(2) (مبادئ البحث التربوي-مساعد بن عبدالله النوح – ط1-الرياض -ص28)

4 / التدريب على أخلاقيات البحث التربوي في أثناء إعداد الأعمال الكتابية مثل أوراق العمل ونحوها .

5 / مساعدة التربويين على معرفة الطبيعة الإنسانية الأمر الذي يسهل التعامل الاجتماعي معها بصورة أفضل .(1)

ويقول حسن شحاته عن أهمية البحث التربوي أنه تحليل شامل لأوضاع النظام التعليمي لمعرفة مواطن الضعف والقوة فيه والقيود الإنسانية والسياسية والمالية التي تعوق تطوره والمتغيرات التي يمكن التحكم فيها من حوله .

كما أن البحث التربوي يساعد في توفير المعلومات اللازمة لوضع أنماط أو نماذج تعبر عن حركة التعليم في مواقف وظروف معينة ويسهل بها تقدير النتائج في حالة تغير هذه المواقف وتلك الظروف .

كما أن البحث التربوي يساعد أيضاً في الكشف عن اتجاهات التعليم وتحديدها والعمل على التأكد من فاعليته والاختيار من بينها قبل البدء في تنفيذها .(2)

يتضح لنا مما سبق مدى أهمية البحث التربوي وذلك في النقاط التالية :

1 / تحسين أساليب التربية .

2 / دراسة البيئة ومعرفة مدى تأثيرها على العملية التربوية .

3 / تطوير المناهج الدراسية .

4 / معالجة المشكلات التي تواجه العملية التربوية .

5 / تحسين مستوى الكوادر التعليمية .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) (مبادئ البحث التربوي-مساعد بن عبدالله النوح – ط1-الرياض -ص28)

(2) (البحوث العلمية والتربوية بين النظرية والتطبيق – حسن شحاته – مكتبة الدار العربية للكتاب-القاهرة-ط1-1421هـ "ص/76/77 ")

6 / التنبؤ بالمستقبل .

7 / التخطيط للمستقبل .

8 / دراسة احتياجات الطلاب .

9 / دراسة اقتصاديات التعليم وأنواع المباني المدرسية .

10 / دراسة بعض سلبيات الطلاب ( التسرب من المدرسة – ضعف مستوى التحصيل الدراسي – قلة القراءة – وغيرها من المشكلات التي تؤثر سلباً على العملية التربوية ).

11 / محو الأمية .

12 / رعاية الموهوبين .

13 / توظيف التكنولوجيا الحديثة بشكل مستمر .

ويجب على كل معلم الاهتمام بالبحوث التربوية ومعرفة التعامل والاستفادة منها حتى يتسنى له الارتقاء بالعملية التربوية لأعلى مستوياتها .